د. وائل الحساوي / نسمات

بالسلم نصنع المعجزات!

تصغير
تكبير
جاءني عتب من بعض المحبين من القراء الاعزاء حول ما كتبته بتاريخ 29/ 5/ 2014 بعنوان (زهورهم أقوى من دباباتكم)، والتي فهمها البعض بأنها قد يتم فهمها بأنها دعوة لاستخدام العنف من اجل الوصول الى الاهداف النبيلة ومع اني اخالف اولئك الاخوة فيما ذكروه ولا اعتقد ان احدا يمكن ان يفهم عكس ما اشرت اليه الا ان يتم تفسير كلامي تفسيرا بعيدا لم اقصده، ولأبين الامور اقول:

اولا: عنوان المقال واضح وصريح في ان الاسلوب السلمي في تغيير المنكر والذي عبرت عنه بالزهور اقوى من جميع الاسلحة والوسائل التي يستخدمها الاعداء.


ثانيا: لقد بينت في نهاية المقال أسفي الشديد لما قامت به بعض الجماعات في مصر من زج الناس في حرب غير متكافئة ضد قوات الجيش والشرطة، ما تسبب في مقتل الآلاف من الابرياء، كما بينت اسفي لمواقف بعض القيادات الدينية في مصر التي حرضت الناس على النزول الى الشوارع والتصدي للانقلاب بصدورهم العارية دون ان يدركوا المصالح الشرعية والقواعد الفقهية الواضحة للتصرف في تلك المواقف.

ومن الواضح ان ما قامت به الجماعات المذكورة والقيادات الدينية لم يكن مقاومة للانقلاب باستخدام السلاح، ولكن عن طريق الاعتصامات والمظاهرات التي نزلت الى الشارع ضد الانقلاب، ولكني اعتبرتها مظهرا من مظاهر العنف المنهي عنه في الشرع لأنه ادى الى القتل والفوضى.

وهذا هو السر في تحريم العلماء جميع المظاهر التي قد تفضي الى الفوضى والعنف مثل المظاهرات والاعتصامات!

ثالثا: لقد ضربت امثلة على استخدام الوسائل السلمية في الكثير من الدول الحديثة التي سعت لنيل استقلالها، ومنها الهند التي واجهت أبشع أنواع الاستعمار الحديث، فقاد الزعيم الهندي غاندي ثورة سلمية ضده تمثلت في تصنيع الملح محليا ومقاطعة المصانع الانكليزية التي كانت تحتكر صناعته، ورفض بيع البضائع للمستعمرين الانكليز وغيرها.

ولاحظ بأننا نتكلم عن مواجهة قوات احتلال وليس حاكما مسلما يحب شعبه ويحرص على وحدتهم!

كما ضربت مثلا بأوروبا الشرقية التي وزع المحتجون فيها زهورا حمراء على افراد الجيش والشرطة لتحييدهم ومنعهم من البطش بهم، وضربت مثلا بما فعله مارتن لوثر كنج في الولايات المتحدة الاميركية لمحاربة نظام الفصل العنصري البغيض بأن حرض اتباعه على مقاطعة ركوب الباصات التي يمارس فيها البيض نظام الفصل العنصري، وهكذا فهل يقول قائل بأننا ندعو للتمرد على نظام الدولة او ندعو للعنف؟! كلا وألف كلا!

رابعا: مازال منهجي ولله الحمد واضحا في الدعوة للسلم وترك العنف وقدوتي في ذلك هم علماؤنا الافاضل الذين وضحوا لنا الطريق الصحيح للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي تاريخنا الطويل امثلة كثيرة على ذلك، اما دعاة السلاطين الذين يفسرون كل كلمة حق وعمل حكيم بأنه خروج على الحاكم، فهؤلاء لا مجال لنقاشهم فمنهجهم يخالف الشرع الحكيم، ودعوتهم لا تستقيم مع العقل السليم. ان للسلم احكامه في الشرع الحكيم، وان للقوة احكامها، ومتى وضعنا اي شيء في غير مكانه الصحيح فإننا نتسبب في الفتن التي نشاهدها بوضوح في عالمنا الحاضر والتي تجعل الحليم حيران! اللهم ألهمنا رشدنا واهدنا سواء السبيل.

د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي