جميل أن يصفق نواب الأمة لوزير العدل والشؤون الاجتماعية والعمل جمال الشهاب على خلفية تهديده بفضح أي نائب يتوسط لأجل جمعية منحلة، والأجمل أن يستمر هذا النفس الإصلاحي من الوزير حتى نهاية طريق الإصلاح الطويل والشاق، والأجمل من ذلك كله أن يقوم الشعب كله بالتصفيق للوزير الشهاب وأي من زملائه الوزراء ممن يحملون مثل هذه التوجهات الوطنية المخلصة، فقد مر علينا وزراء يحملون رغبة صادقة في الإصلاح والتغيير نحو الأفضل إلا أنهم تساقطوا كأوراق الخريف وابتعدوا عن الإصلاح والإصلاحيين إما قسراً وإما اختياراً ولأسباب مختلفة يطول شرحها. ولا شك أن أحد تلك الأسباب استفراد بعض النواب بالوزير ومحاصرته بأنواع الضغوط المباشرة وغير المباشرة تحت الطاولة كانت أو فوقها، فإن رضخ الوزير المعني لهذه الضغوطات فسوف يستمر النواب بابتزازه لمزيد من الاستثناءات والامتيازات والمعاملات، لأن هذه النوعية من نواب الأمة لا تشبع ولا تمل أو تخجل من طلب المزيد، وهم لن يرضوا عن الوزير المحاصر إلا عند الرضوخ الكامل لهم، وهو بذلك إن تم فإنه سيكون بداية لسقوط الوزير أي وزير كان.
من هنا فإن الإصرار على تطبيق القانون والدستور على الجميع بلا استثناء وبلا معايير مزدوجة وبلا فئوية أوعنصرية مقيتة لهو هدف وحلم الغالبية الساحقة من أبناء هذا الوطن الذين سئموا من عدم تطبيق القانون على الجميع. ففي دول العالم المتحضر قد يشتكي الناس من صرامة تطبيق القانون عليهم إلا عندنا في الكويت فالصورة ولا شك مقلوبة، وعليه فلا يستوحشن الوزير الشهاب طريق الحق لقلة سالكيه، كما قال الإمام علي، أمير المؤمنين، فجميع المخلصين من أبناء هذا الوطن معه ومع كل مخلص يسعى ويحارب لأجل تطبيق القانون على الجميع، لأن الكويت لجميع الكويتيين وليست حكراً لفئة أو فئات من دون أخرى.
أما التركة الثقيلة التي ورثها الوزير الشهاب في وزارتيه المتخمتين أصلاً فهي تحتاج إلى رأي سديد ثاقب وقرار نافذ وشفافية في الأداء والعمل، واستشارة المخلصين من أهل الاختصاص ممن لا يحملون رغبة في منصب أو شهوة في انتقام، فهموم الرياضة ومشاكل العمالة وجشع بعض أرباب العمل وتجار الإقامات وتضارب المصالح في العمل التعاوني تحتاج كلها إلى دعم برلماني وحكومي وشعبي لمساندة الوزير في مساعيه لحل هذه القضايا والمشاكل المزمنة في وزارة الشؤون، والتي تلقي بظلالها القاتمة على مختلف جوانب البلد.
وأما وزارة العدل فالعديد من الملفات والقضايا الساخنة فيها تحتاج إلى سرعة الحسم والفصل في وزارة هي عنوان للعدل وحري بها أن تكون عادلة مع موظفيها وأجهزتها المعاونة للقضاء ابتداء، ليكونوا بذلك نعم المعاون ونعم المعين لجهاز القضاء في رسالته النبيلة في تطبيق القانون وإحقاق الحق وإنصاف المظلومين. ولا أقلها كذلك في تطبيق الشفافية والمعايير الموضوعية الواضحة والثابتة في شروط القبول للوظائف الحساسة بوزارة العدل بحيث لا تشعر أي فئة أو شريحة اجتماعية بأنها مستبعدة أو مستثناة من حقها في خدمة وطنها عبر المساهمة في هذه الوظائف الحساسة ولأسباب مجهولة، ولا أقلها كذلك دعم الكادر العام لموظفي وزارة العدل والعمل الحثيث لإقرار بدلات خبراء وزارة العدل بعد أن مل الخبراء من تلقي وعود لا تسمن ولا تغني من جوع، وبعد أن أشبعت بدلاتهم بحثاً ودراسة وحفظاً في أدراج مجلس الخدمة المدنية والعمل كذلك على ضمان الحماية والاستقرار الوظيفي والمهني لهم، والتي أسهبنا في شرحها بمقالنا «ولا ينبئك مثل خبير» المنشور بـ «الراي» بتاريخ 31/7/2007، وغيرها من القضايا التي لا تخفى على الوزير الشهاب بحكم خبرته السابقة في وزارة العدل، وكم يتمنى الكثيرون أن تصل إلى مسامع الوزير هموم وشجون الموظفين أنفسهم في مختلف الإدارات والأقسام بلا وسيط أو رسول.
ومن هذا كله، فإننا نشد على يد الوزير الشهاب في مسيرته الإصلاحية الطويلة، ونتمنى ألا تأخذه لومة لائم في تطبيق القانون على الجميع، فنحن معه مادام مع القانون، وبالتأكيد فإننا لن نقف معه إن كان ضد القانون، فلا خير فينا إن لم نقلها ولا خير فيه إن لم يسمعها، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
عادل حسن دشتي
كاتب كويتي
[email protected]