ألمانيا والبرازيل «تغلبان» إيران في الضاحية الجنوبية

تصغير
تكبير
ما عجزت عنه دول العالم منذ زمن تمكّن منه المونديال، فهو الوحيد الذي استطاع أن يوحّد اللبنانيين حول أمر ما وان كان حول الكرة المستديرة، اذ تجمع الرياضة على الأقل خلال هذا الشهر ما تفرّقه السياسة. فالبلد غير المعروف بسجلّه الرياضي الحافل، ينتظر أبناؤه الحدث الرياضي الأكبر ليكون متنفساً لهم ومهرباً من الضغوط السياسية والأمنية التي يمرون بها، ولـ «ينفّسوا» من خلاله همومهم بالتشجيع المفرط للفريق المؤيدين له.

لكن ايران حاضرة هذا العام في مونديال البرازيل 2014، بعد تأهّل منتخبها الذي قطع مشواراً مليئاً بالمنعطفات الى نهائيات بطولة كأس العالم، اثر انتزاعه الفوز في الجولة الأخيرة من التصفيات الآسيوية الحاسمة من نظيره الكوري الجنوبي في عقر داره بنتيجة 1-0.

تأهبت الضاحية الجنوبية معقل «حزب الله» لملاقاة انطلاقة المونديال بمشاركة ايران، الدولة الداعمة للمقاومة والتي تخوض «المبارزة» الكروية. واذا كانت أعلام الجمهورية الاسلامية في ايران حضرت في عدد من أحياء الضاحية، الا ان الأمر اللافت يبقى اكتساح أعلام الدول الأخرى لها التي تتدلى على الأبنية والشرفات ووسط الأحياء، ولا سيما علميْ ألمانيا والبرازيل.

وعن الحضور الخجول لاعلام ايران في منطقة الشياح قال «محمد» لـ «الراي»: «يوجد بعض الاعلام لكن بكمية قليلة، فايران ليست مشهوره بكرة القدم كغيرها من الفرق، وحتى مَن يرفعون علم ايران يفعلون ذلك أكثر لغايات استفزازية ولخلفيات سياسية وليست رياضية، فهم ليسوا مقتنعين بأداء ايران الكروي بل بأدائها الممانع، ومن هنا سيّسنا الرياضة كما سيّسنا الأخضر واليابس في لبنان» خاتماً «السر وراء تشجيع عدد كبير من سكان الضاحية للمنتخب البرازيلي هو علمه الأصفر».

ايران حاضرة في «القلب» بحسب «حسين» الذي قال ممازحاَ أيضاً «لو ما تأهلت ايران كنّا وقّفنا المونديال وحرقنا دواليب»، ويقاطعه صديقه «علي»: «تشجيع ايران تحصيل حاصل الى جانب تشجيع كل منّا لمنتخبه العالمي، فاذا كنتُ أشجع البرازيل الا أنني أتمنى وصول ايران الى النهائي وحتى فوزها بالكأس».

وفجأة «يقتحم» الشاب «محمد» الحديث على دراجته النارية ليؤكد «كله يتداخل مع كله في لبنان، السياسة تتداخل مع الرياضة، أنا «برازيلي» حتى العظم و«ايراني» الهوى، لكن ليس معنى ذلك أن نتصوّر وصول المنتخب الايراني الى مراحل متقدمة، الحقيقة تقال ايران قوية بالصواريخ وليس بالكرة».

في الشارع الآخر يقف سعيد مع أصدقائه يتبادلون الأحاديث الى جانب محل لميكانيك السيارات، وما ان سئل عن تشجيعه لايران حتى أجاب بصوت يهدر كالرعد «ألمانيا وحركة أمل والأستاذ نبيه (بري) وبس، خوش أماديد لايران، لكن أتأسف منها لا دخل لها بالرياضة»، ويضيف «ليس لدي خبرة في السياسة كل دمي لـ «أبو مصطفى» (قاصداً رئيس مجلس النواب نبيه بري) وألمانيا و«غير هيك ما في». وما ان أجاب زميله مهدي أنه يشجع الأرجنتين حتى قاطعه «نسيتَ أننا مسّحنا بهم الأرض في المونديال السابق؟!».

على باب المحل وقف «هادي» (عامل سوري) ابن السادسة عشر ربيعاً يستمع، ثم اقترب قائلاً: «أنا مع ألمانيا وحلب»، فطلب منه سعيد أن يسحب كلمة حلب ويضع بدلاً منها «الأستاذ نبيه» وعندها صرخ مهدي «أين الحرية، فليعبّر عن رأيه كما يشاء» فابتسم هادي مجيباً بسخرية «لديهم نادي الحرية أعلن انشقاقه».

من جهته، «عباس» قال ما كان يُعتقد ان من شبه المستحيل سماعه في ضاحية بيروت: «أنا أشجع أميركا ومستعد أن أرفع علمها في قلب الضاحية، كل ذلك كي أحصل على الفيزا وأخرج من هذا البلد، ولترفع ميريام كلينك علم ايران وأعدها أنني سأتنازل لها عن الجنسية الايرانية في حال حصولي عليها يوماً ما».

كونه «الفريق الاسلامي الوحيد المشترك في كأس العالم» ترفع زينب بكل فخر علم ايران على سيارتها، متمنية أن تبهر الدولة الاسلامية العالم بلعبها كما أبهرتهم بقوتها في الميادين الأخرى.

وفيما قال «أبو الفضل»: «طبعاً أشجّع ايران وكلنا بالضاحية ايرانيو الهوى»، ختم «محمد: «اذا لم يحوّل اللبنانيون مناسباتهم السياسية وغير السياسية الى معركة تنافسية، لا يشعرون بالراحة، فحتى في الرياضة يريدون أن يردّوا الجميل ويعبرون عن وفائهم الى الدولة التي دعمت خط المقاومة، وان كان بينها وبين الفن الكروي بُعد الشرق عن الغرب».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي