حكومة لبنان تبحث اليوم إدارتها مرحلة الشغور

«14 آذار» وجنبلاط لن يسكتا عن «الاستفزاز» الانتخابي السوري

تصغير
تكبير
تستعدّ حكومة الرئيس تمام سلام لمواجهة صفحة جديدة من مسؤولياتٍ فرضها عليها «عهد الفراغ» الرئاسي بعدما آلت اليها صلاحيات رئاسة الجمهورية بفعل تَعذُّر انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية.

ومع مرور خمسة أيام بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، تعقد الحكومة اليوم الاجتماع الاول الذي أعدّ سلام جدول أعماله بموضوع أساسي هو التوافق مع الوزراء على إدارة مرحلة الشغور الرئاسي وترتيب إجراءات العمل الحكومي والتحضير لجداول أعمال مجلس الوزراء وتالياً رسْم حدود الصلاحيات التي ستتحرّك من ضمنها الحكومة دستورياً وواقعياً.


ويأتي الاجتماع الاول لمجلس الوزراء بعد الشغور الرئاسي وسط تفاعلات واسعة وحادة لقضيّتيْن شغلتا المشهد الداخلي: الاولى تتعلق بالطابع المفاجئ الذي اتخذته عملية انتخاب اللاجئين السوريين في لبنان في السفارة السورية في منطقة اليرزة امس واول من امس، والثانية تفاقُم التداعيات المرتبطة بمشكلة سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام والمعلمين والأساتذة.

وفي الملف الاول، بدا من الصعوبة بمكان تجاوُز الآثار الشديدة السلبية التي أثارها مشهد استفزازي لعشرات آلاف اللاجئين يتدفقون طوال يومين على السفارة السورية ويحدثون اختناقات مرورية حاصرت العاصمة، ناهيك عن اثارة الاستفزازات في رفع صور الرئيس السوري بشار الأسد عبر تظاهرات جوالة في مناطق مختلفة بمشاركة قوى حزبية من فريق 8 آذار.

وقالت مصادر وزارية من فريقيْ 14 آذار وكتلة النائب وليد جنبلاط أمس لـ «الراي» ان هذين الفريقين لن يسكتا وسيثيران هذا الاستفزاز في الجلسة الحكومية اليوم وسيطالبان بضرورة اتخاذ تدابير وإجراءات من وحي الوقائع المكشوفة التي اثبتت أمريْن على الأقل: الاول التوظيف السياسي المتعمّد لهذه الانتخابات من اجل توجيه رسائل سياسية في اتجاه جهات لبنانية مناهضة للنظام السوري الامر الذي لم يُواجه بالحزم الكافي من السلطات الأمنية والسياسية المعنية. والأمر الثاني انكشاف ملف اللجوء السوري في ما يُعتبر فضيحة حقيقية لجهة وجود عشرات آلاف السوريين ممن لا تنطبق عليهم صفة اللاجئين الفعليّين. وهذان الأمران مرشحان للتفاعل بقوة داخل الحكومة بعدما أثارا ردود فعل سياسية وشعبية وإعلامية حادة طوال اليومين الماضيين.

اما في الملف الثاني ورغم ان مشكلة سلسلة الرتب والرواتب لا تزال عالقة لدى مجلس النواب، فان الحكومة ستجد نفسها امام تداعيات خطيرة لا يمكنها تجاهلها مع اعلان هيئة التنسيق النقابية الإضراب وتعطيل الامتحانات الرسمية للشهادات وتهديد السنة الدراسية اعتباراً من السابع من يونيو المقبل.

وتقول أوساط وزارية لـ «الراي» ان هذين الملفين يشكلان نموذجيْن متقدميْن من نماذج الاستحقاقات التي ستواجهها الحكومة في المرحلة الطالعة، ولكن الاختبار الأساسي التي ينتظره الجميع يتعلق بمدى الانسجام والتوافق الذي سيظلّل قرارات مجلس الوزراء بعدما انتقلت اليه صلاحيات الرئاسة وخصوصاً ان بقدرة اي وزير من الان فصاعداً ان يعرقل اي قرار لان كل القرارات يجب ان تحظى بتواقيع جميع الوزراء.

ولفتت الاوساط نفسها في هذا الإطار الى ان ثمة ترقباً من جانب كل فريق للفريق الآخر لمعاينة اذا كان قرار الحفاظ على التماسك الحكومي سيبقى سارياً ام انه سيتعرّض للاهتزاز عند اول هبّة خلافية. وإذ أشارت الى التزام وزير الداخلية نهاد المشنوق الصمت عما جرى في شأن انتخاب اللاجئين السوريين والذي يُعتبر تحدياً لقرارٍ سبق له ان أصدره بمنع التجمعات الكبيرة السياسية للاجئين، اعتبرت ان هذا الصمت شكل مؤشراً الى استمرار سريان قرار منْع الاهتزازات الحكومية في الظرف الحالي ولكن من دون ان يعني ذلك ضماناً ثابتاً طويلاً. وقالت ان الاتصالات التي اجريت قبل انعقاد مجلس الوزراء اليوم أفضت الى تأكيد ان القوى المسيحية الممثلة في الحكومة من فريقيْ 14 آذار والعماد ميشال عون ملتزمان المضي في الحكومة وعدم تعريضها لأيّ مشكلة، لكن وزراء هذه القوى سيغدون متشددين في رفض اي اجراء يوحي بتكريس صلاحيات واسعة للحكومة وسيطالبون بحصر الصلاحيات بإطارٍ لا يعطي الانطباع بأيّ تكيّف طويل مع الفراغ الرئاسي.

وكان الرئيس سلام الذي أبلغ الى الوزراء انه يرفض ان يشاركه أحد في وضع جدول أعمال مجلس الوزراء وزّع هذا الجدول على الوزراء قبل 72 ساعة وليس 48 ساعة كما جرت العادة، وسط تقارير أشارت الى انه حمل عنوان «مشروع جدول الاعمال» وذلك من اجل اتاحة الفرصة لكل وزير بمَن يمثل لإبداء الرأي في الجدول بديلاً مما كان يحصل خلال وجود رئيس الجمهورية فيعدّ الجدول بالتنسيق بين رئيسيْ الجمهورية والحكومة.

وكان لافتاً في سياق متصل الدخول الاميركي العلني الاول من نوعه على خط الاستحقاق الرئاسي منذ بدء «ولاية الشغور»، اذ اعلن السفير ديفيد هيل في بيان له ان «من المؤسف ان الانتخابات الرئاسية في لبنان لم تحصل في الوقت المحدد وفق الدستور»، موضحاً ان بلاده «تشجع البرلمان اللبناني كما فعلت دائما على انتخاب رئيس جديد في أسرع وقت». واضاف: «تواصل الولايات المتحدة شراكتها القوية مع الشعب اللبناني وقادته ومع مؤسسات الدولة لتعزيز اهداف السلام والاستقرار لمساعدة لبنان على تطبيق الالتزامات الدولية وعزل نفسه عن الصراعات في سورية»، شاكراً «جهود الرئيس السابق ميشال سليمان وقيادته القوية والحكيمة في الاوقات الصعبة التي مر بها لبنان والتزامه العلاقات القوية بين البلدين».

«الزحف الانتخابي» السوري تواصل في لبنان والمفوضية تلقت تقارير عن تهديدات للاجئين

| بيروت - «الراي» |

بقيت السفارة السورية في لبنان، امس، محطّ الأنظار بعدما اضطرّت تحت وطأة «زحف» النازحين للتصويت في الانتخابات الرئاسية السورية الى تمديد فتح صناديق الاقتراع حتى منتصف ليل امس، على ان يتاح لمّن تعذّر عليه التصويت في السفارة القيام بهذه المهمة في 3 يونيو على الحدود اللبنانية - السورية في المصنع والمعابر الحدودية الأخرى.

وأتاحت الإجراءات التي اتخذتها القوى الامنية امس تفادي تكرار مشهد الأربعاء حيث «أسر» عشرات آلاف السوريين الذين تقاطروا الى مقر السفارة في اليرزة شرق بيروت آلاف اللبنانيين الذين علقوا في سياراتهم نتيجة دفق اللاجئين الذين جاء قسم كبير منهم في مواكب سيارة وباصات ونفذوا «عراضة» تأييد للرئيس بشار الأسد.

وكما في الجولة الاولى من الاقتراع كذلك في الثانية حضر النازحون رافعين صور الاسد وعلم بلادهم، وسط تفاعُل هذه «المشهدية» التي بدا واضحاً انها «منظمة ومبرْمجةً»، والتي قوبلت باتهامات بانها اتكأت على عملية ترغيب وترهيب لقسم من النازحين وتخويفهم من اجراءات تراوح بين تعريضهم للملاحقة او امتناع السلطات السورية عن اعطائهم اذونات دخول وخروج او جوازات سفر، وبأنها «مسرحية» اعادت الى الاذهان «ممارسات النظام الامني السوري وشبيحته وبلطجيّته ابان الوجود العسكري في لبنان» كما عبّر قادة ونواب في 14 آذار التي ذهب امانتها العامة الى اعلان ان «الاستفزازات التي قام بها السوريون الموالون للنظام في لبنان تحت ذريعة المشاركة في التصويت أوضح دليل على انهم غير مهددين بأمنهم، وتاليا فإن صفة النزوح لا تنطبق عليهم»، مطالبة «الحكومة اللبنانية بالعمل على ترحيلهم فورا إلى بلدهم».

في المقابل، لم تتوان قوى 8 آذار اللبنانية وحلفاء دمشق في بيروت عن قراءة «بحر المقترعين» على انه «قيمة مضافة» تعزز موقف النظام في مواجهة جبهة المعادين له وصولاً الى اعتباره «بمثابة طبعة سورية معكوسة من تظاهرة 14 مارس 2005 التي جمعت في ساحة الشهداء معارضي دمشق، بل إن ما جرى يكاد يكون رداً بمفعول رجعي على الخروج المهين للجيش السوري من لبنان بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري».

وبين هذين الحديْن، اعتبر السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي أن «المواقف التي صدرت بخصوص عودة السوريين الذين صوتوا للرئيس بشار الأسد إلى مناطقهم، تُربك من أطلقها وتتناقض مع دعوة إنقاذ وإيواء الشعب السوري»، لافتاً إلى أن «حجم الإقبال الذي شهدته السفارة السورية هو اقتراع سياسي وموقف له دلالة يجب أن يعنى بها المحللون السياسيون».

اما المفوضة السامية للامم المتحدة للاجئين نينيت كيللي فكشفت في حديث صحافي وفي اطار تعليقها على زحف اللاجئين السوري الى السفارة ان المفوضية تلقت تقارير «تفيد أن هناك لاجئين شعروا بأنهم في وضع غير آمن مع اقتراب موعد الانتخابات في سورية كما انه جرى تشجيعهم على التصويت فشعروا بأنهم غير مرتاحين الى سلامتهم». وقالت ان «شعور لاجئين بأن أمنهم معرض للخطر هو موضع قلق بالنسبة الينا».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي