«أرابتك»: صعود صاروخي وهبوط سريع
أبوظبي، دبي - رويترز - من برج يرتفع 59 طابقا في أبوظبي يطل مقر شركة «أرابتك» للبناء على الخليج صوب بلاد الشرق الاوسط واسيا التي تأمل الشركة أن تتوسع فيها. ويقف البرج رمزاً لطموحات الشركة وكيف واجهت الواقع الصعب.
كانت «أرابتك» وافقت العام الماضي على استئجار البرج بكامله ليكون قاعدة لها تعمل انطلاقا منها على تنويع نشاطها ليمتد الى قطاعات النفط والكهرباء والبنية التحتية والعقارات وتتسع لالاف العاملين الذي سينضمون للشركة مستقبلا بل ولشركائها في مشروعات المستقبل.
لكن الشكوك تكتنف الان جانبا كبيرا من هذا التوسع المنشود. وأدى تدهور العلاقات بين رئيس أرابتك التنفيذي واحدى الشركات الاستثمارية الكبرى التابعة للدولة الى استقالته المفاجئة وانهيار قيمة أسهم الشركة الشهر الماضي. وبدأت «أرابتك» مراجعة خططها.
وأثرت مشاكل الشركة المقيدة في بورصة دبي على سوق الأسهم عموما وكان لها دور في محو 30 مليار دولار من القيمة السوقية خلال ثمانية أسابيع فحسب وأثارت علامات استفهام حول القواعد المنظمة للشركات وقواعد الافصاح في دولة الامارات.
ويكشف الصعود الصاروخي والهبوط السريع لأرابتك ورئيسها التنفيذي السابق حسن اسميك عن بعض المخاطر التي تواجه قطاع الاعمال في الخليج وتتمثل في السرية التي تكتنف حملة الاسهم من مؤسسات الدولة وسلطة الادارة التي تعتمد في جانب منها على العلاقات الشخصية.
وقال جيم كرين الخبير في شؤون الخليج لدى معهد بيكر للسياسات العامة بجامعة رايس في الولايات المتحدة «تشير ورطة أرابتك الى نقاط ضعف هيكلية في بيئة الاعمال بالإمارات والمنطقة بشكل أعم».
وقال ان الاعمال في الامارات تتمتع بالتنافسية والحيوية، لكنها مدفوعة بعلاقات شخصية غير شفافة وبالنفوذ السياسي.
وأضاف «متوقع من الشركات أن تلتزم بخيارات السياسات الاوسع للحكومة والاسرة الحاكمة وهذه الامور لا تعلن على الملا عموما، فالكثير يحدث بعيدا عن أنظار الناس».
صعود
تأسست «أرابتك» في دبي قبل أربعة عقود على يدي رجل أعمال فلسطيني المولد واستفادت الشركة من الطفرة النفطية التي شهدتها المنطقة لتصبح واحدة من أكبر شركات البناء فيها. وساهمت الشركة في بناء برج خليفة في دبي أعلى ناطحة سحاب في العالم.
بدأت الافاق الجديدة تتفتح عام 2012 عندما رفعت شركة ابار للاستثمار التابعة لشركة الاستثمارات البترولية الدولية (ايبيك) المملوكة لحكومة أبوظبي حصتها في «أرابتك» لتتيح للشركة فعليا دعم الثروة النفطية الكبيرة التي تتمتع بها أبوظبي.
وعززت ابار نفوذها في ادارة أرابتك في عملية بلغت ذروتها في فبراير 2013 باستقالة مؤسسها رياض كمال من منصب الرئيس التنفيذي وتعيين حسن اسميك رجل الاعمال الاردني الذي كان عمره 36 عاما فقط خلفا له.
وصعد نجم اسميك بسرعة. ويقول اسميك انه ينتمي الى أسرة ذات امكانيات متواضعة وانه انتقل الى دبي عام 1996 ليعمل وسيطا عقاريا وتألق نجمه بعد بضع سنوات عندما تولى ترتيب صفقة لمجموعة من المستثمرين تربطهم صلات بأصحاب الشأن في أبوظبي لشراء عدة مبان في دبي.
وبدأ يشتري أسهما في «أرابتك» وبحلول أغسطس عام 2012 وصل به الامر أن أصبح عضوا غير تنفيذي في مجلس الادارة وهو مركز أتاح له في غضون بضعة أشهر أن يصبح رئيسا تنفيذيا للشركة.
ورأى المستثمرون في دعم ابار للشركة وسيلة لتحقيق الثروة فارتفع سهمها لاكثر من ثلاثة أمثاله في الاشهر الاربعة الاولى من هذا العام. وحقق ذلك لاسميك ثروة كبيرة، وفي يونيو قالت مجلة فوربز انه أصبح أول ملياردير أردني وثالث أصغر ملياردير في الشرق الاوسط.
وبدا أنه لا حد لفوائد وجود مستثمر كبير من مؤسسات الدولة بين حملة أسهم أرابتك. ففي فبراير شباط طلبت ابار من الشركة بناء 37 برجا جديدا في أبوظبي ودبي في صفقة بلغت قيمتها 6.1 مليار دولار أي ثلاثة أمثال ايرادات «أرابتك» الاجمالية عام 2013.
وفي مارس وافقت «أرابتك» على صفقة أكثر ابهارا لبناء مليون وحدة سكنية في مصر في مشروع تدعمه الحكومتان المصرية والاماراتية تبلغ قيمته 40 مليار دولار. وأصبحت «أرابتك» في واقع الامر أداة سياسية لحكومة أبوظبي في وقت أغدقت فيه الامارات مليارات من الدولارات على مصر بهدف منع عودة جماعة الاخوان المسلمين.
وحمل اسميك لواء تنويع نشاط الشركة فاستكشف فرص الاستحواذ وناقش علنا فكرة اطلاق سلسلة من الطروحات الاولية لاسهم وحدات تابعة لارابتك في مختلف أنحاء الشرق الاوسط. وشملت خطط التوسع الخارجي فتح مكتب للشركة في صربيا لاستهداف دول البلقان.
وقال اسميك لـ «رويترز» في أواخر الاسبوع الماضي في أبوظبي «كانت تلك رؤيتي، أن أنقل أرابتك الى المستوى العالمي».
لكن القصة كانت تفوق حد التصديق في نظر كثير من مديري صناديق الاستثمار الذين شهدوا صعود سهم «أرابتك» متجاوزا بكثير تقديراتهم لقيمته العادلة في وقت سعى فيه المستثمرون الذين يحركون أموالا مقترضة في السوق لرفع سعره استجابة للتوقعات الصعودية. وأثبتت الايام أن القصة كانت هكذا فعلا.
بدأت أسهم «أرابتك» تهوي في منتصف مايو مع انتشار شائعات عن نزاع بين ابار واسميك ما أثار احتمال أن تفقد «أرابتك» دعم «ابار» وتضطر لخفض خططها التوسعية. وامتنعت ابار عن الادلاء بأي تعليقات.
وتضخمت الشائعات في أوائل يونيو عندما أظهرت بيانات سوق الاوراق المالية أن ابار خفضت حصتها في أرابتك من 21.57 في المئة في المئة الى
18.94 في المئة خلال عدة أيام.
وفي منتصف يونيو نفى اسميك علنا وجود أي خلاف مع ابار لكن الامور كانت واضحة جليا، فبعد يومين قدم اسميك استقالته قائلا انه يريد متابعة مصالح خاصة.
ومن منتصف مايو حتى أدنى مستوى وصل اليه السهم في أوائل يوليو كان قد فقد 70 في المئة من قيمته. وكان الغموض الذي اكتنف مصير حصة اسميك نفسه في «أرابتك» من العوامل التي زادت من قلق المستثمرين.
ففي أواخر مايو قالت «أرابتك» ان اسميك رفع حصته الى 21.46 في المئة من 8.03. ولم يفسر أحد متى حدث ذلك أو لماذا لم يتم الافصاح عنه من قبل لان قواعد البورصة تقتضي ضرورة الكشف على الفور عن أي تغييرات في الحصص بما يتجاوز خمسة في المئة. وفي منتصف يونيو عندما استقال اسميك أظهرت بيانات البورصة أن حصته ارتفعت الى 28.85 في المئة.
ويقول اسميك انه اشترى الاسهم في البداية بعدة أسماء وهو أمر لا يخالف القانون في الامارات وان بيانات البورصة أظهرت أن حصته قفزت عندما قرر المسؤولون عن تنظيم سوق المال توحيد الحصص باسم واحد.
ويقول اسميك انه تلقى عدة عروض لحصته من أطراف امتنع عن تحديدها. لكنه يصر على أنه لا يتعجل البيع وانه قد لا يفكر في البيع الا بأسعار تزيد 50 في المئة أو أكثر عن سعر السوق الحالي.
المستقبل
ما الخطأ الذي حدث.. فـ «أرابتك» واسميك على حد سواء يقولان ان فترة رئاسته للشركة كانت مثمرة وان قراره ترك منصبه كان قرارا شخصيا. أما ابار فامتنعت عن التعليق، لكن مصادر بالشركة تقول ان عددا من كبار المسؤولين التنفيذيين المرتبطين باسميك رحلوا عن الشركة منذ استقالته فيما يشير الى أن ابار تريد تغيير أسلوب الادارة.
وتقول احدى النظريات التي يتداولها كثيرون يعرفون «أرابتك» ان اسميك حاز من الشهرة والتألق ما لم يتحمله الداعمون الماليون للشركة في مجتمع يعمد فيه كثير من أقوى رجال الاعمال للابتعاد عن أضواء الشهرة. وربما أسهم ما نشرته مجلة «فوربز» عن قصة نجاح اسميك في سقوطه.
وقال رجل أعمال في أبوظبي طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية قصة «أرابتك» عن الدعاية التي أحاطت باسميك «هو أعطى الناس الرصاصة التي أصابوه بها».
ويتداول الناس نظرية أخرى على نطاق واسع تقول ان استثمارات اسميك في أرابتك التي بلغت في ذروة السوق 2.7 مليار دولار تمت لحساب اخرين وهو أمر شائع في الخليج ثم صارت مصدرا للاحتكاك معهم.
ويقول اسميك انه استثمر أمواله الخاصة في أرابتك واقترض من بنوك تربطه بها صلات وثيقة.
وربما يشفي الزمن الجروح التي خلفتها قصة أرابتك في الشركة وفي سوق الاسهم. فقد عقد خادم عبدالله القبيسي رئيس مجلس ادارة أرابتك مؤتمرا صحافيا في أوائل الشهر الجاري للمرة الاولى منذ رحيل اسميك ليقول ان مشروعات البناء التي تعاقدت عليها الشركة مازالت قائمة وان ابار مستمرة في دعمها.
وربما تعزز ابار سيطرتها على أرابتك. فقد تولى عضو بمجلس ادارة ايبيك هو محمد الفهيم منصب القائم بأعمال الرئيس التنفيذي. وفي الايام الاخيرة شهدت أسهم أرابتك انتعاشا جزئيا رغم أنها مازالت أقل بنسبة 46 في المئة من الذروة التي بلغتها.
غير أنه يبدو من المرجح أن تتوخى «أرابتك» قدرا أكبر من الحذر والحرص عما كانت عليه الحال في ظل ادارة اسميك. وقال القبيسي ان الشركة تعمل الان على خفض التكاليف وتراجع المرتبات الكبيرة وتشدد بدرجة أقل على خطط تنويع النشاط التي نادى بها اسميك.
وقال القبيسي ان الشركة تراجع أمورا كثيرة وانها تعيد هيكلة نفسها لتركز على أنشطة البناء الاساسية.
وعلى وجه الخصوص ربما تعمد «أرابتك» لاسناد المزيد من مشروعاتها الجديدة لشركات أخرى بدلا من أن تكبل نفسها بأعباء تنفيذ هذه التعاقدات الامر الذي قد يكون مكلفا ومعوقا.
ويعتقد محللون أن الشركة التي قالت في وقت سابق من العام الحالي ان عدد العاملين فيها بلغ نحو 63 ألفا ستحتاج لتوظيف الالاف من الموظفين الاداريين لادارة صفقات عملاقة مثل مشروع الاسكان المصري.
وربما يكون مستقبل اسميك أكثر تواضعا.
فهو يقول انه لا يشعر بالمرارة بسبب تجربته بشركة أرابتك وانه يعتزم البقاء في الامارات مركزا على شركة الاستثمار الخاص التي يملكها في أبوظبي (اتش.ايه.ام.جي) والتي لها اهتمامات في مجالات من العقار الى الفنادق.
واسميك متزوج وله أربعة أطفال وهو يقول انه يقضي بعض وقته منذ الاستقالة في مشاهدة مباريات كأس العالم في كرة القدم وانه يشجع ألمانيا حيث يمتلك حصة في نادي ميونيخ 1860.
وقال اسميك «أنا اؤمن بالله وسأنتصر».
كانت «أرابتك» وافقت العام الماضي على استئجار البرج بكامله ليكون قاعدة لها تعمل انطلاقا منها على تنويع نشاطها ليمتد الى قطاعات النفط والكهرباء والبنية التحتية والعقارات وتتسع لالاف العاملين الذي سينضمون للشركة مستقبلا بل ولشركائها في مشروعات المستقبل.
لكن الشكوك تكتنف الان جانبا كبيرا من هذا التوسع المنشود. وأدى تدهور العلاقات بين رئيس أرابتك التنفيذي واحدى الشركات الاستثمارية الكبرى التابعة للدولة الى استقالته المفاجئة وانهيار قيمة أسهم الشركة الشهر الماضي. وبدأت «أرابتك» مراجعة خططها.
وأثرت مشاكل الشركة المقيدة في بورصة دبي على سوق الأسهم عموما وكان لها دور في محو 30 مليار دولار من القيمة السوقية خلال ثمانية أسابيع فحسب وأثارت علامات استفهام حول القواعد المنظمة للشركات وقواعد الافصاح في دولة الامارات.
ويكشف الصعود الصاروخي والهبوط السريع لأرابتك ورئيسها التنفيذي السابق حسن اسميك عن بعض المخاطر التي تواجه قطاع الاعمال في الخليج وتتمثل في السرية التي تكتنف حملة الاسهم من مؤسسات الدولة وسلطة الادارة التي تعتمد في جانب منها على العلاقات الشخصية.
وقال جيم كرين الخبير في شؤون الخليج لدى معهد بيكر للسياسات العامة بجامعة رايس في الولايات المتحدة «تشير ورطة أرابتك الى نقاط ضعف هيكلية في بيئة الاعمال بالإمارات والمنطقة بشكل أعم».
وقال ان الاعمال في الامارات تتمتع بالتنافسية والحيوية، لكنها مدفوعة بعلاقات شخصية غير شفافة وبالنفوذ السياسي.
وأضاف «متوقع من الشركات أن تلتزم بخيارات السياسات الاوسع للحكومة والاسرة الحاكمة وهذه الامور لا تعلن على الملا عموما، فالكثير يحدث بعيدا عن أنظار الناس».
صعود
تأسست «أرابتك» في دبي قبل أربعة عقود على يدي رجل أعمال فلسطيني المولد واستفادت الشركة من الطفرة النفطية التي شهدتها المنطقة لتصبح واحدة من أكبر شركات البناء فيها. وساهمت الشركة في بناء برج خليفة في دبي أعلى ناطحة سحاب في العالم.
بدأت الافاق الجديدة تتفتح عام 2012 عندما رفعت شركة ابار للاستثمار التابعة لشركة الاستثمارات البترولية الدولية (ايبيك) المملوكة لحكومة أبوظبي حصتها في «أرابتك» لتتيح للشركة فعليا دعم الثروة النفطية الكبيرة التي تتمتع بها أبوظبي.
وعززت ابار نفوذها في ادارة أرابتك في عملية بلغت ذروتها في فبراير 2013 باستقالة مؤسسها رياض كمال من منصب الرئيس التنفيذي وتعيين حسن اسميك رجل الاعمال الاردني الذي كان عمره 36 عاما فقط خلفا له.
وصعد نجم اسميك بسرعة. ويقول اسميك انه ينتمي الى أسرة ذات امكانيات متواضعة وانه انتقل الى دبي عام 1996 ليعمل وسيطا عقاريا وتألق نجمه بعد بضع سنوات عندما تولى ترتيب صفقة لمجموعة من المستثمرين تربطهم صلات بأصحاب الشأن في أبوظبي لشراء عدة مبان في دبي.
وبدأ يشتري أسهما في «أرابتك» وبحلول أغسطس عام 2012 وصل به الامر أن أصبح عضوا غير تنفيذي في مجلس الادارة وهو مركز أتاح له في غضون بضعة أشهر أن يصبح رئيسا تنفيذيا للشركة.
ورأى المستثمرون في دعم ابار للشركة وسيلة لتحقيق الثروة فارتفع سهمها لاكثر من ثلاثة أمثاله في الاشهر الاربعة الاولى من هذا العام. وحقق ذلك لاسميك ثروة كبيرة، وفي يونيو قالت مجلة فوربز انه أصبح أول ملياردير أردني وثالث أصغر ملياردير في الشرق الاوسط.
وبدا أنه لا حد لفوائد وجود مستثمر كبير من مؤسسات الدولة بين حملة أسهم أرابتك. ففي فبراير شباط طلبت ابار من الشركة بناء 37 برجا جديدا في أبوظبي ودبي في صفقة بلغت قيمتها 6.1 مليار دولار أي ثلاثة أمثال ايرادات «أرابتك» الاجمالية عام 2013.
وفي مارس وافقت «أرابتك» على صفقة أكثر ابهارا لبناء مليون وحدة سكنية في مصر في مشروع تدعمه الحكومتان المصرية والاماراتية تبلغ قيمته 40 مليار دولار. وأصبحت «أرابتك» في واقع الامر أداة سياسية لحكومة أبوظبي في وقت أغدقت فيه الامارات مليارات من الدولارات على مصر بهدف منع عودة جماعة الاخوان المسلمين.
وحمل اسميك لواء تنويع نشاط الشركة فاستكشف فرص الاستحواذ وناقش علنا فكرة اطلاق سلسلة من الطروحات الاولية لاسهم وحدات تابعة لارابتك في مختلف أنحاء الشرق الاوسط. وشملت خطط التوسع الخارجي فتح مكتب للشركة في صربيا لاستهداف دول البلقان.
وقال اسميك لـ «رويترز» في أواخر الاسبوع الماضي في أبوظبي «كانت تلك رؤيتي، أن أنقل أرابتك الى المستوى العالمي».
لكن القصة كانت تفوق حد التصديق في نظر كثير من مديري صناديق الاستثمار الذين شهدوا صعود سهم «أرابتك» متجاوزا بكثير تقديراتهم لقيمته العادلة في وقت سعى فيه المستثمرون الذين يحركون أموالا مقترضة في السوق لرفع سعره استجابة للتوقعات الصعودية. وأثبتت الايام أن القصة كانت هكذا فعلا.
بدأت أسهم «أرابتك» تهوي في منتصف مايو مع انتشار شائعات عن نزاع بين ابار واسميك ما أثار احتمال أن تفقد «أرابتك» دعم «ابار» وتضطر لخفض خططها التوسعية. وامتنعت ابار عن الادلاء بأي تعليقات.
وتضخمت الشائعات في أوائل يونيو عندما أظهرت بيانات سوق الاوراق المالية أن ابار خفضت حصتها في أرابتك من 21.57 في المئة في المئة الى
18.94 في المئة خلال عدة أيام.
وفي منتصف يونيو نفى اسميك علنا وجود أي خلاف مع ابار لكن الامور كانت واضحة جليا، فبعد يومين قدم اسميك استقالته قائلا انه يريد متابعة مصالح خاصة.
ومن منتصف مايو حتى أدنى مستوى وصل اليه السهم في أوائل يوليو كان قد فقد 70 في المئة من قيمته. وكان الغموض الذي اكتنف مصير حصة اسميك نفسه في «أرابتك» من العوامل التي زادت من قلق المستثمرين.
ففي أواخر مايو قالت «أرابتك» ان اسميك رفع حصته الى 21.46 في المئة من 8.03. ولم يفسر أحد متى حدث ذلك أو لماذا لم يتم الافصاح عنه من قبل لان قواعد البورصة تقتضي ضرورة الكشف على الفور عن أي تغييرات في الحصص بما يتجاوز خمسة في المئة. وفي منتصف يونيو عندما استقال اسميك أظهرت بيانات البورصة أن حصته ارتفعت الى 28.85 في المئة.
ويقول اسميك انه اشترى الاسهم في البداية بعدة أسماء وهو أمر لا يخالف القانون في الامارات وان بيانات البورصة أظهرت أن حصته قفزت عندما قرر المسؤولون عن تنظيم سوق المال توحيد الحصص باسم واحد.
ويقول اسميك انه تلقى عدة عروض لحصته من أطراف امتنع عن تحديدها. لكنه يصر على أنه لا يتعجل البيع وانه قد لا يفكر في البيع الا بأسعار تزيد 50 في المئة أو أكثر عن سعر السوق الحالي.
المستقبل
ما الخطأ الذي حدث.. فـ «أرابتك» واسميك على حد سواء يقولان ان فترة رئاسته للشركة كانت مثمرة وان قراره ترك منصبه كان قرارا شخصيا. أما ابار فامتنعت عن التعليق، لكن مصادر بالشركة تقول ان عددا من كبار المسؤولين التنفيذيين المرتبطين باسميك رحلوا عن الشركة منذ استقالته فيما يشير الى أن ابار تريد تغيير أسلوب الادارة.
وتقول احدى النظريات التي يتداولها كثيرون يعرفون «أرابتك» ان اسميك حاز من الشهرة والتألق ما لم يتحمله الداعمون الماليون للشركة في مجتمع يعمد فيه كثير من أقوى رجال الاعمال للابتعاد عن أضواء الشهرة. وربما أسهم ما نشرته مجلة «فوربز» عن قصة نجاح اسميك في سقوطه.
وقال رجل أعمال في أبوظبي طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية قصة «أرابتك» عن الدعاية التي أحاطت باسميك «هو أعطى الناس الرصاصة التي أصابوه بها».
ويتداول الناس نظرية أخرى على نطاق واسع تقول ان استثمارات اسميك في أرابتك التي بلغت في ذروة السوق 2.7 مليار دولار تمت لحساب اخرين وهو أمر شائع في الخليج ثم صارت مصدرا للاحتكاك معهم.
ويقول اسميك انه استثمر أمواله الخاصة في أرابتك واقترض من بنوك تربطه بها صلات وثيقة.
وربما يشفي الزمن الجروح التي خلفتها قصة أرابتك في الشركة وفي سوق الاسهم. فقد عقد خادم عبدالله القبيسي رئيس مجلس ادارة أرابتك مؤتمرا صحافيا في أوائل الشهر الجاري للمرة الاولى منذ رحيل اسميك ليقول ان مشروعات البناء التي تعاقدت عليها الشركة مازالت قائمة وان ابار مستمرة في دعمها.
وربما تعزز ابار سيطرتها على أرابتك. فقد تولى عضو بمجلس ادارة ايبيك هو محمد الفهيم منصب القائم بأعمال الرئيس التنفيذي. وفي الايام الاخيرة شهدت أسهم أرابتك انتعاشا جزئيا رغم أنها مازالت أقل بنسبة 46 في المئة من الذروة التي بلغتها.
غير أنه يبدو من المرجح أن تتوخى «أرابتك» قدرا أكبر من الحذر والحرص عما كانت عليه الحال في ظل ادارة اسميك. وقال القبيسي ان الشركة تعمل الان على خفض التكاليف وتراجع المرتبات الكبيرة وتشدد بدرجة أقل على خطط تنويع النشاط التي نادى بها اسميك.
وقال القبيسي ان الشركة تراجع أمورا كثيرة وانها تعيد هيكلة نفسها لتركز على أنشطة البناء الاساسية.
وعلى وجه الخصوص ربما تعمد «أرابتك» لاسناد المزيد من مشروعاتها الجديدة لشركات أخرى بدلا من أن تكبل نفسها بأعباء تنفيذ هذه التعاقدات الامر الذي قد يكون مكلفا ومعوقا.
ويعتقد محللون أن الشركة التي قالت في وقت سابق من العام الحالي ان عدد العاملين فيها بلغ نحو 63 ألفا ستحتاج لتوظيف الالاف من الموظفين الاداريين لادارة صفقات عملاقة مثل مشروع الاسكان المصري.
وربما يكون مستقبل اسميك أكثر تواضعا.
فهو يقول انه لا يشعر بالمرارة بسبب تجربته بشركة أرابتك وانه يعتزم البقاء في الامارات مركزا على شركة الاستثمار الخاص التي يملكها في أبوظبي (اتش.ايه.ام.جي) والتي لها اهتمامات في مجالات من العقار الى الفنادق.
واسميك متزوج وله أربعة أطفال وهو يقول انه يقضي بعض وقته منذ الاستقالة في مشاهدة مباريات كأس العالم في كرة القدم وانه يشجع ألمانيا حيث يمتلك حصة في نادي ميونيخ 1860.
وقال اسميك «أنا اؤمن بالله وسأنتصر».