د. وائل الحساوي / نسمات / وإن عدتم عدنا

تصغير
تكبير

الحمد لله أنني أتمترس وراء قناع من الهدوء والرزانة - كما ذكر البغلي (في المقال ادناه) ولا أتمترس وراء شعارات فارغة باسم الليبرالية وحقوق الإنسان لكي أنهش في أعراض المتدينين والملتزمين وأشتمهم وأصفهم بما لا يرضى به أحد كما يفعل البعض، ولئن سقط قناع الهدوء والرزانة من وجهي للرد على البغلي فإني أحمد الله تعالى على ذلك، إذ كيف يرضى إنسان بأن يتجرأ بعض الكتاب على بث الفتن في المجتمع وضرب الناس بعضهم ببعض دون وجه حق مستغلين مساحة الحرية التي يتيحها لهم قانون الصحافة، ثم يسكت دون أن يدافع عنهم ويفضح أولئك المتسترين بالليبرالية وحقوق الإنسان؟! وألخص ردي على البغلي في سبع نقاط مع ان في جعبتي ولله الحمد الكثير الكثير، وملف مقالاته وندواته مملوء بما يثبت ما أقوله:

أولاً: لا شك ان الدكتور محمد الطبطبائي هو إنسان سمح ومنفتح اجتماعياً - كما ذكر البغلي - لكنه إنسان غيور على دينه ولا يرضى بالطعن في أحاديث رسوله الكريم - كما هو شأن كل إنسان متدين - ولذلك فإن انسحابه من الندوة التي نظمها اتحاد الطلبة بعد تهجم البغلي على حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) هو قمة السماحة والانفتاح وإحقاق الحق، بل أين السماحة والانفتاح اللذان يتشدق بهما البغلي وهو يتفنن في استفزاز الجميع؟!

أما القول بأنه لايذكر إنسحاب الدكتور الطبطبائي فهي نكتة سمجة، ويكفي الاتصال بالدكتور لاثبات الواقعة التي شهدها أكثر من مئتي طالب وطالبة في الجامعة.

ثانياً: يقول البغلي بأن منطلقه للدفاع عن حق البهرة في مسجد هو منطلق دستوري نابع من إيمانه العميق بمبادئ حقوق الإنسان، فلماذا تبخر ذلك الإيمان عندما اتهم البغلي شريحة واسعة من علماء الدين والمشايخ في وزارة الأوقاف بأنهم يكفرون الناس ويشتمونهم ويقذفون الأبرياء والمحصنين والمحصنات، وهل جاء بالأدلة على ما يقول وقرأ ملفاتهم؟! بل لماذا اتهم تلك الشريحة العريضة ممن يتمسكون بنهج السلف الصالح بالتطرف والتشدد وتكفير الناس؟! أم أن الدستور ومبادئ حقوق الإنسان لا تنطبق على هؤلاء ولا تمنع التعرض للآخرين بما ليس فيهم؟! أم إنها الطائفية المقيتة التي تحرك كل ذلك؟!

ثالثاً: مشكلة البغلي وكثير من الكتاب أنهم لا يدركون بأن الاسطوانة المشروخة التي يشغلونها ليلاً ونهاراً في كتاباتهم قد انكسرت وسئم الناس من سماعها او تصديق ما فيها وهي عزفهم على وتر الوسطية وأنهم يحترمون المتدين الوسطي ويهاجمون المتشددين، وذلك لكي يضربوا كل من لا يوافقهم الرأي باسم التشدد، ولعلنا نتساءل: من أعطى البغلي تلك المسطرة التي يقيس بها الوسطي من المتشدد، وما هي المقاييس التي يسير عليها؟! بل لماذا يتوقف ذلك الاتهام بالتشدد أمام كثير من الفئات التي تتفاخر بجرأتها على جميع ثوابت المجتمع وأمام الميليشيات التي تقتل الناس على الهوية في كثير من البلدان العربية وتزعزع الأمن فيه، ولا يبقى إلا المتمسكون بمنهج السلف الصالح لكي ينالهم ذلك الوصف؟!

رابعاً: من باب ضرب الناس بعضهم ببعض يستغل البغلي ورقة استجواب وزير الأوقاف السابق عبدالله المعتوق وهو رجل فاضل نكن له كل الاحترام، لكي يبين بأنه مدافع قوي عنه وعن الإسلام المعتدل الذي يمثله مقابل المتشددين الذين يواجهونه، فما دخل البغلي بالأوقاف وبالمعتوق، وهل يستدعي تقديم استجواب سياسي لأي وزير التشنيع على شريحة واسعة من المجتمع؟! والحمدلله ان البغلي لم يحذ حذو شيخه في اعتبار استجواب المعتوق طائفياً!!

خامساً: وكعادته في ايهام القارئ بعكس ما هو مهتم فيه، تكلم عن موضوع اسقاط القروض مع أني لم أمس ذلك الموضوع بل وأتصدى له بكل قوة، وما قصدته بكلامي هو دفاعه المستميت عن المديونيات الصعبة واسقاطها سابقاً عندما كان وكيلاً لبعض المدينين، وتشنيعه على وزير العدل الأسبق لإصراره على تطبيق القانون.

سادساً: أما النكتة السمجة الأخرى التي يكررها البغلي دون ان يصدقها أحد فهي اتهامه السلفيين بأنهم يترحمون على بن لادن والزرقاوي ويمجدون السلفية الجهادية التي تقتل الناس في العراق وباكستان، وأنا لا ألومه بأن يكررها لأن هذا هو الاتهام الذي يشتري به كراهية الناس لأصحاب المنهج السليم، وما على العقلاء الا ان يقرأوا الكتب والصحف التي ألفها السلفيون في الذم والتشنيع على أصحاب المناهج المنحرفة من تكفيريين ومتطرفين من جميع الأمم والنحل الذين شوهوا صورة الإسلام النقية الصافية وصدوا الناس عن سبيل الله لكي يعرفوا موقفهم من ابن لادن وغيره.

سابعاً: صدقت في قولك بأن حقوقك التي يكفلها لك القانون محفوظة،  وكذلك حقوق الآخرين، ولئن سكت المدافعون عن الدين والالتزام زمناً طويلاً في المطالبة بحقوقهم ضد الذين يشتمونهم ويشوهون صورتهم أمام الناس فإنهم لن يسكتوا بعد اليوم وسيرفعون القضايا ضد كل من يتعرض لأشخاصهم او عقائدهم والله ناصرهم على من يظلمهم.


د. وائل الحساوي

[email protected]


البغلي يرد على الحساوي



أرسل المحامي علي أحمد البغلي الى «الراي» كتاباً رد فيه على ما نشره الكاتب الدكتور وائل الحساوي يوم الأحد الموافق 11/11/2007 تحت عنوان «خوش ليبرالية» في الآتي نصه:

«فوجئت وفوجئ الكثيرون مثلي بحجم الهجوم غير المبرر من قبل كاتب الجريدة د. وائل الحساوي اتجاه شخصي... ومصدر الدهشة والتعجب هو شخصية الكاتب التي تبدو أو تتمترس وراء قناع من الهدوء والرزانة! لأن أغلب ما ذكره الحساوي بحقي لا يمت للواقع بصلة، فأنا بادئ ذي بدء لم أهاجم حديث الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - (النساء ناقصات عقل ودين)، ولكن كان لي وجهة نظر أخرى فيه وهو انه متصل بفسيولوجية المرأة ونفسيتها وليس عقليتها وكل ما يتصل بها كما يحاول ذوو الفكر المتزمت المنغلق التدليل عليه... أما علاقتي مع عميد كلية الشريعة د. محمد الطبطبائي فهي أكثر من جيدة ولا أذكر انسحابه من الندوة النقاشية، فهو إنسان سمح منفتح اجتماعياً، أتمنى أن يقتدي أساطين السلف بتصرفاته ودماثة خلقه.

أما ذكره عني اني طائفي واني أهاجم المتدينين كما دافعت عن حق طائفة البهرة في اقامة مسجد لهم، فهذه أمور تستعصي على فهم أمثال الكاتب الحساوي، فمنطلقي بالدفاع عن حق البهرة في مسجد هو منطلق دستوري نابع عن ايماني العميق بمبادئ حقوق الإنسان التي يهاجمها السلف ليل نهار. أما زعم هجومي على المتدينين اجمالاً فهو أمر غير صحيح بالنسبة للملتزمين دينياً من دون غلو تزمّت... فأنا أقدّر واحترم المتدين الوسطي السمح، وقد دافعت عن الوزير المعتوق في مواجهة الهجوم السلفي الشرس غير المبرر عليه، وهو من أهل التدين السمح البعيد عن آراء السلف المغالية. وهو ما أغاظ الحزب السلفي ومنظريه فأطلق صبيانه وأبواقه وفتح أرشيف مقالاتي ومواقفي، لأن فضحي لنقبائهم ودهاقنتهم آلمهم أشد الألم، فكان ذلك الصراخ والتشهير وقديماً قالوا ان الصراخ على قدر الألم...

اما مواقفي ضد المواقف العامة كالمشاريع المدغدغة بزيادة الرواتب والاعفاء من القروض، فهذه وقف معي فيها كبير السلف (باقر)، كما واني أفتخر بالوقوف في وجه قانونه الطائفي غير الدستوري المسمى (ضريبة - زكاة - باقر) وقد شهد على عدم دستورية ذلك القانون الذي يفخر السلف بإنجازه القاصي والداني... وسأظل ما حييت متصدّياً للمتاجرين بالدين والعقيدة السمحة والوسطية التي أتى بها خاتم النبيين المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأجزم ان هذه العقيدة براء من آراء التزمت والغلو والتفكير الذي يتبناه البعض، فقد رأينا المنتمين لنفس الفكر يشيدون ويبجّلون في ابن لادن ويترحمون على المجرم الزرقاوي ويمجدون السلفية الجهادية الانتحارية التي تخصصت بقتل الابرياء من المدنيين في العراق وباكستان وغيرها... هؤلاء نحن منهم براء الى يوم الدين مهما جعجع أهل السلف وأبواقه الصغيرة والكبيرة».

وهذه هي وجهة نظري في ما ساقه الكاتب في حقي ووددت أن يطلع عليها القارئ المحايد من غير ذوي الغرض والتحيز، ومع حفظ كافة حقوقي الأخرى التي يكفلها لي القانون فيما تضمنه مقاله من قذف وسب وتحريض بحقي...


علي أحمد البغلي

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي