توتر «موْضعي» بين «المستقبل» و«حزب الله» على خلفية كلام صفوي

المناخ السلبي حيال الاستحقاق الرئاسي يطغى على الحوار اللبناني

تصغير
تكبير
لم تكن «الجلسة الوداعية» التي عقدتها هيئة الحوار الوطني امس برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان مجرّد «قرع جرس» رسمي بانتهاء ولاية الاخير في 25 الجاري، بل هي عكست في جوانب عدة منها «ازدحام» الإشارات السلبية التي تملأ الفترة الفاصلة عن انقضاء المهلة الدستورية لإنجاز الاستحقاق الرئاسي بعد 19 يوماً مفصلية يمكن ان تفتح الوضع اللبناني على واحد من احتمالين: فإما فراغ يكرّس البلاد إحدى حلقات «ربط النزاع» مع الملفات العالقة في المنطقة، وإما تسوية يؤمل ان «تتسلل» من الحوار الاميركي - الايراني ومن المهادنة الايرانية - السعودية وتفضي الى تمرير رئيس جديد من دون ان يتكبّد ايّ من أطراف الصراع الخارجي دفع «أثمان» في اطار «لعبة المقايضات» يمكن ان يستفيد منها هذا الطرف الاقليمي او ذاك في تحصين موقعه في قضايا ساخنة أخرى في المحيط.

والأكيد ان سليمان الذي ترأس آخر جلسات الحوار في عهده قدّم اشارة حاسمة بانه سيغادر «القصر» في 24 الجاري وذلك بعدم تحديده اي موعد جديد لهيئة الحوار التي يبقى معاودة انعقادها رهناً بخيار الرئيس الجديد، في حين أعطت مقاطعة فريق 8 آذار لجلسة «الوداع» اشارة أبعد من مجرّد توجيه رسالة امتعاض الى رئيس الجمهورية، ولا سيما ان دائرة المقاطعين اتسعت امس لتشمل زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون الذي ربط غيابه بالمواقف التي أطلقها سليمان مساء اول من امس حيال مسألة تعطيل نصاب جلسات الانتخاب الرئاسية. علماً ان «حزب الله» كان بدأ مقاطعته منذ جولة 31 مارس الحوارية على خلفية «انقطاع الودّ» مع رئيس الجمهورية بعد مواقفه من مشاركته بالقتال في سورية وسلاحه والخلاف حول «إعلان بعبدا» (يدعو الى تحييد لبنان عن الصراعات الخارجية) وقد تضامن معه عدد من حلفائه باستثناء رئيس مجلس النواب نبيه بري انطلاقاً من كونه «عرّاب» الحوار بـ «نسخته» الاولى التي انطلقت من البرلمان في مارس 2006.


فغياب عون شكّل مؤشراً قوياً الى ان «سلاح» تطيير نصاب الجلسات لا يزال «الخرطوشة» التي يتمسك بها فريق 8 آذار للإمساك بمفاصل الاستحقاق الرئاسي الذي يضرب غداً موعداً مع ثالث جلسة انتخاب لن تلتئم لان نصابها الضروري (86 نائباً من اصل 128) لن يتأمّن، علماً انها ستكون على مسافة 9 ايام من تحوُّل البرلمان ابتداء من 15 مايو هيئة ناخبة لا يمكنها القيام بأي عمل الا انتخاب الرئيس، ما يعني ان مجلس النواب وبعد هذا التاريخ يفقد قدرته على التشريع.

ورغم ان جلسة الحوار التي غابت عنها «القوات اللبنانية» من 14 آذار لعدم اقتناعها بجدوى الحوار مع «حزب الله» باعتبار ان الاخير «غير جدي في بحث مسألة سلاحه» كما تقول، رسمت «خريطة الطريق» للرئيس الجديد انطلاقاً من المقررات التي خلصت اليها جلسات الحوار السابقة وتمسكت بالدعوة الى إجراء الانتخابات الرئاسية في مواعيدها وتأمين نصاب الجلسات وبالمناصفة المسيحية - الاسلامية (في ردّ ضمني على المخاوف من ان يفضي الفراغ الى مؤتمر تأسيسي يعيد النظر بالصيغة اللبنانية)، فان المخاوف ارتفعت في بيروت من ان لا تتيح الايام الفاصلة عن انتهاء مهلة انتخاب رئيس جديد التوافق على مخارج تضمن تفاهماً على مرشح تسوية، وهو ما يقتضي بالحدّ الأقصى ضغطاً خارجياً انطلاقاً من توافقات كبرى لا تلوح حالياً في الافق وبالحد الادنى اقتناعاً داخلياً من المرشّحين «الصقور» (الدكتور سمير جعجع عن 14 آذار وعون ضمنياً عن 8 آذار) بان يتحوّلوا «صانعي الرئيس» وهو ما لا يبدو حتى الساعة متاحاً.

وما عزز المناخات السلبية حيال الاستحقاق الرئاسي الذي كان محور لقاءات عقدها السفير الاميركي لدى لبنان ديفيد هيل مع الرئيس سعد الحريري في السعودية ومع مسؤولين سعوديين هو الوقائع الآتية:

* استعادة مناخ التوتر بين «حزب الله» و «تيار المستقبل» على خلفية كلام مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية للشؤون العسكرية يحيى الصفوي عن أن تنامي نفوذ قدرة بلاده يمتد من الخليج الفارسي الى البحر المتوسط، وعن أن «حدودنا الدفاعية وصلت الى جنوب لبنان مع اسرائيل»، وهو ما استدعى رداً من صحيفة «المستقبل» في تعليقها اليومي اذ اعتبرت ان يحيى صفوي «حسم بأنّ سلاح حزب الله ذراع من أذرع قواته، وأن البلد الذي تفلّت من قبضة وصاية النظام الأسدي في سورية المجاورة صار خاضعاً لانتداب وإلحاق وصلف نظام الملالي في ايران»، لتخلص الى انه «طبيعي تماماً، اذا أراد حزب الله ان ينسجم مع ولائه للحرس الثوري الايراني والقوات المسلحة الايرانية والمرشد الولي الفقيه ان لا يحضر الى طاولة الحوار».

* بقاء ورقة التحركات المطلبية «ملقّمة» لمواكبة مرحلة التفاوض على «حافة الهاوية» في الاستحقاق الرئاسي، وسط توقعات بان يفضي تسليم نائب «القوات اللبنانية» جورج عدوان الرئيس بري التقرير الذي انتهت إليه اللجنة الفرعية المكلفة إعادة درس أرقام وإصلاحات سلسلة الرتب والرواتب الى تفاقم نقمة النقابات في ضوء خفض أرقام هذه السلسلة بنسبة كبيرة ورفض اعطاء مفعول رجعي لها.

وترافق «النفخ» في الاجواء السلبية، مع تقارير في صحف قريبة من 8 آذار بدأت ترسم ملامح ما بعد الفراغ وذهبت الى حد الكلام عن ان الرئيس بري قد يتجه نحو استعادة «المبادرة الحوارية» في مرحلة الفراغ الرئاسي، بحيث يتولى هو توجيه الدعوات، في إحياء لسيناريو طاولة 2006 من دون ان تستبعد أن يفرض «الفراغ الحتمي» جدول أعمال معدلا على طاولة الحوار، في طبعتها المقبلة، بحيث يكون عليها البحث في سلة «تسوية شاملة»، تتضمن: رئاسة الجمهورية، رئاسة الحكومة، تركيبة الحكومة الجديدة، وقانون الانتخاب.

صياح لـ «الراي»: الراعي يرفض أي شروط إسرائيلية على زيارته

| بيروت – من آمنة منصور |

استمر في بيروت الصخب السياسي والاعلامي حول عزم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مرافقة البابا فرنسيس في زيارته للاراضي المقدسة اواخر مايو الجاري.

وكانت اصوات قريبة من قوى «8 آذار» ارتفعت في وجه خطوة الراعي المرتقبة، وبلغت حد وصفها تارة بـ «الخطيئة التاريخية»، وتارة اخرى بانها «خطوة انتحارية»، وسط دعوات للتراجع عنها، في حين عكست ردود فعل اخرى دفاعاً عن قرار البطريرك انطلاقاً من كون الزيارة رعوية لا سياسية وتضمر اتهامات للراعي في غير مكانها.

ووسط هذا الجدل المستمر اتصلت «الراي» بالنائب البطريركي العام المطران بولس صياح، الذي قال ان «البعد الوحيد لزيارة البطريرك الراعي واضح، فهي ذات هدف رعوي روحي وكنسي محض»، معتبراً أن من البديهي أن يكون رئيس أكبر كنيسة كاثوليكية في الشرق وهو الكاردينال الراعي في استقبال البابا رأس الكنيسة في زيارته الأراضي المقدسة».

وإذ أوضح أن «هذه الزيارة هي لتثبيت المسيحيين في ارضهم فلسطين والتأكيد على أهميتهم»، شدد على أن «حضور البطريرك الماروني إلى فلسطين سيعطي دعماً كبيراً للمسيحيين واللبنانيين الموجودين هناك»، قائلاً: «الراعي يتوجه إلى فلسطين للتأكيد لهؤلاء أنهم أصليون وأصيلون في هذه البلاد وعليهم البقاء فيها وتأدية رسالتهم وعيش مسيحييتهم مرفوعي الرأس».

وأكد النائب البطريركي العام وجود إجماع من المطارنة على تأييد هذه الزيارة، حيث أشار إلى أن «عدداً كبيراً منهم طلب مرافقة البطريرك، الذي طلب بدوره أن تبقى هذه الزيارة بمستوى عادي كي لا تتحول إلى تظاهرة»، داعياً من يتحدث عن معارضة مطارنة لهذه الزيارة إلى «الكشف عن إسم أحدهم».

وتعليقاً على ما يُشاع عن شروط فرضتها اسرائيل على زيارة الراعي، قال: «هذه الشروط لم تصلنا، وإن تناقضت أي شروط مع موقف البطريرك من الواقع الإسرائيلي، فهو لن يقبل بها طبعاً وإن أدت إلى إلغاء زيارته فهو لن يتردد في ذلك أيضاً»، متداركاً: «أنا لا أقول أن من المعقول أن يلغي رحلته، لكن فليوضحوا لنا ما هي هذه الشروط التي فرضتها إسرائيل وحينها لكل حادث حديث». صياح ورداً على سؤال عن الخطوط الحمر بالنسبة الى البطريركية المارونية حيال هذه الزيارة، أجاب: «نحن لدينا خطوط بيضاء وزيارتنا هي لسبب وحيد روحي ديني كنسي، لا لتهنئة إسرائيل على إحتلالها فلسطين فكل ما يمت إلى هذا الأمر بصلة مرفوض».

وعن كيفية إحتواء بكركي ردات الفعل السلبية إزاء الزيارة، تساءل صياح: «عن سبب هذه النقمة»، قائلاً: «لدي نقطة إستفهام، وأشك بان خلف هذه الحملة شيئاً آخر لا أعلمه”. تابع: “ألا يعلم هؤلاء موقف البطريرك من القضية الفلسطينية ومدى دفاعه عنها، وألا يعرفون موقفه من الإحتلال الإسرائيلي، ألم يستمعوا إلى كلمة البطريرك في جنيف منذ أسبوعين».

واستغرب صياح معلومات صحافية أشارت إلى إمكان توظيف الحملة على الزيارة لتأخير الإستحقاق الرئاسي، سائلاً: «ما دخل زيارة البطريرك بالإستحقاق الرئاسي؟!».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي