ها هي طبول الحرب تصل إلى قطاع غزة المحتل لتحصد مئات القتلى والجرحى بين المدنيين الأبرياء، ولتحيل ليلهم الرمضاني الجميل إلى جحيم ونيران مشتعلة!!
لقد تكرر ذلك المشهد الدرامي في غزة مرات عدة، في كل مرة نسمع كتائب (عز الدين القسام) الفلسطينية تهدد وتتوعد بأن تحيل المدن الفلسطينية في القدس وتل أبيب إلى ركام!!
وقد خرج علينا شاب صغير ملثم يتكلم باسم تلك الكتائب يهدد ويتوعد ويعلن عن إطلاق مئات الصواريخ الفلسطينية على المدن الإسرائيلية، لكن اليهود الذين يتكلمون دائماً عن عدد المصابين في صفوفهم لا يعلنون إلا عن إصابة بعض الأماكن بتلك الصواريخ دون وقوع قتلى أو جرحى بينما تتوالى الغارات الإسرائيلية على سكان القطاع لتقتل العشرات وتهدم المقار الأمنية وتشعل النار من تحت أرجل الشعب الفلسطيني الأعزل.
عندما زرت قطاع غزة ضمن وفد جمعية الصحافيين قبل ثلاثة أعوام، وكان قطاع غزة قد تعرض لهجوم إسرائيلي بشع عام 2008، شاهدت آثار الدمار الهائل في كل مكان في القطاع، وقص علينا أبناء القطاع قصصهم المرعبة التي لم تترك عائلة من العائلات الفلسطينية لم تصل إليها، وبفضل من الله تعالى ثم بجهود إخوانهم لا سيما أهل الكويت استطاع سكان غزة أن يعيدوا بناء بعض ما تم تدميره، وبسبب الحصار فقد استخدموا طابوق منازلهم المهدومة لإعادة البناء.
وقد سألت قائد حماس (إسماعيل هنية) بنفسي إن كان من الحكمة أن يعرّضوا أنفسهم لذلك الظلم والعدوان وهم لا يملكون من أمرهم شيئاً؟! فأجابني بأنهم لم يكونوا البادئين بالعدوان، ولكنه قد فرض عليهم واضطروا للرد على العدوان!!
وأنا لا أضع اللوم على سكان قطاع غزة لأن الإسرائيليين لا يحتاجون إلى مبرر ليبدأوا العدوان، لكني أطلب منهم ضبط النفس وعدم استفزاز ذلك العدو المجرم بكلمات أو أفعال غير مسؤولة، فهم ليسوا في وضع يسمح لهم بالتهديد أو الوعيد، والواجب عليهم الصبر إلى أن يهيئ الله تعالى لهم النصر على أعدائهم!!
في تصوري أن هنالك جماعات وأفراداً يعتقدون بأن تحدي الآخرين وإشعال الأرض من تحتهم حتى ولو أحرقتهم قبل أن تحرق غيرهم، يعتقدون بأن هذه هي الطريقة المثلى للوصول إلى أهدافهم، وقد شاهدنا ما فعلته المعارضة الكويتية قبل أيام من تهييج الشارع الكويتي وإفساد جمال هذا الشهر الفضيل على الناس تحت مسمى تهييج الشارع من أجل نيل الحقوق المسلوبة، وقد حصدت المعارضة امتعاض الجميع ورفضهم لمثل تلك الأساليب الهمجية لنيل الحقوق!!
نستطيع أن نجادل المعارضة إلى ما شاء الله حول عدم جدوى تلك الأساليب في إحداث التغيير المنشود، ولكن تظل بلادنا العربية والإسلامية تدفع ثمن تلك المغامرات الطائشة التي لا نشك بأنها ستؤدي في النهاية إلى تفجير الأوضاع وسفك الدماء وهدم الحضارات التي يبذل الإنسان جهده ووقته في تشييدها، والسبب هو الطيش الذي يتلبس بلباس الوطنية والحرص على مصلحة البلد!!
د. وائل الحساوي
[email protected]