صندوقة وكلمة سرّ... أقوياء وضعفاء ... صراع أصوات وأرانب ... أوراق مستورة ومجازفات / الحلقة الأولى

مَن يصنع رئيس «جمهوريات الداخل والخارج» في لبنان؟!

تصغير
تكبير
• سيناريو الجلسة الاولى للانتخاب سيكون امتداداً لـ «حرب الإلغاء» بين عون وجعجع لـ «إلغاء» الرجلين كمرشحيْن «قوييْن»

• «مواصفات» المرحلة السياسية ولاعبيها تسهم في صوْغ «الرسم التشبيهي» لصفات المرشح الأوفر حظاً

• نحو 10 مرشحين «افتراضيين» يتنافسون على لقب فخامة «الثالث عشر»

• لائحة فضفاضة من المرشحين تضم «الحاكم» و«المخضرم» و«السياسي» و«المدني» و«الحقوقي» و«البطريركي»

• طرفا الصراع في بيروت ينتظران «كلمة سر» إقليمية قد تهبط هذه المرة من حوار سعودي - إيراني بالواسطة

• منافسة حامية بين «أقوياء» فرصهم «ضعيفة» مثل «الجنرال» و«الحكيم» و«الرئيس» و«النائب»
مَن سيتربّع على الكرسي الرئاسي في لبنان في اليوم التالي لـ 25 مايو المقبل؟ رئيس جديد؟ ومَن هو الأوفر حظاً؟ أم «الفراغ» الذي كان سكن القصر الجمهوري لستة أشهر قبل ستة أعوام من الآن بعد رحيل الرئيس اميل لحود ومجيء الرئيس ميشال سليمان؟

ما من انتخابات رئاسية في لبنان منذ العهد الاستقلالي الذي أبصر النور في العام 1943 مرّت «بخير»، اذ غالباً ما كانت تتوّج حالة من الاضطراب او يعقبها اضطراب... فلبنان «المركّب» الذي تَنازعه الشرق والغرب يعاند لحماية «تداوُل السلطة» فيه، لكن بأثمان لا يستهان بها.

... صناعة

وعشية كل انتخابات رئاسية، يقفز السؤال عيْنه الى الصدارة: «مَن يصنع الرئيس؟»، وهذا السؤال هو ترجمة لاعتقاد سائد بان رئيس الجمهورية في لبنان لا يُنتخب في البرلمان بقدر ما «تصنعه» المحافل الاقليمية والدولية، التي كان لها في «الأغلب الأعمّ» الكلمة الفصل في تظهير اسم الرئيس اللبناني.

لاعبون

فرنسا «الأمّ الحنون»، بريطانيا التي كانت لا تغيب عن عوالمها الشمس، مصر «الناصرية»، سورية «البعثية»، الولايات المتحدة ووهْجها في كل مكان، المملكة العربية السعودية الحاضرة على الدوام، منظمة التحرير الفلسطينية يوم كانت «دولةً داخل الدولة»، اسرائيل عندما حلّت واحتلّت، وأخيراً ايران وحرَسها الثوري وحُرّاسها المحليون... كلهم شاركوا يوماً او يشاركون في إخراج اسم الرئيس اللبناني من «قمقمٍ» ما.

الثالث عشر

نحو عشرة مرشحين «افتراضيين» يتنافسون على لقب فخامة «الثالث عشر»، ومن السابق لأوانه قبل نحو شهر من نهاية السباق في 25 مايو المقبل، معرفة الأسماء التي ستتصارع داخل «الصندوقة الزجاجية» في القاعة العامة للبرلمان، وكيف ستتوزّع الـ 128 ورقة ما دام الاستحقاق الرئاسي ما زال في مهبّ سيناريوات متناقضة، من بينها ان الانتخابات لن تجري في موعدها.

أقوياء

ثمة أسماء قيل انها لـ «اقوياء»، وقيل ايضاً ان أمامها فرصاً «ضعيفة»... «الجنرال» ميشال عون، و«الحكيم» سمير جعجع، «الرئيس» امين الجميل، النائب سليمان فرنجية هم مرشحون من «خمس نجوم» لاعتبارات تتصل بمكانتهم الزعامتية في «الشارع» المسيحي، وبدا ان بكركي (البطريركية المارونية) تبنّتهم قبل ان توحي بأنها «خذلتهم» بالجملة حين دعت الى «رئيس توافقي»، قبل ان تنفي ذلك.

درجات

ولأنه يتمّ التعاطي مع المرشحين كـ «درجات»، يجري التداول بلائحة فضفاضة من الأسماء... «الحاكم» رياض سلامة، «الجنرال» جان قهوجي، «المخضرم» بطرس حرب، «النائب» روبير غانم، «السياسي» جان عبيد، «المدني» زياد بارود، «الحقوقي» شارل رزق، «البطريركي» روجيه ديب، و... أيّ ماروني آخر.

عهود

وغالباً ما كانت «مواصفات» المرحلة السياسية ولاعبيها تساهم في صوْغ «الرسم التشبيهي» لصفات المرشح الأوفر حظاً... هذا ما حصل يوم جاء بشارة الخوري، وتبوأ كميل شمعون، وتربّع فؤاد شهاب، وحلّ شارل الحلو، وانتُخب سليمان فرنجية، ووصل الياس سركيس، واحتلّ بشير الجميل، وتُوّج أمين الجميل، ومكث ميشال عون، وأطلّ رينيه معوض، وأتى الياس الهراوي ونُصّب اميل لحود، وصعد ميشال سليمان.

قبل الطائف

لم تخل سيَر الـ 12 رئيساً «سابقاً» من مفارقات «غير سعيدة» في معظمها. ففي الجمهورية الاولى، بشارة الخوري سعى لتمديد ولايته فاشتعلت في وجهه، كميل شمعون أقحم عهده في لعبة الأحلاف فاقتحمته اضطرابات 1958، فؤاد شهاب لم تغسل بياضَ تجربته العلامةُ السوداء لدور المخابرات فيها، شارل الحلو باغته العمل الفدائي فاقتيد الى «اتفاق القاهرة»، سليمان فرنجية انفجرت في عهده الحرب الاهلية، الياس سركيس خذله الخارج القريب والبعيد، بشير الجميل اغتاله حلمه والمغامرة، أمين الجميل أُحبط ومعه كل شيء، ميشال عون دخل بقوّة الفراغ وأُخرج عنوة.

الجمهورية الثانية

وفي الجمهورية الثانية، اغتيل رينه معوض ومعه «الطائف» العربي - الدولي، مُدد للياس الهراوي وللأزمة، فُرض التمديد لإميل لحود فانفجرت «انتفاضة الاستقلال»، ثم جاء «اتفاق الدوحة» بميشال سليمان «التوافقي» رئيساً لجمهوريةٍ «مشلّعةِ» الأبواب والحدود والمؤسسات، وها هي تبحث الآن عن «رئيسٍ ما» قد يأتي قريباً وقد يتأخر طويلاً.

رأس الحربة

وحده سمير جعجع رئيس حزب «القوات اللبنانية» وأحد قادة تحالف «14 آذار» اعلن ترشّحه للرئاسة عبر آليات حزبية وسياسية تستحضر تقاليد الدول الديموقراطية... اعلان ترشّحه تبعه برنامج رئاسي وحملات إعلامية وترتيب تحالفات و«عدّ أصوات»، وكأن المعركة الرئاسية تحتكم الى الصندوقة الزجاجية ولعبة أوراق الـ 128 وبرنامج عمل وما شابه من مظاهر تُزاوِج بين الـ «نوستالجيا» و«تلفزيون الواقع».

المدفعجي

زعيم «التيار الوطني الحرّ» العماد ميشال عون مرشّح ولكن... فابن قوى 8 آذار عيْنه على 14 آذار. اعلن انه لن يخوضها الا بالتوافق. ورغم الاعتقاد بأن احداً لا يريده رئيساً، لا حلفاؤه ولا خصومه، فان الجنرال عون قرّر فجأة الانتقال من دور «المدفعجي» في قصف «تيار المستقبل» الذي يتزعمه الرئيس سعد الحريري، الى دور «الإطفأجي» ساعياً الى مدّ الجسور نحو فرصته الأخيرة في الوصول الى موقع الرئاسة.

الحنين و«ابن الخط»

الرئيس امين الجميل يشعر بحنين الى القصر الذي سكنه ستة اعوام، لكن لا يتملكه الوهم في إمكان «تطويع» الوقائع للعودة من جديد الى رحاب الرئاسة الاولى، وكذلك هو حال «ابن الخط» الممانع النائب سليمان فرنجية الذي غالباً ما يفاخر بأنه صديق آل الأسد، وانه لن يرى الرئاسة يوماً الا اذا «انتصر» الخط الذي حكم سورية لأربعة عقود والذي يحكم الآن أقلّ من نصفها وبالقوة النارية.

أكثر من جلسة

السيناريو الأكثر تداولاً في ملاقاة الشهر الأخير من ولاية الرئيس ميشال سليمان، الذي انعدمت فرص التمديد له بعدما قال كلمته في مواجهته مع «حزب الله» وقرّر ان يمشي، يشي بأن البرلمان سيكون على موعد مع أكثر من جلسة انتخاب، واحدة، اثنتان وربما أكثر، يمكن ان تنتهي الى انتخاب رئيس جديد وربما لن تفضي الى ذلك ايضاً.

سيناريو

الجلسة الاولى التي تستوجب تأمين نصاب الثلثين (86 من اصل 128) ستكون امتداداً لـ «حرب الالغاء» بين العماد عون والدكتور جعجع، تلك الحرب التي أرهقت المسيحيين في العام 1990، والمرشّحة ان تتجدد في الصندوقة الزجاجية التي ستكون كفيلة بـ «إلغاء» الرجلين كمرشحيْن «قوييْن» لعدم تمكن ايّ منهما من «الفوز» لا بالثلثين ولا بالنصف +1.

بيضة الأقلّوي

هذا السيناريو يفترض رفع الجلسة افساحاً امام التشاور في نطاق «فترة سماح» امام اللاعبين المحليين والاقليميين للتفاهم على مرشح تسوية في حال كان المناخ الاقليمي ناضجاً للتوصل الى «صفقة ما» تصنع رئيساً للبنان، او كان الداخل أكثر ميلاً لبلوغ تسوية من هذا النوع ترعاها «بيضة القبان» في التركيبة الحالية المتمثلة بـ «الأقلوي» القابض على التوازنات، اي الزعيم الدرزي وليد جنبلاط.

أرنب

في الكواليس الرئاسية، يسود انطباع بأنه بعد المنازلة بـ «الأصوات» في الجلسة الأولى للانتخابات بين العماد عون والدكتور جعجع، ستنتهي المعركة بإبعاد المتنافسيْن الرئيسييْن عن السباق، ايذاناً بجلسات اخرى تتيح للاعبيْن الماهريْن، رئيس البرلمان نبيه بري والنائب جنبلاط سحب أرنب من قبعتهما وفتح باب القصر أمامه كرئيس «تسوية» تقبل به «14 آذار» ولا تَغضب منه «8 آذار»، ومن الاسماء التي يتم التداول بها في هذا الإطار روبير غانم او جان عبيد.

الـ «1+5»

غير ان في بيروت تقديرات تشير الى ان طرفيْ الصراع في الداخل غير قادرين على صوغ تفاهم حول الرئيس العتيد، وهما ينتظران «كلمة سر» اقليمية قد تهبط هذه المرة من حوار سعودي - ايراني بالواسطة، عبر مجموعة الدول 1+5، ومعها اسم الرئيس الذي يعبّر عن «اللحظة الاقليمية» الراهنة وتوازناتها، وتالياً فإنه لن يكون في هذا المعنى إلا توافقياً.

مقايضة

ولفت في هذا السياق مشروع «مقايضة» سعى «حزب الله» الى جسّ نبض الرئيس سعد الحريري في شأنه ويقوم على صفقة شاملة تؤول رئاسة الحكومة بموجبها للحريري مقابل ان يكون لـ «8 آذار» كلمة الفصل في تظهير اسم رئيس الجمهورية الجديد، إضافة الى التفاهم المسبق على قانون الانتخابات النيابية، وهو الاهم في إعادة إنتاج السلطة في لبنان.

غامضة

هذا المشروع لم يلق أصداء بسبب عدم رغبة الحريري بالعودة الى لبنان في المرحلة القريبة او بالعودة الى رئاسة الحكومة، وهو الامر الذي انتفت معه شروط المقايضة، واستمرّ الغموض تالياً يحوط بالاستحقاق وسيناريواته المتناقضة.

تريث...

ويشكل هذا الغموض الوجه الآخر لتريث لافت من غالبية الأطراف التي لم تُدر محركاتها الرئاسية بعد... لم تفصح عن اسم مرشحها الفعلي ولم تكشف عن أوراقها المستورة، إما نتيجة مأزق ما وإما نتيجة الشعور بأن الوقت لم يحن بعد، وإما في انتظار إشارة الخارج، وإما لاعتقادٍ خفي بأن لا انتخابات رئاسية في موعدها الدستوري.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي