أكثر من 150 ألف موظف حكومي مهدَّدين بـ «عيد بلا رواتب»
أطراف الصراع في لبنان يلعبون على «حافة الهاوية»
لم يحجب الصدى القويّ للمعارك القاسية الدائرة بين مقاتلي «حزب الله» ومسلّحي المعارضة السورية في منطقة القلمون المتاخمة لعرسال اللبنانية، او الاصداء الخطرة لـ «الرسائل الصاروخية» من جنوب لبنان في اتجاه شمال اسرائيل، الضوضاء السياسية المتعاظمة في بيروت على وقع الفوضى الدستورية الناجمة عن الفراغ في رئاسة الجمهورية وجعل السلطتين التنفيذية والتشريعية رهينة لعبة تعطيل متبادلة بين اطراف الصراع لحسابات بعضها داخلي وبعضها الآخر يشكل امتداداً للصراع المتأجج في المنطقة.
ووسط تضارب المعلومات حول السياق الميداني لمعركة القلمون الثانية بين «حزب الله» والمعارضة السورية، فان التقارير تجمع على ضراوة المواجهة الناجمة في جانب مهم منها عن التضاريس الوعرة للمنطقة، وعلى الاكلاف البشرية المرتفعة التي تصيب الطرفين، وصعوبة حسمها وتوقع تحولها حرب استنزاف باهظة الاثمان، خصوصاً لـ «حزب الله» الذي يقاتل على ارض غيره، وهو الامر الذي بدت مؤشراته في بيانات النعي شبه اليومية لمقاتلين سقطوا على جبهات المقلب السوري من الحدود الشرقية مع لبنان.
وتأخذ «إندفاعة النار» الجديدة في المنطقة الممتدة من جرود بعلبك الى جرود عرسال، طابعاً اكثر خطورة لاقترابها من «الحساسية اللبنانية» المتمثلة بـ «المكانة» التي تحتلها بلدة عرسال اللبنانية من ملعب المواجهة الدائرة في جرودها. فعرسال تحوّلت ملجأً لعشرات الالاف من النازحين السوريين، وهي شكلت منذ اندلاع الثورة السورية منطقة تأييد لها.
وبدت «14 آذار» متوجسة من تطاير شظايا المعركة المتجددة التي ينخرط فيها «حزب الله» في اتجاه الداخل اللبناني من جهة ومن محاولة الحزب تحويل مشاركته في الحكومة جنباً الى جنب مع «تيار المستقبل» كغطاء لقتاله في سورية، الامر الذي دفع «14 آذار» لاستعادة خطاب «ربط النزاع» مع الحزب في الحكومة.
ورغم ان «قرقعة السلاح» على الحدود الشرقية كانت الاكثر صدى، فان محاولة تحريك الحدود الجنوبية عبر الصواريخ المتفلته بذريعة «التضامن مع غزة» اخذ بعداً مقلقاً في الايام الاخيرة نتيجة المخاوف من بلوغ التطورات هناك مستويات تخرج عن السيطرة.
هذا الزنار من النار لم يحل دون استفحال المعارك السياسية في الداخل في ظل استبعاد اي مفاجآت في جلسة الانتخاب الرئاسية الجديدة في 23 الجاري، والتي تهدد بانزلاق لبنان نحو المزيد من الشلل المؤسساتي، لا سيما مع استعمال «اسلحة محرمة» في الصراع بين اللاعبين اللبنانيين، كاحتمال عدم دفع الرواتب لاكثر من 150 الف موظف حكومي عشية عيد الفطر المبارك، الامر الذي من شأنه تعميق التخبط السياسي – المالي في البلاد.
وبدا «الكباش» على أشدّه بين فريق 14 آذار و رئيس مجلس النواب نبيه بري على خلفية التباين حول جدول اعمال الجلسة التشريعية للبرلمان وهي القضية التي باتت تشكل في جانب منها امتداداً لفرملة عمل الحكومة الرئاسية وسط المعادلة المرتسمة تحت عنوان: «لا تسهيل للتشريع في البرلمان = لا تفعيل لعمل الحكومة».
واذا كان ملف الجامعة اللبنانية شكّل «العصا» الذي وُضع في «دواليب» العمل الحكومي حيث تولى وزير التربية الياس بو صعب (من فريق ميشال عون) تظهير معادلة: لا بتّ لملف العمداء والتفريغ معاً = لا تعيينات في اي مواقع اخرى ولا جلسات، فقد بدا واضحاً ان الرئيس بري وفريق 8 آذار يمارسان لعبة «حافة الهاوية» في اطار الضغط لتمرير صيغة إنفاق قانونية في مجلس النواب لعملية صرف رواتب موظفي القطاع العام ترفضها 14 آذار باعتبار انها تتضمّن في جانب منها تمريراً لأرقام من ضمن سلسلة الرتب والرواتب التي لم يجر الاتفاق على آلية تمويلها كاملة بعد، كما تنطوي في جانب آخر بحسب هذه القوى على محاولة لوضع شبهة قانونية حول كل الآلية التي اعتُمدت منذ العام 2006 لصرف الرواتب والاضافات التي طرأت عليها وفق سلف خزينة.
وكان بارزاً ان الرئيس بري استبق اطلالة الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري متحدثا عبر شاشة في حفل افطار اقامه تيار المستقبل في مجمع البيا ببيروت داعيا الى تسوية تكسر الازمة السياسية التي تعيشها البلاد، بما يشبه النعي للحوار الدائر بينهما من خلال الوزير علي حسن خليل ومدير مكتب رئيس «المستقبل» نادر الحريري بوساطة من النائب وليد جنبلاط عبر الوزير وائل ابو فاعور، اذ نُقل عنه بعد اجتماع هذا الثلاثي اول من أمس «ان الحوار مع تيار المستقبل لم يؤد الى نتيجة عملياً بدليل الخلاف على عقد جلسة مجلس النواب التي كانت محور هذا الحوار»، لكنه اعتبر ان «تعثر هذا الحوار إشارة سلبية الى النائب وليد جنبلاط وليس إليّ، خصوصا أن جنبلاط بذل جهودا لإطلاق الحوار. وعندما يرد تيار المستقبل بطريقة سلبية على انعقاد الجلسة فإن الرسالة ليست إليّ فحسب».
وقد حمل كلام بري اشارة معبّرة الى برودة عادت الى العلاقة بين الحريري وجنبلاط الذي كان تراجع عن كلام نُسب اليه حول استعداده لسحب مرشحه للرئاسة هنري حلو بحال انسحاب العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، وهو ما فُهم منه ان ثمة مبادرة داخلية يجري العمل عليها مع الحريري وبري لايجاد مخرج للمأزق الرئاسي، قبل ان يوضح الزعيم الدرزي ان ما نُقل عنه غير دقيق وانه متمسك بحلو.
الطفيلي: «حزب الله» تحوّل آلة قتل موجّهة إلى الداخل الإسلامي
| بيروت - «الراي» |
اعتبر الأمين العام السابق لـ «حزب الله» الشيخ صبحي الطفيلي أن «من واجبنا العمل بكل الوسائل المتاحة، وبكل الجهد لإنقاذ المنطقة من الجنون المذهبي الضيّق والعودة بها إلى الإسلام»، محمّلاً طرفيْ النزاع في العراق «مسؤولية ما يحدث، ولا يمكن لأيّ منهما أن يدّعي الطهارة».
الطفيلي، وهو أوّل أمين عام لـ «حزب الله» وملاحَق من القضاء اللبناني لكنه يمارس نشاطه السياسي ضمن نطاق منطقته في بريتال (البقاع)، قال في تصريح لـصحيفة «اليوم» السعودية: «نحن بحاجة إلى رجال سلطة منزّهين عن المذهبيّة في قناعاتهم وفي أعمالهم والرعية عندهم رعية واحدة، وسياستهم معها سياسة واحدة».
ورأى ان «الحديث عن دولة وخلافة وخليفة مجرّد إعلام لدغدغة أحلام شبابنا الذين يحنّون إلى أيام رسول الله والخلافة الراشدة والعزة الضائعة التي ينتحرون على أبوابها».
وأسف «لتحوّل حزب الله على يد بعض الإيرانيين إلى حزب مذهبي تكفيري مثله مثل كل التكفيريين، وإلى آلة قتل موجهة إلى الداخل الإسلامي وعنصر فعال في الدفاع عن حصون أنظمة الظلم والفساد»، مؤكداً أن «لمشاركته في القتال في سورية ضد أطفالها وأهلها دوراً بارزاً في تأجيج روح النزاع المذهبي الذي يخدم العدو الصهيوني ومَن يقف معه».
وكرر الطفيلي تأكيد ضرورة أن «نخاف من بحر الرذيلة التي نتخبط بها، ومن بحر الصهاينة والأساطيل الغربية، ومن بحر غضب الله قبل أن نخاف من بعضنا، ونحقد على بعضنا، ونذبح بعضنا، ونقتل أطفالنا بدم بارد».
ووسط تضارب المعلومات حول السياق الميداني لمعركة القلمون الثانية بين «حزب الله» والمعارضة السورية، فان التقارير تجمع على ضراوة المواجهة الناجمة في جانب مهم منها عن التضاريس الوعرة للمنطقة، وعلى الاكلاف البشرية المرتفعة التي تصيب الطرفين، وصعوبة حسمها وتوقع تحولها حرب استنزاف باهظة الاثمان، خصوصاً لـ «حزب الله» الذي يقاتل على ارض غيره، وهو الامر الذي بدت مؤشراته في بيانات النعي شبه اليومية لمقاتلين سقطوا على جبهات المقلب السوري من الحدود الشرقية مع لبنان.
وتأخذ «إندفاعة النار» الجديدة في المنطقة الممتدة من جرود بعلبك الى جرود عرسال، طابعاً اكثر خطورة لاقترابها من «الحساسية اللبنانية» المتمثلة بـ «المكانة» التي تحتلها بلدة عرسال اللبنانية من ملعب المواجهة الدائرة في جرودها. فعرسال تحوّلت ملجأً لعشرات الالاف من النازحين السوريين، وهي شكلت منذ اندلاع الثورة السورية منطقة تأييد لها.
وبدت «14 آذار» متوجسة من تطاير شظايا المعركة المتجددة التي ينخرط فيها «حزب الله» في اتجاه الداخل اللبناني من جهة ومن محاولة الحزب تحويل مشاركته في الحكومة جنباً الى جنب مع «تيار المستقبل» كغطاء لقتاله في سورية، الامر الذي دفع «14 آذار» لاستعادة خطاب «ربط النزاع» مع الحزب في الحكومة.
ورغم ان «قرقعة السلاح» على الحدود الشرقية كانت الاكثر صدى، فان محاولة تحريك الحدود الجنوبية عبر الصواريخ المتفلته بذريعة «التضامن مع غزة» اخذ بعداً مقلقاً في الايام الاخيرة نتيجة المخاوف من بلوغ التطورات هناك مستويات تخرج عن السيطرة.
هذا الزنار من النار لم يحل دون استفحال المعارك السياسية في الداخل في ظل استبعاد اي مفاجآت في جلسة الانتخاب الرئاسية الجديدة في 23 الجاري، والتي تهدد بانزلاق لبنان نحو المزيد من الشلل المؤسساتي، لا سيما مع استعمال «اسلحة محرمة» في الصراع بين اللاعبين اللبنانيين، كاحتمال عدم دفع الرواتب لاكثر من 150 الف موظف حكومي عشية عيد الفطر المبارك، الامر الذي من شأنه تعميق التخبط السياسي – المالي في البلاد.
وبدا «الكباش» على أشدّه بين فريق 14 آذار و رئيس مجلس النواب نبيه بري على خلفية التباين حول جدول اعمال الجلسة التشريعية للبرلمان وهي القضية التي باتت تشكل في جانب منها امتداداً لفرملة عمل الحكومة الرئاسية وسط المعادلة المرتسمة تحت عنوان: «لا تسهيل للتشريع في البرلمان = لا تفعيل لعمل الحكومة».
واذا كان ملف الجامعة اللبنانية شكّل «العصا» الذي وُضع في «دواليب» العمل الحكومي حيث تولى وزير التربية الياس بو صعب (من فريق ميشال عون) تظهير معادلة: لا بتّ لملف العمداء والتفريغ معاً = لا تعيينات في اي مواقع اخرى ولا جلسات، فقد بدا واضحاً ان الرئيس بري وفريق 8 آذار يمارسان لعبة «حافة الهاوية» في اطار الضغط لتمرير صيغة إنفاق قانونية في مجلس النواب لعملية صرف رواتب موظفي القطاع العام ترفضها 14 آذار باعتبار انها تتضمّن في جانب منها تمريراً لأرقام من ضمن سلسلة الرتب والرواتب التي لم يجر الاتفاق على آلية تمويلها كاملة بعد، كما تنطوي في جانب آخر بحسب هذه القوى على محاولة لوضع شبهة قانونية حول كل الآلية التي اعتُمدت منذ العام 2006 لصرف الرواتب والاضافات التي طرأت عليها وفق سلف خزينة.
وكان بارزاً ان الرئيس بري استبق اطلالة الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري متحدثا عبر شاشة في حفل افطار اقامه تيار المستقبل في مجمع البيا ببيروت داعيا الى تسوية تكسر الازمة السياسية التي تعيشها البلاد، بما يشبه النعي للحوار الدائر بينهما من خلال الوزير علي حسن خليل ومدير مكتب رئيس «المستقبل» نادر الحريري بوساطة من النائب وليد جنبلاط عبر الوزير وائل ابو فاعور، اذ نُقل عنه بعد اجتماع هذا الثلاثي اول من أمس «ان الحوار مع تيار المستقبل لم يؤد الى نتيجة عملياً بدليل الخلاف على عقد جلسة مجلس النواب التي كانت محور هذا الحوار»، لكنه اعتبر ان «تعثر هذا الحوار إشارة سلبية الى النائب وليد جنبلاط وليس إليّ، خصوصا أن جنبلاط بذل جهودا لإطلاق الحوار. وعندما يرد تيار المستقبل بطريقة سلبية على انعقاد الجلسة فإن الرسالة ليست إليّ فحسب».
وقد حمل كلام بري اشارة معبّرة الى برودة عادت الى العلاقة بين الحريري وجنبلاط الذي كان تراجع عن كلام نُسب اليه حول استعداده لسحب مرشحه للرئاسة هنري حلو بحال انسحاب العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، وهو ما فُهم منه ان ثمة مبادرة داخلية يجري العمل عليها مع الحريري وبري لايجاد مخرج للمأزق الرئاسي، قبل ان يوضح الزعيم الدرزي ان ما نُقل عنه غير دقيق وانه متمسك بحلو.
الطفيلي: «حزب الله» تحوّل آلة قتل موجّهة إلى الداخل الإسلامي
| بيروت - «الراي» |
اعتبر الأمين العام السابق لـ «حزب الله» الشيخ صبحي الطفيلي أن «من واجبنا العمل بكل الوسائل المتاحة، وبكل الجهد لإنقاذ المنطقة من الجنون المذهبي الضيّق والعودة بها إلى الإسلام»، محمّلاً طرفيْ النزاع في العراق «مسؤولية ما يحدث، ولا يمكن لأيّ منهما أن يدّعي الطهارة».
الطفيلي، وهو أوّل أمين عام لـ «حزب الله» وملاحَق من القضاء اللبناني لكنه يمارس نشاطه السياسي ضمن نطاق منطقته في بريتال (البقاع)، قال في تصريح لـصحيفة «اليوم» السعودية: «نحن بحاجة إلى رجال سلطة منزّهين عن المذهبيّة في قناعاتهم وفي أعمالهم والرعية عندهم رعية واحدة، وسياستهم معها سياسة واحدة».
ورأى ان «الحديث عن دولة وخلافة وخليفة مجرّد إعلام لدغدغة أحلام شبابنا الذين يحنّون إلى أيام رسول الله والخلافة الراشدة والعزة الضائعة التي ينتحرون على أبوابها».
وأسف «لتحوّل حزب الله على يد بعض الإيرانيين إلى حزب مذهبي تكفيري مثله مثل كل التكفيريين، وإلى آلة قتل موجهة إلى الداخل الإسلامي وعنصر فعال في الدفاع عن حصون أنظمة الظلم والفساد»، مؤكداً أن «لمشاركته في القتال في سورية ضد أطفالها وأهلها دوراً بارزاً في تأجيج روح النزاع المذهبي الذي يخدم العدو الصهيوني ومَن يقف معه».
وكرر الطفيلي تأكيد ضرورة أن «نخاف من بحر الرذيلة التي نتخبط بها، ومن بحر الصهاينة والأساطيل الغربية، ومن بحر غضب الله قبل أن نخاف من بعضنا، ونحقد على بعضنا، ونذبح بعضنا، ونقتل أطفالنا بدم بارد».