«جرح السنين»... قصة واقعية وعمل درامي يحترم عقلية المشاهد

تصغير
تكبير
• زهرة عرفات استطاعت أن تقدم دور الأم بكل انفعالاته ببراعة

• علي كاكولي يحمل قدرات فنية خاصة ومتميزة

• علي الحسيني أقنع الجمهور بأدائه لشخصية الابن البار بوالدته
أقل ما يمكن قوله عن مسلسل «جرح السنين» الذي يعرض الآن على قناة «الراي» أنه عمل درامي يحترم عقلية المشاهد، ويقدم رؤية مختلفة لأحداث مشوقة وجذابة. فالمسلسل بعيد تماماً عن مفهوم البطولة المطلقة، وما وجدناه هو إعطاء كل شخصية حقها في الخط المرسوم لها درامياً.

لا شك أن «جرح السنين» عمل درامي متكامل، تتناول قصته الكثير من التفاصيل الدقيقة، والحالة الإنسانية التي عاشها الشعب الكويتي بعد الغزو العام 1990، إذ تتطرق الأحداث إلى مصائر الأشخاص المفقودين في الحروب وما بعدها.


وقد وضحت جهود المخرج منير الزعبي لناحية إدارة الكاميرا وحركات الممثلين وانفعالاتهم في العديد من المشاهد، وهذا ما اعتدنا عليه من الزعبي لتبنيه للمواهب الشابة في كل أعماله، فالعمل يجمع تركيبة مختلفة من الممثلين، كما أن طريقة تناوله للأحداث جديدة ومختلفة.

يتضمن المسلسل جرعة كبيرة من الحزن والأسى، لكونه لا يطرح قضايا هامشية، إنما يسلط الضوء على أعماق عدد من القضايا الاجتماعية واقعية كي يكون عملاً مختلفاً هذا الموسم، كما أن مشاركة هذا الكمّ من النجوم في العمل أضاف الكثير إليه، ونذكر على سبيل المثال الفنانة زهرة عرفات التي استطاعت أن تقدم دور الأم ببراعة بكل انفعالاته، بالإضافة الى تعايشها مع عدد من الحالات الإنسانية التي تمرّ بها تلك المرأة المنكوبة بعد فقدان ابنها، وذلك ضمن سياق أحداث المسلسل الذي يسلط الضوء على ظروف الحياة التي تعيشها أمهات وزوجات وأبناء وبنات لأشخاص مفقودين لا تُعرف مصائرهم، وما يترتب على ذلك من آلام الغياب، وعدم الاستقرار، والضيق النفسي والمادي الذي تفرزه الظروف الحياتية والمعيشية في ظل غياب رب الاسرة أو المسؤول عنها. أما الفنانون الشباب في هذا العمل الدرامي، فلهم نصيب الأسد لتعتبر هي قضية الموسم.

على سبيل المثال، تأثر المشاهد بأداء الفنان الشاب علي كاكولي من خلال دوره في العمل كونه تطلب منه حالة نفسية خاصة وأداء مختلفاً، فاستطاع هذا الشاب الموهوب أن يقنع الجمهور بأنه ممثل يحمل قدرات فنية خاصة متميزة، وكذلك الفنانة ملاك بتلقائيتها المعتادة في تجسيد أدوارها.

أما الممثل الشاب علي الحسيني، فأقنع هو الآخر الجمهور بأدائه لشخصية الابن البار بوالدته والذي يعمل دائماً على اكتساب رضاها ويحارب الجميع كي تعيش والدته في راحة بال. وأيضاً الفنان عبدالله بوشهري الذي يجسد شخصية الضابط الأسير. أما الفنان الشاب محمد الرمضان، فقد خرج من عباءة الكوميديا والأدوار الخفيفة، فنجح في لفت الانتباه إليه وإثبات قدراته الفنية وقدرته علىى تجسيد الأدوار المركبة. فمن خلال هذا العمل، وجدنا نوعاً من المنافسة بين الجيل الجديد من الفنانين، إذ إنهم نجحوا إلى حد كبير في تجسيد شخصياتهم في المسلسل.

وأخيراً، نجد أن هذا العمل من شأنه أن يعزز ثقة المشاهد في الدراما المحلية، لا سيما أنه أعاد التوازن بشكل كبير، وجاء أيضاً ليثبت أن من يكتب وينتج يقدم أفضل ما لديه، ولكنه فرض نفسه بما يحتويه من فكر مختلف وجودة في الإنتاج، وهذا يؤكد أن منتج وكاتب العمل ومخرجه يملكون رؤى إنتاجية وإخرجية متميزة وقدرة على معرفة ما الذي يريده المشاهد.

«جرح السنين» من بطولة كل من جاسم النبهان، زهرة عرفات، ملاك، محمود بوشهري، عبدالله بوشهري، إنتصار الشراح، غدير صفر، علي كاكولي، سالي القاضي، غرور، هدى صلاح، أمل عباس، وهي قصة وسيناريو وحوار دخيل النبهان ويتصدى لإخراجه منير الزعبي.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي