قلم احمر / العالم السري لحمام الحريم (2 من 2)

تصغير
تكبير
تكتبها : ليلى أحمد

لا ادري لماذا اسميت الفتاة ساحرة الجمال اسم «أمان» ربما لانها حمتني من قرصات اصابع النساء التى انطلقت نحوي كالاخطبوط، ما ان اخذتني لاحضانها، حتى لامس جلدي الطري نعومة جسدها الرطب، شعرت بقشعريرة نافرة.. فبعدت عنها.

حين ابتعدت.. اقتربت مني، هبطت بقامتها العالية لطفولتي، وبحمامتي كفيها الحنونتين، احتضت وجهي وقالت لي بصوت لطيف: عليك الاعتياد على هذه المناظر التى ترينها حولك في حمام الحريم.

تلقفت كفي وسحبتني باتجاه دكة النافورة المنعشة الماء، وقالت لي: تعالى نصنع بالونات من رغوة الصابون، سأقول لك الغازا عليكي حلها، انت في الثالثة عشرة من عمرك ومقبلة لتكوني مثلنا، لا تكوني كالعساكر في سجن النساء كما نراهم في الافلام، هل تعلمين ان امي علمتني منذ كنت بعمرك كيف اكسب زوجي مستقبلا و...

- أضع قدميه التعبتين بماء الترحيب

- وأمسد جسده في حمام بزهورات معطرة على ضوء الشموع

- أعطره... الاعبه و... اشاقيه

- و... أكون جارية بين يديه

- أمنحه همسي و... لمزي في اجواء من طيب البخور

- أكون انثى النمر غابتها جسد زوجها

- قطة ساكنة تأتلف عند قدميه


انتفاضة الماء

لم تكن عيناي ومداركي تتسع - بعد - لعالم الحريم السري، هو عالم خاص لا تطأ أرضه قدم... رجل !

هنا مجلس إدارة الانوثة الاولى، هنا تفاحة حواء لرجل هي فاكهته، والذي سيتلذذ بها في كل عمره قضمة قضمة.

هنا يصاغ تكوينها الانثوي الاول نفسيا وجسديا لذلك الذي محرم عليه هبوط مظلته في ارض.. الحريم !

صوت «أمان» الهامس يأتيني: خلقنا الخالق - جلت قدرته – منذ ولدت الدنيا.. لمتعتهم ! نحن جيب حاضن لهم !

كانت «امان» تصب في أذني - بأمانة - أدبيات ورثتها عن اسلافها جدة وجدات.. وخالات وعمات.

قلت لها: اعيديني لحمام لي.. وحدي.

تجاهلت طلبي واكملت: لا تعتقدي انك لن تستمتعي.. ستشعرين بقيمة انوثتك الحقة لا الزائفة والمتكبرة.

سألتها: أيوجد في حمامي دوش به ماء بارد وساخن.

ابتسمت بوجه كالقمر: نعم.. انت تطرقين الان اول ابواب الانوثة، في البدء انقعي قدميك بماء ساخن، ثم ادعكي باطنهما بـ«صخرة» سوداء سأريك اياها الآن.. ادعكيهما جيدا وبقوة حتى تنعما تماما مثل ملمس قدمي.. «شدت اصابعي اليها واكملت بثقة» حتى إلمسي.. اليس ملمسه لطيفا مثل بشرة نعومة الاطفال.

اكملت «امان»: قفي تحت الدوش بالكثير من الماء الدافيء، ادعكي جسدك جيدا جدا بـ «الليفة» الخشنة والماء والصابونة ذات الرغوة الكثيفة، ثم اسكبي الكثير الكثير من الماء الساخن حتى... تتفجر اوردتك بالدم !

بعد زوال آخر بقايا الصابون، ستشعرين بنعومة ملمسك، اعيدي دعك جسدك بصابون معطر حتى تنطلق رائحته في كل الارجاء، ثم اسكبي الكثير جدا من الماء على كل انحاء جسدك ثم.. توقفت «أمان» ونادت على احدى العاملات من صنف ام الشوارب، وأمرتها بطلب لم افهمه فغادرتنا لدقيقة واحدة و.. عادت الينا وبيدها شيء ما قالت لي «أمان»: هذه هي الصخرة السوداء المدببة الاطراف، هي عبقرية وتعطيك احلى ما بها ان اجدت استخدامها في دعك قدميك بقوة... هذا زيت برائحة الفاكهة، إدهنيه بجسدك حتى يمتصه جلدك.

ضحكت: رائحته فاكهة لاننا.. فواكه الرجال !

اكملت «أمان»: بعد الزيت.. اغتسلي بماء دافئ، وقبل أن تنهي حمامك اغتسلي بماء بارد جدا، من رأسك حتى اخمص قدميك، ستنتفضين لبرودته.. وستصيبك رعشات الماء وقد تبتعدين من تحت الدوش، قاومي.. هنا العناد مطلوب في تلك اللحظة، فهذا الماء البارد جدا سيطيل عمر بشرتك ويجدد جلدك ويشده، وسيضيف الحيوية والبريق على شعرك. بعد خروجك من الحمام، ستشذبين أظافرك ثم اطليها باللون الأحمر.


رحمة ظلال الانوثة

عيناي دارتا في فضاء حمام الحريم، هناك امرأة تملاْ طاسة معدنية صغيرة من ماء النافورة وتدلقه على رأسها تنتفض.. وتضحك.

«أمان» طلبت مني التعبير عن افكاري بدل الصمت المطبق فقلت لها: لا فرق بيني وبين الاولاد في شارعنا الموازي لبيتنا، فلماذا أكون فاكهة لهؤلاء الاشقياء، بالعكس انا دائما انتصر عليهم في سباقات الجري.

ضحكت.. ضحكت عاليا وخبطت جنبها، وبعد ثوان اعتدلت في جلستها وواجهتني وجها لوجه بابتسامة حنان فيها عفرتة وقالت: غدا.. بعد شهور ربما ستخرجين من جلد الولدنة الذكورية، وستتحولين الى كتلة من رحمة الانوثة التى سترافقك طوال حياتك !

أقبلت السيدة ذات الشوارب الخفيفة ورذاذ الماء ينقط من وجهها، القليل من الثياب ملتصقة بارتفاعات اكتنازاتها.

قالت بصوت ذكوري: حمامك الشخصي جاهز آنستي الصغيرة

قلت «لأمان»: شوارب هذه المرأة يذكرني بصرصار شاهدته في فيلم رعب !

ضحكت أمان كثيرا وطويلا، ودمعت عيناها، واخذتني لترافقني لحمامي، وحين وصلنا طلبت مني ان اتخلص من الفانيلة البيضاء ذات العلاقات المزينة بالورود الوردية والزرقاء... رفضت طلبها.. طبعا.

علقت: يعجبني بك تمسكك باحساسك الشخصي، اي قوة بالعالم لا تستطيع النيل مما لا ترغبين، لكن في يوم ما، ستذوبين بين يدي رجل تحبينه، وسيفرح بأحاسيسك الجميلة، ولن ترفعي امام قامته حواجز كبرياء النفس والجسد، وسيستحوذ على كل عطاءاتك واحاسيسك الحقيقية، وبذلك لن يغادر ابدا بوابات عمرك الجميل !


غير صالح للنشر

هنا... حيث تستوي الانوثة سمعت وشاهدت الكثير من الاقوال ومن النصائح والارشادات منزوعة القشطة و.. غير صالحة للنشر، «أمان» هي عبوة ناسفة في عالم قديم لا يتغير عندها، لا علاقة له بكل متغيرات العصر من دعوات حركات تحرير المرأة في العالم، هي ترى عالما به قمة المتع، والدلع المتسرب من بطانة الحريم لارضاء رجلها الذي توقظ من تحت جلده عالم طفولته فتكون له اما صابرة، ورجل شهم وكريم وصبور تكون له.. ابنتة، وامرأة تسقط السقف عن عالم الممنوعات لتمارسها معه، وسيدة صالونه الجميل، وطباخة برتبة شيف خمس نجوم.

دلع وولع له ومعه وعليه.. وعتاب إن اغضبها، تضرم النار الهادئة بعمق انسانيته ومشاعره فيفيق .


أخيرا وحدي

قبلتني على خدي وابتسمت ثم اغلقت «أمان» باب حمامي الحديدي علي في حمامي، وتركتني وحدي، وبديت بتفكيك توتري وشدي العضلي ولساني الطويل، وبدأت ايضا بتطبيق ما قالته «أمان» لي، واندمجت برغبتي في معرفة التفاصيل لادرك بشعوري عما افعله، ولأرى بعيني نتائج ما افعله، وبعد مضي وقت طيب فإذا بتفاحة مأكولة جيدا وعن بكرة ابيها تسقط على رأسي من الحمام المجاور «هاهاهاها نسوان رمة ما عندهاش ذمة».. انشغلت بنفسي ضاحكة، وبعد بعض الوقت سمعت...

-... «بــم»...

فزعت من دوي الصوت العالي الذي وصلني،ورغب فضولي في معرفة مصدرهذا... البمب !

اغتسلت بالماء الغزير الاخير، ولفلفت جسدي بفوطة كبيرة، فتحت الباب على مساحة حمام الحريم، فإذا بامرأة ضخمة تحمل على جسدها لحوما وشحوما كثيرة جدا «تكعكلت» بقباب شكله جميل وفعله ليس كذلك، ربما احتج على سمنتها الزائدة فاسقطها... أرضا !

- ... «بــــــــم».

النساء الكاتمات الضحك يحاولن الامساك بذراعيها لمساعدتها على الوقوف، كل ذراع من ذراعيها.. خرووووف مربرب ! دفعت جسدي الصغير بين قامات النساء الطويلات الرشيقات الملمومات حولها، محاولة الوصول لموقع.. الجريمة / الحدث حيث سقطت على الارض ! كنت اريد الاطمئنان على أرضية الحمام... ياترى هل حفرته بثقلها !

التعليقات المرحة «تفطس» من الضحك، احداهن علقت: هل بلعت ثلاجة كاملة يا خانم !

تطوعت احداهن قائلة: لا... لا تفهمين غلط، الا ترين... انها الثلاجة بعينها !

المرأة الواقعة على الارض روحها رياضية، اذ انها لم تتوقف عن الضحك الهستيري، وتترك حالها مفكوكة الاطراف ورخوة بسبب ضحكها وحتى تعليقاتها على نفسها لاعنة أوامر زوجها الذي يريدها... سمينة ! النساء من حولها يقررن تركها حتى تهدأ ضحكاتها لانهن عجزن وهن يحاولن الامساك بـ«خروفي» ذراعيها..!

عالم أنسّ

بعض الفتيات الجديدات الاكبر سنا مني جلسن على دكة النافورة ويتحدثن بصخب عال، جاءت امرأة نصف سمينة وجلست قربهن وبدأت بدعك جسدها بالورد الزيتي الفواح الرائحة،ولان دكة حوض النافورة عبارة عن قطع رخامية رفيعة نسبيا، تستقبل فقط رشيقات الجسد، والسيدة السمينة مشغولة بتزييت.. ماكينتها «هاهاهاهاااااي».. تزحلقت من دكة الحوض و... بم أخرى، وسقطت في الحوض البارد، فخرج الكثير من الماء من حوض النافورة ربما احتجاجا على غزو سمنتها لموقعهم الاثير، صاحت: انقـذووووونـــي..!

ووسط هرج ومرج النساء وضحكاتهن وتدافعهن نحوها لمحاولة سحبها، فاذا بهن يسقطن بعضهن خارج الحوض واثنتان معها في النافورة سقطن فوقها... ذلك ان الزيت الذي طلت به جسدها زحلقهن...جميعا !!

عفرتة نسائية مجنونة صاخبة جدا في حمام الحريم، المسكينة تحاول التماسك بالحوض، النافورة مازالت تطشطش الماء عليها باصرار عجيب، الحوض اصغر من كتلتها الآدمية، رأيت ساقا محذوفة على جانب من الدكة، وساقا ضخمة اخرى تضرب قاعدة النافورة العالية، ولا علاقة لها بذراعيها ولا تستطيع السيطرة على نفسها بسبب... الزيت اللاصق بجسدها !

التفت ابحث عن حال السمينة الاخرى التي سقطت قبل قليل، والتي بعد ان عجزت النساء عن رفعها من على الارض، استندت على أربع كحيوان أليف.. ركنت على ركبتيها.. ثم

رفعت رجلا لتساعد الاخرى على الوقوف وبمساعدة العاملتين الضخمتين... امهات الشوارب !!

المدهونة الساقطة في الحوض امرأة ريفية شديدة الخجل، بررت سمنتها انه بسبب الحبيب زوجها !.. وهي لا تملك أن ترد له

طلبا !!..

حضرت أم الشوارب ودون اي ابتسامة ضربت كفا بكف للريفية البسيطة الساقطة في حوض النافورة وبصوت يشبه صوت صاحب البقالة بهروز آغا قالت...

• انا اتية لازيل الزيت الملعون عن جسدك.. والا فلن يخرجك حتى ابليس.

وبدأت بالتحلطم: تتزين لرجالكن واتورط... بكن.. أليس من الافضل ان تبقين عانسات... مثلي !!


أتوقف ... لأتجدد

ابتداء من الاسبوع المقبل سأكون معكم للمرة الاخيرة ، اذ ستبدأ إجازتي الصيفية من زاوية « قلم أحمر» في استراحة طويلة ستمتد لكل أشهر الصيف وشهر رمضان الفضيل على ان اعود للكتابة في اكتوبر المقبل.

أحتاج هذه الإجازة لتجديد طاقتي ، ولتوسيع مداركي بالسفر، والاحتكاك بثقافات ورؤى العالم المفتوح أمامي والمغاير وهو الجديد الاجمل الذي لم أره بعد.

القراءات المؤجلة كثيرة لدي ، علي النهل منها ، والاعداد لاصدار أكثر من كتاب به أنفاسي «بنت اللذيذه» آن أوان إصدار الافضل منهما وطباعتهما في كتاب.

اريد نشر ما لديّ من قصص في القاهرة وبيروت ، وان أقابلني كثيرا أنا ليلى أحمد وأمنحها فرص الخلوة مع النفس والتأمل الجميل ، من المهم جدا ان .. أقابلني وأرى نفسي .

سأجدد شرنقة الروح بعمق ما سأرى ، وبجماليات الدنيا البهية وبقيم العدالة والاستحقاق الانساني الذي اتمناه لكل البشر ، كل هذا لأصل إلى الألق المشتهى الذي لم أبلغه.. بعد !

الاسبوع المقبل سيكون لي آخر نفس معك ...

دمتم لدفـــا قلبي


مزااااج

طعم آخر رتيب ألعقه بعد فوات المشاعر

كنا على شفا حفرة من أبدع العواطف

الآن .. ستكون عيني على احاديث جيدة

والعين الاخرى على عقارب الساعة

عاجزة عن النظر اليك في الوقت الضائع

إذ لا يمكنني النظر الى مواقع احببتها بجسدك

ولا احب اجتراع الذكريات عن

مكان بهيّ وزمان شهّي

والنظر لاماكن... غافلت في لحظات

سرد حديثك ...

وفي إغماضة عين

ودون أن تدري

قمت ... بتقبيلها


تكتبها : ليلى أحمد

www.alrai media .com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي