من «بريح» ملف المصالحة المسيحية - الدرزية... يستريح

جنبلاط «ودّع» سليمان بـ «يوم تاريخي» في الشوف

تصغير
تكبير
• جنبلاط استبدل خطأ اسم ميشال سليمان بميشال عون فاعتذر «على قدر ما نحلم بعون ولكن ليس ليأتي رئيساً»

• شبطيني استبدلت اسم شيخ عقل الموحدين الدروز نعيم حسن بـ... نعيم قاسم
تقاطعت 3 رسائل بالغة الدلالات في «اليوم التاريخي» الذي عاشته منطقة الجبل انطلاقاً من «بريح» (الشوف) التي كانت «آخر عنقود» القرى التي «يستريح» مع إنجاز المصالحة المسيحية - الدرزية فيها ملف المهجّرين والعودة المفتوح منذ زمن الحرب الاهلية والذي أُقفل على مراحل كان ختامها يوم امس.

والرسائل هي: اولاً حرص الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط على تحويل مناسبة ختم جرح بريح - البلدة الاولى التي دفعت ثمن الحرب الأهلية في الجبل والأخيرة تصل اليها المصالحة - الى «وداع» للرئيس اللبناني ميشال سليمان مع توجيه تحية إنصاف له قبل سبعة ايام على انتهاء ولايته الرئاسية و«تجيير» إنجاز المصالحة له، ثانياً تأكيد التمسك بالعيش المشترك واستكمال المصالحة المسيحية - الدرزية التي أرسى ركائزها في اغسطس 2001 البطريرك السابق الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، وثالثاً اعلان «الثبات» على نهج الوسطية الذي شكّل «البك» (جنبلاط) و»سيّد بعبدا» (سليمان) ركيزتاه في الاعوام الاخيرة والذي أرسى توازناً مختلفاً في لبنان «المنشطر» بين فريقيْ 8 و 14 آذار المتوْضعين على «خط الانقسام» الاقليمي الحاد في المنطقة بين السعودية وايران.


كل شيء في الجبل امس، أوحى ان مصالحة بريح التي كان مهّد لها «البروتوكول» الذي اُنجز العام 2010 في مقر الرئاسة الصيفي في بيت الدين في حضور سليمان وجنبلاط، هي أبعد من مجرّد إنهاء ملف كان عالقاً بسبب أزمة «بيت الضيعة» (قاعة تقام فيها المناسبات الإجتماعية لدى طائفة الموحدين الدروز) الذي بُني العام 1992 على املاك المسيحييّن وعلى بُعد أمتار قليلة من كنيسة مار جرجس المهدّمة كلياً.

فطبيعة الحضور السياسي - الديني الذي احتشد في بريح ثم في المختارة حيث اقام الزعيم الدرزي مأدبة غداء على شرف الرئيس سليمان والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، عكست الرمزية التي تعمّد جنبلاط إضفاءها على هذه المحطة التي مهّد الطريق لها هدم «بيت الضيعة» وإقامته في مكان آخر.

واستحضر كثيرون مع «المشهدية» التي رافقت تدشين «بيت الضيعة» امس، وايضاً وضع حجر الاساس لبناء كنيستيْ مار جرجس ومار الياس اللتين كانتا تهدمتا خلال حرب الجبل المسيحية - الدرزية التي وقعت العام 1983، المصالحة التاريخية في الجبل إثر زيارة البطريرك صفير التي أحدثت اختراقاً كبيراً في المشهد اللبناني آنذاك أسس لاصطفافات جديدة تحت عنوانٍ شكّل صفير «رأس حربته» وكان معارضة الوجود العسكري السوري في لبنان والمطالبة بتطبيق ما نص عليه اتفاق الطائف في هذا الشأن، وهي الاصطفافات التي اقترب منها جنبلاط ولاحقاً رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري والتي مهّدت لتوازنات سياسية جديدة في البلد يرى كثيرون في لبنان انه تمّ «شطب» الحريري باغتياله لقطع الطريق عليها.

وصحيح ان الحدَث امس، كان إتمام المصالحة وطيّ ملف بريح والعودة، الا ان أبعاداً مهمة جداً ارتسمت من خلف الاستقبال الحاشد الذي أقيم لسليمان في بريح وخصوصاً في المختارة (معقل الزعامة الجنبلاطية)، وايضاً من خلف المداخلات التي ألقيت والتي حضر فيها الملف الرئاسي سواء في كلمة البطريرك الذي حدّد مواصفات الرئيس الجديد او سليمان الذي قدّم ما يشبه «الوصية» لخلَفه مستعيداً ثوابت خطابه السياسي، او جنبلاط الذي أطلّ على الاستحقاق الرئاسي الذي يأتي «وسط هذا الصّخب والضجيج والضوضاء، وإنقسامٍ في البلاد لا مثيل له على حساب المصلحة الوطنيّة» فأكد تموْضعه الوسطي فيه معلناً «ان خيار الوسطيّة والاعتدال والحوارِ الذي إخترناهُ سويّاً، والذي سنستمر به، يثبت، يوماً بعد يوم، صوابيتَه، في مواجهةِ دوامة تناحر الأضداد، كما يكرّس نهج تثبيت الدولة».

كما أعطى جنبلاط اشارة اعتراض ضمنية على وصول العماد عون الى رئاسة الجمهورية وإن من باب موقف «محرج» وقع فيه حين استبدل في بداية كلمته عن طريق الخطأ اسم الرئيس ميشال سليمان بعون قائلاً: «نختم اليوم برعاية الرئيس ميشال عون... عفواً عفواً الرئيس ميشال سليمان»، ليضيق وسط ضحكات الحاضرين: «هذه الغلطة على كثرة ما نحلم به (عون) في الليل ولكن ليس كي يأتي رئيساً»، علماً ان وزيرة المهجرين أليس شبطيني وقعت بدورها في إرباك بينما كانت توجّه في كلمتها تحية الى شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن اذ قالت «التحية الى الشيخ نعيم قاسم» (نائب الامين العام لـ «حزب الله») فاعتذرت بسرعة عن الخطأ.

وكان يوم المصالحة الذي اقيم تحت عنوان «بريح العيش المشترك» انطلق مع وصول سليمان الى البلدة التي تبعد نحو 40 كيلومتراً عن بيروت. وفي كلمته اشار الرئيس اللبناني الى «ضرورة الابتعاد عن صراعات المحاور الخارجية والاقلاع عن وهم الاستعانة بالخارج لتحقيق الغلبة في الداخل»، مؤكداً «التمسك بإعلان بعبدا كإطار وطني ووثيقة مؤيدة من الامم المتحدة والجامعة العربية»، ولافتاً الى ان «من شأن الالتزام باعلان بعبدا المساهمة في امتصاص التداعيات المتصلة كازمة النازحين»، ومناشداً حزب الله ضمناً «حفاظاً على الثقة بالعقد الوطني، بواجب العودة الى لبنان والانسحاب من ساحات الجوار».

واكد سليمان ثوابت ان «على الجيش ان يمسك وحده بالسلاح لكسر الحواجز وتجارب الامن الذاتي»، واصفاً جنبلاط بانه «بيضة القبان»، مشيداً بما وصلت اليه الجلسة الاخيرة من الحوار الوطني «لجهة تأكيد المناصفة المسيحية - الاسلامية والتمسك بالطائف اي قطع الطريق على ما يقال عن مؤتمر تأسيسي».

من جهته، قال البطريرك الراعي «اننا ننتظر برجاء من البرلمان انتخاب رئيس قبل 25 مايو وان يلتزم مجلس النواب بواجبه»، داعياً الى «مصالحة سياسية بين 8 و 14 آذار انطلاقاً من الثوابت الوطنية المرتكزة على الميثاق الوطني والدستور». وأعطى مواصفات الرئيس المقبل «فنحن بحاجة الى رئيس ذي شخصية تتميز بالتجرد من اي مصلحة خاصة وبالصدقية والجمع بين المتباعدين والغيرة على مؤسسات الدولة، رئيس قادر بصبره وحكمته الى قيادة مسيرة المصالحة الحقيقية التي تنتهي معها حرب المصالح الشخصية والخاصة».

اما النائب جنبلاط، فقال «اننا نختم اليوم الجرح الأخير والأليم لحرب الآخرين على أرضنا»، متوجهاً الى سليمان: «في هذا اليوم، يا فخامةَ الرئيس، تختمون عهداً حافلاً بالنجاحات والتحديّات والمخاطر قلّ نظيرها فاستطعتم، رغم كل شيء، قيادة السفينة عبر أمواجٍ هائلةٍ كادت، لولا حكمتكم وشجاعتكم وصبركم وهدوء أعصابكم، كادت أن تُغرق السفينة مرّات ومرّات، ووضعتُم، وشاركناكم، في وضعِ أسسٍ واضحةٍ للسياسةِ الدفاعيّةِ، من أجل حماية لبنان، وفقط لبنان، ترسي أمرةَ الدولة فوق كلِ إعتبار، عنيت به (إعلان بعبدا). ونحن نعلم أن حسرتكم كبيرة كوننا جميعاً لم نتمكن من ترجمته عمليّاً نتيجةَ الظروف التي جعلت من لبنان جزءاً من محورٍ عربي وإقليمي حال دون تطبيقه».

يُذكر ان الرئيس سليمان توجّه بعد الغداء الذي اقيم على شرفه والراعي في المختارة إلى دير القمر حيث دشّن «مستشفى ميشال سليمان الحكومي».

الأمم المتحدة أعلنت أنه يستقبل ما يعادل 80 مليوناً بالنسبة إلى أميركا

المشنوق: لبنان لن يغلق حدوده بل سنضع معايير لدخول النازحين

| بيروت - «الراي» |

بعدما نال الحصة الأوفر من اللاجئين منذ الأيام الأولى للحرب في سورية، يتجه لبنان الذي يكاد يبلغ عدد النازحين فيه ثلث عدد مواطنيه، إلى ضبط عملية النزوح إليه وتنظيم وجود النازحين فيه، وسط تحذيرات داخلية ودولية من مغبة عدم مساعدة لبنان على تحمّل هذا العبء الذي لا تشاركه فيه اي دولة في العالم.

وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق أوضح أن «الإجراءات التي تنوي الحكومة إتخاذها في ما خص النازحين السوريين تتعلق بالحد من النزوح السوري إلى لبنان لأنه تحول إلى نزوح إقتصادي بسبب فرص العمل ومساعدات الأمم المتحدة ولا سيما بالنسبة الى النازحين القادمين من الأماكن الآمنة»، مشدداً على «أننا لن نغلق الحدود بل سنضع معايير لدخول النازحين، حيث سيتم إدخال من نرى ضرورة لإقامته في لبنان».

ولفت إلى أن «هناك حتى الآن في لبنان مليون و49 ألف نازح سوري مسجلين لدى الأمم المتحدة وهذا حمل كبير لا يستطيع لبنان أن يتحمله».

في موازاة ذلك، كشف منسق الامم المتحدة في لبنان روس ماونتن، أن مليون ونصف مليون لبناني، هو عدد المتضررين اللبنانيين جراء الأزمة السورية، أي ما يعادل 25 في المئة من الشعب اللبناني، موضحاً أن «لبنان خسر حتى الآن سبعة مليارات ونصف مليار دولار، وهذه الخسائر ليست مرتبطة جميعها باللاجئين السوريين بل هي خسائر في تراجع الصادرات اللبنانية التي كانت تمر عبر سورية، وفي تراجع السياحة».

وأشار الى أن «عدد اللاجئين المسجلين اليوم في الاراضي اللبنانية بلغ مليونا ومئة الف شخص بينهم خمسون الف فلسطيني، أي ما يعادل 80 مليوناً بالنسبة الى الولايات للمتحدة و25 مليونا لفرنسا، ومعظم اللاجئين يقيمون في 242 دائرة لبنانية هي من أكثر المناطق فقراً مما ضاعف معاناة السكان اللبنانيين».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي