المسيحيون في «عين العاصفة» لتزامُن نهاية مهلة «الاستحقاق» مع زيارة الراعي للأراضي المقدّسة

جلسة الانتخاب الثالثة في لبنان اليوم... لا رئيس

تصغير
تكبير
يعقد البرلمان اللبناني اليوم جلسته الثالثة للأسبوع الثالث على التوالي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وسط مؤشرات ومعطيات تؤكد استعادة السيناريو نفسه الذي لا يتوافر معه النصاب القانوني للجلسة (86 نائباً من اصل 128) وبالتالي الدوران في الحلقة المفرغة نفسها على مشارف اقتراب المهلة الدستورية للانتخابات من نهايتها في 25 مايو الجاري.

ولعل ما يضفي على مشهد الانسداد الذي يحكم الاستحقاق الرئاسي مهدداً بفراغ في سدة الرئاسة، هو التداخل الذي برز بقوّة في الأيام الاخيرة بين هذا الاستحقاق والأصداء المتصاعدة للزيارة التي سيقوم بها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي للاراضي المقدسة في فلسطين المحتلة بين 24 و 26 الجاري مما وضع المشهد المسيحي برمّته في عين العاصفة ولو من باب التزامن بين التطورين.


ولا تخفي اوساط سياسية مسيحية متعاطفة بشدة مع اتجاه البطريرك الى زيارة القدس بمعية البابا فرنسيس حراجة الموقف الذي قد ينجم عن الزيارة رغم الاهمية القصوى التي تراها لهذه الخطوة التاريخية وأبعادها في مقاومة تهويد القدس على ما اشار اليه البطريرك نفسه في تصريح اخير رداً على الاعتراضات المتصاعدة للزيارة.

وقالت هذه الاوساط لـ «الراي» ان احداً لا يمكنه ان يوجّه ايّ اتهام للبطريرك في صحة مقصده، لكن ذلك لن يقلل الخشية من تداعيات الزيارة وسط ظروف داخلية واقليمية معقدة وخصوصاً في وقت تتزامن الزيارة مع نهاية المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس المسيحي الوحيد في العالم الاسلامي والعربي. وتبعاً لذلك توقعت المصادر نفسها ان تشهد بكركي اعتباراً من غد وهو موعد عودة البطريرك الى بيروت من مدينة لورد الفرنسية تدفُّق شخصيات ومسؤولين لحض البطريرك على إعادة النظر في خطوته من دون الجزم بالاتجاه الأخير الذي سيتخذه الراعي اذ تعكس تصريحاته رداً على حملة الرفض للزيارة تمسكاً بالمضي فيها.

اما في الشأن الرئاسي فان الاوساط السياسية نفسها كشفت لـ «الراي» ان مجمل المؤشرات المرتبطة بالعمل على إنقاذ الرئاسة من الفراغ لا تنبئ بالخير حتى الساعة بدليل ان جميع القوى والمعنيين باتوا يتصرفون ضمناً وبعضهم علناً وجهاراً على اساس التكيّف مع الفراغ الآتي بعد 25 مايو.

وقلّلت الاوساط في هذا السياق مما بدأ بعض الاعلام التابع لقوى «8 اذار» بالترويج له موحياً بإمكان حصول تفاهم دولي - اقليمي في اللحظة الحاسمة لتمرير انتخاب مرشح تسوية على قاعدة التماهي مع مناخ التسوية الاميركية - الايرانية المأمولة. وقالت ان اي معطى جدي لم يتوافر حول اي تحرك خارجي في شأن الاستحقاق اللبناني وان ملامح الاضطراب التي يعكسها بعض إعلام «8 آذار» تنمّ عن اتجاه واضح لدى هذا الفريق الى الدفع نحو الفراغ بعدما أخفق الحوار الذي يجريه مرشحه الاول والحصري حتى الساعة زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون مع تيار «المستقبل» ورئيسه الرئيس سعد الحريري في انتزاع موافقة الاخير على دعمه للرئاسة. ولاحظت مؤشراً الى هذا الاضطراب في موقف «8 آذار» الذي تمثل في التلويح بإعادة تزكية ترشيح قائد الجيش العماد جان قهوجي كبديل من ورقة العماد عون علماً ان تعديل الدستور بات متعذراً ضمن ما تبقى من المهلة الدستورية.

في المقابل، فان ملامح المأزق المتصاعد لم تغب عن فريق «14 آذار» الذي تقول الاوساط نفسها انه يعدّ لاجتماع واسع غير علني للبحث في ما يتوجب اتخاذه من خطوات مع استنفاد ترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع فيما بدأ الرئيس امين الجميل تحركاً يُشتمّ منه إعداد نفسه لخوض معترك الترشح ضمناً. وتشير هذه التحركات الى وجود اتجاهات متضاربة داخل «14 آذار» حول طريقة التعامل مع ما تبقّى من المهلة الدستورية وما سيليها في حال وقوع الفراغ. بمعنى ان الجميل الذي سيقوم بجولة على كل من عون وجعجع والنائب سليمان فرنجية يعمل انطلاقاً من معطيات لديه تقول ان لقاءات الاقطاب الموارنة الاربعة في بكركي أفضت الى اتفاق على دعم أحد الاقطاب الاربعة للوصول الى الرئاسة شرط توفير المناخ التوافقي حوله. وبذلك فانه يقدّم نفسه ضمناً مرشح اجماع مسيحي وتوافق مع الافرقاء المسلمين الآخرين. وهو الامر الذي تشك الاوساط السياسية نفسها في إمكان نجاحه إقله وفق المعطيات الراهنة التي لا يرى عون تحديداً انه فقدَ فرصته فيها بعد، كما ان فريق «14 اذار» لم يبتّ بعد اذا كان سيتبنى مرشحاً آخر غير جعجع، علماً ان اتجاهاً برز لمصلحة تبني الوزير بطرس حرب في الخطوة اللاحقة.

وفي موازاة ذلك، برز امس تحرك السفير السعودي علي عواض العسيري العائد الى لبنان بعد طول غياب وزيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري حيث تركّز البحث على الاستحقاق الرئاسي والاوضاع في المنطقة.

وقال العسيري بعد اللقاء: «البحث تناول المستجدات الإقليمية والدولية، وشددتُ مرة اخرى على موقف المملكة وحرصها على الاستقرار في لبنان والتوافق بين اللبنانيين. واكدت ايضاّ ان اختيار الرئيس الجديد يعود الى اللبنانيين أنفسهم».

وجاءت هذه الزيارة على وقع أصداء اعلان بري في الجلسة الوداعية لهيئة الحوار الوطني «باسم المسلمين» ان «لا رجعة عن مبدأ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في كل الظروف»، وذلك في رد على تحذير الرئيس ميشال سليمان من مؤتمر تأسيسي يطيح هذه المناصفة وفق ما كان لوّح به الامين العام لـ «حزب اله» السيد حسن نصر الله.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي