جرحى سوريون يتحدثون لـ «الراي» عن «خيانة» بعض قادة الألوية المقاتلة
عرسال «ما بعد يبرود» ... حصارٌ موجع وخشية من «مكيدة» تفضي إلى «الأسوأ»
نازحون يبحثون عن سقف آمن
طفولة... نازفة
أحد الجرحى
أطفال نازحون
زحمة في المستشفى الميداني
نازحون من الجحيم إلى... المأساة
• جرحى رووا قصف النظام فانات تقل نازحين على طريق يبرود رنكوس وقتْل وجرح العشرات غالبيتهم نساء وأطفال
يبقى موقع بلدة عرسال «السنية» الاستراتيجي، عند الحدود الشرقية للبنان بطول نحو 100 كيلومتر مع الحدود السورية، هو المتحكم بقدَرها وقدَر أهلها، في محيط قرى شيعية مناصرة للنظام السوري. حتى باتت هذه البلدة تختصر «تماس» لبنان بالأزمة السورية التي تحضر تشظياتها بقوة في البقاع الشمالي الذي يخيّم عليه «شبح الفتنة» في مرحلة ما «بعد يبرود»، المعركة التي تكاد ارتداداتها ان تحوّل عرسال «ملعباً خلفياً» لها.
وقبل معركة يبرود، كان المشهد في البقاع الشمالي محكوماً بالمعادلة الآتية: مع كل ردة فعل من المعارضة السورية على مشاركة «حزب الله» في القتال بجانب النظام السوري، تنهمر الصواريخ على قرى اللبوة والنبي عثمان والهرمل وغيرها (ذات الغالبية الشيعية) وتنفجر سيارات مفخخة في مدينة الهرمل، فيكون «الرد على الرد» بقطع طريق عرسال الوحيد الذي يربطها ببقية المناطق اللبنانية، من قبل مجموعات مسلحة من بلدة اللبوة والقرى المحيطة تعمد الى اقامة حواجز، بحجة ما يسمى الامن الذاتي، (اضافة الى حواجز الجيش) ما يشكل للبلدة السنية حصاراً «قاتلاً». وما يزيد من حساسية الوضع تبرير اهالي القرى «الشيعية» قطع طريق عرسال بان الاخيرة ممر للسيارات المفخخة وهو ما يعتبره العراسلة «خططاً مفبركة من (حزب الله) والنظام السوري لتضييق الخناق على عرسال، ومحاسبة اهاليها لموقفهم المؤيد للثورة السورية».
وجعل الموقع الجغرافي لعرسال «غبار» معركة يبرود يلفها ويثقل على قاطنيها، مخلفاً وراءه مخاوف كبرى تجلّت في الآتي:
* التقارير عن تدفق مئات المسلحين الى جرودها وهو ما قابله الطيران الحربي السوري بشن العديد من الغارات على هذه الجرود بحجة ملاحقة فلول المسلحين وسط توقعات بان يزداد عدد المتسللين مع بدء معركة فليطة (تفصل يبرود عن عرسال).
* تداعيات الانفجار الانتحاري في بلدة النبي عثمان بعد ساعات من اعلان سقوط يبرود وتكرار الاتهامات لعرسال بانها كانت الممر للسيارة المفخخة، علماً ان فاعلياتها نفوا ذلك مؤكدين ان السيارة انطلقت من وادي رافق قرب القاع، وهو ما ترافق مع مزيد من التضييق على عرسال.
* موجة النزوح الجديدة الى عرسال التي استقبلت ايضاً عدداً من القتلى والجرحى الذين نُقلوا الى مستشفييها الميدانيين، بإمكاناتهما البسيطة، وسط ملامح مأساة انسانية ارتسمت نتيجة «الحصار» على البلدة ولاسيما بالنسبة للجرحى الذين تُعتبر حالتهم حرجة ويحتاجون الى المعالجة في مستشفيات اضخم وذات امكانات اكبر في الداخل اللبناني، وايضاً بالنسبة الى الاهالي بعد نفاذ العديد من المواد الغذائية وتعطيل أعمال الناس. علماً ان الايام الاخيرة سجلت دخول نحو 30 ألف سوري الى البلدة يضافون الى الـ 70 ألف نازح الموجودين اصلاً ليشكل مجمل عدد النازحين اكثر من ضعف عدد سكان عرسال، وقد ملؤوا الشوارع والمنازل، واقيمت لهم المخيمات عند اطراف البلدة، ما ادى الى اكتظاظ خانق وضاعف المعاناة التي كانت في الاساس تغمر العراسلة.
الوصول الى بلدة عرسال وعبور الحواجز التي يقيمها عناصر «حزب الله» وأهالي اللبوة، ليس بالامر البسيط، انما يحتاج الى انتظار طويل وسلسلة اتصالات مع قيادات حزبية ومناطقية، ليتسنى الدخول بحال نجحت الاتصالات.
المشهد عند مدخل اللبوة يوحي كأن حرباً دائرة فيها... حالة استنفار قصوى من عناصر «حزب الله» المنتشرة عند المفارق، ومن دوريات الجيش والتفتيش الدقيق. وما ان تصل الى عرسال حتى يتبدل المشهد كأن شيئاً لم يكن، سوى مشهد الشوارع التي تضيق بالنازحين وبأهالي البلدة. وما يقطع صوت ضجيج الشوارع، دوي اصوات الصواريخ المتساقطة على أطراف بلدتي اللبوة والنبي عثمان، وفي جرود عرسال.
يحسم رئيس البلدية علي الحجيري لـ «الراي» ان الذي يحصل في عرسال «مركّب ومفبرك من قبل النظام و«حزب الله». يريدان معاقبة عرسال على موقفها تجاه الثورة».
لم يعر الحجيري أي اهتمام لان الجيش السوري و«حزب الله» سيطرا على يبرود، «يأخذوها وشو يعني؟ ما رح يتغير شي، كل العملية هي تضييق على عرسال»، نافياً ان يكون للبلدة اي دور سوى ايواء الجرحى والنازحين. واوضح انه خلال معركة يبرود ولا سيما في اليومين الاخيرين «وصل الى عرسال نحو 400 عائلة سورية نازحة، ما يضعنا امام مسؤولية اكبر»، نافياً ما تردد عن دخول مسلحين وقال: «المسلحون في الجرود ولم يدخل اي مسلح البلدة، كنا طلبنا ونطلب من الجيش ان ينشر قواته على الحدود كل الحدود، وان يتعامل مع عرسال كما يتعامل مع بقية المناطق، وما هو ممنوع في عرسال يجب منعه في القرى الاخرى وعلى القوى الاخرى، لا ان يُسمح لعناصر حزب الله و «الشبيحة» بالعبور بالاتجاهين بكامل اسلحتهم وعتادهم ويُمنع على مناصري المعارضة هذا الامر. «شو عرّفنا مش هني اللي عم يجيبوا السيارات المفخخة؟ خلي الدولة تتعامل مع الجميع سواسية، نطلب التشدد ومنع عبور اي جهة كانت الى داخل الاراضي اللبنانية».
وعن السيارات المفخخة، اوضح انها «من صنيعة النظام السوري ولا علاقة لعرسال بها»، مكرراً مطالبته الجيش اللبناني «بالانتشار على كامل الحدود مع الاراضي السورية في عرسال وغيرها، ومنع اي عملية تسلل او عبور من اي جهة كانت».
«ابو حسن»، قادم مع عائلته من يبرود، ويقيم مع قريبه في خيمة لا يزيد طولها عن عرضها وتعادل مساحتها الاجمالية حوالي 14 متراً، ينام فيها 12 شخصاً، ما يشير الى تفاقم الواقع الانساني والمعيشي في البلدة.
ويقول «ابو حسن» انه عند اطراف عرسال بات العشرات في العراء وفي صناديق «البيك آب» التي أقلّتهم من يبرود الى عرسال، مضيفاً: «منيح ابن حماي هون، نومة راس وكعب جوا الخيمة ولا نقضيها برا». وهو ينتظر كما المئات من العائلات ان يتم استحداث مخيم لهم، فور وصول خيم الى البلدة، ما ان يُفكّ الحصار عنها.
وكما حال «ابو حسن» كذلك هو حال «ام عمار» واولادها الستة. وتروي معاناتها في ترحال التهجير القسري لها ولأولادها، وتقول انها كانت وعدد من الاهالي متجهين الى دمشق عبر طريق يبرود رنكوس «ولكننا عدنا بعدما استهدفت الطائرات السورية فانات وسيارات تقل نازحين، ما اسفر عن مقتل نحو 35 وجرح العشرات، غالبيتهم من النساء والاطفال، وتم نقل 12 قتيلاً الى عرسال بينهم طفلان واربعة نساء». واضافت: «ضُربنا بالبراميل ما عاد فينا نكفي باتجاه الشام، اضطرينا نرجع لهون... يكتر خير الله».
لا تعرف «ام عمار» ما هو مصيرها خلال الايام المقبلة، سوى انها وُعدت بتأمين خيمة لها كما العشرات الذين قدموا حديثاً.
يبدو واضحا ًمدى الارتباك عند الاطباء والممرضين العاملين في المشفيين الميدانيين نتيجة الحصار المفروض على البلدة. جميع الاسرّة في مشفى الهيئة الطبية مشغولة بالجرحى، حتى اسرّة الطوارئ وفي الممرات بين الغرف تم استيعابها بالجرحى. وتقول عائشة (وهي ممرضة) انه في حالة طوارئ «عنا 60 جريحاً غالبيتهم وضعهم يحتاج الى تحويلهم الى مستشفيات في الداخل ولدينا نقص كبير في المعدات والادوية».
هذا ايضاً ما اوضحه الطبيب محمد عمار، الذي تحدث عن المعاناة بسبب اقفال الطريق على عرسال، وقال: «كنا ننتظر وصول ادوية ومعدات طبية، لكن اقفال الطريق في اللبوة منع وصولها الينا ومنع نقل الجرحى الذين تُعتبر حالتهم حرجة، واصابتهم في الصدر والرأس، ما قد يهدد حياة بعضهم بحال لم يتم اجراء عمليات لهم». واكد ان هذه الظروف الطارئة تفرض عملاً مضاعفاً «فنحن مضطرون ان نُجري بعض العمليات رغم نقص في المعدات»، موضحاً ان الواقع الحالي ليس وحده الذي يضغط على الجرحى «فهناك ايضاً حالات مرضية بين النازحين واهالي البلدة تحتاج لعلاج وادوية ونقلها الى مستشفيات اخرى».
ولا يختلف الحال في مستشفى الرحمة... ازدحام مرضى وجرحى، واسرّة جميعها مشغولة، تواجه نقصاً في المعدات والادوية.
مشهدية يترجمها الاهالي بتخوف كبير من أن يكون مقدمة لان يقدم النظام السوري على ارتكاب مجزرة بحق الاهالي والنازحين بحجة وجود مسلحين فيها.
وهذا ما اشار اليه «ابو الوليد»، احد الجرحى، مفصحاً «ان خسارة يبرود لم تكن بفعل قوة النظام وحزب الله»، وقال: «استراتيجيتهم تركزت على كيفية إطباق الحصار على عرسال، لمدة شهرين، الا ان ما حصل في يبرود هو خيانة من بعض القادة في الالوية المقاتلة بانسحاب عناصرهم من «التخوم» والتلال المحيطة بيبرود».
وبحسب ابو الوليد «فان «حزب الله» كان يرى في سقوط هذه التلال اهمية كبيرة وكان يخشى تعرضه لخسائر كبيرة بحال أراد إسقاطها بمعارك عسكرية، ولذا عمدوا الى شراء القادة ليختصروا تلك الخسارة في عناصرهم، والتي كان مقدراً ان تفوق 1500 عنصر».
ولا ينفي ان خسارة يبرود كبيرة «الا انها ليست نهاية المطاف او نهاية الثورة»، ويقول: «الخوف من مكيدة تحاك لعرسال، كونها البلدة السنية الوحيدة في هذه المنطقة».
وعن موضوع الصواريخ التي تطلق على اللبوة والهرمل قال «هم أتوا الى ارضنا ليحاربونا ويقتلوا ابناءنا، لن نتركهم يهنأون حتى يطلبوا من حزبهم خروجه من ارضنا».
وكانت بلدات اللبوة والنبي عثمان تعرضتا غداة سقوط يبرود (وتفجير النبي عثمان الانتحاري) لصليتين من صواريخ غراد أدت الى جرح شخصين وتبنتهما «داعش»، فيما كان الجيش فجر سيارة ضبطها معدة للتفجير بنحو 170 كيلوغراماً من المواد المتفجرة وسلكت طريق فليطا الفاكهة.
وأشار مصدر أمني الى عبور سيارات جاهزة للتفجير دخلت اللبوة والنبي عثمان وعرسال ويجري البحث عنها، وهو ما يُبقي هذه المنطقة في دائرة التوتر العالي وسط مظاهر تضامن مع عرسال بوجه الحصار المفروض عليها في عدد من المناطق السنية في البقاع والشمال.
وقبل معركة يبرود، كان المشهد في البقاع الشمالي محكوماً بالمعادلة الآتية: مع كل ردة فعل من المعارضة السورية على مشاركة «حزب الله» في القتال بجانب النظام السوري، تنهمر الصواريخ على قرى اللبوة والنبي عثمان والهرمل وغيرها (ذات الغالبية الشيعية) وتنفجر سيارات مفخخة في مدينة الهرمل، فيكون «الرد على الرد» بقطع طريق عرسال الوحيد الذي يربطها ببقية المناطق اللبنانية، من قبل مجموعات مسلحة من بلدة اللبوة والقرى المحيطة تعمد الى اقامة حواجز، بحجة ما يسمى الامن الذاتي، (اضافة الى حواجز الجيش) ما يشكل للبلدة السنية حصاراً «قاتلاً». وما يزيد من حساسية الوضع تبرير اهالي القرى «الشيعية» قطع طريق عرسال بان الاخيرة ممر للسيارات المفخخة وهو ما يعتبره العراسلة «خططاً مفبركة من (حزب الله) والنظام السوري لتضييق الخناق على عرسال، ومحاسبة اهاليها لموقفهم المؤيد للثورة السورية».
وجعل الموقع الجغرافي لعرسال «غبار» معركة يبرود يلفها ويثقل على قاطنيها، مخلفاً وراءه مخاوف كبرى تجلّت في الآتي:
* التقارير عن تدفق مئات المسلحين الى جرودها وهو ما قابله الطيران الحربي السوري بشن العديد من الغارات على هذه الجرود بحجة ملاحقة فلول المسلحين وسط توقعات بان يزداد عدد المتسللين مع بدء معركة فليطة (تفصل يبرود عن عرسال).
* تداعيات الانفجار الانتحاري في بلدة النبي عثمان بعد ساعات من اعلان سقوط يبرود وتكرار الاتهامات لعرسال بانها كانت الممر للسيارة المفخخة، علماً ان فاعلياتها نفوا ذلك مؤكدين ان السيارة انطلقت من وادي رافق قرب القاع، وهو ما ترافق مع مزيد من التضييق على عرسال.
* موجة النزوح الجديدة الى عرسال التي استقبلت ايضاً عدداً من القتلى والجرحى الذين نُقلوا الى مستشفييها الميدانيين، بإمكاناتهما البسيطة، وسط ملامح مأساة انسانية ارتسمت نتيجة «الحصار» على البلدة ولاسيما بالنسبة للجرحى الذين تُعتبر حالتهم حرجة ويحتاجون الى المعالجة في مستشفيات اضخم وذات امكانات اكبر في الداخل اللبناني، وايضاً بالنسبة الى الاهالي بعد نفاذ العديد من المواد الغذائية وتعطيل أعمال الناس. علماً ان الايام الاخيرة سجلت دخول نحو 30 ألف سوري الى البلدة يضافون الى الـ 70 ألف نازح الموجودين اصلاً ليشكل مجمل عدد النازحين اكثر من ضعف عدد سكان عرسال، وقد ملؤوا الشوارع والمنازل، واقيمت لهم المخيمات عند اطراف البلدة، ما ادى الى اكتظاظ خانق وضاعف المعاناة التي كانت في الاساس تغمر العراسلة.
الوصول الى بلدة عرسال وعبور الحواجز التي يقيمها عناصر «حزب الله» وأهالي اللبوة، ليس بالامر البسيط، انما يحتاج الى انتظار طويل وسلسلة اتصالات مع قيادات حزبية ومناطقية، ليتسنى الدخول بحال نجحت الاتصالات.
المشهد عند مدخل اللبوة يوحي كأن حرباً دائرة فيها... حالة استنفار قصوى من عناصر «حزب الله» المنتشرة عند المفارق، ومن دوريات الجيش والتفتيش الدقيق. وما ان تصل الى عرسال حتى يتبدل المشهد كأن شيئاً لم يكن، سوى مشهد الشوارع التي تضيق بالنازحين وبأهالي البلدة. وما يقطع صوت ضجيج الشوارع، دوي اصوات الصواريخ المتساقطة على أطراف بلدتي اللبوة والنبي عثمان، وفي جرود عرسال.
يحسم رئيس البلدية علي الحجيري لـ «الراي» ان الذي يحصل في عرسال «مركّب ومفبرك من قبل النظام و«حزب الله». يريدان معاقبة عرسال على موقفها تجاه الثورة».
لم يعر الحجيري أي اهتمام لان الجيش السوري و«حزب الله» سيطرا على يبرود، «يأخذوها وشو يعني؟ ما رح يتغير شي، كل العملية هي تضييق على عرسال»، نافياً ان يكون للبلدة اي دور سوى ايواء الجرحى والنازحين. واوضح انه خلال معركة يبرود ولا سيما في اليومين الاخيرين «وصل الى عرسال نحو 400 عائلة سورية نازحة، ما يضعنا امام مسؤولية اكبر»، نافياً ما تردد عن دخول مسلحين وقال: «المسلحون في الجرود ولم يدخل اي مسلح البلدة، كنا طلبنا ونطلب من الجيش ان ينشر قواته على الحدود كل الحدود، وان يتعامل مع عرسال كما يتعامل مع بقية المناطق، وما هو ممنوع في عرسال يجب منعه في القرى الاخرى وعلى القوى الاخرى، لا ان يُسمح لعناصر حزب الله و «الشبيحة» بالعبور بالاتجاهين بكامل اسلحتهم وعتادهم ويُمنع على مناصري المعارضة هذا الامر. «شو عرّفنا مش هني اللي عم يجيبوا السيارات المفخخة؟ خلي الدولة تتعامل مع الجميع سواسية، نطلب التشدد ومنع عبور اي جهة كانت الى داخل الاراضي اللبنانية».
وعن السيارات المفخخة، اوضح انها «من صنيعة النظام السوري ولا علاقة لعرسال بها»، مكرراً مطالبته الجيش اللبناني «بالانتشار على كامل الحدود مع الاراضي السورية في عرسال وغيرها، ومنع اي عملية تسلل او عبور من اي جهة كانت».
«ابو حسن»، قادم مع عائلته من يبرود، ويقيم مع قريبه في خيمة لا يزيد طولها عن عرضها وتعادل مساحتها الاجمالية حوالي 14 متراً، ينام فيها 12 شخصاً، ما يشير الى تفاقم الواقع الانساني والمعيشي في البلدة.
ويقول «ابو حسن» انه عند اطراف عرسال بات العشرات في العراء وفي صناديق «البيك آب» التي أقلّتهم من يبرود الى عرسال، مضيفاً: «منيح ابن حماي هون، نومة راس وكعب جوا الخيمة ولا نقضيها برا». وهو ينتظر كما المئات من العائلات ان يتم استحداث مخيم لهم، فور وصول خيم الى البلدة، ما ان يُفكّ الحصار عنها.
وكما حال «ابو حسن» كذلك هو حال «ام عمار» واولادها الستة. وتروي معاناتها في ترحال التهجير القسري لها ولأولادها، وتقول انها كانت وعدد من الاهالي متجهين الى دمشق عبر طريق يبرود رنكوس «ولكننا عدنا بعدما استهدفت الطائرات السورية فانات وسيارات تقل نازحين، ما اسفر عن مقتل نحو 35 وجرح العشرات، غالبيتهم من النساء والاطفال، وتم نقل 12 قتيلاً الى عرسال بينهم طفلان واربعة نساء». واضافت: «ضُربنا بالبراميل ما عاد فينا نكفي باتجاه الشام، اضطرينا نرجع لهون... يكتر خير الله».
لا تعرف «ام عمار» ما هو مصيرها خلال الايام المقبلة، سوى انها وُعدت بتأمين خيمة لها كما العشرات الذين قدموا حديثاً.
يبدو واضحا ًمدى الارتباك عند الاطباء والممرضين العاملين في المشفيين الميدانيين نتيجة الحصار المفروض على البلدة. جميع الاسرّة في مشفى الهيئة الطبية مشغولة بالجرحى، حتى اسرّة الطوارئ وفي الممرات بين الغرف تم استيعابها بالجرحى. وتقول عائشة (وهي ممرضة) انه في حالة طوارئ «عنا 60 جريحاً غالبيتهم وضعهم يحتاج الى تحويلهم الى مستشفيات في الداخل ولدينا نقص كبير في المعدات والادوية».
هذا ايضاً ما اوضحه الطبيب محمد عمار، الذي تحدث عن المعاناة بسبب اقفال الطريق على عرسال، وقال: «كنا ننتظر وصول ادوية ومعدات طبية، لكن اقفال الطريق في اللبوة منع وصولها الينا ومنع نقل الجرحى الذين تُعتبر حالتهم حرجة، واصابتهم في الصدر والرأس، ما قد يهدد حياة بعضهم بحال لم يتم اجراء عمليات لهم». واكد ان هذه الظروف الطارئة تفرض عملاً مضاعفاً «فنحن مضطرون ان نُجري بعض العمليات رغم نقص في المعدات»، موضحاً ان الواقع الحالي ليس وحده الذي يضغط على الجرحى «فهناك ايضاً حالات مرضية بين النازحين واهالي البلدة تحتاج لعلاج وادوية ونقلها الى مستشفيات اخرى».
ولا يختلف الحال في مستشفى الرحمة... ازدحام مرضى وجرحى، واسرّة جميعها مشغولة، تواجه نقصاً في المعدات والادوية.
مشهدية يترجمها الاهالي بتخوف كبير من أن يكون مقدمة لان يقدم النظام السوري على ارتكاب مجزرة بحق الاهالي والنازحين بحجة وجود مسلحين فيها.
وهذا ما اشار اليه «ابو الوليد»، احد الجرحى، مفصحاً «ان خسارة يبرود لم تكن بفعل قوة النظام وحزب الله»، وقال: «استراتيجيتهم تركزت على كيفية إطباق الحصار على عرسال، لمدة شهرين، الا ان ما حصل في يبرود هو خيانة من بعض القادة في الالوية المقاتلة بانسحاب عناصرهم من «التخوم» والتلال المحيطة بيبرود».
وبحسب ابو الوليد «فان «حزب الله» كان يرى في سقوط هذه التلال اهمية كبيرة وكان يخشى تعرضه لخسائر كبيرة بحال أراد إسقاطها بمعارك عسكرية، ولذا عمدوا الى شراء القادة ليختصروا تلك الخسارة في عناصرهم، والتي كان مقدراً ان تفوق 1500 عنصر».
ولا ينفي ان خسارة يبرود كبيرة «الا انها ليست نهاية المطاف او نهاية الثورة»، ويقول: «الخوف من مكيدة تحاك لعرسال، كونها البلدة السنية الوحيدة في هذه المنطقة».
وعن موضوع الصواريخ التي تطلق على اللبوة والهرمل قال «هم أتوا الى ارضنا ليحاربونا ويقتلوا ابناءنا، لن نتركهم يهنأون حتى يطلبوا من حزبهم خروجه من ارضنا».
وكانت بلدات اللبوة والنبي عثمان تعرضتا غداة سقوط يبرود (وتفجير النبي عثمان الانتحاري) لصليتين من صواريخ غراد أدت الى جرح شخصين وتبنتهما «داعش»، فيما كان الجيش فجر سيارة ضبطها معدة للتفجير بنحو 170 كيلوغراماً من المواد المتفجرة وسلكت طريق فليطا الفاكهة.
وأشار مصدر أمني الى عبور سيارات جاهزة للتفجير دخلت اللبوة والنبي عثمان وعرسال ويجري البحث عنها، وهو ما يُبقي هذه المنطقة في دائرة التوتر العالي وسط مظاهر تضامن مع عرسال بوجه الحصار المفروض عليها في عدد من المناطق السنية في البقاع والشمال.