الإنسان يبلغ سن الرشد... منهم من تكتمل شخصيته بحالة من الرشد والكثير تجدهم مع كبر سنهم يقل مستوى الرشد عندهم إلى مستوى سلوكي أشبه بسلوك المراهق الذي تحركه الأهواء يمنة وشمالا!
من جانب فلسفي... أنت تبحث عن حقيقة مفهوم سن الرشد لأن الفلسفة تعني البحث عن الحقيقة.
لا تستطيع بأي حال من الأحوال أن تجد صديقا تتطابق رؤيته معك 100 في المئة ... فطبيعة البشر تختلف لكن هناك خصالا رئيسية تستطيع على ضوئها تحديد الصديق القريب من صديق «سلام واحترام وبس»!
يعني إذا كنت من الباحثين عن النزيه. الصادق، الأمين والمتسم بالشفافية بعيدا عن المصالح فهذا حسب ثقافة الغالبية المطبقة يشير إلى انك، لن تستطيع الحصول على أصدقاء من هذه النوعية إلا بعد عناء!
فالسواد الأعظم في هذه الأيام يأتيك لمصلحة انتخابية، أو لتقلدك منصبا رفيعا أو ليقال إنه يعرف «فلان»!
هذه النوعية من الأصدقاء وإن رأيتهم من حولك... فهم وبعد انتفاء الغرض الذي أوصلهم إليك وتركك المكان والكرسي الوثير... تجدهم «باح» منفضين من حولك!
والسؤال عما إذا كانت للصداقة قيمة مضافة؟ سؤال نحن أحوج إليه في زمننا الحاضر الذي غلبت على مجرياته دوافع المصالح والصداقة الشكلية... فمعظم من حولنا لا يمثلون سوى ظاهر الصداقة الشكلي الذي لا يضيف لك إضافة تنفعك وقت الحاجة!
لقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف «الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل»، ولهذا السبب حرص الباحثون في علم القيادة على أهمية اختيار القيادي للتابعين له فإن كان على خلق واستفتى قلبه بحيادية مطلقة ودون مؤثرات جانبية فهو عندئذ قد اختار الأمثل بالضبط كما يختار أصدقاءه وبالتالي يتمكن القيادي من أخذ الإستشارة الصحيحة التي تعينه في اتخاذ القرار الصائب!
الحاصل إننا لا نختار المحيط الذي نعيش في جوانبه ولا نملك القدرة على استشعار القادم من الأيام المقبلة.. إنها بيد مصرف قلوب العباد رب كريم لطيف بعباده!
نحن نعيش «زمن الرويبضة» وزمن يوسد فيه الأمر لغير أهله ولا نحتاج إلى استدلال، فالمقالات التي ذكرناها من قبل بسطت مساحة كافية تؤكد بالأمثلة انه زمن غابر مختلف واختلافه رافقه السوء في حسن اختيار القياديين وأصحاب القرار أضحوا مقيدين بمفاهيم خاطئة عند تكوين الحالة المعنوية لحظة اختيار القيادي لمنصب ما وهو ما نتج عنه الخلل والفشل في معظم شؤون الحياة!
لا تستغرب إن كنت صاحب مبادئ وفكر عندما تجد نفسك معزولا قسرا ولا يستأنس برأيك... واستغرابك هذا لا يعني استسلامك للوضع الفاسد الذي لم يعلن عن اسم فاسد فيه... فتمسك بمبادئك ولا تخسر الجولة وإن خسرت الفرص فالله عز شأنه يغير الحال إلى حال في طرفة عين!
يبقى للصداقة قيمة مضافة لكنها تصعب على المتمسكين بالقيم الأخلاقية السليمة، فالبحث عن صديق يملك أبجديات الصديق «الصح» أشبه بالبحث عن حبة في بحر هائج أمواجه تعتليها المصالح وخلافها من الدوافع التي جعلت كلمة الصداقة شبيهة بكلمة السر للوصول إلى حاجة في نفس يعقوب!
مختصر القول، اللهم هب لأولياء الأمر ولأحبتنا من أصحاب القرار جميعا البطانة الصالحة التي تعينهم على تغيير نمط معيشتنا وسلوكياتنا إلى أوضاع أفضل تتسم بالإنتاجية وحسن الاستشارة والقرار الذي يخدم البسطاء... والله المستعان!
Twitter : @Terki_ALazmi
[email protected]