الإعلان عن هدنة لـ 24 ساعة بموافقة الجيش ... وتوتّر في طرابلس يودي بحياة طفلة

لبنان يحظى بـ «مؤازرة» دولية - سعودية في معركته لطرْد الإرهابيين من عرسال وجرودها

تصغير
تكبير
• خادم الحرمين الشريفين اتصل بسليمان مؤكداً عزمه على الإسراع بتنفيذ الدعم الاستثنائي للجيش اللبناني
على الرغم من الانحسار النسبي في احتدام الاشتباكات الدائرة منذ السبت الماضي في بلدة عرسال البقاعية بين الجيش اللبناني ومسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية» و«جبهة النصرة»، لم ترسم وقائع اليوم الرابع من المواجهة اي آفاق واضحة الى إمكان انتهاء هذه المواجهة قريباً، باستثناء الاعلان مساء امس عن هدنة لوقف إطلاق النار مدتها 24 ساعة اعتبارا من الساعة السابعة مساء بموافقة الجيش اللبناني، استكمالا للتفاوض حول مصير العسكريين الاسرى، وتتويجاً للمبادرة التي قامت بها «هيئة العلماء المسلمين».

وبموازاة ذلك حظي لبنان بمؤازرة دولية - سعودية في معركته لطرد الارهابيين.


فالواقع الميداني وإن كان شهد تطورات لمصلحة تقدم الجيش في التضييق على المسلحين، الا انه لايزال مشوباً بكثير من التعقيدات والصعوبات التي تستبعد قدرة الجيش على حسم عسكري سريع مما بات مرجحاً معه ان تطول المواجهة الا اذا نجحت المبادرة التي تضطلع بها هيئة العلماء المسلمين والتي أُعلن ظهر امس عن آلية لها كانت رهن الاختبار طوال اليوم.

وترافقت مساعي احتواء الوضع مع مواصلة الجيش عملياته العسكرية في أطراف عرسال وجرودها وسط قرار واضح بالمضي في المواجهة حتى الحسم النهائي بعدما اقترن القراران العسكري والسياسي تحت سقف واحد من خلال الموقف الذي اتخذه مجلس الوزراء في جلسته الاثنين وبإجماع القوى السياسية المكونة للحكومة، وهو ما اعتُبر تطوراً نادراً في لبنان.

ورغم الترقُّب الذي رافق «خطوة اولية» على طريق معالجة الوضع وفق «شروط الدولة اللبنانية»، كانت المؤشرات تدل على ان المواجهة الميدانية مقبلة على تطورات تصاعدية يبدو عبرها الجيش متجهاً الى اتباع جراحة معقدة وفق سياسة القضم المتدرج لكل التلال والمواقع المحيطة بعرسال تمهيداً لتحريرها من المسلحين مهما طال الوقت.

وأدرجت أوساط مطلعة عبر «الراي» عوامل عدة برزت في الساعات الاخيرة وتصبّ لمصلحة عملية إحكام الحصار على عرسال في مقابل عوامل اخرى شديدة الخطورة تواجه هذه العملية.

ففي الوجه الاول أثبتت الخطوات الميدانية التي حققها الجيش يوم الاثنين واستمرّ بها امس قدرته على استعادة المبادرة بعد الموجة الاولى القاسية التي مني بها ففقد نحو 16 شهيداً وعشرات الجرحى والأسرى وجرى التمثيل بجثث عدد من شهدائه. اذ عمد الجيش الى إرسال تعزيزات من الأفواج المقاتلة والقوى البرية والآليات بما يوحي باستعداده لمعركة طويلة الأمد لن يكون فيها إمكان إلا لحسم الموقف مهما بلغت التضحيات.

وهذه الخطوات اقترنتْ بموقف سياسي شديد الأهمية من خلال إجماع مجلس الوزراء اولاً على دعم غير محدود للجيش ومن ثم بموقفين عالييْ الأهمية والتأثير:

* الاول لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي اجرى اتصال تعزية بالغ الرمزية بالرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان أعرب خلاله عن دعم بلاده ووقوفها بجانب المؤسسة العسكرية في مواجهة الارهاب، وإدانته «لهذه الأعمال البعيدة عن قيم الإسلام وعن الإنسانية»، مؤكداً عزمه على الاسراع في تنفيذ الدعم الاستثنائي للجيش اللبناني الذي كان العاهل السعودي عبّر عنه من خلال هبة الثلاثة مليارات دولار التي قدمها للجيش في ديسمبر الماضي لتسليحه من فرنسا.

* والثاني للرئيس سعد الحريري الذي وضع مرة جديدة حداً حاسماً لكل الأصوات المشككة بالجيش من جانب نواب او شخصيات قريبة او محسوبة على «تيار المستقبل» من الجانب السني مشدداً على الدعم المطلق للجيش.

وقال الحريري في تصريح له ان «دعمنا الجيش اللبناني في معركته ضد الإرهاب والزمر المسلحة التي تسللت الى بلدة عرسال، هو دعم حاسم لا يخضع لأي نوع من انواع التأويل والمزايدات السياسية، ولا وظيفة له سوى التضامن على حماية لبنان ودرء المخاطر التي تطل برأسها من الحروب المحيطة»، معلناً «ان معركة الجيش ضد الإرهاب هي معركة كل اللبنانيين الذين يؤمنون بمرجعية الدولة ومؤسساتها، وسنكون ظهيراً سياسياً قوياً للجيش، مهما تنادى المشككون الى حشد الادعاءات الباطلة والتلاعب على العصبيات الصغيرة».

واذ سأل الله «ان يحمي لبنان وجيشه من مكائد الأعداء وبؤر الجهل والضلال»، لاحظ انه «بمثل ما نرفض ان تتخذ أي جهة مسلحة من تدخل (حزب الله) بالقتال في سورية ذريعة لخرق السيادة اللبنانية والاعتداء على الجيش اللبناني، فإننا لا يمكن تحت اي ذريعة من الذرائع ان نستدرج الى تغطية مشاركة (حزب الله) في القتال السوري خلافا لكل قواعد السيادة والإجماع الوطني».

وتَرافق موقفا الملك عبد الله بن عبد العزيز والحريري مع تطورين:

* تبلور موقف دولي واسع داعم للجيش عبّر عنه بيان لمجلس الأمن الدولي ومواقف للدول الغربية يمكن الاستناد اليه في استجرار سريع للدعم التسليحي الفرنسي للجيش من خلال الهبة السعودية كما أشار الى ذلك رئيس الحكومة تمام سلام الذي حرك الاتصالات مع باريس من اجل هذه الغاية.

* اعلان قائد الجيش العماد جان قهوجي «ان المعركة (في جرود عرسال) تستلزم معدات وآليات وتقنيات يفتقد اليها الجيش، من هنا ضرورة الاسراع في تزويده المساعدات العسكرية اللازمة، عبر تثبيت لوائح الاسلحة المطلوبة ضمن الهبة السعودية عبر فرنسا ومؤتمر روما لدعم الجيش».

وابلغ قهوجي الى «فرانس برس» ان الوضع الامني على اطراف عرسال وفي محيطها «خطير»، مؤكداً ان «معركة جرود عرسال التي يخوضها الجيش ليست الا حلقة في اشكال مواجهة الارهاب باشكاله كافة واينما كان». واكد ان «معركة الجيش ضد الارهابيين والتكفيريين مستمرة»، مضيفا ان «الجيش مصر على استعادة العسكريين المفقودين».

في المقابل، بدأ الوضع الناشئ في طرابلس يستحوذ على اهتمام كبير بعدما تصاعدت ملامح خربطة امنية على خلفية تعاطف فئات سياسية واسلامية مع عرسال مناهضة ضمناً للجيش من خلال اتهامه بالتنسيق مع «حزب الله» والنظام السوري.

وتُرجمت هذه البوادر بظهور مسلح وباعتداء برصاص القنص على الجيش بدأ ليل الاثنين بعد تعرض وفد هيئة العلماء المسلمين لإطلاق النار في عرسال من جهة مجهولة واصابة الشيخ سالم الرافعي (ابن طرابلس)، قبل ان تندلع إشتباكات بين وحدات الجيش المنتشرة عند مداخل التبانة وبين مسلحين ملثمين استمرت طوال الليل وتخللها تفجير عبوة ناسفة بملالة عسكرية بين الملولة ودوار نهر أبو علي ليُتوّج الامر صباح امس بإطلاق النار على باص يقلّ عسكريين على الطريق نفسها ما ادى الى اصابة 7 عسكريين بجروح.

من جهة أخرى، ادت اشتباكات طرابلس الى مقتل الطفلة مريم لبابيدي البالغة 8 سنوات (من منطقة التبانة) بعدما اصيبت بطلق في رأسها فيما جُرح مواطن سوري أصيب برصاصة في حوضه.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي