ما الذي يقلب حياة الإنسان ما بين يوم وليلة، ليغير عاداته اليومية الراسخة في النوم والأكل والشرب والحركة واستغلال الوقت؟! إنه الاستبشار برمضان المبارك الذي سنستقبله بكل فرح وسرور بعد يومين باذن الله تعالى.
وفوق كل ذلك فان الناس يستقبلون ذلك الشهر الفضيل بالحب والشوق والاستعداد المبكر، انه امر مغروس في وجدان كل مسلم «وحبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم».
لقد وصلنا الى قمة الصعوبة في صوم ذلك الشهر حيث يصوم الناس أكثر من 15 ساعة يوميا في أشد الحر، ومع هذا فتجد حتى الاطفال الصغار يصومونه ويصبرون على الجوع والعطش فيه، ثم يصلي الناس التراويح وقيام الليل إلى الفجر.
وكثير من الناس يغلق كتبه ودفاتره اليومية ويمسك بمصحفه ليكرر الختامات طوال الشهر ، ويحضر الدروس التي تنظمها وزارة الاوقاف ليستفيد من العلم الشرعي، أما ليالي رمضان فتغمرها الفرحة ويستغلها الناس لزيارة بعضهم البعض للتهنئة وصلة اولي الارحام، والالوف منهم يتوجهون الى بيت الله الحرام لاداء العمرة.
انه انقلاب كامل في حياتنا نحن في اشد الحاجة اليه بعد عام طويل من النظام اليومي الروتيني، والانغماس في ملذات الحياة.
ان الاحداث الساخنة التي تمر على ساحتنا المحلية والعربية لتصيبنا باليأس من امكانية التحسن او بريق الامل لولا ثقتنا بالله تعالى وان الامر كله لله، وكلما مر يوم ازداد فيه تعقيد الامور، حتى لكأننا نشعر باننا اشبه بالخراف التي تنتظر دورها امام الجزار لكي تذبح، وها نحن نشاهد جيراننا الاقرب وقد تم تمزيقهم والتآمر عليهم من كل حدب وصوب.
وندرك بأنها مؤامرة كبيرة يشارك فيها دول الشرق والغرب من اجل اجهاض تلك الامة الإسلامية العظيمة وتقسيمها في ما بينهم، ونفطنا المبارك قد حولوه الى نقمة علينا.
ان قراءتنا للقرآن الكريم وتدبر آياته وقراءة تفسيرة لتعيد الثقة في نفوسنا بأن الله تعالى معنا ولن يسلمنا لاعدائنا، وان تلك الاحداث الخطيرة من حولنا ما هي الا ارهاصات للفجر الصادق باذن الله تعالى، وقراءتنا لقصص الرسل صلوات الله عليهم وتجاربهم مع اقوامهم الذين كذبوهم وحاربوهم، ثم نصر الله تعالى لهم، تلك القراءة تعزز في نفوسنا الثقة واليقين بان نصر الله تعالى آت لا محالة، وان المطلوب منا هو صدق التوكل على الله تعالى وبذل الاسباب عسى الله تعالى ان يبلغنا رمضان وان يرزقنا فيه حسن الصيام والقيام، فهو الولي لذلك والقادر عليه.
لنتذكّر
لنتذكر إخواناً كانوا معنا قبل ايام او اشهر او اعوام قليلة، واليوم قد واراهم التراب، ولندعو لهم بالثبات في قبورهم وبالمغفرة، فقريباً ما سنكون مكانهم وسنحتاج من يدعو لنا.
لنتذكر فضل الصدقة وبأنها تطفئ غضب الرب سبحانه، ولنتذكر كيف كان رسولنا صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان، وانه أجود من الريح المرسلة، ولنتذكر بان لنا اخوة في سورية دخلوا عامهم الرابع وهم تحت الحصار والجوع حتى شاهدنا صورهم وكأنهم هياكل عظمية، بينما ننتظر نحن وقت الافطار لنهجم على ألذ أنواع الطعام والشراب!!.
[email protected]