عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي

سجني خلوة وقتلي شهادة

تصغير
تكبير
هناك حسابات خاصة لأصحاب المشروع الإسلامي السني لا يفهمها كثير من خصومهم وأعدائهم، سواء كان هؤلاء الخصوم ممن يعتبرون أنفسهم ضمن دائرة الإسلام من ليبراليين وعلمانيين وطائفيين، أو ممن هم خارج ملة الإسلام كاليهود والنصارى والنصيريين والبوذيين وغيرهم.

فحسابات الإسلاميين مبنية على أهمية نصرة دين الله بكل ما يملكون من مال ونفس ووقت وجهد، وأنهم المنتصرون في جميع الأحوال سواء كتب الله تعالى النصر على أيديهم، أو نالوا الشهادة قبل أن يتحقق لهم ذلك.


هذه الحسابات لا يفقهها خصوم الإسلاميين، لذلك يلجأون إلى عدة أساليب كالاعتقال أو التعذيب أو الطرد من الوظائف والمحاربة في الرزق وسحب الجنسية وقد يصل الأمر إلى القتل والتصفية الجسدية وهم يعتقدون أنهم من خلال تلك الممارسات سيهزمون أصحاب الفكر الإسلامي، لكنني أقولها لهم وبملء الفم «أنتم واهمون».

فهذا ابن تيمية رحمه الله يعلنها صريحة «ماذا يصنع أعدائي بي، إن سعادتي في قلبي أينما ذهبت فهي معي، فسجني خلوة ونفيي سياحة وقتلي شهادة».

والصحابي حرام بن ملحان رضي الله عنه لما ضربه أحد المشركين غدرا برمح اخترق جسده صاح قائلا «فزت ورب الكعبة، مما جعل المشرك يتعجب ويبحث عن سبب قول هذا المقتول أنه فاز، فعلم الحقيقة وكانت من أسباب إسلامه».

صهيب الرومي رضي الله عنه يهاجر من مكة إلى المدينة ويتنازل عن كل أمواله للمشركين من أجل أن يتركوه، فيستقبله الرسول عند وصوله المدينة ويبشره قائلا «ربح البيع يا أبا يحيى».

يقتل الحجاج بن يوسف الثقفي الصحابيَّ عبدالله بن الزبير ويقوم بصلبه ثم يدخل على أمه أسماء بنت أبي بكر شامتا وهو يقول «كيف رأيتني صنعت بعدو الله؟ فترد عليه بكل ثقة ورباطة جأش رأيتك أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك».

ويُذكر أن عالما دخل على أحد الخلفاء فقال له كلمات أغضبته، فقال أحد بطانة السوء «اقتله يا أمير المؤمنين، فقال الخليفة: لا، إن هؤلاء يعلمون أنا إذا قتلناهم كانوا شهداء، وكنا بقتلهم من أهل النار».

ومن يقرأ تفاصيل قصة أصحاب الأخدود والتي ذكرها الله تعالى في سورة البروج وكيف ضحى الفتى بنفسه من أجل أن ينشر فكرته، في الوقت الذي ظن فيه الملك -الذي كان يدعي الألوهية - أنه بقتله للغلام سيقضي عليه وعلى دعوته، فحدث ما لم يكن بالحسبان، إذ آمن الناس برب الغلام.

اغتيل حسن البنا فهل قُضي على جماعة الإخوان؟ قُتل آلاف الناس في ميدان رابعة والنهضة، فهل توقفت المظاهرات المطالبة بزوال الانقلاب؟

الحقيقة التي يجهلها الغافلون أن دماء الشهيد التي تسقط إنما تروي أرضا ستنبت الآلاف من طلاب الشهادة، وإن الحقيقة التي ما زالوا يغمضون أعينهم عنها أنهم يواجهون جماعة يعشق أفرادها الشهادة في سبيل الله.

لذلك لن ترعبهم أحكام الإعدامات التي صدرت ضد المئات منهم، فكيف يرهب الموت من كان شعاره الذي يهتف به صباحا ومساء «الموت في سبيل الله أسمى أمانينا».

نقولها بكل ثقة سينتصر أصحاب الحق ولو بعد حين ولو كان الثمن آلاف الشهداء

«والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون».

Twitter : @abdulaziz2002
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي