د. وائل الحساوي / نسمات / هل سيضربون إيران؟!

تصغير
تكبير

من رحمة الله تعالى أن جعل 70 في المئة من نفط العالم يقبع تحت أراضينا في منطقة صغيرة، وأن 40 في المئة من صادرات هذا النفط تمر عبر خليجنا الهادئ ومضيق هرمز الضيق الذي هو أشبه بمفتاح الصرة التي تقفل باب الخليج وتحفظه من عبث العابثين، ولكن مع هذا فإن بلاءنا في هذه المنطقة منا وفينا، فلدينا دول مغامرة طامعة لا ينتهي طمعها ولا يتوقف عند حد من الحدود، وقد اعتقدنا بأن مغامرات المقبور صدام حسين وتدخل العالم كله من أجل ايقافه عند حده، اعتقدنا بأن ذلك درس تعلمه الجميع وكفيل بايقاف المغامرين الطامحين في تكرار تلك الحماقات، ولكن تبين لنا بأن الحمقى في العالم كثيرون والأطماع في تلك المنطقة لا تنتهي، تحدثت وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية عن ضربة إسرائيلية وشيكة لإيران لتدمير مفاعلها النووي، وراحت وسائل الإعلام تتفنن في تحليل طريقة تجهيز الضربة وآثارها على نفط العالم وعلى ردة الفعل الإيرانية المحتملة، وبالطبع فإن القادة الإيرانيين يفرحون بمثل هذا الكلام لكي يفتلوا عضلاتهم على العالم ويهددوا بتدمير الجميع، وبردود انتقامية لم يشهد لها العالم مثيلاً، وزادت التحليلات من حجم المآسي المتوقعة في حال حدوث تلك الضربة من نفط سيصل سعره إلى ارقام خيالية، وتوقف صادرات دول الخليج، وردود أميركية مدمرة، المشكلة هي أننا لا نستطيع انكار تلك الأخبار واعتبارها كخيال النائم وإهمال الاستعداد لتلك الآثار المتوقعة، بالرغم من ان دولنا لم تفعل شيئاً أكثر من تعداد أكياس الرز والطحين المتوافرة في المخازن وكفايتها للناس، واعداد الأدوية في المستشفيات، وكلام طويل وعريض عن امكانية فتح ممرات للنفط عبر البحر الأحمر، وهو أمر ليس له من الواقع شيء.

لكن لابد لنا كذلك من بيان حجم المبالغة الإيرانية - الأميركية في هذا الأمر وعدم الاستسلام للسيناريوات التي يعرضها الإعلام، فإيران في عز حرب الخليج لم تستطع إغلاق مضيق هرمز، وليس لديها الامكانات لفعل ذلك أكثر من اغراق بعض السفن في ممر المضيق، وفي حال تلقيها ضربة اسرائيلية فلن تستطيع ضرب القوات الأميركية لعدم الارتباط المباشر بتلك الضربة، وإسرائيل بحسب كلام كثير من المحللين لا تمتلك التقنيات الكافية لضرب إيران في أكثر من مكان تقوم فيه بتخصيب اليورانيوم، ولا يمكن مقارنة ذلك بضرب المفاعل النووي في العراق سابقاً، كما انها تخشى من ردة الفعل عليها ولا ننسى بأن وكالة الطاقة النووية قد برأت ايران من انتاج القنابل النووية، وفي أسوأ الظروف قالت بأنها تحتاج إلى عشر سنوات لتنفيذ برنامجها، كما ان الأنباء التي تسربت بالأمس عن موافقة إيران على صفقة مع الأمم المتحدة مقابل توقيف تخصيب اليورانيوم يدل على ان التهديد الإيراني لا يتعدى صراعات داخلية يشهدها النظام الإيراني يراد تشتيت الانتباه إلى الخارج عن طريق تلك التهديدات وفرض حلول سياسية وهو ما يتقنه الرئيس أحمدي نجاد الذي هو متأثر بشخصية «هتلر»، ولا شك ان فتح خطوط المفاوضات السورية - الإسرائيلية والاتفاق الإسرائيلي مع حزب الله وتسوية الصراع اللبناني - اللبناني يدل على ان الاتجاه التصعيدي الذي تتحدث عنه إيران ما هو الا جعجعة فارغة تعوّد العالم على سماعها وتكرارها، وأن ايران ستكون اكبر الخاسرين في حال اجتمع العالم على التصدي لأطماعها.


د. وائل الحساوي

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي