أمي وأبي...
• يشقى العاق لأبويه بما لحقه من سخط الله عليه وعقابه له خصوصاً إذا دعا عليه أحد أبويه
•من آثار العقوق أن العاق يحجب عن رؤية الله تعالى له كما يحجب الكافر عن رؤيته سبحانه
• التفريط في حق الوالدين وعصيانهما سبيل إحباط ما يعمله العاق من أعمال البر والطاعة
• لا ينجو من عذاب القبر الذي يؤذي والديه بسباب أو غيره وتنزل عليه لعنة الله وكما يدين يدان
•من آثار العقوق أن العاق يحجب عن رؤية الله تعالى له كما يحجب الكافر عن رؤيته سبحانه
• التفريط في حق الوالدين وعصيانهما سبيل إحباط ما يعمله العاق من أعمال البر والطاعة
• لا ينجو من عذاب القبر الذي يؤذي والديه بسباب أو غيره وتنزل عليه لعنة الله وكما يدين يدان
المؤمن يتجمل بالخلال العظمية، ويتزين بحلل الفضيلة، التي على رأسها البر والإحسان ويحرص على أن يظهر هذه الشيم الرفيعة أمام والديه أولاً ويسديها لهما عرفاناً بالجميل، وشكراً لهما على العمل الجزيل، وهذا دأب الأنبياء والصالحين عبر الزمان. وقد خلَف خلْف أضاع وغفل عن هذه الطاعات لله رب الأرض والسماوات ثم عن البر بالآباء والأمهات، فكان منهم العقوق والنفور، نتيجة لأسباب ارتكزوا عليها، ودفعتهم الى التمرد والعصيان. ولقد أثمر العقوق من الأبناء والبنات للآباء والأمهات شوكاً أصاب هؤلاء العاقين، وتذوقوا آلام التمرد ونكران الجميل، ونزول غضب الله عليهم والحرمان من الخير، وغشيهم عذاب الله العاجل كما ينتظرهم عذابه الآجل. فحري بالبارين أن يستمروا في البر والإحسان، وعلى العاقين أن يرجعوا الى رشدهم، فيبدلوا التمرد والعصيان لوالديهم بالرحمة والإحسان، والعطف والرأفة، وبذل العطاء لهم، والتوقير والاحترام، وليسلكوا السبل التي توصلهم الى مرضاة الله تعالى ثم رضا الوالدين.
وعن البر والعقوق سنتحدث في مجموعة من المقالات التي جمعتها في كتاب بعنوان «أمي وأبي... أبرهما ولا أعقهما» علَّه ينفع المسلمين... والله الموفق والمستعان.
العقوق طريق الظلام
ان الايمان له شعب تنبع منه، يشرب منها ويرتوي كل تقي وبار، ومن شعبه البر وعمل الخير، وبر الوالدين وطاعتهما، والاحسان اليهما، قال الله تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه حسنا)، ومما يتنافى مع كمال الايمان عدم البر بالوالدين، وإيذائهما، وعقوقهما، مما يشاهد في واقعنا المعاصر من صور العقوق بالوالدين التي ليست من برهما، وتعد من العقوق الذي نهى الله عنه ورسوله، والذي تنتج عنه آثار سيئة وأضرار جسيمة تصيب الوالدين، وتضر الآخرين، من أفراد ومجتمع، وسأتناول الموضوع ببيان مفهومه وصوره وأسبابه ونتائجه.
معنى العقوق
العق: هو الشق والقطع، فكأن العاق قد شق الصلة التي بينه وبين والديه، وقطعها بالعقوق لهما، وقطعه لها بالايذاء لهما وعصيانهما، فمدلول العقوق: هو الايذاء والعصيان. فالعاق: هو من يعق والديه ويؤذيهما.
فالعقوق: هو ضد البر، وهذا تعريف مفصل له، وهو ان العقوق هو تصرف يصدر من الابناء بهدف الاساءة للآباء، سواء كانت اساءة جسدية او نفسية او مالية وذلك عند الوصول الى الشعور بالقوة.
الترهيب من العقوق
وردت آيات قرآنية وأحاديث نبوية تحذر من العقوق، وتبين آثاره السيئة التي تعود على العاق في الدنيا والآخرة، منها ما يلي:
أولاً - في القرآن الكريم:
1 - قوله تعالى: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما (23) واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا (24) ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا (25)».
2 - وقال سبحانه: «والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن ان وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين (17) أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين (18)».
3 - وقال جل شأنه: «ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير (14) وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إليّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون (15)».
ثانياً - في السنة النبوية:
أما الاحاديث التي نهت عن العقوق فكثيرة، أذكر منها ما يلي:
1 - عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ان الله حرم عليكم: عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعاً وهات، وكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال».
2 - كما ان العقوق من كبار الذنوب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثا، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس، فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فمازال يكررها حتى قلنا ليته سكت».
3 - العاق محروم من دخوله الجنة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رغم أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه، قيل من يا رسول الله؟ قال: من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما ثم لم يدخل الجنة».
4 - من يعق والديه أو أحدهما يعجل له العقاب في الدنيا قبل الآخرة، فعن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: «بابان يعجلان عقوبتهما في الدنيا قبل الآخرة: البغي والعقوق».
5 - يشقى العاق لأبويه بما لحقه من سخط الله عليه، وعقابه له، خصوصا اذا دعا عليه احد أبويه فإن الله يستجيب دعاءه، وينزل نقمته على ذاك الابن العاق، لأن دعاء الوالد لا يرد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث دعوات مستجابات، لاشك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده».
6 - ان القاطع للبر عن والديه دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل عليه السلام بالخسران والذلة في الدنيا عند الممات، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «ارتقى النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر درجة، فقال: آمين، ثم ارتقى الثانية فقال: آمين، ثم ارتقى الثالثة فقال: آمين، ثم استوى فجلس فقال أصحابه: على ما أمنت؟ قال: «أتاني جبريل: فقال: رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك، فقلت: آمين فقال: رغم أنف امرئ أدرك أبويه فلم يدخل الجنة، فقلت: آمين، رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له، فقلت: آمين».
7 - من آذى والديه أو أحدهما دعا عليه جبريل عليه السلام بالعذاب في جهنم، وأمّن النبي صلى الله عليه وسلم على دعائه، فعن جابر بن أبي سمرة رضي الله عنه قال: «صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: آمين، آمين، آمين، قال: أتاني جبريل عليه الصلاة والسلام، فقال: يا محمد من أدرك أحد أبويه فمات، فدخل النار، فأبعده الله، فقل: آمين، فقلت: آمين، فقال: يا محمد من أدرك شهر رمضان فمات فلم يغفر له فأدخل النار، فأبعده الله، فقل: آمين، فقلت: آمين، قال: ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله، فقل: آمين، فقلت: آمين».
8 - ان العاق لوالديه لا يغفر الله له ما ارتكب من العصيان لله سبحانه ثم لوالديه. عن مالك بن عمرو والقشيري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أعتق رقبة مسلمة فهي فداؤه من النار، ومن أدرك احد والديه ثم لم يغفر له فأبعده الله وأسحقه».
9 - من لا يقبل الله تعالى توبة العاق اذا أعلنها يوم القيامة، اما اذا كانت التوبة من العاق في الدنيا وصفح عنه والداه فإن توبته مقبولة، فعن أبي أمامة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا يقبل الله منهم يوم القيامة صرفا ولا عدلا عاق، ومنّان، ومكذّب بالقدر».
10 - ان من آثار العقوق ان العاق يحجب عن رؤية الله تعالى له لغضب الخالق سبحانه على العاق، كما يحجب الكافر عن رؤية الخالق سبحانه قال تعالى: «كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون (15) ثم انهم لصالوا الجحيم (16)».
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في شأن المحجوبين من العصاة لآبائهم وأمهاتهم: «ثلاثة لا ينظر الله اليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال والديوث، وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والمدمن الخمر، والمنان بما أعطى».
11 - التفريط في حق الوالدين، وعصيانهما سبيل إحباط ما يعمله العاق من أعمال البر والطاعة، ولا يجد ما يقيه من النار بضياع حسناته بسبب العقوق، فعن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه، قال: جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله، شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليت الخمس، وأديت زكاة مالي، وصمت رمضان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات على هذا كان من النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة - هكذا، ونصب اصبعين - ما لم يعق والديه».
12 - إن لعنة الله تعالى تنزل على العاصي لوالديه، قال صلى الل عليه وسلم: «ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من ذبح لغير الله، ملعون من عق والديه».
13 - لا ينجو من عذاب القبر الذي يؤذي والديه أو أحدهما بسباب أو غيره، فعن العوام بن حوشب قال: نزلت مرة حياً وإلى جانب ذلك الحي مقبرة، فلما كان بعد العصر انشق فيها قبر، فخرج رجل رأسه رأس الحمار، وجسده جسد إنسان فنهق ثلاث نهقات ثم انطبق عليه القبر، فإذا عجوز تغزل شعراً أو صوفاً، فقالت امرأة: ترى تلك العجوز؟ قلت: مالها؟ قالت: تلك أم هذا، قلت: وما كان قصته؟ قالت: كان يشرب الخمر فإذا راح تقول له أمه: يا بني اتق الله إلى متى تشرب هذه الخمر؟
فيقول لها: إنما أنت تنهقين كما ينهق الحمار! قالت: فمات بعد العصر، قالت: فهو ينشق عنه القبر بعد العصر كل يوم فينهق ثلاث نهقات ثم يطبق عليه القبر».
14 - من القول المأثور «كما تدين تدان» إن الولد الذي يؤذي والديه أو أحدهما فإن الله تعالى يسلط عليه ولده فيجازيه بمثل ما آذى والده سابقاً جاء في الحديث «بروا آباءكم كم تبركم أبناؤكم» والعكس يكون كذلك.
وأخيراً - أخي المسلم - احذر عقوق الوالدين، واحرص على رضاهما، واجتنب سخطهما حتى تفوز برضا الله تعالى ثم رضاهما، ودخولك الجنة، والنعيم فيها وإلا كان مصيرك الغضب من الله وعذابه في الدنيا والآخرة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سره أن يمد له في عمره، ويزاد في رزقه، فليبر والديه، وليصل رحمه».
وقال صلى الله عليه وسلم: «رضا الله في رضا الوالد، وسخط الله في سخط الوالد»، وقال عليه الصلاة والسلام: «طاعة الله في طاعة الوالد، ومعصية الله في معصية الوالد».
* إمام وخطيب بوزارة الأوقاف
وعن البر والعقوق سنتحدث في مجموعة من المقالات التي جمعتها في كتاب بعنوان «أمي وأبي... أبرهما ولا أعقهما» علَّه ينفع المسلمين... والله الموفق والمستعان.
العقوق طريق الظلام
ان الايمان له شعب تنبع منه، يشرب منها ويرتوي كل تقي وبار، ومن شعبه البر وعمل الخير، وبر الوالدين وطاعتهما، والاحسان اليهما، قال الله تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه حسنا)، ومما يتنافى مع كمال الايمان عدم البر بالوالدين، وإيذائهما، وعقوقهما، مما يشاهد في واقعنا المعاصر من صور العقوق بالوالدين التي ليست من برهما، وتعد من العقوق الذي نهى الله عنه ورسوله، والذي تنتج عنه آثار سيئة وأضرار جسيمة تصيب الوالدين، وتضر الآخرين، من أفراد ومجتمع، وسأتناول الموضوع ببيان مفهومه وصوره وأسبابه ونتائجه.
معنى العقوق
العق: هو الشق والقطع، فكأن العاق قد شق الصلة التي بينه وبين والديه، وقطعها بالعقوق لهما، وقطعه لها بالايذاء لهما وعصيانهما، فمدلول العقوق: هو الايذاء والعصيان. فالعاق: هو من يعق والديه ويؤذيهما.
فالعقوق: هو ضد البر، وهذا تعريف مفصل له، وهو ان العقوق هو تصرف يصدر من الابناء بهدف الاساءة للآباء، سواء كانت اساءة جسدية او نفسية او مالية وذلك عند الوصول الى الشعور بالقوة.
الترهيب من العقوق
وردت آيات قرآنية وأحاديث نبوية تحذر من العقوق، وتبين آثاره السيئة التي تعود على العاق في الدنيا والآخرة، منها ما يلي:
أولاً - في القرآن الكريم:
1 - قوله تعالى: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما (23) واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا (24) ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا (25)».
2 - وقال سبحانه: «والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن ان وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين (17) أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين (18)».
3 - وقال جل شأنه: «ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير (14) وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إليّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون (15)».
ثانياً - في السنة النبوية:
أما الاحاديث التي نهت عن العقوق فكثيرة، أذكر منها ما يلي:
1 - عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ان الله حرم عليكم: عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعاً وهات، وكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال».
2 - كما ان العقوق من كبار الذنوب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثا، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس، فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فمازال يكررها حتى قلنا ليته سكت».
3 - العاق محروم من دخوله الجنة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رغم أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه، قيل من يا رسول الله؟ قال: من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما ثم لم يدخل الجنة».
4 - من يعق والديه أو أحدهما يعجل له العقاب في الدنيا قبل الآخرة، فعن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: «بابان يعجلان عقوبتهما في الدنيا قبل الآخرة: البغي والعقوق».
5 - يشقى العاق لأبويه بما لحقه من سخط الله عليه، وعقابه له، خصوصا اذا دعا عليه احد أبويه فإن الله يستجيب دعاءه، وينزل نقمته على ذاك الابن العاق، لأن دعاء الوالد لا يرد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث دعوات مستجابات، لاشك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده».
6 - ان القاطع للبر عن والديه دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل عليه السلام بالخسران والذلة في الدنيا عند الممات، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «ارتقى النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر درجة، فقال: آمين، ثم ارتقى الثانية فقال: آمين، ثم ارتقى الثالثة فقال: آمين، ثم استوى فجلس فقال أصحابه: على ما أمنت؟ قال: «أتاني جبريل: فقال: رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك، فقلت: آمين فقال: رغم أنف امرئ أدرك أبويه فلم يدخل الجنة، فقلت: آمين، رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له، فقلت: آمين».
7 - من آذى والديه أو أحدهما دعا عليه جبريل عليه السلام بالعذاب في جهنم، وأمّن النبي صلى الله عليه وسلم على دعائه، فعن جابر بن أبي سمرة رضي الله عنه قال: «صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: آمين، آمين، آمين، قال: أتاني جبريل عليه الصلاة والسلام، فقال: يا محمد من أدرك أحد أبويه فمات، فدخل النار، فأبعده الله، فقل: آمين، فقلت: آمين، فقال: يا محمد من أدرك شهر رمضان فمات فلم يغفر له فأدخل النار، فأبعده الله، فقل: آمين، فقلت: آمين، قال: ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله، فقل: آمين، فقلت: آمين».
8 - ان العاق لوالديه لا يغفر الله له ما ارتكب من العصيان لله سبحانه ثم لوالديه. عن مالك بن عمرو والقشيري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أعتق رقبة مسلمة فهي فداؤه من النار، ومن أدرك احد والديه ثم لم يغفر له فأبعده الله وأسحقه».
9 - من لا يقبل الله تعالى توبة العاق اذا أعلنها يوم القيامة، اما اذا كانت التوبة من العاق في الدنيا وصفح عنه والداه فإن توبته مقبولة، فعن أبي أمامة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا يقبل الله منهم يوم القيامة صرفا ولا عدلا عاق، ومنّان، ومكذّب بالقدر».
10 - ان من آثار العقوق ان العاق يحجب عن رؤية الله تعالى له لغضب الخالق سبحانه على العاق، كما يحجب الكافر عن رؤية الخالق سبحانه قال تعالى: «كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون (15) ثم انهم لصالوا الجحيم (16)».
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في شأن المحجوبين من العصاة لآبائهم وأمهاتهم: «ثلاثة لا ينظر الله اليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال والديوث، وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والمدمن الخمر، والمنان بما أعطى».
11 - التفريط في حق الوالدين، وعصيانهما سبيل إحباط ما يعمله العاق من أعمال البر والطاعة، ولا يجد ما يقيه من النار بضياع حسناته بسبب العقوق، فعن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه، قال: جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله، شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليت الخمس، وأديت زكاة مالي، وصمت رمضان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات على هذا كان من النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة - هكذا، ونصب اصبعين - ما لم يعق والديه».
12 - إن لعنة الله تعالى تنزل على العاصي لوالديه، قال صلى الل عليه وسلم: «ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من ذبح لغير الله، ملعون من عق والديه».
13 - لا ينجو من عذاب القبر الذي يؤذي والديه أو أحدهما بسباب أو غيره، فعن العوام بن حوشب قال: نزلت مرة حياً وإلى جانب ذلك الحي مقبرة، فلما كان بعد العصر انشق فيها قبر، فخرج رجل رأسه رأس الحمار، وجسده جسد إنسان فنهق ثلاث نهقات ثم انطبق عليه القبر، فإذا عجوز تغزل شعراً أو صوفاً، فقالت امرأة: ترى تلك العجوز؟ قلت: مالها؟ قالت: تلك أم هذا، قلت: وما كان قصته؟ قالت: كان يشرب الخمر فإذا راح تقول له أمه: يا بني اتق الله إلى متى تشرب هذه الخمر؟
فيقول لها: إنما أنت تنهقين كما ينهق الحمار! قالت: فمات بعد العصر، قالت: فهو ينشق عنه القبر بعد العصر كل يوم فينهق ثلاث نهقات ثم يطبق عليه القبر».
14 - من القول المأثور «كما تدين تدان» إن الولد الذي يؤذي والديه أو أحدهما فإن الله تعالى يسلط عليه ولده فيجازيه بمثل ما آذى والده سابقاً جاء في الحديث «بروا آباءكم كم تبركم أبناؤكم» والعكس يكون كذلك.
وأخيراً - أخي المسلم - احذر عقوق الوالدين، واحرص على رضاهما، واجتنب سخطهما حتى تفوز برضا الله تعالى ثم رضاهما، ودخولك الجنة، والنعيم فيها وإلا كان مصيرك الغضب من الله وعذابه في الدنيا والآخرة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سره أن يمد له في عمره، ويزاد في رزقه، فليبر والديه، وليصل رحمه».
وقال صلى الله عليه وسلم: «رضا الله في رضا الوالد، وسخط الله في سخط الوالد»، وقال عليه الصلاة والسلام: «طاعة الله في طاعة الوالد، ومعصية الله في معصية الوالد».
* إمام وخطيب بوزارة الأوقاف