بيروت أسيرة «المقايضات المكلفة» لديمومة عمل المؤسسات

عون راسل «عواصم الطائف» عبر سفاراتها طالباً مساعدتها في انتخاب رئيس للبنان

تصغير
تكبير
يخضع الواقع اللبناني الهشّ لأكثر من اختبار أمني وسياسي صعب في ظل «ستاتيكو» الانتظار الذي يرخي بثقله على مؤسسات الحكم وآليات عملها ويجعلها مهدَّدة إما بالفراغ او الشلل، وسط تسليم داخلي وخارجي بأولوية الاستقرار على ما عداها من استحقاقات بالغة الاهمية كالانتخابات الرئاسية التي لم تجرِ والانتخابات النيابية المرشّحة للتأجيل.

ولليوم الثاني على التوالي، عاشت بيروت تحت وطأة المواجهة الاولى من نوعها منذ بدء الفراغ الرئاسي التي شهدها مجلس الوزراء الذي بات على خلفية ملف الجامعة اللبنانية امام معادلة «تعطيلية» رسمها بوضوح وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب (من فريق العماد ميشال عون) وعنوانها «العرقلة (تُقابل) بالعرقلة».


وفيما بدأت اوساط مراقبة تعرب عن خشية من ان يكون وضع الحكومة الرئاسية «خارج الخدمة»، في اطار محاولة الضغط لـ «الإفراج» عن العمل التشريعي في البرلمان الذي ترفض قوى «14 آذار» ومعها نواب العماد عون جعله مفتوحاً في ظل الفراغ الرئاسي، فان دوائر مطلعة تحذّر من التمادي في لعبة «عض الاصابع» لأنها ستكون مكلفة على البلد الرازح تحت أعباء هائلة امنية واقتصادية، من دون ان تُسقط مصادر سياسية من الحساب ان يكون ما يجري حكومياً هو في اطار إما استدراج مشهد «المأزق الكامل» بما يمهّد لفرض رئيس من «حواضر اللحظة» او تكوين الارضية ايضاً للتمديد لمجلس النواب التي بات شبه حتمي ولا يحتاج الا الى «إخراج».

ووسط استياء رئيس الحكومة تمام سلام مما شهدته الجلسة الاخيرة التي ظهّرت هشاشة الصيغة التي تم التوافق عليها لاتخاذ القرارات بالإجماع ضمن مجلس الوزراء، حُسمت عدم دعوة سلام الى اجتماع للمجلس الاسبوع الطالع في انتظار ما ستسفر عنه الاتصالات الجارية للتفاهم على حلول للمسائل الخلافية المطروحة إما بسحبها عن جدول الأعمال أو التفاهم على تأجيلها وتحديداً ملفي التفرّغ وتعيين عمداء الجامعة اللبنانية، أو إقرار سلسلة الرتب والرواتب والموازنة.

وظهرت امس، مؤشرات تداخُل الواقع الحكومي مع المحاولات المستمرة لعقد جلسة تشريعية لمجلس النواب الخميس المقبل، الامر الذي يبقى رهناً بالمفاوضات المستمرة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري و»تيار المستقبل» اللذين خاضا جولة نقاش طويلة قبل ثلاثة ايام خلال لقاء جمع وزير المال علي حسن خليل ونادر الحريري، مدير مكتب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، واستمر نحو اربع ساعات. واذا كان بري مصرّ على ان تشهد الجلسة التشريعية طرح ثلاثة ملفات اساسية هي سلسلة الرتب والرواتب واصدار قانون يغطي الانفاق المالي ولا سيما منه الرواتب في القطاع العام واصدار سندات خزينة بـ «اليورو بوند»، لم يتضح بعد كيف ستتعاطى قوى «14 آذار» مع الامر وهي التي كانت رفضت بت ملف صرف الرواتب من خارج آلية حكومية معتمدة اصلاً وما زالت متحفظة عن بنود ضريبية في سلسلة الرتب والرواتب.

في موازاة ذلك، استوقف الدوائر السياسية ما كشف عن «رسائل شخصية» نقلها مسؤول العلاقات الديبلوماسية في «التيار الوطني الحر» ميشال دي شادارافيان من العماد عون المرشّح للانتخابات الرئاسية، عبر سفارات السعودية والمغرب والجزائر في بيروت، إلى كل من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز والملك محمد السادس والرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

واشارت تقارير الى أن عون راسل الزعماء الثلاثة «بوصفهم يمثلون دول اللجنة الثلاثية العربية التي كانت من صنّاع ورعاة اتفاق الطائف»، موضحةً أنّ «العماد عون الذي كان معارضاً للطائف ومناهضاً له عند إقراره، تمنى في هذه الرسائل من قادة السعودية والمغرب والجزائر ضمان هذا الاتفاق والانتباه إلى المخاطر التي تتهدده في هذه المرحلة والمساهمة في تحصينه من خلال المساعدة في انتخاب رئيس للجمهورية وإقرار قانون للانتخابات في شكل يؤمن المناصفة الحقيقية التي نصّ عليها الطائف».

ومن خلف كل هذه العناوين، يستمر اختبار طرابلس في الواجهة بعد تحركات احتجاجية ميدانية لذوي الموقوفين من قادة المحاور المتورطين في الاحداث التي شهدتها عاصمة الشمال منذ 2008 في اطار المواجهات بين جبل محسن (العلوي) وباب التبانة (السنية).

وفي غمرة تمدّد الاحتجاجات الى منطقة جبل محسن التي تطالب بتخلية موقوفيها، اصدر القضاء العسكري قراراً اتهامياً بحق القيادي العلوي رفعت علي عيد طلب فيه عقوبة الإعدام للأخير الفار من وجه العدالة منذ نحو شهرين، وذلك سنداً إلى مواد قانونية تدينه بترؤس مجموعات مسلحة والقيام بأعمال إرهابية وقتل ومحاولة قتل وذلك بموجب اعترافات 4 من قادة محور جبل محسن موقوفين لدى القضاء.

واشارت تقارير الى انه تبيّن بحسب الاعترافات أنّ الموقوفين الأربعة أقروا أنّ عيد كان الآمر الناهي في إصدار الأوامر للمجموعات المسلحة بفتح جبهة القتال بين جبل محسن وباب التبانة في طرابلس حيث كان يعطي أمراً مباشراً بفتح الجبهة إلى قادة محاوره عبر الأجهزة اللاسلكية مستخدماً اللقب العسكري 2 خلال تواصله مع هذه المجموعات. كما أقرّ الموقوفون الأربعة أنّ الذخيرة المستخدمة في استهداف باب التبانة كان يتم استلامها من مستودع حربي موجود في فيلا رفعت عيد شخصياً، تمهيداً لتوزيعها على المقاتلين المرابضين عند مختلف جبهات جبل محسن، علماً أنّ القاضي أبوغيدا طلب عقوبة الإعدام كذلك إلى الموقوفين وأحالهم أمام المحكمة العسكرية الدائمة للمحاكمة.

واعتُبر هذا التطور بمثابة خطوة من شأنها «سكب مياه باردة» على واقع طرابلس التي يرفع الاسلاميون فيها الصوت ضد ما يعتبرونه كيلاً

بمكيالين من الاجهزة الامنية في التعاطي بين التبانة وجبل محسن.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي