المسرح في بيروت والحدَث في... باريس

5 ساعات بين الحريري وباسيل حصيلتها... «لعم»

تصغير
تكبير
المسرح في بيروت لكن الحدَث في باريس... فرغم ان «العدسات» كانت مصلتة على مقر البرلمان في ساحة النجمة، وسط العاصمة اللبنانية لمعاينة الجلسة التي لم تنعقد لانتخاب رئيس للجمهورية بعدما طارت مع النصاب الدستوري، فان الاهتمامات الفعلية كانت مركزة على محاولة سبر اغوار خمس ساعات باريسية امضاها موفد زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون (صهره) وزير الخارجية جبران باسيل في ضيافة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري وعلى مائدةٍ كان الطبَق الرئيسي فيها موقف الحريري من امكان تبني عون مرشحاً «وفاقياً» للرئاسة.

لم يتردد باسيل في القول صراحة وبلا قفازات ان «ترشيح العماد عون مرتبط بالتفاهم مع سعد الحريري. هذا أمر واضح»، وهو موقف ينطوي على الاعتراف بحاجة عون لتأييد الحريري لشقّ طريقه إلى القصر الرئاسي من جهة، وينطوي أيضاً على محاولة لتحميل الزعيم السني (الحريري) مسؤولية حرمان الجنرال عون من فرصته الأخيرة باحتلال الكرسي الاول في الجمهورية المترنحة فوق صفيح ساخن من الازمات الداخلية ومن تداعيات الأزمات الاقليمية على حد سواء.


ورغم شح المعلومات عن لقاء الحريري - باسيل، الذي شارك فيه وزير «التيار الوطني الحر» الياس أبو صعب، ومحاولة الطرفين تظهير حصيلته بـ «صياغات كلامية» ضبابية وتحمل الكثير من التأويلات، فان أوساطاً واسعة الاطلاع أبلغت الى «الراي» ان الحريري، الذي لم يقل لا لعون، لم يقل له نعم، وهو استمر في سلوك تكتيكي يحاذر فيه تصويره على انه صاحب الكلمة الفصل في تسمية «الرئيس المسيحي» من جهة، وعدم قفل الابواب في وجه حوار ايجابي مع العماد عون، المتموْضع في المقلب الآخر من جهة أخرى.

وكشفت هذه المصادر عن انه رغم «النقزة» التي يثيرها انفتاح الحريري على عون بين حلفاء الطرفين وخصومهما في آن، فان الاستراتيجية التي يعتمدها زعيم «تيار المستقبل»، بإبقاء «نصف الباب» مفتوحاً امام الموقف من ترشيح عون حققت الان نتائج ايجابية من بينها تشكيل الحكومة وتوفير المناخ الملائم لـ «انتاجيتها» على المستويات السياسية والامنية والادارية، وعدم حرق المراحل في الاستحقاق الرئاسي الذي لم يظهر الخيط الابيض من الأسود في اتجاهاته حتى الآن.

وأمكن لتلك الأوساط ان تقرأ بين أسطر ما كُشف عن لقاء باريس ان الحريري، الذي لم يبدِ اي «فيتو» على ترشح العماد عون، نصح الوزير باسيل بضرورة توسيع مروحة المشاورات، لا سيما في اتجاه الحلفاء المسيحيين لزعيم «تيار المستقبل»، الذي سيكون من الصعب عليه الافتراق عنهم في خياراته، خصوصاً بعدما جرى تبني رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مرشحاً وحيداً لقوى «14 آذار».

ورأت الاوساط عينها ان «تعبيد الطريق امام العماد عون للوصول الى الرئاسة لا يقتصر على موقف الحريري، الذي لم يتجاوز حتى الآن حدود الـ «لعم»، بل يرتبط وفي شكل عميق بموقف حلفاء العماد عون نفسه في قوى «8 آذار» خصوصاً ان «حزب الله» الذي يستبعد اساساً تبني «14 آذار» لترشيح عون يريد الاتيان بـ»رئيس تسوية»، وان علاقة «الود المفقود» بين عون ورئيس البرلمان نبيه بري تجعل الاخير متحرراً من اي التزامات تجاه زعيم «التيار الوطني الحر».

كيف تمّ تظهير حصيلة لقاء باريس بين الطرفيْن؟

الوزير ابو صعب أوضح ان الاجتماع مع الرئيس الحريري خلص الى توافق على ان لا يكون هناك فراغ في الرئاسة الاولى في 25 مايو «ونحن حريصون على انتخاب رئيس قبل هذا التاريخ، وهذه فحوى الاتصالات مع كل الأفرقاء».

وذكر ان «لدينا قناعة ان أحداً لا يستطيع ان يلغي احدا، وعندي امل ان ننتخب رئيساً للجمهورية»، مشيراً الى ان «الظروف شاءت ان يكون اللقاء بين الوزير باسيل ورئيس تيار المستقبل في باريس». وأوضح ان «العماد ميشال عون لم يقدم ترشيحه بعد، وهو ليس مرشح «توافقي» بل «وفاقي»، وإذا تم الوفاق بين الجميع على هذا الموضوع يعلن ترشيحه» رافضاً الكشف اذا تم تحديد موعد للقاء جديد بين الحريري وباسيل.

وفي السياق نفسه، أشار النائب سيمون ابي رميا (من كتلة عون) الى «اننا لم ندخل بالامور المنتظرة في اللقاء مع الرئيس الحريري على صعيد الأسماء للرئاسة»، موضحا ان «لا جواب سلبياً او ايجابياً من الحريري حول دعم العماد عون للرئاسة».

وفي المقابل، نُقل عن مصادر قريبة من الحريري أنّ «اجواء الغداء مع باسيل كانت جيدة وكان الاجتماع طبعاً للتشاور في الاستحقاق الرئاسي»، موضحة «ان الفكرة الاساسية من وراء هذا اللقاء هي الاتفاق على ضرورة منع حصول فراغ وضرورة استكمال وتوسيع الاتصالات على جميع الأفرقاء لضمان اجراء الاستحقاق الرئاسي».

كما اشارت المصادر الى أنّ الحريري وباسيل أجريا «جولة أفق استعرضا خلالها الملفات السياسية المطروحة في لبنان وفي طليعتها الاستحقاق الرئاسي»، مؤكدةً «توافق الطرفين على العمل في سبيل تفادي الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية، وعلى ضرورة أن يوسّع كل منهما مروحة اتصالاته السياسية بغية الدفع في اتجاه إنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري ومنع الفراغ».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي