وليد الرجيب / أصبوحة

التمدد الداعشي والوحدة الوطنية

تصغير
تكبير
اتصلت هاتفياً بأحد الأصدقاء اللبنانيين الذين يتّسمون بالتحليل الواقعي للحدث، لأسأله حول الوضع الأمني في لبنان ومستوى مبالغة أو واقعية الإعلام حول الأحداث، فقال لي: «إن لبنان لم يتوقف فيه أعمال العنف منذ سنوات حتى أصبحت جزءا من حياة الناس، وخاصة في مواسم السياحة، لكن ما يحدث هذه الأيام في الفنادق الذي ربما سيتمدد إلى مناطق ومرافق أخرى قد يختلف عن الأحداث المعتادة، فرغم المظاهر الأمنية إلا أن هناك تراخياً وفوضى في السلطات، ونحن الآن ندفع ضريبة نظام المحاصصة والاستقطاب الطائفي».

وقبل أيام أعلنت الدولة الإسلامية في العراق والشام – داعش، عن قيام دولة الخلافة وبايعت أبو بكر البغدادي خليفةً للمسلمين، وكما قال لي الصديق اللبناني، فإن هذا التنظيم يتمدد ويتغلغل عن طريق مؤيديه في بلداننا، وإرسال أشخاص يبدون عاديين ليدخلوا البلاد بطرق مختلفة لا تشبه طرق العدوان الإسرائيلي المباشرة على لبنان.


في الكويت نحن في وضع لا نحسد عليه، فالخطر قريب من الحدود واستهداف أمن البلد وارد جداً، في ظل ضعف السلطتين التشريعية والتنفيذية وتفشي الفساد وتراخي القانون إزاءه، بل يتم تكريس القانون وتركيزه على ملاحقة الشباب والنشطاء من المواطنين، وكأنهم أخطر من الإرهاب، فهناك مئات من المواطنين الذين ينتظرون أحكاماً قضائية، وستستغرق المحاكمات والاستماع للشهود سنين طويلة، بينما يتم التغاضي عن المتنفذين الفاسدين الذين ينهبون أموال الشعب، ويشكلون خطراً على أمن الكويت واستقرارها، مع شلل الجهاز الإداري وانتشار السلاح وسرقته من الأجهزة الأمنية ذاتها بيد العسكريين الذين نأتمنهم على حياتنا وأمننا، والذين يقمعون أبناءنا.

وقد بدأت نغمة الطائفية تعود بقوة في الآونة الأخيرة من دون تفعيل لقانون الوحدة الوطنية، فالانقسام الطولي في المجتمع إن كان يفيد في تفتيته لمصلحة المتنفذين في السلطة وإضعاف قضيته الوطنية الأساسية، فهو في الوقت نفسه سيطول الجميع ولن يسلم منه أحد، بل لن يسلم منه بلد من بلداننا، فهاهو ماثل أمامنا في العراق وسورية ومصر ولبنان والحبل على الجرار.

لا يشعر المواطن الكويتي بالأمان، بل يترقب الخطر في ظل تراخي السلطة عن تطبيق القانون والعمل على التعبئة الأمنية لحمايته، ما دام هذا المواطن يرى ويسمع بأن الفاسد الخطر يُعطى الغطاء، بينما يطول القمع وتقييد الحرية أبناءه.

ما أنقذ الكويت من محنة وكارثة الاحتلال هو التلاحم الشعبي والالتفاف حول الشرعية، لكننا نرى هذه الأيام الهوة تتسع بين الشعب والسلطة، فالفاسدون لن يحموا الكويت، بل قد يعرضونها للخطر الخارجي، فلا مانع للسارق والفاسد من التخابر مع الخارج والتعامل مع العدو الصهيوني أو الشيطان في سبيل إشباع جشعه اللامحدود، وإهانته لشعب بأكمله واستخفافه بالقانون وسلطاته التي يعتقد أنها في جيبه، بينما يُرمى بالشرفاء والشباب المخلص في المعتقلات والسجون، وتُستخدم لقمعهم كل وسائل القمع بما فيها الرصاص الخشبي، الذي رأينا تأثير إصابته على الشباب، وفي المقابل هناك حسابات مزيفة في وسائل التواصل تضع صوراً من البلدان الأخرى بما فيها السعودية وغزة فيها حرق وسلاح وتخريب لإيهام الناس بأن من يخرج في مظاهرات للمطالبة بالحرية والكرامة، هم غوغاء ومخربون رغم أن بعضهم اعتقل عشوائياً دون أن يفعل شيئاً، فتجاوز عدد المعتقلين حتى الآن أكثر من ستين معتقلاً خلال ليلتين، وهذا العدد سيتضاعف يوماً بعد يوم، وهو أمر مخجل في دولة تدّعي الديموقراطية وحرية التعبير وخلو سجونها من المسجونين سياسياً، بل يعكس تناقضاً بين القول والفعل.

نقول قبل فوات الأوان فلنستيقظ ونحذر ونتيقظ من المؤامرات والشرارات التي ستشعل نار الفتنة وتدمر الوطن، ولتستيقظ السلطة وتحزم أمرها لإصلاح الوضع، والعودة مرة أخرى للارتكان للشعب فهو الحامي الحقيقي لوطننا العزيز الذي يعيش فوق صفيح ساخن.

وليد الرجيب

osbohatw@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي