الخطة الأمنية في طرابلس على مشارف «الساعة الصفر» فهل تُفكّك الـ «لغم» المزمن؟

«الكنيسة» دخلت بقوة على خط الاستحقاق الرئاسي بجمعها الأقطاب الموارنة

تصغير
تكبير
على خطيْن متوازييْن انصبّ الاهتمام في بيروت، واحد أمني وسط بدء العدّ التنازلي لتنفيذ الخطة الامنية التي أقرها مجلس الوزراء وخصوصاً لطرابلس في جلسته الاخيرة على ان يبدأ تنفيذها غداً على أبعد تقدير على وقع تعهدات بتغطية عملية جمع السلاح وازالة المظاهر المسلحة وتعقب عشرات المطلوبين بموجب مذكرات توقيف في جبل محسن (العلوية) وباب التبانة (السنية)، وثانٍ سياسي بات يختصره ملف الانتخابات الرئاسية التي انطلقت مهلتها الدستورية في 25 الجاري وينص الدستور على وجوب إجرائها بحلول 25 مايو المقبل كحدّ أقصى.

واذا كانت الأنظار تركّزت امس، على اتصالات «ربع الساعة الأخير» والتحضيرات اللوجستية لبدء عملية تفكيك «لغم» طرابلس الذي انفجرعلى شكل 20 جولة قتال سياسي - مذهبي منذ العام 2008، فان الاستحقاق الرئاسي ما زال يشهد «شدّ حبال» بين مسعى يقوده رئيس البرلمان نبيه بري لضبط ايقاع هذا الملف «على الساعة» الاقليمية - الدولية التي لم تصل بعد الى تفاهم على مرشّح «اللحظة السياسية» والتي تبقى الناظم الرئيسي لـ»رئاسية لبنان»، وبين «مسعى مضاد» دخلت على خطه بقوة البطريركية المارونية التي تحاول كسْر منحى «فرْملة» الانتخابات وتأخير بدء الدعوة الى جلسات الانتخاب ريثما تنضج الظروف الخارجية لمصلحة إطلاق دينامية داخلية يشكل المسيحيون «الدينامو» الرئيسي فيها اولاً لأنهم المعنيون الاوائل بهذا الاستحقاق (المسيحي - الماروني) وثانياً لعدم جعل الانتخابات «رهينة» الساعات الاخيرة مع ما ينطوي عليه ذلك من فتحها على تسويات ومساومات تكون على حساب معيار اساسي تضعه الكنيسة وهو «الصفة التمثيلية» للرئيس المقبل.


وبعد استعجال البطريرك الماروني الثلاثاء الماضي الرئيس بري الدعوة الى جلسات انتخاب رئيس الجمهورية وعدم استهلاك المهلة الدستورية بالتريث وانتظار التوافقات السياسية على المرشحين، جاءت الخطوة التالية من الكنيسة معبّرة اكثر عن قيادتها هذا الملف داخلياً من خلال جمْعها الاقطاب السياسيين الموارنة في بكركي مساء الجمعة برئاسة الراعي في حضور الرئيس امين الجميل والعماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية فيما غاب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «لاسباب أمنية».

واذا كان الاجتماع شكّل تبنياً ضمنياً من الكنيسة لهؤلاء الأقطاب باعتبارهم مرشّحين يحظون بقبولها، فان مضمون البيان الذي صدر عن بكركي امس، وأذاعه مدير مكتب الاعلام وليد غياض (كان تلي على جعجع هاتفياً ووافق عليه) حدّد المعايير الواضحة للبطريركية والأقطاب الموارنة الاربعة للرئيس العتيد كما لكيفية مقاربة الآليات الاجرائية للانتخابات بما يجعل المسيحيين اصجاب الكلمة الاساسية فيها، اذ اشار الى انه «جرى تأكيد وجوب إجراء الانتخابات الرئاسية، كواجب وطني على مجلس النواب، في الموعد الدستوري وبحسب الأصول الدستورية»، لافتاً الى «الاصرار على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يستمدّ دعمه بداية من المكون الذي ينتمي إليه، فيكون معبِّرا عن الوجدان اللبناني لدى المسيحيين والمسلمين وعن الثوابت الميثاقية والوطنية، ويحقق مصلحة شعب لبنان الواحد وخير اللبنانيين جميعا، كرأس للدولة ورمز لوحدة الوطن، ويكون قادرا على تحمل مسؤولياته الوطنية بشكل فعلي».

ودعا المجتمعون الى «الاسراع في إجراء الدورة الأولى من الانتخابات في أقرب وقت وقد ابتدأت المهلة الدستورية، افساحا في المجال لعملية انتخابية ديموقراطية، من دون المخاطرة بانقضاء هذه المهلة من دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية»، مؤكدين «متابعة التنسيق في ما بين المجتمعين والتشاور المستمر مع البطريرك حتى إتمام عملية الانتخاب»، مجددين «تبنيهم للمبادئ التي يجب أن ترعى الاستحقاق الرئاسي، والتي كانت اللجنة السياسية قد وضعتها بين يدي البطريرك نهار الاثنين الماضي، مع التأكيد على آلية تضمن حصول انتخاب رئيس وفق الاصول وتمنع فرض تسويات لا تتوافق مع السعي الى تحقيق المشاركة الوطنية الميثاقية الفعلية».

في موازاة ذلك، وفيما كانت الاوساط السياسية تترقّب اعلان «القوات اللبنانية» و»حزب الله» (بلسان السيد حسن نصر الله الذي أطل عصراً في كلمة متلفزة) موقفيهما من دعوة رئيس الجمهوري ميشال سليمان أقطاب هيئة الحوار الوطني للتوافد الى قصر بعبدا عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر الاثنين، لمناقشة تصوّره للاستراتيجية الدفاعية، التي يحرص على إنجازها، كواحدة من إنجازات عهده، كان الوضع في طرابلس محط معاينة دقيقة مع بدء العد التنازلي لتنفيذ الجيش اللبناني وسائر الأجهزة الامنية الخطة الامنية الحازمة للمدينة، على ان تكون الساعات الفاصلة عن انطلاقها مكرسة لاستكمال الاتصالات السياسية والتحضيرات العسكرية لنشر الجيش بقوة وبلا اي صدامات رغم وجود قرار بحسم اي صِدام بالقوة.

وفيما تشير تقارير الى ملامح شعور في جبل محسن بان الغطاء قد رُفع عن الزعيم العلوي علي عيد ونجله رفعت المطلوبان بمذكرات قضائية (الاول لاتهامه بتهريب احد منفذي تفجير المسجدين في طرابلس والثاني لتهديد فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي)، فان آخر الاتصالات في التبانة كانت تتركّز على ضمان تسليم قادة المحاور بالخطة التي تنص في خطوطها العريضة على الآتي:

• استقدام وحدات عسكرية معززة ومن النخبة الى الشمال.

• بدء الانتشار من جبل محسن ومصادرة السلاح الثقيل والمتوسط ومخازن الذخيرة، وتوقيف المسلحين وتنفيذ الاستنابات بحق المطلوبين وبينهم مسؤولون في الحزب العربي الديموقراطي (حزب علي عيد ونجله)، على ان يشكل ما يجري في جبل محسن تسهيلاً لما سيحصل في التبانة حيث سيكون الانتشار قوياً ما سيدفع بعض المجموعات الى التسليم من دون اي قتال وتسليم الاسلحة والذخائر على ان تقوم الاجهزة الامنية بملاحقة المطلوبين وبينهم قادة محاور وقريبون من مشايخ.

وتخوفت مصادر عسكرية من حصول صِدام مع المجموعات التكفيرية المسؤولة عن قتل عسكريين بدم بارد مشيرة الى ان الجيش سيحاول القضاء على هذه المجموعات في اماكن وجودها ومنع انفلاشها في طرابلس كي لا تتخذ المعركة بُعداً آخر.

وحسب المصادر نفسها، فان التحرك المرتقب على الارض يحظى بغطاء سياسي كامل لم يسبق ان توافر منذ العام 2008، معتبرة ان إنهاء مشكلة باب التبانة - جبل محسن هو الباب الوحيد لإنهاء وجود المجموعات المتطرفة في طرابلس.

وفي هذه الأثناء، بقيت الانظار على البقاع الشمالي الذي شملته ايضً الخطة الامنية والذي شهد ولا سيما في عرسال نزوح نحو الف سوري هرباً من فليطة ورأس المعرة (في القلمون) بعد التقارير التي اشارت الى ان الجيش السوري النظامي سيطر عليهما. وقد عمد الجيش اللبناني الى التدقيق في هويات النازحين خشية وجود مسلحين بينهم.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي