مقال / لأجل الألف باء !
لو كان مرشحاً، للمرة الأولى، لمنصب الرئاسة لكان من المفهوم أن يعرض برنامجه الانتخابي، وأن يضمّنه الكثير من الوعود بالعمل على صلاح البلاد وأحوال العباد، بصرف النظر عمّا اذا كانت تلك الوعود ستنفذ (حين يتولى المرشح الرئاسة) أم انها ستكون خلبيّة تقتضيها الحملة الانتخابية الدعائية.
أما أن يكون في منصب الرئاسة لثلاث ولايات سابقة، ويرغب في استمرار تولّيه لدورة رابعة مثل عبد العزيز بوتفليقة، فان الوعود باجراء اصلاحات وبتعديل الدستور وتحسين هذا القطاع أو ذاك، تصبح حجّة عليه، وليست حجّة له!
ومن هنا تأتي طرافة قوله: «اذا انتخبتموني لولاية رابعة فانني سأقوم بكذا وكذا» ذلك أنه كان وليّاً على البلاد والعباد لسنوات طويلة وسنوات، فلِمَ لم يقم قبلاً بما يعد بالقيام به مستقبلاً!؟ لِمَ لم يعدّل الدستور مثلاً وينظر في أحوال الناس وأوضاعهم، وقد كانت جليّة واضحة من جهة، وكان في سدّة الحكم والقرار من جهة أخرى؟!
زين العابدين بن علي- أيضاً- وعد في خطابين متتاليين بالقيام باصلاحات عديدة، ولكن متى؟ حين كانت تهتز سلطته، ويتقوّض استمرار نظامه السياسي الذي كان!؟ هل من عاقل، أو نصف عاقل، يمكن له أن يصدّق، حتى لو كانت نوايا الواعد صادقة!؟
وحسني مبارك ألمح الى نواياه في خطاب له حين كانت مصر تشهد ثورتها، للتخفيف من هبّة الشعب المصري، وان كان قد قال في خطابه الأخير: «لم أكن أنتوي الترشّح الى ولاية رئاسية جديدة» ومتى؟ مع بلوغه الثمانين من العمر! أليس مفارقة غريبة أن يعلن رئيس في الثمانين من عمره لشعب يتجاوز تعداد سكانه ثمانين مليون نسمة أنه «لا ينتوي الترشّح مجدداً»؟!
الأكثر انسجاماً مع ذاته معمّر القذافي الذي لم يطلق الوعود أثناء ثورة الشعب الليبي، بل اطلق التهديدات والوعيد، وشاركه ابنه الشاب في الوعيد والتهديد، وظلا كلاهما يتهددان ويتوعدان الى آخر لحظة، حين أُلقي القبض على معمر القذافي مختبئاً!
أليست حالنا، نحن الشعوب العربية، مروّعة حقاً ومحزنة ومأسوية؟ أليس ما يحدث في بلداننا أشبه بعروض مسرحية مضحكة مبكية يمكن ادراجها تحت عنوان: صدّق أو لا تصدّق؟! ألا تبدو بلداننا أشبه بمزارع خاصة يملكها حكّام البلاد، فيما نحن بالنسبة لهم مجرد قطعان خوف في تلك المزارع؟!
خارج كل التفاصيل، وهي هائلة، فان كفاح شعوبنا هو لنزع صفة «المزرعة الخاصة» عن البلد، ولانتزاع النظر الينا من قِبل الحكّام بصفتنا قطعان خوف. في الجوهر، الكفاح يقوم ها هنا اليوم. يطمح الكفاح الى تثبيت حقيقة مفادها: البلدان ليست مزارع خاصة والعباد ليسوا قطعان خوف!
لا! الأمر ليس بدهياً! لو كان كذلك لما كان من ضرورة لكل هذا النضال والكفاح والدم! فنحن نناضل من أجل الحرف الأول أو الثاني في أبجدية الحياة السويّة. نحن نناضل من أجل البداهة، ومن أجل المسلّمات، ومن أجل تحصيل الحاصل، والنافل!
ولولا ذلك لما سمعنا من الرؤساء - الذين سقطوا أو الذين في الحكم لايزالون - كلاماً مُعلناً كالذي يقولون.
رغم ذلك، ليس لنا أن نقفز متجاوزين مراحل لا يمكن تجاوزها. نحن في الألف باء ما زلنا! في مرحلة الاتفاق على البداهات، وهو ليس متيسّراً وسهلاً. الأحداث الدراماتيكية الجارية الآن تؤكد ذلك، والأحداث المقبلة كما يبدو ستقول انْ كنا قد استطعنا، أم نحن لا نزال نحاول ونجاهد!
أما أن يكون في منصب الرئاسة لثلاث ولايات سابقة، ويرغب في استمرار تولّيه لدورة رابعة مثل عبد العزيز بوتفليقة، فان الوعود باجراء اصلاحات وبتعديل الدستور وتحسين هذا القطاع أو ذاك، تصبح حجّة عليه، وليست حجّة له!
ومن هنا تأتي طرافة قوله: «اذا انتخبتموني لولاية رابعة فانني سأقوم بكذا وكذا» ذلك أنه كان وليّاً على البلاد والعباد لسنوات طويلة وسنوات، فلِمَ لم يقم قبلاً بما يعد بالقيام به مستقبلاً!؟ لِمَ لم يعدّل الدستور مثلاً وينظر في أحوال الناس وأوضاعهم، وقد كانت جليّة واضحة من جهة، وكان في سدّة الحكم والقرار من جهة أخرى؟!
زين العابدين بن علي- أيضاً- وعد في خطابين متتاليين بالقيام باصلاحات عديدة، ولكن متى؟ حين كانت تهتز سلطته، ويتقوّض استمرار نظامه السياسي الذي كان!؟ هل من عاقل، أو نصف عاقل، يمكن له أن يصدّق، حتى لو كانت نوايا الواعد صادقة!؟
وحسني مبارك ألمح الى نواياه في خطاب له حين كانت مصر تشهد ثورتها، للتخفيف من هبّة الشعب المصري، وان كان قد قال في خطابه الأخير: «لم أكن أنتوي الترشّح الى ولاية رئاسية جديدة» ومتى؟ مع بلوغه الثمانين من العمر! أليس مفارقة غريبة أن يعلن رئيس في الثمانين من عمره لشعب يتجاوز تعداد سكانه ثمانين مليون نسمة أنه «لا ينتوي الترشّح مجدداً»؟!
الأكثر انسجاماً مع ذاته معمّر القذافي الذي لم يطلق الوعود أثناء ثورة الشعب الليبي، بل اطلق التهديدات والوعيد، وشاركه ابنه الشاب في الوعيد والتهديد، وظلا كلاهما يتهددان ويتوعدان الى آخر لحظة، حين أُلقي القبض على معمر القذافي مختبئاً!
أليست حالنا، نحن الشعوب العربية، مروّعة حقاً ومحزنة ومأسوية؟ أليس ما يحدث في بلداننا أشبه بعروض مسرحية مضحكة مبكية يمكن ادراجها تحت عنوان: صدّق أو لا تصدّق؟! ألا تبدو بلداننا أشبه بمزارع خاصة يملكها حكّام البلاد، فيما نحن بالنسبة لهم مجرد قطعان خوف في تلك المزارع؟!
خارج كل التفاصيل، وهي هائلة، فان كفاح شعوبنا هو لنزع صفة «المزرعة الخاصة» عن البلد، ولانتزاع النظر الينا من قِبل الحكّام بصفتنا قطعان خوف. في الجوهر، الكفاح يقوم ها هنا اليوم. يطمح الكفاح الى تثبيت حقيقة مفادها: البلدان ليست مزارع خاصة والعباد ليسوا قطعان خوف!
لا! الأمر ليس بدهياً! لو كان كذلك لما كان من ضرورة لكل هذا النضال والكفاح والدم! فنحن نناضل من أجل الحرف الأول أو الثاني في أبجدية الحياة السويّة. نحن نناضل من أجل البداهة، ومن أجل المسلّمات، ومن أجل تحصيل الحاصل، والنافل!
ولولا ذلك لما سمعنا من الرؤساء - الذين سقطوا أو الذين في الحكم لايزالون - كلاماً مُعلناً كالذي يقولون.
رغم ذلك، ليس لنا أن نقفز متجاوزين مراحل لا يمكن تجاوزها. نحن في الألف باء ما زلنا! في مرحلة الاتفاق على البداهات، وهو ليس متيسّراً وسهلاً. الأحداث الدراماتيكية الجارية الآن تؤكد ذلك، والأحداث المقبلة كما يبدو ستقول انْ كنا قد استطعنا، أم نحن لا نزال نحاول ونجاهد!