د. وائل الحساوي / نسمات

انتخابات... ومسرحيات!

تصغير
تكبير
الانتخابات هي أفضل وسيلة اخترعها الإنسان لمعرفة آراء الناس واختيارهم، ومتى ما كانت الانتخابات نزيهة فان الوصول إلى النتائج تجري بيسر وسهولة، ولكن كثيرا ما يحدث التزوير في الانتخابات من وراء الابواب المغلقة حتى ولو كانت الانتخابات في ظاهرها نظيفة وتحت مرأى ومسمع المراقبين الدوليين ورجال الشفافية والنزاهة.

تجري في هذه الايام العديد من مظاهر الانتخابات في بلدان العالم لتحسم الجدل بين المرشحين ولتوصل من يستحق الفوز إلى سدة الحكم.


فانتخابات البرلمان الاوروبي التي انتهت للتو، والتي تمثل اكبر عملية انتخابية في العالم يشارك فيها 380 مليون ناخب اوروبي من 28 دولة، وقد وصفها المحللون بانها عبارة عن زلزال عنيف قلب الموازين، فعلى سبيل المثال فقد اكتسحت (ليبون) اليمينية المتطرفة كثيرا من الاصوات ووضعت الرئيس الفرنسي في حرج شديد، بينما أقصى حزب الليبرالي البريطاني حزبي العمال والمحافظين، كذلك فان فوز العديد من الاحزاب اليمينية الاوروبية والتي ترفع شعار وقف الهجرة إلى أوروبا، هذا الفوز سيضع الاوروبيين على المحك وسيضطرهم إلى تقليص الهجرة استجابة لرغبات شعوبهم، بل وسنجد منهم تكشيرا عن انيابهم امام الاجانب الذين جاءوا لطلب الرزق عندهم بأبخس الاثمان، وستشهد اوروبا حركات عنصرية متطرفة كما شهدت بروز الفاشية والنازية والاشتراكية من قبل!!

مساكين مواطني دول الخليج الذين تمثل سفراتهم إلى اوروبا (المن والسلوى) لتلك الدول حيث ينفقون الملايين على اقامتهم وترويحهم ولا يضايقون الاوربيين في شيء، سينالهم الغضب والمعاملة السيئة اسوة بالمهاجرين الآخرين!!

على الضفة الاخرى من العالم نشاهد انتخابات رئاسية لبلدين عربيين مهمين لكن من دون مظاهر للتنافس، والسبب هو ان النتيجة محسومة سلفا وان الكل يعلم من سيفوز في الانتخابات السورية والمصرية، ولكن لزوم المهنة والتشويق يتطلب تلك المظاهر الديكورية لاقناع الناس بأهمية المنافسة.

وقد حرصت الحكومات في مصر وسورية على حث الناس على التوجه إلى صناديق الاقتراع بجميع الوسائل الممكنة حتى لا تنكشف اللعبة اما على الضفة الغربية في اوكرانيا، فقد جرت انتخابات رئاسية نظيفة فاز فيها (ملك الشيكولاتا) (الملياردير بروشنكو) بأكثر من نصف أصوات الناخبين، وهو من اقوى الموالين للغرب، وبذلك طوى صفحة خضوع اوكرانيا لروسيا - طبعا بعدما وعد بوتين باحترام النتائج - ولكن لا نتوقع ان يسكت بوتين على هزيمته النكراء في البلد الوحيد الذي لا يزال خاضعا لمنظومته البوليسية.

ويحق لنا أن نسأل الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا عن سر انتصارهم على روسيا في واحدة من أعقد الازمات التي مرت على اوروبا في القرن الحادي والعشرين، والتي من الواضح ان سببها الرئيسي هو العقوبات الاقتصادية المؤلمة التي فرضوها على روسيا وتحمير العين، كما يحق لنا ان نسأل: لماذا لم نشاهد ربع تلك الضغوط على روسيا فيما يتعلق بالمأساة السورية التي يتشدقون بابداء تأييدهم لها، والاستنكار على روسيا والصين وإيران لمواقفهم المتحيزة ضدها!!

الظاهر هو ان كلام الإمام الشافعي ينطبق عليها:

فما كل من تهواه يهواك قلبه

ولا كل من صافيته لك قد صفا

ولا خير في خل يخون خله

ويلقاه من بعد المودة بالجفا

مازلنا نتابع المشهد الانتخابي الحقيقي والهزلي في العالم من اجل معرفة ما يدور خلف الكواليس.

د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي