البرلمان يفشل للمرة الثامنة في انتخاب رئيس جديد للجمهورية

لبنان «ثكن» أمنية نقالة في الحرب المفتوحة على الخلايا النائمة

تصغير
تكبير
يكاد ان يتحول لبنان الى «ثكن عسكرية» نقالة... فالمواكب المموهة للنواب بدت امس وكأنها «تتبارى» في ابتكار اجراءات التحوط وهي تشق طريقها الى مقر البرلمان في ساحة النجمة وسط بيروت، الذي اخذ شكل «القلعة الامنية» حماية لـ «تمرين انتخابي» سجل وللمرة الثامنة «رسوباً» للحياة السياسية والدستورية. فالجلسة التي كانت مقررة امس لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد 39 يوماً على خلو الكرسي رقم واحد في البلاد، ذهبت هي الاخرى في مهب التعطيل المبرمج الذي يمارسه تحالف زعيم «التيار الوطني الحر » العماد ميشال عون و«حزب الله» لاسباب مختلفة.

فالهاجس الامني، الذي يلقي باثقاله على لبنان يطغى على ما عداه من ملفات اخرى، وهو الامر الذي يظهر جلياً من خلال حال الطوارئ غير المعلنة في البلاد والتدابير الـ «ما فوق عادية» حول المقرات والمؤسسات والامكنة التي يشتبه انها كانت على لائحة «بنك اهداف» الخلايا الارهابية التي تم اكتشافها اخيراً بناء على معلومات استخباراتية اميركية والمانية، رفعت من وتيرة «الامن الاستباقي » للاجهزة اللبنانية التي اجرت تقويماً امس لحصيلة عملها في اجتماع عقد في السرايا الحكومية برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام وحضور وزيري الداخلية نهاد المشنوق والدفاع سمير مقبل. ومن يجول في بيروت وسواها من المناطق اللبنانية الاخرى يكتشف حجم «المواجهة» التي صارت مفتوحة بين الخلايا الارهابية النائمة التي بدأت بالخروج الى دائرة الضوء على وهج الاحداث في العراق وسورية والاجهزة الامنية اللبنانية التي بدت في حال استنفار قصوى... اجراءات حول مقر «الداخلية» في الصنائع، عزل مقر قوى الامن الداخلي في الاشرفية تدابير مشددة حول مقر «الامن العام » في المتحف، و»سلة» من الخطوات الوقائية تسيج سجن رومية المركزي، اضافة الى التشدد على مداخل الضاحية الجنوبية لبيروت المعقل الرئيس لـ«حزب الله».


وتستند هذه الاجراءات الى ما كشفت عنه التحقيقات مع الخلايا الثلاث المرتبطة بشبكة واحدة، والمعروفة في بيروت بخلايا (فندق) نابليون و(فندق) دي روي و(مغارة) فنيدق، وهي التي ابرزت ان سجن رومية يشكل هدفاً فعلياً للمجموعات الارهابية التي يعتقد انها تخطط لعمل امني كبير يراد منه تمكين سجناء من المتطرفين الاسلاميين من الخروج، الامر الذي دفع الاجهزة الامنية الى عزل السجن بسلسلة من الاجراءات الاحترازية تمنع الشاحنات والدراجات والصهاريج والـ»بيك اب» من عبور الطرق المؤدية اليه.

وكان مرجع امني بارز ابلغ الى «الراي» ان الاستخبارات الاميركية نقلت الى لبنان معلومات عن ان ارهابيين قد يعمدون الى استخدام شاحنة على متنها ثلاثة اطنان من المتفجرات في عملية تفجير ضخمة، وجرى تزويد السلطات اللبنانية بـ «نوع» الشاحنة المفترضة (مرسيدس او فولفو)، وهي ورقة المعلومات عينها التي ارشدت الاجهزة اللبنانية الى فرنسي جذوره من جزر القمر دخل الى لبنان واقام في فندق «نابليون»، قبل القاء القبض عليه.

وتفاخر السلطة السياسية اللبنانية واجهزتها بحصاد الهجوم الاستباقي الذي قامت به وادى الى احباط ثلاث عمليات تفجير (ضهر البيدر، مدخل الضاحية عند الطيونة، وفندق دي روي)، وهو الامر الذي دفع وزير الداخلية السعودي الامير محمد بن نايف الى تهنئة نظيره اللبناني نهاد المشنوق في اتصال هاتفي اعرب خلاله الوزير السعودي عن استعداد بلاده للتعاون الى اقصى الحدود مع لبنان في مكافحة الجماعات الارهابية.

ويواكب الوفد الامني السعودي الذي كان وصل الى لبنان اخيراً سير التحقيقات مع «الانتحاري» السعودي الذي القي القبض عليه في فندق «دي روي » بعدما قام سعودي آخر بتفجير نفسه بحزام ناسف خلال عملية دهم نفذتها الاجهزة الامنية اللبنانية لغرفة الانتحاريين.

ورغم الاطمئنان الذي تبديه السلطات اللبنانية التي تتحدث عن ان لا بيئة حاضنة للجماعات الارهابية في لبنان، وان الوضع الامني ممسوك، فان حركة مطار رفيق الحريري الدولي ابرزت ان المغادرين اكثر من الوافدين، بعكس ما كان عليه الوضع عشية عودة مسلسل التفجيرات الى لبنان قبل نحو ثلاثة اسابيع.

ولم تفلح الدعوات في بيروت الى الحاجة لكسر المأزق الرئاسي بانتخاب رئيس جديد للجمهورية واطلاق عمل المؤسسات، كواحدة من وسائل تحصين الواقعين الامني والسياسي، بدليل عدم اكتمال نصاب الجلسة الثامنة لانتخاب الرئيس التي كانت مقررة امس بسبب مقاطعة نواب «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» للجلسة التي جاء اليها نواب «14 آذار» وكتلة رئيس البرلمان نبيه بري.

واذ حدد الرئيس بري 23 الشهر الحالي موعداً لجلسة اخرى لانتخاب الرئيس، فان زواره نقلوا عنه امكان دعوته لحوارات جانبية مع رؤساء الكتل البرلمانية والمستقلين في اطار مسعى لاحداث كوة في الحائط المسدود تتيح انتخاب رئيس جديد ومن ثم ملاقاة استحقاق الانتخابات النيابية الذي صار داهماً.

بري، الذي يعتبر ان لا امكان لاجراء حوار وطني واسع لاسباب امنية وسياسية، لم يجر وعلى طريقته العماد عون في المبادرة التي اطلقها لانتخاب رئيس الجمهورية من الشعب عبر دورتين واحدة تأهيلية على المستوى المسيحي وثانية حاسمة على المستوى الوطني، اضافة الى مطالبته بانتخاب كل طائفه لنوابها.

وفي الوقت الذي فهم ان «حزب الله» لن يقول كلمته في شأن مبادرة حليفة، زعيم «التيار الوطني الحر» التي تخضع لـ«الدراسة»، استمر الهجوم العاصف لمكونات «14 آذار» على ما وصفوه بـ«محاولة عون الهروب الى الامام، فهو لا يريد ايجاد مخرج للمأزق الرئاسي بقدر ما يريد ايجاد مدخل لعبوره الى القصر الجمهوري».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي