في المقال السابق ذكرنا جانبا موجزا عن المعارضة «الناعمة»، واليوم بعد أن شاهدنا وعايشنا وضع موظفو التأمينات الاجتماعية وإضرابهم بعد مطالباتهم في زيادة «حالهم حال غيرهم» وهو حق لكن الطريقة اختلف حولها الجمعان!
من وجهة نظري إن المطالبة بالمساواة والمعاملة بالمثل أمر مفروغ منه، فهو مطلب شدد على وجوبه المشرع الكويتي لكن الزمان اختلف وممارسات الجيل اختلفت!
والسؤال الذي نوجهه لوزير المالية والخدمة المدنية هو: لماذا يتجه الموظفون والنقابات إلى خيار الإضراب؟ هذا هو المطلوب بحثه من قبل أصحاب القرار ومن يهمهم الاستقرار الوظيفي وتوفير الرضا الوظيفي الذي يتولد عنه إنتاجية وتحسين في أداء العاملين والعمل المؤسسي ككل!
الموظف يشعر بالأمان الوظيفي عندما يجد التشجيع والتحفيز من قبل مسؤوليه، والقيادي يشعر براحة الضمير عندما يوفر كل متطلبات العيش الكريم للتابعين له فالموظفون بمثابة أبنائه وبناته!
القيادي لا يعتبر قياديا من غير تابعين... إذن? فهناك علاقة بينه وبين العاملين معه كفريق عمل متكامل؟ القيادي يرسم الرؤى للمؤسسة ويحولها بالتنسيق مع القياديين التشغيليين والمدراء والمسؤولين إلى أهداف محددة سنويا وعلى أثره يتم قياس أداء العاملين ويحصلون على زيادة سنوية وزيادة على مستوى الأداء!
في الكويت وتحديدا في بعض القطاعات ومنها موظفي التأمينات? ظل الموظف على راتبه وغيره لقي من الزيادات الضعف وأحيانا أضعافاً مضاعفة... وهنا تكمن المشكلة؟
لذلك? فمراجعة المشكلة وطريقة عرضها تختلف من موظف لآخر وعندما يتبع الموظف السلم الوظيفي في عرض مطالبته وصولا إلى أعلى الهرم ولم يجد اذنا صاغية فمن الطبيعي أن يشعر بأن عمله وإنتاجيته لا تجدان التقدير وهذا ربما هو نفس الشعور الذي تعرض له موظفي التأمينات الاجتماعية!
كقيادي... يفترض ? لو كنت محل قياديي التأمينات? لقمت باستقبالهم وبحث مشكلتهم قبل أن تصل إلى حد الإضراب وإن كان ما يردده الموظفون صحيحاً فلماذا لم يحصل الموظفون على زيادة كغيرهم!
غياب سياسة الباب المفتوح توصل الى ظاهرة الاعتراض «المكروه» التي لا يرغب أي قيادي صالح أن تشهدها المؤسسة التابعة له!
كل شيء مخالف للأطر الإدارية يعتبر مكروها... لكن إذا لم يتم تفعيل الأطر الإدارية الصالحة المغلفة بالعدالة والمساواة حينئذ يعتبر المكروه محمودا ومشروعا للموظف المتضرر.
إن نماذج الاعتراض الروتينية معمول بها لكن واقع الحال يقول بأن الأنفس التي تتعامل معها لا تبحثها على النحو المطلوب فتدخل عوامل عدة تؤثر فيها مثل الكيمياء الشخصية وقرب الموظف من القيادي والعلاقات الاجتماعية والنفوذ والواسطة! وقس على هذا الواقع مختلف الأمور محل الخلاف بما فيها الوضع السياسي غير المستقر... السبب واحد وهو اننا لم نفهم وبالأحرى لم نتقبل بعضنا البعض... فكل فريق يريد بسط رؤيته ولا توجد مسطرة واضحة لمعالجة القضايا وعندما تترك لعامل الزمن والتكتيكات نجد المحصلة في حالة فوضى تتوقع منها غير المتوقع!
نريد وضوحا في المعالجة... نريد قياديين «صح»... نريد تطبيقا للقانون على الجميع من دون استثناء سواء على مستوى العمل المؤسسي أو القضايا التي تعاني منها الساحة السياسية والاجتماعية.. والله المستعان!
[email protected]Twitter : @Terki_ALazmi