بري يخرج من وضعية الانتظار ويحذّر إما بت الملف الرئاسي خلال أيام «وإلا الأسوأ»

لبنان أمام «الحائط المسدود»... فهل تنفرج أو تنفجر؟

تصغير
تكبير
• الحريري يرسم ملامح المرحلة المقبلة الجمعة وترقّب مبادرة يطلقها
... انه «الحائط المسدود». هكذا يمكن وصف «المأزق» المتعدّد الضلع الذي بلغه الواقع اللبناني في ضوء المشهد السياسي الذي بات مفتوحاً على أفق مسدود سواء في ملف الانتخابات الرئاسية التي باتت متأخرة 53 يوماً عن موعدها، او على صعيد تمدُّد الفراغ الى الحكومة الرئاسية التي تلقّت ضربة عطّلت آلية عملها التي سبق ان تم التفاهم عليها على قاعدة الإجماع على القرارات التي تُتخذ في مجلس الوزراء، وايضاً الى مجلس النواب الذي يدفع ثمناً مزدوجاً لخلافات مستحكمة حول بعض القضايا المطروحة امامه وللشغور الرئاسي.

وأعربت أوساط واسعة الاطلاع في بيروت امس عن خشيتها من ان تكون تطورات الايام الماضية كرّست تشابُكاً مخيفاً بين ملفات الرئاسة والحكومة والبرلمان بما يعني «اكتمال نصاب» الأفق المقفل الذي يؤدي واحد من احتمالين:


* انزلاق الوضع الى دائرة التفلت من الضوابط التي كانت تحكمه حتى الساعة وتالياً انكشاف لبنان بالكامل على الأحداث الدراماتيكية في كل من سورية والعراق وغزة وهي العناوين التي تتلقى البلاد تشظيات كل منها على خطين: الاول من خلال المعارك المتجددة بضراوة بين «حزب الله» ومقاتلين من المعارضة السورية بين جرود عرسال ( البقاع الشمالي ) ومنطقة القلمون السورية والتي ادت الى سقوط نحو 17 عنصراً من الحزب بينهم بسام طباجة من كفرتبنيت الذي قيل انه من الكوادر العسكرية المهمة وقاد اكثر من محور خلال حرب يوليو 2006، وسط خشية من انتقال «كرة النار» الى الحدود الشمالية في عكار التي تلقت بعض قراها في وادي خالد صواريخ من الجانب السوري على وقع تقارير في صحف قريبة من 8 آذار تتحدث عن تحركات لمسلحين سوريين كانوا فروا الى منطقة عكار بعد سقوط قلعة الحصن بيد الجيش السوري.

اما الخط الثاني فهو استمرار ظاهرة إطلاق الصواريخ على شمال اسرائيل من جنوب لبنان تحت عنوان التضامن مع غزة وهو ما تكرر ليل الثلاثاء الاربعاء حيث تم اطلاق صاروخ  من محلة الخريبة في خراج راشيا الفخار لكنه سقط داخل الاراضي اللبنانية في وادي قيس في خراج بلدة الخيام بالقرب من مزرعة لشخص من ال سويد ما تسبب بحريق. علماً ان تقارير تحدثت عن ان الجيش اللبناني اوقف فلسطينيين يقيمان في مخيم الرشيدية في قضية إطلاق صواريخ من المنطقة الساحلية في صور وانه تم العثور على مخبأ للصواريخ في «بيك - اب» جرى ضبطه خلال عمليات تمشيط ميداني.

وقد بدأت هذه الصواريخ تفاقم المخاوف الدولية التي عبّر عنها المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي لرئيس الحكومة تمام سلام اذ نقل اليه تحذيرات جدية من مغبة تفاقم الاوضاع في الجنوب بعد تكرار حوادث اطلاق الصواريخ داعيا الحكومة اللبنانية الى اتخاذ كل التدابير لوقف هذه الحوادث.

* والاحتمال الثاني هو ان تفضي مجمل هذه «الحرائق» السياسية والأمنية الى الدفع نحو انفراج «اضطراري» يبدأ من الملف الرئاسي، وسط عدم استبعاد دوائر سياسية ان تكون مراكمة الأزمات داخلياً في إطار فرض وقائع ضاغطة على جميع الأطراف لاستعجال إنهاء مرحلة الشغور الرئاسي.

وقد استوقف الدوائر السياسية في هذا السياق، ان رئيس البرلمان نبيه بري الذي كان اعلن قبل ايام ان لبنان في وضعية wait and see هو الذي تولى قرع ناقوس الخطر بإعلانه أنه «اذا جرى انتخاب رئيس في وقت سريع وقبل فوات الاوان، وعلى رغم كل هذا التأخير، فإن البلد يستعيد 90 في المئة من مناعته»، محذراً من «ان «المسألة مسألة أيام وإلا فاننا نتجه نحو الأسوأ».

واعتُبر كلام بري بمثابة إطلاق صفارة انطلاق مرحلة من الضغوط لمحاولة إحداث اختراق في الملف الرئاسي، تلاقي خروج النائب وليد جنبلاط بدوره قبل ايام من وضعية الانتظار مقدّماً مخرجاً يبدأ بسحب الدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون ترشيحهما فيسحب هو ترشيح النائب في كتلته هنري حلو لمصلحة اسم تسْووي، علماً ان الصالونات السياسية تتداول بأسماء كل من قائد الجيش العماد جان قهوجي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة و السفير اللبناني في الفاتيكان العميد المتقاعد جورج خوري والنائب السابق جان عبيد.

واذا كان السلوك الجديد لرئيس البرلمان في الملف الرئاسي يعكس بحسب دوائر مراقبة رغبة محتملة من فريق 8 آذار في بت هذا الملف وفق الموازين الراهنة في المنطقة وبما يسمح بتصفيح الواقع اللبناني في غمرة الانهماك الكبير بالحدَثين العراقي والسوري، فان ضغط بري وجنبلاط يأتي ايضاً في غمرة انفتاح الاول بوساطة من الثاني على الرئيس سعد الحريري الذي يُنتظر ان تكون له كلمة مهمة جداً من جدة يطل فيها عبر شاشة عملاقة على جمهوره خلال الافطار المركزي الذي يقيمه تيار «المستقبل» في «البيال» يوم غد الجمعة بالتزامن مع إفطارات المحافظات كافّة التي تقام في وقت واحد.

وتأتي كلمة الحريري التي سيقوم فيها بجولة افق على المرحلة الماضية وتطوراتها ويطل على الاستحقاقات المقبلة بعد سلسلة لقاءات عقدها في جدة مع عدد من وزرائه ونواب كتلته ومستشاريه وسط ترقُّب مبادرة سياسية يمكن ان يطلقها انطلاقاً من مناخ الحوار مع بري وما آل اليه التواصل مع العماد عون. علماً ان نتائج اللقاءات بين فريقيْ زعيم «المستقبل» ورئيس البرلمان لم تفض الى تفاهم حول بنود الجلسة التشريعية التي يريد بري الدعوة اليها في ظل رفض «المستقبل» إصدار قانون لتغطية صرف رواتب موظفي القطاع العام والتمسك ببتها من خلال قانون المحاسبة العمومية وموازنة 2005 بانتظار اقرار موازنة الـ 2014 التي من شأنها أن تعالج جميع الأمور العالقة منذ الاعوام الماضية (قطع الحساب).

وفي موازاة ذلك، حذّر الرئيس سلام الذي يصر على عدم الدعوة الى جلسة للحكومة قبل التفاهم على ملف الجامعة اللبنانية وسط محاولات لعقد جلسة لا تبحث في هذا الملف، من «أن تعطيل المعالجات نتيجة التناحر والتجاذب السياسيين ينذر بعواقب وخيمة لا يحتملها أحد».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي