نحو ألق ثقافي / صناعة الفرح

| u062f. u0639u0644u064a u0627u0644u0639u0646u0632u064a |
| د. علي العنزي |
تصغير
تكبير
لعلي لا أجانب الصواب بالقول، ان تسلية الحياة الاجتماعية، كانت واسعة الانتشار في كويت النصف الثاني من القرن العشرين، وكانت صناعة الفرح، تمثل جزءا من النسيج الاجتماعي للحياة المدنية، لاسيما في فترة الأعياد.

وغني عن البيان، أن ذلك الواقع الرائج، استمر لبضعة عقود، لكنه تغير ابتداء من أواسط التسعينات لسبب ما لا أدعي معرفته...

ومن هنا... فقد كان قطاع المسرح لوحده- دع عنك السينما الممتلئة بالمتفرجين- قطاعاً مسرحياً تمثل فيه حكايات الأطفال والكبار، وكان يحظى بإقبال كبير ورواج زائد في زمن الأعياد، بغية مشاهدة حكايات ومناظر وأزياء الأولاد الصغار المستحلاة والمستحسنة، فضلاً عن الاستماع لحوارات وكلمات مسرح الكبار، حيث التسلية الفكرية التي أفلت وغابت واستترت، بعد أن راجت في أعياد الكويت، وبقية ليالي السنة...

ورغم أننا لسنا في وارد رصد أسماء معينة سهرت وضحت لأجل تسلية الحياة الكويتية، لكن من المؤكد أن سعة انتشار الفرح، كانت تقف وراءها نفوس متنورة، تنزل من أبراجها لتتفقد أحوال المجتمع، وتحاول دوما تغيير الواقع بتنظيم وإقامة أنشطة ثقافية وفنية وترفيهية ممدوحة ومستساغة...

لكن- مع الأسف- لم يطل زمن هذا النخبة المستنيرة الفاعلة، وانقرضت مبادرات الفرح التي نذكر من رواد صنعتها وقتذاك- على سبيل المثال لا الحصر- الأستاذ صالح شهاب رحمه الله، الذي وئدت تجربته المزدهرة لأسباب متنوعة لا أعرفها، رغم أنني أشتم رائحة الرجعية في محيط وأدها.

ولا أعلم حقيقة، لماذا لا تلتفت الحكومة، وتنبه- وإن كنت أود منها أن تجبر - مسؤوليها إلى أهمية صناعة الفرح والتسلية الفكرية الفاضلة وخطورة القطيعة مع الفن والثقافة والفرح، خصوصا أنها تمثل أنها حكومة عصرية، عاصر أفرادها، ما عرفته الكويت من أشكال الفرجة، والقص والعروض الشعبية الحية، التي كانت تلبي حاجة الجماعة للعب والترفيه البريء!

ولكن... يبدو أن الحياة أصبحت أكثر تعقيداً، أو لنقل «مركبة» كما يحلو لأهل الثقافة أن يصطلحوا، وغني عن البيان أن الأعمال المركبة، تحتاج إلى مواهب وبراعات، ولا تسند مهامها، إلى الشخصيات النمطية الثابتة!

ويمكن أن نتبين مما تقدم... أن الملامح الرئيسة التي ميزت كويت الماضي، كانت حب الفن... ذلك الحب الذي جمعته علاقة حية ونشطة، تستجيب لنوازع الجمهور وحبهم للفرح والتسلية طوال السنة، على الرغم من أن لحظاتها الفرجوية تمتد في فترة الأعياد إلى أقصاها...

ولا يمكن لذلك أن يتحقق من دون ترحيب حكومي، ونزول سلطوي من الأبراج إلى الشارع لضمان تدفق ينابيع الثقافة والفن والفرح.

أستاذ النقد والأدب

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي