ضابط يروي لـ «الراي» مبررات «الطراز الأمني» المبتكر

شرطة الدراجات الهوائية... في مواجهة «نشّالي» لبنان

تصغير
تكبير
لم يكن (ف. م) يعلم أن عملية النشل التي خطط لها ونفذها سيكون نصيبها الفشل على أيدي أفراد دورية الدراجات الهوائية، فقد تم توقيفه بالجرم المشهود إثر نشله حقيبة إحدى السيدات، وتكبيله وسوقه إلى آلية الدورية.

يشكل (ف. م) نموذجاً لعشرات من النشالين الذين ينتشرون على طول الكورنيش البحري لبيروت على امتداد الرملة البيضاء ـ عين المريسة والذين استدعى «نشاطهم المزدهر» استحداث أنماطاً أمنية «غير مألوفة» في لبنان للتصدي لهم مثل «سلاح» الدراجات الهوائية التي باغتت المواطنين بدورها ولباس عناصرها وحضورهم «الدائم» بينهم في اطار مكافحة السرقات والتحرش والمخدرات وغيرها من ظواهر مرَضية تتسلل الى المتنزهين على حافة بحر بيروت.


«خطوة رائعة، وتطوّر لافت، أشجع هذه المبادرة التي تجعل من الكورنيش منطقة أكثر أماناً، وعلينا جميعاً تشجيع هذه المبادرة التي بالطبع تخفف من عمليات النشل والسرقة التي لطالما عانى منها رواد الكورنيش»... هكذا يقول «محمد» الذي صادف مروره أثناء إطلاق المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أخيراً دورية الدراجات الهوائية في حدَث لفت أنظار اللبنانيين نظراً لفرادته في المنطقة العربية، وذلك بعد فترة من إطلاق قوى الامن فرق الخيالة وادخالها العنصر النسائي إلى صفوفها.

أما «جورج» الذي كان يتأمل عملية الإطلاق الرسمي لدوريات الدراجات الهوائية، فاعتبر أن «هذا المشروع يكرّس الانتقال من الشرطة الكلاسيكية العادية إلى شرطة مجتمعية يتعاون من خلالها رجل الأمن مع المواطن لتثبيت الطمأنينة والأمن في المجتمع الذي نعيش فيه».

وإطلاق الدوريات على الدراجات الهوائية هي المحطة الثانية في مشروع مركز الشرطة النموذجي، بعد تدشين مقرّ فصيلة رأس بيروت وبدء العمل الرسمي بها في 16 يناير الفائت. وقد نشرت قوى الأمن الداخلي عبر حسابها على «تويتر» صوراً للحدَث، مشيرة إلى مشاركة الأطفال في الترحيب بالدرّاجين الجدد.

واستناداً إلى المقاربة الأساسية التي انطلق منها المشروع، والمتمثلة باضطلاع الشرطة بدور فاعل وإيجابي في حياة المواطنين «تأتي دوريات الدرّاجات الهوائية تجسيداً لفكرة التقرّب أكثر من المواطنين، وابتكار الحلول المناسبة والمبدعة لخدمتهم وحلّ مشاكلهم ووقف الشرّ الذي يتربص بهم». بهذه الكلمات وصف رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي المقدم جوزيف مسلّم أسباب إطلاق الدوريات على الدراجات الهوائية.

وقال المقدّم مسلّم لـ «الراي»: «إن هذا المشروع تم بدعم وتمويل من السفارة الأميركية وهو يقوم على فكرة أساسية هي الذهاب إلى المواطنين وعدم انتظارهم أن يأتوا إلينا، وأن يكون هناك تماس بينهم وبين رجال قوى الأمن الداخلي، أن تبنى علاقة ثقة  بين المواطنين والشرطة المسؤولة ضمن نطاقهم، اي باختصار ردم الهوة بين الطرفين».

واعتبر «أن مشروع «فصيلة رأس بيروت النموذجية» يأتي تتويجاً لمسيرة تطويرية طويلة انطلقت بها مؤسسة قوى الأمن تحت مظلة مشروع التخطيط الاستراتيجي. فكانت باكورة إنجازات هذا المشروع خطة استراتيجية توّجتها المؤسسة برؤية عامة تطمح إلى أن يكون أبناؤها على قدر آمال المواطنين وأن يحظوا بكامل ثقتهم، ثم كانت مدونة قواعد السلوك التي أرادتها المؤسسة إطاراً مرجعياً لأداء أفرادها خلقياً وحقوقياً ومسلكياً، ومنها بدأ العمل منذ سنوات على إدخال مفاهيم الشرطة المجتمعية ضمن المناهج التدريسية في معهد قوى الأمن، سعياً إلى إرساء هذه المفاهيم وبث روحها في ثقافة جديدة تتبنّاها المؤسسة وتفعلها في علاقتها مع المواطن. وأخيراً، انطلقت مبادرة الشرطة المجتمعية في «فصيلة رأس بيروت» بصيغة لبنانية صُممت بما يتماشى مع خصائص المجتمع اللبناني ومكوناته».

وأضاف: «خطوات عملية كثيرة أبصرت وتبصر النور، فضمن فكرة مشروع الشرطة المجتمعية، تم تدريب نحو 3500 عنصر من عناصر قوى الأمن في معهد قوى الأمن الداخلي، عناصر فصيلة رأس بيروت عموماً التي يصل عديدها إلى 70 عنصراً، وعناصر دوريات الدرَّاجات الهوائية خصوصاً ويبلغ عددهم عشرين من الذكور والإناث، تمَ انتقاؤهم بدقة متناهية عبر إجراء مقابلات فردية استندت إلى معايير وشروط خاصة».

ورداً على سؤال يجيب مسلّم : «لقد خضع العناصر لدورات تدريبية مكثفة حول مواضيع مختلفة طالت مفاهيم الشرطة المجتمعية وقضايا حقوق الإنسان ومسائل النزاهة والفساد ومبادئ التواصل والوساطة، مروراً بالمهارات البدنية والدفاعية الضرورية للعمل الشرطي وتقنيات التحقيق والاستجواب المتوافقة مع القوانين والأنظمة المرعية».

واللافت في مبادرة «دورية الدراجات الهوائية» أنها تغطي المنطقة الممتدة على الكورنيش البحري من دار المريسة حتى مسبح الجامعة الاميركية، وهي تلقت تدريباتها على أيدي اختصاصيين  داخل البلاد وخارجها، ليكونوا على خبرة كافية في كيفية قيادة الدراجات الهوائية والتعاطي مع المواطنين.

وأشار مسلّم إلى «أن هذه الفكرة الحديثة التي انطلقت في الثمانينات من القرن الماضي لا سيما في العالم الغربي، اعتُمدت في منطقة رأس بيروت نظراً لطابعها، فهي منطقة تربوية، ثقافية وسياحية بامتياز ومقصداً  للمواطنين اللبنانيين كما أنها منطقة تجارية وأثرية، لذلك وفي محاولة للحد من السرقات والنشل والجرائم التي تُرتكب خاصة على الكورنيش البحري تم البدء بدورية الدراجات الهوائية في تلك المنطقة، على أمل أن تعمم على كامل الأراضي اللبنانية».

وفي إنجازات هذه الفرقة أنها تمكنت حتى الآن من توقيف العديد من النشالين، وكونها على تماس واحتكاك مع المواطنين من خلال تمكنها من الانتقال بسهولة بينهم، استطاعت نشر جو من الأمان والاطمئنان.

مسلّم أشار إلى أن انشاء فرقة الدراجات الهوائية لا يكلف مادياً الكثير، اذ لا تحتاج إلى وقود كالدراجات النارية والسيارات، كما أنها جيدة للبيئة وهي صحية تحدّ من التلوث.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي