د. تركي العازمي / وجع الحروف

شهوة القيل والقال !

تصغير
تكبير
الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن القيل والقال... ونحن ما زلنا نصارع البقاء في وضع بعيد عن القيل والقال لكننا وإن أردنا وبرغبة منا المضي في هذا النهج فسنجد من يجلس أمامنا ويبدأ بسرد رغبته في القيل والقال... يحدثك وتستشف من حديثه عبارات «مبهرة ـ أي مضاف إليها خليط من البهارات النفسية» بقصد رفع مستوى الإثارة في الحديث وقد تكون? إن تم مسح الإضافات عما قيل? مجرد حديث عابر لا يشكل جرما وهو حسب ممارسات المجتمع الكويتي غير محبذ سلوكيا فنحن شعب يميل إلى خلق الإثارة لجذب الانتباه!

هذا في الأحوال العادية بات مباحا لأننا تركنا العرف يأخذ صفة القانون مع اننا نعي تماما خطورة بعض العبارات التي ترد على لسان بعض أحبتنا من دون قصد فقط لأنهم تعودوا على الحديث عن الفساد الذي لا يملكون الدليل على وقوعه... إنهم يتبعون ظاهرة « قيل لي أو سمعت»!


شهوة القيل والقال ما لم تكبح جماحها فسنجدها تتدحرج ككرة الثلج إلى أن يتدمر ما تبقى لنا من أعراف و«سلوم» طيبة!

يقول صديق.... «يعني تبي تقنعني بأنه لا وجود للفساد والصحف تنشر كثيرا من نماذجها المختلفة»!

يا أخي إننا لسنا بمنأى عما قيل ولا نقبل تأويله أو ترديده... لأنه لا يوجد ما هو ثابت رغم أن الجموع تستغل كل عبارة وتعالجها حسب ثقافتها وكما ذكرنا بأن ثقافة المجتمع الكويتي جاهزة لتقبل أي شيء وتترجمه حسب تركيزة «البهارات» الخاصة بثقافة متلقي الإشاعة أو الخبر!

في حقيقة الأمر.. نحن مع السلوك الإيجابي ومحاربة كل أوجه الفساد التي باتت ظاهرة معالمها في كل ركن من أركان مؤسسات الدولة العام منها والخاص!

وعلى الرغم من أن كثيرا ما نسمع ونعاين يشكل إساءات لو حدثت في بلد آخر لكان الأمر مختلفا لكننا في الكويت نبحث عن «الهون أبرك ما يكون» وهو سلوك سلبي نرفضه شكلا ومضمونا لأن المجتمعات يقاس تحضرها بمدى التزامها بالقانون ومحاسبة المسيء أيا كان منصبه أو مكانته!

نحن لن نشعر بالاستقرار سلوكيا ما لم تتحرك الجموع تجاه غول الفساد لمحاربته قضائيا وهو ما يؤاخذ عليه أصحاب القرار والحكماء في الكويت حتى باتت ظاهرة تفشي الفساد مألوفة!

ما نريده وفي مختصر القول إن شهوة القيل والقال قاتلة بعد أن أصبحت عادة متأصلة في سلوكياتنا، وعلاجها يكون بالكف عنها من خلال إستراتيجية إصلاحية شاملة تبدأ بتثقيف الطلبة من الجنسين من مختلف المراحل العمرية حول هذه الظاهرة التي نهى عنها الرسول صلى الله عليه سلم... هذا من جهة المسؤولية الاجتماعية!

ومن جهة الحكومة تستدعي الضرورة إلى مراجعة ما ينشر عن الفساد وتتبع خيوطه للوصول إلى رموزه ومحاسبتهم على الفور كي يشعر الجميع ان هناك عقابا لكل من يسيء استغلال منصبه أو يقدم مصلحته أو مصلحة مجموعته على ما هو مؤتمن عليه!

قياديا ممكن كما ذكرنا في مقالات عدة... لكن اجتماعيا لا أظنه قابلا للتطبيق وأعني هنا محاسبة رموز الفساد لأننا في مختصر القول نلبس ما يخيطه لنا الفاسدون وصار العرف المتبع هو إطلاق العنان لشهوة القيل والقال كردة فعل طبيعية بعد ملاحظتنا ترك الحكماء «الخيط والمخيط» لقياديين من دون رؤية إصلاحية ولا محاسبة.

للمقصر منهم... والله المستعان!

[email protected]

Twitter : @Terki_ALazmi
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي