تحليل / ما الذي يميز رئيس الحكومة التونسية الجديد عن نظرائه السابقين؟

لهذه الأسباب يمكن للخليجيين الوثوق في جمعة

تصغير
تكبير
لم يمض على مجيئه لرئاسة الحكومة التونسية الا شهران وبضعة أيام، رجل تم اختياره بعد مخاض سياسي طويل في تونس واليوم يزور دول الخليج كما فعل من سبقوه، رئيس الحكومة التونسية الجديد مهدي جمعة يأتي الى دول الخليج ولكن هذه المرة بأوراق كثيرة رابحة لم يأت بها نظراؤه السابقون.

فاختياره هو شخصيا، كرئيس لحكومة تونس بعد إرساء دستورها، أسس لعرف جديد في بروتوكولات السياسة العربية تمثل في تنصيب رئيس حكومة لا ينتمي للحزب الأكبر أو حزب الغالبية على الرغم من أن هذا المنصب موقت لحين إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية قريبا في تونس. فبقوة سياسة التوافق والحوار وتدخل منظمات المجتمع المدني أتى الرئيس جمعة وهو لا يمثل أي طرف من أطراف لعبة السياسة في تونس، فهؤلاء الأطراف أنفسهم على الرغم من تناقضهم الفكري والايديولوجي اتفقوا على جمعة ربانا لتونس في هذه المرحلة الحساسة. فماذا يحمل جمعة من مميزات لم تتوافر في نظرائه السابقين وهل يجدر بالخليجيين الوثوق به؟


جمعة رجل تنفيذي كما يصفه الأوروبيون وليس منظرا سياسيا أو طرفا في العملية السياسية المعقدة، تم اختياره لينجز ما عجز أو ما لم يستطع نظراؤه السابقون انجازه وخصوصا في مجال الأمن والاقتصاد وحتى العلاقات الدولية والعربية.

رئيس حكومة لا ينتمي إلى أي تيار سياسي ولا يعمل حسب قوله لحساب أي حزب أو جبهة سياسية في تونس، رجل كان بعيدا عن التجاذبات السياسية حتى تم اختياره وزيرا للصناعة في حكومة رئيس الوزراء التونسي السابق علي العريض، وكان قليل الظهور في الإعلام، وقبل منصب الوزير كان يمضي جزءا كبيرا من حياته المهنية خارج تونس ولم يكن له اي مؤيدين او مريدين على الأرض من الشعب، لم يعرف أحد عنه شيئا حتى برز اسمه كمرشح لرئاسة الحكومة خلفا لنظيره السابق والقيادي في حزب حركة النهضة الاسلامي علي العريض. سيرة جمعة الذاتية الشخصية لم تنطو على ميول فكرية او ايديولوجية معينة، أي انه رجل مدني مستقل يؤمن بمدنية الدولة حسب ترجيحات الصحافة الالمانية التي كتبت عنه، الا أن هذا الرجل الغريب على الخليج والمعروف نوعا ما لدى الأوروبيين والذي يزور في هذه الفترة دولا خليجية ربما يزور بعضها للمرة الاولى يأتي ليعطي ضمانات لدول الخليج باعتبارها شريكا لا بد منه في العروبة وفي السياسة أيضا ناهيك عن الأمن والاقتصاد والثقافة، مع الاشارة الى ان سياسة تونس الخارجية شهدت تعديل بوصلتها بعد الثورة نحو الاقتراب اكثر من الحاضنة الخليجية والمشرق العربي.

رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة قد يكون حازما وحاسما خصوصا في نبذ الارهاب ومحاربته من خلال تصريحاته الكثيرة بعد توليه منصبه الرسمي، وقد تميل شخصية الحزم فيه مع ايمانه بمدنية الدولة الى شخصية المشير عبد الفتاح السيسي المحبب لدى الخليج والرجل الذي طمأن دول المنطقة بشأن مسار السياسة المصرية وتحالفاتها مع العرب. لذلك فقد يكون جمعة محاورا جيدا ورجلا حاسما يمكن للخليجيين على غرار السيسي التعامل معه. فكما كان السيسي غير معروف حتى للمصريين والخليجيين كان جمعة كذلك وكلا الرجلين أثبتا جدارتهما عبر الأفعال بدل الأقوال وهذه اكثر الصفات في شريك الخليجيين المفضل: «شرك أفعال وليس أقوال». لكن ما يقوم به جمعة اليوم خلال جولته الخليجية وهدفه الأساسي المعلن -دعم العلاقات التونسية الخليجية- قام به من قبله أكثر من رئيس حكومة تونسي اسلامي وغير اسلامي، من خلال زيارات لم تجلب تعاونا لمسه المواطن التونسي، فماذا يمكن ان يفعله جمعة؟

جمعة كشخص مستقل ورجل عملي، حاز على ثقة غالبية النخبة السياسية التونسية، وقد تكون هذه الثقة تبعث برسالة قوية لدول الخليج على ايحائها يمكن ان تعتبر هذه الأخيرة ايضا جمعة رجل المرحلة، الى ذلك فإن هذا الرجل نال ثقة اكبر حلفاء دول مجلس التعاون وهي اميركا، والاتحاد الأوروبي.

ثقة الغرب في جمعة هي بدورها قد ترسل ضمانات للخليجيين بانها يمكن ان تتعامل مع رجل صلب في شخصيته وموثوق فيه بشهادة الغرب وبذلك يمكن دعمه لقيادة تونس الى مصاف الدول الديموقراطية وبعيدا عن العصبية الطائفية والدينية.

وتعتبر الكويت الدولة الخليجية الأكثر ملاءمة لأي تقارب أكثر بين تونس والخليج. فكلا البلدين يحملان قواسم كثيرة مشتركة خصوصا في المسار الديموقراطي وصغر المساحة الجغرافية ووجودهما بين دول كبرى، كما أن هناك توافقا تاريخيا على دعم العروبة والقضايا العربية بين البلدين.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي