مصادر وزارية لـ «الراي»: سلام وضع الجميع أمام مسؤولياتهم بدعوته مجلس الوزراء

لبنان: دينامية مبادرة الحريري أمام محكّ تفكيك «الاشتباك» مع بري

تصغير
تكبير
أرخت «خريطة الطريق لحماية لبنان» التي أطلقها الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري مساء الجمعة بظلالها على المشهد السياسي في بيروت ولا سيما ان زعيم «تيار المستقبل» أطلق سلسلة اشارات بالغة الاهمية في أكثر من اتجاه سواء في ما يتعلق بملفات داخلية ولا سيما الانتخابات الرئاسية او بـ «حزب الله» في ضوء انخراطه في الحرب السورية.

وما جعل إطلالة الحريري على الوضع اللبناني تكتسب أهميتها انها جاءت في غمرة تشابُك التعقيدات الداخلية مع عناصر «الاشتباك» الاقليمي الذي تشكل سورية والعراق ساحتيه الرئيسيتين، حتى بدا ان لبنان قابع في «فم الانتظار» المكلف لمآل الصراع المستفحل في سورية والمستجد في العراق وايضاً لتداعيات التفاهم المرتقب بين ايران والمجتمع الدولي حول الملف النووي.


وفيما كان المشهد اللبناني ينذر بأفق مسدود بالكامل وسط «توازن التعطيل» الذي ارتسم من خلف الفراغ الرئاسي وأنذر بشلّ العمل الإجرائي للحكومة الرئاسية والتشريعي للبرلمان، خرج الحريري مصوّباً «البوصلة» في اتجاه الأهمية المطلقة لبتّ الملف الرئاسي كـ «أولوية تتقدم أي مهمة وطنية أخرى» لينطلق من ذلك محدداً النقاط الأخرى في مبادرته التي تقوم أيضاً على «تشكيل حكومة جديدة على صورة الحكومة الحالية تتولى مع الرئيس الجديد إدارة المرحلة، وانسحاب «حزب الله» من الحرب السورية، واعداد خطة وطنية شاملة لمواجهة الارهاب بكل أشكاله، والتوافق على خطة طوارئ رسمية لمواجهة أزمة نزوح أشقائنا السوريين الى لبنان، وإجراء الانتخابات النيابية في المواعيد التي يحدّدها القانون وتجنُّب كل أشكال التمديد لمجلس النواب».

واستوقف دوائر سياسية في مبادرة الحريري مجموعة نقاط أبرزها:

* الترابط بين الانتخابات الرئاسية والنيابية على ان يكون إجراء «الرئاسية» هو المدخل لإجراء النيابية، راسماً معادلة بارزة برسم الرئيس نبيه بري عنوانها «مَن من النواب سينتخب رئيساً لمجلس النواب وهو غير قادر على انتخاب رئيس للجمهورية؟» ومعتبراً أي مشروع لفتح صناديق الاقتراع النيابية قبل الرئاسية بمثابة «دخول لبنان في سيناريو انهيار تام للدولة».

* اعلان انتهاء مرحلة انتظار توافق المسيحيين على مرشح اذ «لم نعد نستطيع ان نتفرج على تعطيل دائم للنصاب بحجة غياب التوافق المسيحي وهذا الامر يهدد اساس وجود لبنان»، ليؤكد انطلاقاً من ذلك «اننا سنبدأ مشاورات مع حلفائنا وحوارات مع مختلف القوى السياسية خارج «14 آذار» عنوانها البحث عن أي طريقة لانهاء الشغور في رئاسة الجمهورية وبأسرع وقت كي نتمكن من السير في الاستحقاقات الدستورية اللاحقة».

ورأت دوائر سياسية في هذه النقطة ان الحريري، الذي ساعده اعلان مرشح «14 آذار» سمير جعجع قبل فترة استعداده للانسحاب لمصلحة انتخاب احد مرشحيْن في البرلمان يتم التفاهم حولهما مع العماد ميشال عون، نعى عملياً حواره الرئاسي مع عون الذي كان يريد اعتماده مرشحاً توافقياً، اذ ان زعيم «المستقبل» ربط في كلمته أفق الحوار مع عون بمبدأين: ان لا فيتو على اي اسم وان «المستقبل» هو عامل مساعِد في الاستحقاق الرئاسي وليس العامل المقرر (عن المسيحيين) الذي هو في نظرنا توافق المسيحيين على مرشح ونحن نوافق عليه سلفاً من دون تحفظ»، ومحذراً من ان «اعتياد اللبنانيين غياب الرئيس ومسؤوليته هو الخطر الذي يتهدد موقع الرئاسة وهو تغييب غير مقبول لتلك الرمزية التي يشكلها الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق الاسلامي والعربي».

* تشديده على الطائف والمناصفة الامر الذي اعتُبر رداً ضمنياً على اقتراح عون إجراء الانتخابات الرئاسية مباشرة من الشعب على دورتين واحدة تأهيلية مسيحية تفرز المرشحيْن الاكثر تمثيلاً وثانية تقريرية على المستوى الوطني.

* تكريسه «ربط النزاع» مع حزب الله على قاعدة الاختلاف مع الحزب وحماية لبنان من الحريق السوري، معلناً «أن يكون حزب جزءاً من مشروع وطني لبناني تقوده الدولة لمواجهة الإرهاب شيء جيد، أما أن يكون الحزب جزءاً من مثلث تقوده إيران وفيه دولة المالكي في العراق، ودولة الأسد في سورية (الذي وصفه نيرون العصر)، فهذا عبء كبير على لبنان وسلامة اللبنانيين».

* توجيه رسالة بأن أهل السنّة في لبنان معنيون كسائر اللبنانيين بمكافحة الإرهاب «وإن أي كلام آخر عن وجود حاضنة للخلايا الإرهابية في الوسط السني هو كلام مشبوه ومرفوض يرمي إلى تبرير الاصرار على المشاركة في الحرب السورية»، مقارباً موضوع الموقوفين في طرابلس مهدداً الرئيس نجيب ميقاتي ضمناً بتسميته كمعرقل للخطة الأمنية وكمتبنّ للإضطرابات في طرابلس من خلال التحريض على الخطة الأمنية.

واذا كانت «خريطة الطريق» التي رسمها الحريري يفترض ان تطلق في الساعات المقبلة دينامية داخل «14 آذار» في محاولة لإحداث كوة في جدار الأزمة الرئاسية، فان الشقّ الآخر منها يفترض تزخيم الحوار مع «8 آذار» عبر الرئيس نبيه بري ومعه النائب وليد جنبلاط في محاولة لتدوير الزوايا وإخراج الملف الرئاسي من «برّاد الانتظار».

الا ان السجال بـ «الصوت العالي» بين بري وفريق الحريري حول الجلسة التشريعية للبرلمان وجدول أعمالها وتحديداً إصرار بري على اصدار قانون لتغطية دفع رواتب الموظفين في القطاع العام ورفض «المستقبل» ذلك، لا يوحي بان الارضية جاهزة لتفعيل اي حوار رئاسي في المرحلة الراهنة ولا سيما بعد اعلان بري انه هو وراء إصرار وزير المال علي حسن خليل على موقفه من رفض تسديد الرواتب إلا بقانون، مستعيداً «دفاتر» الماضي ومصوباً على الرئيس فؤاد السنيورة.

ورغم اعلان وزير الصحة وائل أبو فاعور (عن الوسيط في الحوار بين بري و«المستقبل») «اننا سنجتمع مع تيار المستقبل الأسبوع المقبل وقد عدنا الى المسار الايجابي وبالنسبة إلى السجال الإعلامي الذي حصل بالأمس فهو عابر»، بدا من الصعب استشراف هذه الايجابية ولا سيما ان رئيس الحكومة تمام سلام دعا امس الى جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل، وسط معلومات لـ «الراي» انه فعل ذك ليس نتيجة تفاهُم على ملف الجامعة اللبنانية الذي كان فجّر خلافاً في الجلسة الاخيرة ولا على تجاوُزه في جدول الاعمال بل في اطار محاولة الضغط على الاطراف ووضعهم امام مسؤولياتهم حيال خطورة تعطيل عمل الحكومة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي