د. وائل الحساوي / نسمات

إن الأفاعي وإن لانت ملامسها...!!

تصغير
تكبير
جزى الله خيرا سمو أمير الكويت على مبادرته بتنظيم زيارة لطهران مطلع شهر يونيو المقبل، وهذا هو دأب امير البلاد بايثار المصالحة على الخصومة ومد يد التعاون مع الجميع، وقد قام بزيارة بغداد قبل سنتين لتحسين العلاقة مع النظام ومع الشعب العراقي، تذكرت زيارة الشيخ سعد - رحمه الله - عام 90 الى السعودية للتفاهم مع النظام العراقي، وقد رجع الى الكويت ليجد بأن صدام حسين قد رد التحية بأحسن منها، واحتل البلاد مباشرة!!

لكن كما يقول المثل الكويتي «تسوّي خير وارمه في البحر، وعند الله ما يضيع» علقت وزارة الخارجية الايرانية على زيارة الامير بأنها تعكس انفراجه جديدة بين ايران ودول مجلس التعاون الخليجي، وستكون الزيارة ايذانا بفتح صفحة جديدة في العلاقات الايرانية - الكويتية.


بالطبع فلا يمكن تصديق هذه المزاعم الايرانية، فإيران ترى نفسها اليوم دولة عظمى في منطقة الشرق الاوسط، وتعيش احلام التفوق والعلو لاسيما بعد انتصاراتها الوهمية في سورية على شعب ضعيف محاصر لا يملك حتى السلاح المطلوب للدفاع عن نفسه!!

يذكر الكاتب (عبدالرحمن الراشد) في جريدة الشرق الاوسط ردا على مبادرة السعودية تجاه ايران «العلاقة السعودية - الايرانية هي الاسوء في ثلاثين عاما، حيث تتصارع الدولتان بشكل غير مباشر في سورية والعراق واليمن والسودان والبحرين ولبنان، وفي تصوري ان ايران ليست مستعدة بعد لأي مصالحة وبالتأكيد لا يمكن الوثوق في اي تعهدات تقدمها».

ويبرر الكاتب كلامه بأن سبب المشكلة هو في عدم حسم الصراع الداخلي الايراني والذي تعكسه تصريحات قادة ايران المتناقضة والمتكررة والجزء الآخر، والاخطر، يعود الى قناعة القيادة العسكرية الايرانية بأنهم ينتصرون ميدانيا في غياب الولايات المتحدة ميدانيا، وتراجعها عن العقوبات الاقتصادية، وركونها الى التفاوض على البرنامج النووي.

ويخلص الراشد الى ان السعودية - في غرفة التفاوض - ستكون الطرف الاضعف، ودخلوها الغرفة بحد ذاته سيعزز مكانة الصقور داخل ايران، وسيعطي رسالة خاطئة للعديد من الاطراف العربية التي تصارع وكلاء ايران في مناطقهم، والاسوأ من ذلك ان أي علاقة مع صقور ايران ستعزز قناعات البيت الابيض بضرورة التعاون مع ايران!

ذكرت صحيفة (وول ستريت جورنال) الاميركية ان ايران تقوم بتجنيد آلاف اللاجئين الافغان - الهازار - للقتال الى جانب القوات النظامية في سورية، وان الحرس الثوري يدربهم، بينما توفر لهم طهران امكانية تسجيل اطفالهم في المدارس هناك، وتقدم لهم بطاقات خيرية اضافة الى دفع رواتب شهرية بقيمة 500 دولار للفرد، وتوفير سكن لعائلاتهم.

سألت احد المتخصصين في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط عن سبب الاهتمام الأميركي المتزايد بايران بالرغم من تكشيرها عن انيابها الاستعمارية في المنطقة، فقال لي: ان الولايات المتحدة تحرص دائما على الحوار والتفاوض مع كيانات لها واقع على الارض ويمكن التفاهم معها، وهو ما وجدته في ايران، بينما دول الخليج - وللاسف - ليس لديها حتى كيان واحد او كلمة موحدة بل شاهدنا وزير الدفاع الاميركي هيجل - في زيارته لمنطقة الخليج - اكتفى بالاجتماع مع وفد من دول الخليج وليس مع كل دولة على حدة، واكتفى بتوزيع صكوك الطمأنة لتلك الدول بأن الولايات المتحدة لن تتخلى عنهم اذا ما تعرضت دولهم للتهديد الخارجي!!

فإذا كان هذا هو واقعنا، فلا نلومن غيرنا على اسقاطنا من حساباته، فنحن كما قال الشاعر:

ومن ضمّ في جنبيه قلب نعامة

فلا ينتظر إلا وثوب الضراغم!!

د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي