مقال
آثار النظام صورته!
لو لم يجرِ ما جرى في ليبيا حتى الآن، لقام الشك في كل ما قيل وكُتب عن نظام معمّر القذافي الإلغائي، وعن الأنظمة الشمولية المماثلة له!
فأنظمة الإقصاء والإلغاء تعني، عملياً، تهميش ومحو مختلف الطاقات والإمكانات والآراء والاجتهادات لصالح فرد وذيوله. تعني تعطيلاً كاملاً مدمّراً لأي فعالية منتجة مثمرة، وتخريباً لكل نافع مفيد لصالح مصالح فرد وذيوله.
وبهذا المسار لن تكون ثمة هيئات ومؤسسات وتجمّعات وفعّاليات، وكتحصيل حاصل لن تنشأ أحزاب وقوى وتيارات تمارس مهامها التي من أجلها تكوّنت، وإنْ أراد الاستبداد إظهار هياكلها، فستكون كسيحة لا عمل لها، ولا قدرة لعمل لديها.
هكذا، أُعدمت الحياة في ليبيا!
أعدمها نظام القذافي، وفرّغها من محتواها، وأهدر إمكاناتها وطاقاتها الفكرية والسياسية والفنية، وكذا المهنية والتجارية والصناعية والزراعية بحيث لم يعد يعرف العالم، ولا تابع، غير القذافي وأبنائه وأقاربه ودائرة المحيطين به والتابعين له!
صُحِّرت الحياة في ليبيا زمن القذافي بكل تنوعها وألوانها وأشكالها على مدار ما يزيد على أربعين عاماً، ثم ثار الشعب فأسقط الحاكم.
ما عساه ما يكون المشهد من بعده؟! وما المُنتظر- عملياً لا أحلاماً وردية وأمنيات- أن تكون عليه حال ليبيا بكل ما فيها ومن فيها سوى ما نعاينه، وتعاني منه ليبيا اليوم؟!
فالديموقراطية، والرأي الآخر، والمواطنة، والحريات، وتداول السلطة، وكل ما يلحق بالمعاني السابقة ليست بضاعة تستورد لتوزّع كحياة على أرض دُمرت فيها الحياة.
مَنْ وُلد يوم تولّى القذافي السلطة صار اليوم رجلاً بالغاً وخلفه توالت أجيال، تربّوا كلهم على نهج الإقصاء والاستبداد والاستئثار وعدم القبول بالرأي الآخر. كيف لشعب كُمّمت أفواه أبنائه، وكُبّلت أيديهم وأرجلهم طوال أربعين عاماً ويزيد، أن ينهضوا نهضة رجل واحد، ويتآلفوا، ويتفاهموا، ويعملوا معاً لبناء البديل؟
سقوط الطاغية بداية الرحلة الطويلة لمواجهة التخريب في النفوس والبلاد. لمواجهة الآثار المتخلّفة عن الطغيان. وهي آثار مهولة، مرعبة، نشهد فصولها في غير بلد عربي. فإذا كانت الأميّة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية قد فُرضت فرضاً على شعبٍ لعقود، فإن محوها يحتاج إلى زمن أقلّه زمن فرض الأمية.
ما نشهده اليوم ـ في اعتقادي ـ ليست صورة فصائل ومجموعات وقوى واتجاهات متنابذة متصارعة، بل صورة الماضي الاستبدادي الإقصائي حاضراً وعارياً! صورته الحقيقية، وممارساته الحقيقية، وتخريبه الحقيقي! الآن نتعرّف إلى الوجه العاري السافر لنظام الإقصاء الذي كان.
في الماضي، حين كان النظام قائماً كانت الستائر تحجبه عنّا على نحو ما. النظام اليوم عار. هذي صورته، وهذي آثاره المدمّرة، وهذا استبداده من غير ماكياج إعلامي كاذب. هذا هو الخراب الذي أنجزه في فترة سلطته، وهو الجريمة المروّعة لكل نظام استبدادي.
بناء حياة تعددية، ديموقراطية، عادلة في أي بلد يحتاج إلى كوادر مارسوا الحياة السياسية على نحو علني قبلاً، وتدرّبوا على مفردات بناء الدولة، وخبروا كيفيات النسيج الاجتماعي المعافى، وإلا، فكيف يبني منْ لم يمارس ويجرّب ويراكم الخبرة والمعرفة نظاماً سياسياً بديلاً، وبلداً معافى من التشوّهات؟!
فأنظمة الإقصاء والإلغاء تعني، عملياً، تهميش ومحو مختلف الطاقات والإمكانات والآراء والاجتهادات لصالح فرد وذيوله. تعني تعطيلاً كاملاً مدمّراً لأي فعالية منتجة مثمرة، وتخريباً لكل نافع مفيد لصالح مصالح فرد وذيوله.
وبهذا المسار لن تكون ثمة هيئات ومؤسسات وتجمّعات وفعّاليات، وكتحصيل حاصل لن تنشأ أحزاب وقوى وتيارات تمارس مهامها التي من أجلها تكوّنت، وإنْ أراد الاستبداد إظهار هياكلها، فستكون كسيحة لا عمل لها، ولا قدرة لعمل لديها.
هكذا، أُعدمت الحياة في ليبيا!
أعدمها نظام القذافي، وفرّغها من محتواها، وأهدر إمكاناتها وطاقاتها الفكرية والسياسية والفنية، وكذا المهنية والتجارية والصناعية والزراعية بحيث لم يعد يعرف العالم، ولا تابع، غير القذافي وأبنائه وأقاربه ودائرة المحيطين به والتابعين له!
صُحِّرت الحياة في ليبيا زمن القذافي بكل تنوعها وألوانها وأشكالها على مدار ما يزيد على أربعين عاماً، ثم ثار الشعب فأسقط الحاكم.
ما عساه ما يكون المشهد من بعده؟! وما المُنتظر- عملياً لا أحلاماً وردية وأمنيات- أن تكون عليه حال ليبيا بكل ما فيها ومن فيها سوى ما نعاينه، وتعاني منه ليبيا اليوم؟!
فالديموقراطية، والرأي الآخر، والمواطنة، والحريات، وتداول السلطة، وكل ما يلحق بالمعاني السابقة ليست بضاعة تستورد لتوزّع كحياة على أرض دُمرت فيها الحياة.
مَنْ وُلد يوم تولّى القذافي السلطة صار اليوم رجلاً بالغاً وخلفه توالت أجيال، تربّوا كلهم على نهج الإقصاء والاستبداد والاستئثار وعدم القبول بالرأي الآخر. كيف لشعب كُمّمت أفواه أبنائه، وكُبّلت أيديهم وأرجلهم طوال أربعين عاماً ويزيد، أن ينهضوا نهضة رجل واحد، ويتآلفوا، ويتفاهموا، ويعملوا معاً لبناء البديل؟
سقوط الطاغية بداية الرحلة الطويلة لمواجهة التخريب في النفوس والبلاد. لمواجهة الآثار المتخلّفة عن الطغيان. وهي آثار مهولة، مرعبة، نشهد فصولها في غير بلد عربي. فإذا كانت الأميّة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية قد فُرضت فرضاً على شعبٍ لعقود، فإن محوها يحتاج إلى زمن أقلّه زمن فرض الأمية.
ما نشهده اليوم ـ في اعتقادي ـ ليست صورة فصائل ومجموعات وقوى واتجاهات متنابذة متصارعة، بل صورة الماضي الاستبدادي الإقصائي حاضراً وعارياً! صورته الحقيقية، وممارساته الحقيقية، وتخريبه الحقيقي! الآن نتعرّف إلى الوجه العاري السافر لنظام الإقصاء الذي كان.
في الماضي، حين كان النظام قائماً كانت الستائر تحجبه عنّا على نحو ما. النظام اليوم عار. هذي صورته، وهذي آثاره المدمّرة، وهذا استبداده من غير ماكياج إعلامي كاذب. هذا هو الخراب الذي أنجزه في فترة سلطته، وهو الجريمة المروّعة لكل نظام استبدادي.
بناء حياة تعددية، ديموقراطية، عادلة في أي بلد يحتاج إلى كوادر مارسوا الحياة السياسية على نحو علني قبلاً، وتدرّبوا على مفردات بناء الدولة، وخبروا كيفيات النسيج الاجتماعي المعافى، وإلا، فكيف يبني منْ لم يمارس ويجرّب ويراكم الخبرة والمعرفة نظاماً سياسياً بديلاً، وبلداً معافى من التشوّهات؟!