مؤتمر الكويت للإسكان: فلسفة جديدة وخريطة طريق / «الرعاية السامية وحضور سمو نائب الأمير... رسالة وصلت بوضوح لأبناء الشعب»
الغانم: لن نسمح بإهمال قضية الإسكان وخنقها في الأدراج
نائب الأمير متوسطاً الخرافي والغانم وناصر المحمد وكبار الشخصيات
المتحدثون في جلسات المؤتمر (تصوير أسعد عبدالله)
جون كلوس
الغانم متحدثا في المؤتمر (تصوير أسعد عبدالله)
توفيق الجراح
المحمد والمبارك في المؤتمر
• المماطلة في الحل ستوصلنا إلى الانفجار المجتمعي الذي يفرض حلولاً متسرّعة وفوضوية
• نغامر ومستعدون لتحمّل كلفة كسر الحلقة المفرغة من العمل السياسي بتبني قضايا الناس الحقيقية
• ننتظر من المؤتمر الخروج بوثيقة شاملة تقدم إلى الحكومة وتمثل خريطة طريق شاملة وجامعة
• أبل: تحت يد «الإسكان» أراضٍ تكفي لبناء
170 ألف وحدة وعلينا استغلالها
بالشكل الصحيح
• الإبراهيم: مخطط «الكهرباء والماء» في 2019 وصول الطاقة الانتاجية إلى 19 ألف ميغا وات
• الجراح: يجب خلق توازن في السوق العقاري
عبر تحرير مزيد من الأراضي والحوافز لتوفير عقارات متنوعة
• كلوس: سندعم انتهاج التخطيط الحضري المستدام والمتكامل
الذي يهدف لتحقيق التنمية المستدامة
• الهاشل: حريصون على توفير سياسة نقدية ملائمة تؤتي ثمارها على تكلفة التمويل والأنشطة العقارية
• المشعان: البناء العمودي يجب أن يكون قريباً من المناطق الحضرية لجذب المواطنين له
• نغامر ومستعدون لتحمّل كلفة كسر الحلقة المفرغة من العمل السياسي بتبني قضايا الناس الحقيقية
• ننتظر من المؤتمر الخروج بوثيقة شاملة تقدم إلى الحكومة وتمثل خريطة طريق شاملة وجامعة
• أبل: تحت يد «الإسكان» أراضٍ تكفي لبناء
170 ألف وحدة وعلينا استغلالها
بالشكل الصحيح
• الإبراهيم: مخطط «الكهرباء والماء» في 2019 وصول الطاقة الانتاجية إلى 19 ألف ميغا وات
• الجراح: يجب خلق توازن في السوق العقاري
عبر تحرير مزيد من الأراضي والحوافز لتوفير عقارات متنوعة
• كلوس: سندعم انتهاج التخطيط الحضري المستدام والمتكامل
الذي يهدف لتحقيق التنمية المستدامة
• الهاشل: حريصون على توفير سياسة نقدية ملائمة تؤتي ثمارها على تكلفة التمويل والأنشطة العقارية
• المشعان: البناء العمودي يجب أن يكون قريباً من المناطق الحضرية لجذب المواطنين له
حض رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم على اللجوء إلى المصارحة في التعامل مع القضية الاسكانية، داعيا إلى «اجراء حوار حقيقي يرتكز على الاحصائيات والارقام ولا يعتمد على الخطابات الانشائية الجوفاء والوعود والاحلام».
وقال الغانم في افتتاح مؤتمر الكويت للاسكان الذي رعاه سمو أمير البلاد وأناب عنه في افتتاحه سمو ولي العهد: «اننا امام خيارين اما نواصل في المماطلة مثلما ماطلنا في الماضي حتى الوصول إلى لحظة الانفجار، ونلجأ إلى الحلول المتسرعة، واما أن نعتمد الخيار الثاني وهو الاضطلاع بمسؤولياتنا، ونتصرف كرجال دولة»، لافتا إلى أن «اننا نغامر، ومستعدون لكسر هذه الحلقة الفارغة من العمل السياسي، نريد كسر عصر التطاحن السياسي، والتوجه بالمجتمع نحو قضايا تهمه، ونحن نعلم أن القضية الاسكانية لا تحل بعصا سحرية».
وفضل الغانم «مصارحة الناس في الملف الاسكاني وابعاده وفتح حوار حقيقي وليس وعوداً واحلاماً».
وشمل حفل الافتتاح الذي استهله رئيس المجلس كلمات لمساعد الامين العام للامم المتحدة جون كلوس ورئيس اللجنة المنظمة توفيق الجراح.
وعن المؤتمر، قال الغانم في كلمته: «إن هذه ليست مناسبة بروتوكولية مراسمية، هذا مؤتمر مهم يتعلق بقضية في غاية الأهمية ورعاية سمو الأمير لهذا المؤتمر وحضور سموكم (سمو ولي العهد) وتشريفكم لنا إنما نقرأه على أنه رسالة سياسية مفادها أن القيادة السياسية تولي أهمية كبرى لملف الاسكان كونه ملفا مهما يمس كافة المواطنين، فشكرا سموكم على مشاركتكم ونقول لكم إن الرسالة وصلت وبوضوح لكل أبناء الشعب الكويتي».
وزاد مخاطبا المواطنين: «سأصارحكم القول، لقد تأخرنا كثيرا وهذا التأخير يتحمل وزره الجميع، جميعنا بلا استثناء، حكومات ومجالس تشريعية وبلدية واعلام وقوى سياسية ومؤسسات مجتمع مدني، جميعنا، لقد ماطلنا في قضية لا تحتمل المماطلة وسوّفنا في ملف لا يحتمل التسويف، والمفارقة المحيرة أن التأخير جاء على حساب قضية تتصف بثلاثة أمور تجعلها غير قابلة للتأجيل، اولا: كونها قضية متنامية تتضخم ككرة ثلج وكل دقيقة تمر عليها دون حل يفاقم في الحاحها وضرورتها وثانيا: كونها قضية اجماع وطني، قضية عابرة فوق الخلافات السياسية والمذهبية والعرقية والقبلية والأيديولوجية، وثالثا، وهنا المهم، أنها قضية حاجة إنسانية أساسية تمس الأمن المجتمعي، وليست قضية تندرج تحت بند التبشير السياسي وما يحمله من ترف التنظير والرؤى الاستشرافية الباردة».
ولفت الغانم إلى أن للتعامل مع تلك القضية خيارين: «الأول أن نماطل كما ماطلنا في الماضي حتى نصل للحظة الانفجار المجتمعي ونبدأ تحت وقع هذا الانفجار بفرض حلول متسرعة وعاجلة وفوضوية قد تكون كلفة الاستعجال فيها والتسرع بها عالية من حيث افتقاد التخطيط والاتقان، أما الخيار الثاني فهو ان نضطلع بمسؤوليتنا الوطنية ونتصرف كرجال دولة ونبدأ نحن بفرض هذا الملف كأولوية».
وأضاف: «يسألنا البعض ولا أريد ان أعرف نواياهم، هل هذه حصافة سياسية أن تفرض على نفسك أجندة وتحمل أمام الناس وزر الاخفاق بها لا سمح الله، ألستم تغامرون عندما تثقلون كاهلكم بقضية أنتم أخرجتموها من الادراج ووضعتموها أمام الناس؟ وربما يزيد هؤلاء بقولهم، أليس من الافضل اشغال الناس بالصراع السياسي التقليدي تفريقهم على أجندات، ترك الأمور على حالها تراوح في مكانها، إذكاء القضايا الخلافية الخروج منها سالما كعادة الكثير من السياسيين؟ وعلى هؤلاء أجيب بالأصالة عن نفسي وعن كل اخواني أعضاء مجلس الأمة، نعم نحن نغامر، ومستعدون لتحمل كلفة كسر هذه الحلقة المفرغة من العمل السياسي وأنه قد آن الأوان لتبني قضايا الناس الحقيقية، وعلى رأسها قضية الاسكان، نعم نريد كسر عبث التطاحن السياسي ونوجه كل مؤسسات الدولة والمجتمع نحو قضايا الاجماع الوطني، القضايا التي تمس كل مواطن وكل بيت من شمال البلاد الى جنوبها ومن بحرها الى غربها».
وزاد: «لسنا ساذجين سياسيا هنا، نعرف ما طبيعة المشكلة الاسكانية، نعلم جيدا أنها واحدة من المستنقعات السياسية الآسنة، نعلم أنها قضية لا تحل بعصا سحرية وبقرار واحد، نعلم أنها قضية فنية ومتخمة بالتفاصيل الاقتصادية والعلمية والبيئية والجيولوجية وغيرها، قضية يتحاشى الكثير تبنيها لصعوبتها وتشابك مجالاتها واختصاصاتها، نعلم مدى قدمها وتكلسها وترهلها، نعلم انها قضية القضايا، وندرك جيدا انها قضية معقدة ولا تحتاج الى تنظير وكلام سياسي بقدر ما تحتاج الى تخطيط وعمل، لكني اخاطب ضمائر الجميع ووجدانهم الوطني هنا، أليست القضية الاسكانية أولوية المواطنين وهاجسهم أينما قابلتموهم؟ هل الناس تبالغ عندما تلح على أهمية هذا الملف؟ أتراهم يتكلمون من فراغ؟ أنتم قبل غيركم تعرفون أنهم صادقون وأن قضية إيجاد مسكن يؤويهم وأسرهم هي قضية لا يساومون عليها، وبناء عليه أسألكم مرة اخرى، أليس من الواجب شرعيا ووطنيا ودستوريا وأخلاقيا ووجدانيا أن نتبنى هذا الملف، مجلسا وحكومة؟».
وحدد الغانم خارطة طريق للسير في حلحلة المشكلة الاسكانية تشمل «اولا، أهمية وجود نية وإرادة سياسية حقيقية لحل هذه المشكلة وهذا ما نلمسه الآن على كافة المستويات بدءا من القيادة السياسية العليا وانتهاءا بالمواطن المعني بالقضية، وهنا من الواجب التأكيد على أن أولوية قضية الإسكان لم تعد قضية جدل، أن تكون أولوية، هي قضية منتهية بالنسبة لنا ولا مجال للتراجع، بل نذهب بعيدا ونقول أنه ليس من المسموح سياسيا أن تتخلف هذه القضية عن كونها أولوية، فنحن لن نسمح بإهمال هذه القضية أو خنقها في الأدراج، القضية الآن فوق الطاولة وتحت المجهر، ويجب أن تظل هكذا الى أن تحل برمتها.
ثانيا: الحل يجب أن يكون على خطوات، ننتهي من مسألة فرعية تتعلق بالقضية وننتقل الى أخرى، هنا أتكلم عن المسائل التي تتسم بعنصر المراكمة والتسلسل، وثالثا: إضافة الى أن الحل يجب أن يكون على خطوات، إلا أن جوانب أخرى من المسالة يجب أن تحل بالتوازي والتزامن، ملفات متوازية يتم التعامل معها في آن واحد، ما تفعله وزارة الدولة لشؤون الاسكان في ملف ما، يجب ان يكون متزامنا مع ملفات اخرى تضطلع بها جهات اخرى، الوقت هنا مهم ولا مجال للتراخي.
رابعا: الحكومة هي المسؤول الاول عن هذا الملف بكافة جهاتها المعنية من وزارة إسكان وبلدية ومالية وتجارة وتخطيط وتربية وصحة وغيرها، وعلى مجلس الامة أن يكون جاهزا ومتحفزا تشريعيا ورقابيا، فنحن في المجلس سنعاون الحكومة في أي تشريع قانوني من شأنه أن يسهل حل المشكلة وفي ذات الوقت وبشكل متواز سيكون جاهزا لكل أعمال المتابعة والمراقبة البرلمانية في حال تلمس أي تقصير او تأخير او تلكؤ ازاء هذا الملف المصيري.
وذكر الغانم ان التعاطي الحكومي والبرلماني السابق إزاء تلك القضية يجب أن يتغير، هذه ليست قضية سياسية بحتة، ليست قضية نصطف إزاءها وفق أهوائنا السياسية والايديولوجية والفكرية، هذه قضية إجماع وطني، آنيتها وراهنيتها والحاحها تفرض علينا الثورة على كل اشكال التعاطي السياسي السابقة، فلا يجوز بيع الوهم على الناس، علينا مصارحة الناس بتفاصيل هذا الملف، عوائقه، أبعاده، آفاق الحلول فيه، وفتح حوار شفاف وواضح إزاءه، وهذا الحوار يجب أن يكون حقيقيا، وأشدد هنا حقيقيا أي يتعلق بالحقائق كما هي وليس بالوعود والأحلام، ما هو سهل ويسير نقوله، وما هو صعب نتدبره، نشرحه ونتداول بأمره بشكل علني ومفتوح وعلى هذا الحوار ان يعتمد لغة جديدة لغة الاحصائيات بدلا من البيانات السياسية الجوفاء لغة ورش العمل والسيمينارات بدلا من لغة المهرجانات السياسية، لغة الجداول والداياغرامات بدلا من الجمل الانشائية، الأرقام بدلا من الكلمات، لغة الحقائق كما هي على الارض بدلا من الهلام السياسي وبخار الكلام».
وذكر أن «هذا المؤتمر يمثل نهاية المرحلة الأولى من مراحل التصدي للقضية الاسكانية، التي بدأت مع بداية دور الانعقاد، وهي مرحلة البحث والتداول والتشاور وتبادل الاراء والعصف الفكري، وينتظر منه الخروج بوثيقة شاملة تقدم الى الحكومة وتكون بمثابة خارطة طريق شاملة وجامعة يتم على هديها العمل مجلسا وحكومة خلال المراحل المقبلة على طريق التوصل إلى حل نهائي واقعي وشامل للمشكلة الإسكانية بإذن الله».
وبدوره، تناول وكيل الأمين العام والمساعد التنفيذي للأمم المتحدة للمستوطنات البشرية الدكتور جون كلوس في كلمته آلية توفير المساكن في الكويت، معربا عن تطلعه إلى «التعاون مع حكومة الكويت في التصدي للتحديات الإسكانية التي تواجه هذه الأمة، من خلال نهج التخطيط الحضري المستدام والمتكامل الذي يهدف إلى تحقيق التنمية الحضرية المستدامة وفق منهج شمولي يتضمن الكفايات اللازمة، بما في ذلك الإسكان ذو الخدمات المتعددة وتحقيق كثافات مناسبة على المدى الطويل.
وأشار إلى ان «مدينة الكويت معروفة بتخطيطها الحديث وشبكة طرقاتها المصممة تصميما جيدا، ولكن مع تزايد عدد المركبات فيها، فإن حركة التنقل الحضرية والازدحام المروري سوف يشكلان تحديين جادين في المستقبل».
وبين كلوس أن مؤتمر الإسكان المنعقد تحت شعار «فلسفة جديدة... وخارطة طريق» يدل على ايلاء مجلس الأمة أولوية عالية لمسألة الاسكان في هذا البلد. واختيار المشاركين وفيهم ممثلون عن الحكومة والبرلمان والمجتمع المدني، إضافة إلى خبراء اقتصاديين وناشطين لم يأت اعتباطا، ولكنه يوضح بحد ذاته تخطيط فطن لضمان إعطاء جميع الممثلين الرئيسيين فرصاً للمشاركة والمساهمة في تحديد التحديات التي تواجهها هذه الأمة في سبيل تطوير رؤية واضحة للمرحلة المقبلة».
ولفت إلى انه «منذ عام 2007 حتى يومنا هذا، أصبح أكثر من نصف سكان العالم يقطنون في المدن والبلدات، وأصبح كوكبنا كوكبا حضريا، فالتحضر المتزايد بصورة سريعة يفرض تحديات هائلة لتحقيق السكن اللائق للجميع، والتحديات التي نواجهها في المستوطنات البشرية لا يمكن أن تحلها الحكومات أوالقطاع الخاص أو المجتمع المدني بصورة منفردة، ولكنها تتطلب مبادرة جميع قطاعات المجتمع لحلها، والكويت لتعتبر على المستوى العالمي في المقدمة من حيث كونها حضرية، لأن 98 في المئة من سكانها يعيشون في المدن».
وأوضح أن التوسع الحضري المستدام يلعب دوراً مهماً باعتباره محركا للتنمية الاقتصادية الوطنية والاجتماعية، لاسيما في حالة الكويت، ونحن نعتقد بقوة أنه يجب أن يستخدم بشكل هادف لهذا الغرض.
وعن المبدأ الثالث، قال إن «القدرة التقنية الكافية على تخطيط وتطوير وإدارة المدينة وكل أشكال المستوطنات البشرية الأخرى. يجب أن يكون التخطيط الحضري واضحا وبسيطا، ويجب أن يسمح اتباع نهج متعدد المراحل. وينبغي أن يحدد ويحافظ على الساحات العامة.
وبخصوص موضوع المؤتمر، بين أن التوصيات الرئيسية التي تدور حول ثلاثة معايير رئيسية ينبغي على أساسها تسليم السكن تشمل:
أولا، ينبغي أن يكون الإسكان متكاملا بشكل وثيق ضمن السياق الحضري - ولا يجب أن تكون معزولة.
ثانيا، يجب أن تبقى تقسيم المناطق إلى الحد الأدنى، مما يسمح للاستخدامات الحضرية المختلطة، وبالتالي ايجاد القدرة على الانتقال بسهولة من استخدام وحدة حضرية إلى أخرى، ومن الناحية المثالية سيرا على الأقدام أو مع الحد الأدنى من الوقت الذي يقضونه للانتقال، وثالثا، الحاجة لتحقيق كثافة مقبولة لضمان إدارة الموارد بالشكل الصحيح مع الحفاظ على الأرض الثمينة للأجيال القادمة وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تطوير المدمجة وحماية البيئة بشكل أفضل.
وفي حالة الكويت، قال كلوس: «حتى لو كان اليوم غالبية السكان يفضلون الوحدات السكنية لعائلة واحدة على قطعة من الأرض، ونحن نعلم أنه في غضون جيل أو جيلين من الآن سوف تكون هناك حاجة لبناء السكن العمودي: في البداية لتتقاسم الأسرة البناء وفي نهاية المطاف سنتوسع إلى تقاسم المبنى مع أشخاص آخرين ليسوا على الصلة مع بعض. وهذا يستلزم التأهب اعتبارا من اليوم لتلبية احتياجات الغد. ولا يمكن أن يحدث هذا دون وجود خطة حضرية متكاملة تدمج مختلف الاستخدامات الحضرية ضمن نمط متعدد الاستخدامات. والشيء المهم هو إقامة نمط حضري يحكمه خارطة طريق تمكنه من الاستمرار عبر الأجيال كما الحال في مدينة نيويورك».
أما بالنسبة إلى توفير المساكن الآن، فذكر أن «هنالك حاجة إلى إشراك العديد من الجهات المختلفة في عملية إعداد المساكن، مع مجموعة متنوعة من الأدوار المسندة إلى كل منها. والحكومة، من الناحية المثالية ينبغي أن تحدد السياسة والأطر التنظيمية، وتطوير البنية المؤسسية لتمكين توفير المساكن وجلب الجهات الفعالة لتوفير المساكن، بما في ذلك وكالات التنمية الحضرية والإسكان والمؤسسات المسؤولة عن بناء وايصال البنية التحتية، والأراضي ومواد البناء والعمالة والتمويل، ومع وجود هذه الجهات ينبغي الآن تمكينها من الاضطلاع بأدوارها ومسؤولياتها، ويجب أن يكون دور الحكومة المركزية والمحلية هو التركيز على ضمان الجودة وتطبيق المبادئ التوجيهية التي وضعتها لهم لضمان توفير المساكن بالطريقة المناسبة.
وتركيزا على الكويت، أشار إلى انها دولة تتميز بالتطور السريع، «فأنتم حاليا تتمتعون بثمار الازدهار الاقتصادي. وبسبب الازدهار انتم تطمحون بظروف سكن أفضل. ومع ذلك، تشير الإحصاءات الخاصة أن لديكم طلبات أكثر من 106000 وحدة سكنية متراكمة بانتظار انجازها وتسليمها. وهذا ليس بسبب نقص في قدراتكم الاقتصادية، وإنما بسبب عدم كفاية القدرة على انجاز السكن. فأنتم تواجهون حاليا قيودا في توافر الأراضي ذات الخدمات ونقصاً في توافر مواد البناء الكافية وتكنولوجيا البناء. بالإضافة إلى افتقاركم للعمالة المحلية ومع الدعم الحكومي الكثيف للإسكان اليوم، ستكون هنالك حاجة مستقبلية لتطوير نظام تمويل السكن الملائم لتمكين الناس من الوصول إلى تمويل الإسكان بأسعار معقولة. وهناك حاجة إلى تعزيز الخبرات والقدرات من أجل التغلب على التحديات الجديدة والمتنامية. وأعتقد أنه من خلال هذه المهمة، سيكون لدينا تشخيص عميق لمختلف القضايا والتحديات التي يواجهها قطاع الإسكان في الكويت.
وألقى رئيس اللجنة التحضيرية العليا للمؤتمر توفيق الجراح كلمة قال فيها «ان الشأن العقاري في الكويت يشكل قضية ملحة تمس الجميع وان القضية الاسكانية حساسة لارتباطها بالاسرة التي تعد نواة المجتمع وضمان استقراره»، عازيا التضخم الى «انتظار مستحقي الرعاية السكنية مددا طويلة مع الارتفاع غير المسبوق في أسعار الايجارات وأسعار الشراء في السكن الخاص والاستثماري ما انعكس سلبا على مستوى المعيشة ومتطلبات الحياة الكريمة للاسرة».
وطالب الحكومة بـ«خلق توازن في السوق العقاري من خلال ضخ وتحرير مزيد من الاراضي والحوافز لتوفير العقارات المتنوعة التي تلبي الاحتياجات المختلفة»، موضحا ان «تلك الاجراءات هي المفتاح لحل الازمة الاسكانية ولجم مستويات الاسعار المرتفعة والمحافظة على جودة الحياة وتفادي المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المترتبة عليها».
وقال الجراح «ان مجلس الامة الحالي بتركيزه على القضية الاسكانية واعطائها الاولوية أعطى دفعة معنوية للمختصين لدراسة القضية الاسكانية بمنظور عميق يشخص ويحلل المشكلة ليضع السياسات والاليات في خطة متوسطة المدى تراعي الازمة الحالية وأخرى طويلة المدى تحقق حلا شاملا»، مضيفا انه «رغم المبادرة النبيلة في الكويت بتوفير السكن لجميع المواطنين الا ان توفير المساكن قد تراجع في السنوات الـ20 الماضية بسبب عوامل عدة، مع وجود أكثر من 108 آلاف أسرة على قائمة الانتظار فيما يتوقع ان تصل الطلبات الى أكثر من 342 ألف طلب خلال الـ20 سنة المقبلة بسبب الزيادة السريعة في عدد السكان واتساع قاعدة الشباب».
من جانبه، أعلن وزير الدولة لشؤون الاسكان ياسر ابل عن عزم المؤسسة العامة للرعاية السكنية الاستعداد لتوزيع عدد كبير من الوحدات السكنية ستكون الاكبر من نوعها في تاريخ المؤسسة، إذ تشمل توزيع ما لايقل عن 12 الف وحدة سكنية خلال العام الحالي.
واعتبر ابل، في تصريح على هامش مؤتمر الإسكان، القضية الاسكانية «قضية فنية بحتة تحتاج الى دراسة مستفيضة وبحث علمي دقيق لارتباطها بجوانب عدة، آملا ان يساهم المؤتمر في الخروج بحلول وفلسفة جديدة تساهم في حل المشكلة».
واشار الى «اهمية التعاون بين جميع الاطراف ذات الصلة في القضية الاسكانية لوضع افضل الحلول واسرعها»، مشددا على «اهمية الابتعاد بالقضية الاسكانية عن اي تجاذبات سياسية قد تؤدي الى تأخير حلها»، مؤكدا في الوقت ذاته أن «المؤسسة لديها برنامج واضح مرتبط بعمل من سبقنا بهدف حل المشكلة الاسكانية، ونحن بحاجة الى منظور جديد مختلف عن الطريق الذي كنا نسير عليه في السابق».
المشاركون في الجلسة الأولى: مفهوم الرعاية السكنية في حاجة إلى تغيير
| كتب علي العلاس ومحمد صباح |
في الجلسة الأولى التي تتحدث عن إمكانية استمرار مفهوم الرعاية الإسكانية التي أدارها عضو مجلس الأمة راكان النصف، دعا المشاركون إلى إتاحة الفرصة للقطاع الخاص للقيام بدوره في إيجاد حل للقضية الإسكانية، مشيرين إلى ضرورة تغيير مفهوم الرعاية السكنية ليلائم المعطيات الحالية.
وفي هذا السياق، قال توفيق الجراح «هناك تضخم في عدد العائلات الكويتية حيث تبلغ نسبة نموها إلى 7.5 في المئة، وهناك تفاقم العجز في توفير الإسكان في العقد الأخير، مع فجوة في عام 2000 حيث كان لدينا 153 ألف عائلة وفي عام 2013 أصبح لدينا 250 ألفا.
ولفت إلى وجود تباطؤ في توفير المنازل أدى إلى اتساع الفجوة فقاعدة الهرم السكاني في الكويت عريضة بحيث ان طلبات الإسكان ستتزايد بسرعة في المستقبل، معتبرا توجه الحكومة في زيادة مساحة الوحدات في المناطق البعيدة لجذب المواطنين عملية ونقطة سلبية فتقديرات التكلفة لكل منزل على الحكومة تصل إلى 252 ألفاً لمنزل مساحته 400 متر مربع.
وأوضح أن تكلفة توفير 342.960 منزلا خلال 20 سنة ستكون 1.2 مليار دينار، لافتا إلى أن المشكلة تكمن في قضية دعم الكهرباء حيث إن 48 في المئة من الدعم يذهب إلى القطاع الخاص في الكويت، وحسب الدراسات في وزارة الكهرباء فإن كل متر مربع يكلف الدولة دعما قدره 10 دنانير، واستراتيجية الواقع تكمن في صياغة استراتيجية الاسكان وهي واحدة من السياسات الأكثر تعقيدا في ظل الاعتماد على القطاع العام وحده بحيث لا يمكن حل القضية بهذا الطريقة.
بدوره، قال وزير الإسكان ياسر أبل «يجب أن نعي حجم المسؤولية والواجب علينا ان نضع الحلول السليمة، فكما رأينا الحقائق والأرقام تحتاج إلى وعي وإدراك لحجم المشكلة وبالتالي نحن في وزارة الإسكان نعمل على وضع حل جذري لهذه المشكلة بحيث لا يتكرر الوضع القائم الآن، وسبق أن صرحت أن هذه المشكلة ليست بالصعبة وليست بالسهلة، لأن الأصعب كان هو عدم توفر الأراضي ولله الحمد اليوم الاراضي المتوفرة تحت يد الإسكان تكفي لبناء 170 ألف وحدة سكنية، ولذلك يجب علينا استغلال هذه الأراضي بالشكل الصحيح، ولكنها ليست بالقضية السهلة لأن هذه الأعداد في الكويت منذ سنة 56 حتى اليوم بنت مؤسسة الرعاية السكنية 97 ألفاً من أصل 140، وهذا الأمر يضعنا في تحد كمؤسسة سكنية بحيث ينبغي عليها أن توزع ما لا يقل عن 12 ألف وحدة سكنية سنويا.
اما وزير الإسكان الأسبق الدكتور عادل الصبيح فقال «مر على وزارة الإسكان 14 وزيرا منهم 6 وزراء منتخبين يمثلون الشعب من مختلف التوجهات، وكلهم فشلوا في حل قضية الرعاية السكنية، كما مر على المؤسسة أكثر من 4 مدراء عامين، واليوم أكثر من استمر في موضوع الرعاية الإسكانية هو اللجنة الإسكانية لمدة 12 سنة وقدموا 10 تعديلات على القانون أكثرها أدى إلى كثير من التأزيم وزيادة التعقيد».
من جهته، قال وزير الكهرباء وزير الأشغال عبدالعزيز الإبراهيم «إن مخطط الوزارة في 2019 أن تصل الطاقة الانتاجية إلى 19 ألف ميغا وات، وحسب ما تسلمنا من الهيئة العامة للإسكان فان هناك حاجة إلى 14 ميغا وات، ونحن اليوم ندفع دعما للطاقة قيمته 3 مليارات دينار سنويا لكل من الكهرباء والماء، والأمر المتوقع أن نستهلك 10 في المئة من انتاجنا من النفط وفي عام 2030 يتوقع أن نصل إلى استهلاك 20 في المئة واستهلاك هذه الوحدات يصل إلى 9 مليارات دينار سنويا، لافتا إلى «وجود عنصر أساسي مهم وهو: هل تستطيع مؤسسة البترول توفير طاقة لهذه المحطات الجديدة؟».
وقال: «في المنظور الجديد يجب أن تنشأ المدن الإسكانية بكل مكوناتها بما فيها محطات القوى، حتى نتلافى المشاكل المتوقعة خاصة أن الأمر لا يختصر في اعداد وحدات سكنية توزعها الدولة، حيث انه من السهل أن تحصل على الأراضي ولكن عندما نوصل خطوط الكهرباء وربطها بالشبكة الرئيسية نواجه مشاكل كبيرة في ظل الدورة المستندية».
وقال المعقب على الجلسة الأولى مبارك الدويلة «إن جميع المتحدثين ركزوا على ضرورة تغيير فلسفة الإسكان ولكن نواجه صعوبة في تغيير جزء من الفلسفة خاصة أن الحكومة لا تواجه الناس لتغير فلسفة الإسكان، وأي وزير يطرح هذا الأمر يكون مصيره الكرت الأحمر»، داعيا إلى تطوير الجهاز الفني في مؤسسة الرعاية السكنية، لأن الوكلاء المساعدين في المؤسسة لا يجدد لهم ويتغيرون باستمرار وبشكل يومي نرى وكلاء مساعدين جدداً، ونتمنى من الوزير الجديد تطوير الجهاز الفني، وكذلك بالنسبة لقانون الشركات المساهمة قانون معاق وأنا شخصيا شاركت في مشروع المدن المنخفضة التكاليف ولم يتقدم أحد.
الجلسة الثانية: بدائل السكن
| كتب علي العلاس ومحمد صباح |
وفي الجلسة الحوارية الثانية التي حملت عنوان دور القطاع الخاص بتقديم مساهمة فاعلة في توفير بدائل السكن وتحقيق التوازن بالسوق العقاري وتوفير منتجات عقارية وترأسها عضو مجلس الأمة فيصل الكندري، قال محافظ البنك المركزي الدكتور محمد الهاشل إن موضوع الرعاية السكنية مهم وحساس ودور القطاع الخاص أساسي فيه، فلابد من التركيز في السياسات العامة الاقتصادية نحو معالجة القضية الإسكانية، نظرا لتأثيرها على الأداء الاقتصادي ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي في كل القطاعات.
وقال الهاشل «إن منطلقات البنك المركزي تتمحور في 3 أسباب تتصل بالأسباب النقدية في ترسيخ الاستقرار النقدي والحد من الضغوط التضخمية وتعزيز النمو الاقتصادي، وذلك من منطلق تعزيز متانة الاقتصاد والوطن وحماية المستثمرين».
وذكر أن «القيمة المضافة للأنشطة العقارية تساوي 12 في المئة بالنسبة للأنشطة غير العقارية، وخدمات المسكن لها تأثير مباشر وأهمية تصل إلى نسبة 29 في المئة من متوسط الإنفاق الأسري»، موضحا أن معدل التضخم في إنفاق المسكن بلغ 13 في المئة خلال هذا العام.
وقال إن عمليات البيع والشراء تستحوذ على 50 في المئة من الأنشطة والنمو السنوي المركبة لمبيعات القطاع السكني التي بلغت نسبتها 20 في المئة، مبينا تناميه هذه السنوات، مشيرا إلى أن «نسبة القروض الإسكانية من الناتج المحلي مؤثرة جدا في القطاع النقدي وهناك أهمية عالية لقطاع الإسكان وارتباط وثيق في اداء الاقتصاد الحالي، ونحن حريصون على توفير السياسة النقدية الملائمة عن طريق تحريك أسعار الفائدة، لتؤتي ثمارها على تكلفة التمويل والأنشطة المرتبطة بالنشاط العقاري».
وتابع: «إن الاقتراض الإسكاني أهم قرار مالي تتخذه الأسرة وما يترتب عليه من التزامات مالية كبيرة في ظل الأوضاع الحالية للمقترض حاليا ومستقبلا، وفي ظل المخاطر على المقترض والمقرض»، مؤكدا أن «الأهمية النسبية للقروض المقسطة نمت مؤخرا بشكل كبير أكثر من القروض التنموية».
وأوضح الهاشل أن «ذلك يبين لنا أهمية هذا القطاع لترسيخ أجواء الاستقرار المالي وسط ضوابط تحاول المحافظة على عملية الاستقرار»، مؤكدا أن «هناك تعليمات صدرت العام الماضي للمحافظة على الشفافية والعدالة، وهذه الضوابط ستعمل على عملية النمو والتنمية، فالأموال المتاحة لعملية التوظيف وفق المعايير الحالية هي 34 مليار دينار، ولدى البنوك حاليا منها 6 مليارات فقط، تستطيع توظيفها وأن السيولة الحالية وصلت إلى 60 مليارا».
من جهته، قال رئيس مجلس إدارة شركة الأرجان خالد المشعان «يجب أن نعرف في البداية كيف حدثت المشكلة عندما خرجنا من السور، وكان القرار أن تكون المناطق النموذجيه بمساحة 750 مترا مربعا للوحدة السكنية، وكان وقتها سعر القسيمة ما بين 750 إلى 1250 دينارا، واليوم يصل سعر المتر إلى 750 دينارا وما فوق».
وأضاف: «الدستور قال أن الدولة مسؤولة عن المواطنين ولم يضع معايير محددة وأعطى حرية بكيفية التطبيق، ونحن نتكلم في ذلك الوقت عن 600 ألف مواطن واليوم نتحدث عما يزيد على مليون إلى جانب الوافدين، وكانت الأراضي لا تزيد على 30 في المئة عن سعر البيت، وكان بنك التسليف يعطي 70 ألف دينار وبالتالي كانت الأسعار معقولة».
وقال «الـ 70 ألف دينار التي كانت نسبتها سابقا تصل إلى 70 في المئة من سعر البيت اليوم لا تزيد عن 18 في المئة من سعر البيوت»، مشيرا إلى أن «أغلى منطقة في الرياض لا تتجاوز 250 دينارا للمتر في حين أن الرقم يتضاعف في جميع مناطق ومدن الكويت».
ولفت إلى أن البناء العمودي يجب أن يكون قريبا من المناطق الحضرية لجذب المواطنين له، وكيفية إشراك القطاع الخاص في المشاريع الإسكانية والمؤسسة الإسكانية يجب أن تؤخذ من خبرات المؤسسات غير الربحية، إضافة إلى تأهيل الشركات وتوفير الأراضي ونحن في القطاع الخاص نستطيع أن نعين الدولة في حل هذه القضية، مؤكدا أن القضية ليست معقدة وتحتاج فقط إلى وجود رغبة وإرادة في الحل.
من جهته، قال رئيس الجهاز الفني لدراسة المشروعات التنموية والمبادرات عادل الرومي في كلمة ألقاها نيابة عن وزير المالية أنس الصالح «القضية الإسكانية هاجس الجميع، والعملية معقدة لأنها تحتاج إلى عمل قبل وبعد عملية بنيان البيت ويتطلب جهودا كبيرة جدا، وأعتقد أن المسار الذي اتخذته الدولة في تخفيف دورها في عمل المشغل لمشاريع الإسكان خطوة جيدة».
وقال عضو المجلس الأعلى للتخطيط خالد العيسى «اليوم البلد يستعين بخبراته وبالأمم المتحدة في حين أن القطاع الخاص مهمش، ويكفي أن المتحدث الوحيد عن القطاع الخاص هو خالد المشعان»، متسائلا: «لماذا لا ننشئ شركات مساهمة كويتية بتسهيلات محلية خاصة في ظل الفوائض المالية الموجودة قبل أن تكسد؟».
وقال الغانم في افتتاح مؤتمر الكويت للاسكان الذي رعاه سمو أمير البلاد وأناب عنه في افتتاحه سمو ولي العهد: «اننا امام خيارين اما نواصل في المماطلة مثلما ماطلنا في الماضي حتى الوصول إلى لحظة الانفجار، ونلجأ إلى الحلول المتسرعة، واما أن نعتمد الخيار الثاني وهو الاضطلاع بمسؤولياتنا، ونتصرف كرجال دولة»، لافتا إلى أن «اننا نغامر، ومستعدون لكسر هذه الحلقة الفارغة من العمل السياسي، نريد كسر عصر التطاحن السياسي، والتوجه بالمجتمع نحو قضايا تهمه، ونحن نعلم أن القضية الاسكانية لا تحل بعصا سحرية».
وفضل الغانم «مصارحة الناس في الملف الاسكاني وابعاده وفتح حوار حقيقي وليس وعوداً واحلاماً».
وشمل حفل الافتتاح الذي استهله رئيس المجلس كلمات لمساعد الامين العام للامم المتحدة جون كلوس ورئيس اللجنة المنظمة توفيق الجراح.
وعن المؤتمر، قال الغانم في كلمته: «إن هذه ليست مناسبة بروتوكولية مراسمية، هذا مؤتمر مهم يتعلق بقضية في غاية الأهمية ورعاية سمو الأمير لهذا المؤتمر وحضور سموكم (سمو ولي العهد) وتشريفكم لنا إنما نقرأه على أنه رسالة سياسية مفادها أن القيادة السياسية تولي أهمية كبرى لملف الاسكان كونه ملفا مهما يمس كافة المواطنين، فشكرا سموكم على مشاركتكم ونقول لكم إن الرسالة وصلت وبوضوح لكل أبناء الشعب الكويتي».
وزاد مخاطبا المواطنين: «سأصارحكم القول، لقد تأخرنا كثيرا وهذا التأخير يتحمل وزره الجميع، جميعنا بلا استثناء، حكومات ومجالس تشريعية وبلدية واعلام وقوى سياسية ومؤسسات مجتمع مدني، جميعنا، لقد ماطلنا في قضية لا تحتمل المماطلة وسوّفنا في ملف لا يحتمل التسويف، والمفارقة المحيرة أن التأخير جاء على حساب قضية تتصف بثلاثة أمور تجعلها غير قابلة للتأجيل، اولا: كونها قضية متنامية تتضخم ككرة ثلج وكل دقيقة تمر عليها دون حل يفاقم في الحاحها وضرورتها وثانيا: كونها قضية اجماع وطني، قضية عابرة فوق الخلافات السياسية والمذهبية والعرقية والقبلية والأيديولوجية، وثالثا، وهنا المهم، أنها قضية حاجة إنسانية أساسية تمس الأمن المجتمعي، وليست قضية تندرج تحت بند التبشير السياسي وما يحمله من ترف التنظير والرؤى الاستشرافية الباردة».
ولفت الغانم إلى أن للتعامل مع تلك القضية خيارين: «الأول أن نماطل كما ماطلنا في الماضي حتى نصل للحظة الانفجار المجتمعي ونبدأ تحت وقع هذا الانفجار بفرض حلول متسرعة وعاجلة وفوضوية قد تكون كلفة الاستعجال فيها والتسرع بها عالية من حيث افتقاد التخطيط والاتقان، أما الخيار الثاني فهو ان نضطلع بمسؤوليتنا الوطنية ونتصرف كرجال دولة ونبدأ نحن بفرض هذا الملف كأولوية».
وأضاف: «يسألنا البعض ولا أريد ان أعرف نواياهم، هل هذه حصافة سياسية أن تفرض على نفسك أجندة وتحمل أمام الناس وزر الاخفاق بها لا سمح الله، ألستم تغامرون عندما تثقلون كاهلكم بقضية أنتم أخرجتموها من الادراج ووضعتموها أمام الناس؟ وربما يزيد هؤلاء بقولهم، أليس من الافضل اشغال الناس بالصراع السياسي التقليدي تفريقهم على أجندات، ترك الأمور على حالها تراوح في مكانها، إذكاء القضايا الخلافية الخروج منها سالما كعادة الكثير من السياسيين؟ وعلى هؤلاء أجيب بالأصالة عن نفسي وعن كل اخواني أعضاء مجلس الأمة، نعم نحن نغامر، ومستعدون لتحمل كلفة كسر هذه الحلقة المفرغة من العمل السياسي وأنه قد آن الأوان لتبني قضايا الناس الحقيقية، وعلى رأسها قضية الاسكان، نعم نريد كسر عبث التطاحن السياسي ونوجه كل مؤسسات الدولة والمجتمع نحو قضايا الاجماع الوطني، القضايا التي تمس كل مواطن وكل بيت من شمال البلاد الى جنوبها ومن بحرها الى غربها».
وزاد: «لسنا ساذجين سياسيا هنا، نعرف ما طبيعة المشكلة الاسكانية، نعلم جيدا أنها واحدة من المستنقعات السياسية الآسنة، نعلم أنها قضية لا تحل بعصا سحرية وبقرار واحد، نعلم أنها قضية فنية ومتخمة بالتفاصيل الاقتصادية والعلمية والبيئية والجيولوجية وغيرها، قضية يتحاشى الكثير تبنيها لصعوبتها وتشابك مجالاتها واختصاصاتها، نعلم مدى قدمها وتكلسها وترهلها، نعلم انها قضية القضايا، وندرك جيدا انها قضية معقدة ولا تحتاج الى تنظير وكلام سياسي بقدر ما تحتاج الى تخطيط وعمل، لكني اخاطب ضمائر الجميع ووجدانهم الوطني هنا، أليست القضية الاسكانية أولوية المواطنين وهاجسهم أينما قابلتموهم؟ هل الناس تبالغ عندما تلح على أهمية هذا الملف؟ أتراهم يتكلمون من فراغ؟ أنتم قبل غيركم تعرفون أنهم صادقون وأن قضية إيجاد مسكن يؤويهم وأسرهم هي قضية لا يساومون عليها، وبناء عليه أسألكم مرة اخرى، أليس من الواجب شرعيا ووطنيا ودستوريا وأخلاقيا ووجدانيا أن نتبنى هذا الملف، مجلسا وحكومة؟».
وحدد الغانم خارطة طريق للسير في حلحلة المشكلة الاسكانية تشمل «اولا، أهمية وجود نية وإرادة سياسية حقيقية لحل هذه المشكلة وهذا ما نلمسه الآن على كافة المستويات بدءا من القيادة السياسية العليا وانتهاءا بالمواطن المعني بالقضية، وهنا من الواجب التأكيد على أن أولوية قضية الإسكان لم تعد قضية جدل، أن تكون أولوية، هي قضية منتهية بالنسبة لنا ولا مجال للتراجع، بل نذهب بعيدا ونقول أنه ليس من المسموح سياسيا أن تتخلف هذه القضية عن كونها أولوية، فنحن لن نسمح بإهمال هذه القضية أو خنقها في الأدراج، القضية الآن فوق الطاولة وتحت المجهر، ويجب أن تظل هكذا الى أن تحل برمتها.
ثانيا: الحل يجب أن يكون على خطوات، ننتهي من مسألة فرعية تتعلق بالقضية وننتقل الى أخرى، هنا أتكلم عن المسائل التي تتسم بعنصر المراكمة والتسلسل، وثالثا: إضافة الى أن الحل يجب أن يكون على خطوات، إلا أن جوانب أخرى من المسالة يجب أن تحل بالتوازي والتزامن، ملفات متوازية يتم التعامل معها في آن واحد، ما تفعله وزارة الدولة لشؤون الاسكان في ملف ما، يجب ان يكون متزامنا مع ملفات اخرى تضطلع بها جهات اخرى، الوقت هنا مهم ولا مجال للتراخي.
رابعا: الحكومة هي المسؤول الاول عن هذا الملف بكافة جهاتها المعنية من وزارة إسكان وبلدية ومالية وتجارة وتخطيط وتربية وصحة وغيرها، وعلى مجلس الامة أن يكون جاهزا ومتحفزا تشريعيا ورقابيا، فنحن في المجلس سنعاون الحكومة في أي تشريع قانوني من شأنه أن يسهل حل المشكلة وفي ذات الوقت وبشكل متواز سيكون جاهزا لكل أعمال المتابعة والمراقبة البرلمانية في حال تلمس أي تقصير او تأخير او تلكؤ ازاء هذا الملف المصيري.
وذكر الغانم ان التعاطي الحكومي والبرلماني السابق إزاء تلك القضية يجب أن يتغير، هذه ليست قضية سياسية بحتة، ليست قضية نصطف إزاءها وفق أهوائنا السياسية والايديولوجية والفكرية، هذه قضية إجماع وطني، آنيتها وراهنيتها والحاحها تفرض علينا الثورة على كل اشكال التعاطي السياسي السابقة، فلا يجوز بيع الوهم على الناس، علينا مصارحة الناس بتفاصيل هذا الملف، عوائقه، أبعاده، آفاق الحلول فيه، وفتح حوار شفاف وواضح إزاءه، وهذا الحوار يجب أن يكون حقيقيا، وأشدد هنا حقيقيا أي يتعلق بالحقائق كما هي وليس بالوعود والأحلام، ما هو سهل ويسير نقوله، وما هو صعب نتدبره، نشرحه ونتداول بأمره بشكل علني ومفتوح وعلى هذا الحوار ان يعتمد لغة جديدة لغة الاحصائيات بدلا من البيانات السياسية الجوفاء لغة ورش العمل والسيمينارات بدلا من لغة المهرجانات السياسية، لغة الجداول والداياغرامات بدلا من الجمل الانشائية، الأرقام بدلا من الكلمات، لغة الحقائق كما هي على الارض بدلا من الهلام السياسي وبخار الكلام».
وذكر أن «هذا المؤتمر يمثل نهاية المرحلة الأولى من مراحل التصدي للقضية الاسكانية، التي بدأت مع بداية دور الانعقاد، وهي مرحلة البحث والتداول والتشاور وتبادل الاراء والعصف الفكري، وينتظر منه الخروج بوثيقة شاملة تقدم الى الحكومة وتكون بمثابة خارطة طريق شاملة وجامعة يتم على هديها العمل مجلسا وحكومة خلال المراحل المقبلة على طريق التوصل إلى حل نهائي واقعي وشامل للمشكلة الإسكانية بإذن الله».
وبدوره، تناول وكيل الأمين العام والمساعد التنفيذي للأمم المتحدة للمستوطنات البشرية الدكتور جون كلوس في كلمته آلية توفير المساكن في الكويت، معربا عن تطلعه إلى «التعاون مع حكومة الكويت في التصدي للتحديات الإسكانية التي تواجه هذه الأمة، من خلال نهج التخطيط الحضري المستدام والمتكامل الذي يهدف إلى تحقيق التنمية الحضرية المستدامة وفق منهج شمولي يتضمن الكفايات اللازمة، بما في ذلك الإسكان ذو الخدمات المتعددة وتحقيق كثافات مناسبة على المدى الطويل.
وأشار إلى ان «مدينة الكويت معروفة بتخطيطها الحديث وشبكة طرقاتها المصممة تصميما جيدا، ولكن مع تزايد عدد المركبات فيها، فإن حركة التنقل الحضرية والازدحام المروري سوف يشكلان تحديين جادين في المستقبل».
وبين كلوس أن مؤتمر الإسكان المنعقد تحت شعار «فلسفة جديدة... وخارطة طريق» يدل على ايلاء مجلس الأمة أولوية عالية لمسألة الاسكان في هذا البلد. واختيار المشاركين وفيهم ممثلون عن الحكومة والبرلمان والمجتمع المدني، إضافة إلى خبراء اقتصاديين وناشطين لم يأت اعتباطا، ولكنه يوضح بحد ذاته تخطيط فطن لضمان إعطاء جميع الممثلين الرئيسيين فرصاً للمشاركة والمساهمة في تحديد التحديات التي تواجهها هذه الأمة في سبيل تطوير رؤية واضحة للمرحلة المقبلة».
ولفت إلى انه «منذ عام 2007 حتى يومنا هذا، أصبح أكثر من نصف سكان العالم يقطنون في المدن والبلدات، وأصبح كوكبنا كوكبا حضريا، فالتحضر المتزايد بصورة سريعة يفرض تحديات هائلة لتحقيق السكن اللائق للجميع، والتحديات التي نواجهها في المستوطنات البشرية لا يمكن أن تحلها الحكومات أوالقطاع الخاص أو المجتمع المدني بصورة منفردة، ولكنها تتطلب مبادرة جميع قطاعات المجتمع لحلها، والكويت لتعتبر على المستوى العالمي في المقدمة من حيث كونها حضرية، لأن 98 في المئة من سكانها يعيشون في المدن».
وأوضح أن التوسع الحضري المستدام يلعب دوراً مهماً باعتباره محركا للتنمية الاقتصادية الوطنية والاجتماعية، لاسيما في حالة الكويت، ونحن نعتقد بقوة أنه يجب أن يستخدم بشكل هادف لهذا الغرض.
وعن المبدأ الثالث، قال إن «القدرة التقنية الكافية على تخطيط وتطوير وإدارة المدينة وكل أشكال المستوطنات البشرية الأخرى. يجب أن يكون التخطيط الحضري واضحا وبسيطا، ويجب أن يسمح اتباع نهج متعدد المراحل. وينبغي أن يحدد ويحافظ على الساحات العامة.
وبخصوص موضوع المؤتمر، بين أن التوصيات الرئيسية التي تدور حول ثلاثة معايير رئيسية ينبغي على أساسها تسليم السكن تشمل:
أولا، ينبغي أن يكون الإسكان متكاملا بشكل وثيق ضمن السياق الحضري - ولا يجب أن تكون معزولة.
ثانيا، يجب أن تبقى تقسيم المناطق إلى الحد الأدنى، مما يسمح للاستخدامات الحضرية المختلطة، وبالتالي ايجاد القدرة على الانتقال بسهولة من استخدام وحدة حضرية إلى أخرى، ومن الناحية المثالية سيرا على الأقدام أو مع الحد الأدنى من الوقت الذي يقضونه للانتقال، وثالثا، الحاجة لتحقيق كثافة مقبولة لضمان إدارة الموارد بالشكل الصحيح مع الحفاظ على الأرض الثمينة للأجيال القادمة وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تطوير المدمجة وحماية البيئة بشكل أفضل.
وفي حالة الكويت، قال كلوس: «حتى لو كان اليوم غالبية السكان يفضلون الوحدات السكنية لعائلة واحدة على قطعة من الأرض، ونحن نعلم أنه في غضون جيل أو جيلين من الآن سوف تكون هناك حاجة لبناء السكن العمودي: في البداية لتتقاسم الأسرة البناء وفي نهاية المطاف سنتوسع إلى تقاسم المبنى مع أشخاص آخرين ليسوا على الصلة مع بعض. وهذا يستلزم التأهب اعتبارا من اليوم لتلبية احتياجات الغد. ولا يمكن أن يحدث هذا دون وجود خطة حضرية متكاملة تدمج مختلف الاستخدامات الحضرية ضمن نمط متعدد الاستخدامات. والشيء المهم هو إقامة نمط حضري يحكمه خارطة طريق تمكنه من الاستمرار عبر الأجيال كما الحال في مدينة نيويورك».
أما بالنسبة إلى توفير المساكن الآن، فذكر أن «هنالك حاجة إلى إشراك العديد من الجهات المختلفة في عملية إعداد المساكن، مع مجموعة متنوعة من الأدوار المسندة إلى كل منها. والحكومة، من الناحية المثالية ينبغي أن تحدد السياسة والأطر التنظيمية، وتطوير البنية المؤسسية لتمكين توفير المساكن وجلب الجهات الفعالة لتوفير المساكن، بما في ذلك وكالات التنمية الحضرية والإسكان والمؤسسات المسؤولة عن بناء وايصال البنية التحتية، والأراضي ومواد البناء والعمالة والتمويل، ومع وجود هذه الجهات ينبغي الآن تمكينها من الاضطلاع بأدوارها ومسؤولياتها، ويجب أن يكون دور الحكومة المركزية والمحلية هو التركيز على ضمان الجودة وتطبيق المبادئ التوجيهية التي وضعتها لهم لضمان توفير المساكن بالطريقة المناسبة.
وتركيزا على الكويت، أشار إلى انها دولة تتميز بالتطور السريع، «فأنتم حاليا تتمتعون بثمار الازدهار الاقتصادي. وبسبب الازدهار انتم تطمحون بظروف سكن أفضل. ومع ذلك، تشير الإحصاءات الخاصة أن لديكم طلبات أكثر من 106000 وحدة سكنية متراكمة بانتظار انجازها وتسليمها. وهذا ليس بسبب نقص في قدراتكم الاقتصادية، وإنما بسبب عدم كفاية القدرة على انجاز السكن. فأنتم تواجهون حاليا قيودا في توافر الأراضي ذات الخدمات ونقصاً في توافر مواد البناء الكافية وتكنولوجيا البناء. بالإضافة إلى افتقاركم للعمالة المحلية ومع الدعم الحكومي الكثيف للإسكان اليوم، ستكون هنالك حاجة مستقبلية لتطوير نظام تمويل السكن الملائم لتمكين الناس من الوصول إلى تمويل الإسكان بأسعار معقولة. وهناك حاجة إلى تعزيز الخبرات والقدرات من أجل التغلب على التحديات الجديدة والمتنامية. وأعتقد أنه من خلال هذه المهمة، سيكون لدينا تشخيص عميق لمختلف القضايا والتحديات التي يواجهها قطاع الإسكان في الكويت.
وألقى رئيس اللجنة التحضيرية العليا للمؤتمر توفيق الجراح كلمة قال فيها «ان الشأن العقاري في الكويت يشكل قضية ملحة تمس الجميع وان القضية الاسكانية حساسة لارتباطها بالاسرة التي تعد نواة المجتمع وضمان استقراره»، عازيا التضخم الى «انتظار مستحقي الرعاية السكنية مددا طويلة مع الارتفاع غير المسبوق في أسعار الايجارات وأسعار الشراء في السكن الخاص والاستثماري ما انعكس سلبا على مستوى المعيشة ومتطلبات الحياة الكريمة للاسرة».
وطالب الحكومة بـ«خلق توازن في السوق العقاري من خلال ضخ وتحرير مزيد من الاراضي والحوافز لتوفير العقارات المتنوعة التي تلبي الاحتياجات المختلفة»، موضحا ان «تلك الاجراءات هي المفتاح لحل الازمة الاسكانية ولجم مستويات الاسعار المرتفعة والمحافظة على جودة الحياة وتفادي المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المترتبة عليها».
وقال الجراح «ان مجلس الامة الحالي بتركيزه على القضية الاسكانية واعطائها الاولوية أعطى دفعة معنوية للمختصين لدراسة القضية الاسكانية بمنظور عميق يشخص ويحلل المشكلة ليضع السياسات والاليات في خطة متوسطة المدى تراعي الازمة الحالية وأخرى طويلة المدى تحقق حلا شاملا»، مضيفا انه «رغم المبادرة النبيلة في الكويت بتوفير السكن لجميع المواطنين الا ان توفير المساكن قد تراجع في السنوات الـ20 الماضية بسبب عوامل عدة، مع وجود أكثر من 108 آلاف أسرة على قائمة الانتظار فيما يتوقع ان تصل الطلبات الى أكثر من 342 ألف طلب خلال الـ20 سنة المقبلة بسبب الزيادة السريعة في عدد السكان واتساع قاعدة الشباب».
من جانبه، أعلن وزير الدولة لشؤون الاسكان ياسر ابل عن عزم المؤسسة العامة للرعاية السكنية الاستعداد لتوزيع عدد كبير من الوحدات السكنية ستكون الاكبر من نوعها في تاريخ المؤسسة، إذ تشمل توزيع ما لايقل عن 12 الف وحدة سكنية خلال العام الحالي.
واعتبر ابل، في تصريح على هامش مؤتمر الإسكان، القضية الاسكانية «قضية فنية بحتة تحتاج الى دراسة مستفيضة وبحث علمي دقيق لارتباطها بجوانب عدة، آملا ان يساهم المؤتمر في الخروج بحلول وفلسفة جديدة تساهم في حل المشكلة».
واشار الى «اهمية التعاون بين جميع الاطراف ذات الصلة في القضية الاسكانية لوضع افضل الحلول واسرعها»، مشددا على «اهمية الابتعاد بالقضية الاسكانية عن اي تجاذبات سياسية قد تؤدي الى تأخير حلها»، مؤكدا في الوقت ذاته أن «المؤسسة لديها برنامج واضح مرتبط بعمل من سبقنا بهدف حل المشكلة الاسكانية، ونحن بحاجة الى منظور جديد مختلف عن الطريق الذي كنا نسير عليه في السابق».
المشاركون في الجلسة الأولى: مفهوم الرعاية السكنية في حاجة إلى تغيير
| كتب علي العلاس ومحمد صباح |
في الجلسة الأولى التي تتحدث عن إمكانية استمرار مفهوم الرعاية الإسكانية التي أدارها عضو مجلس الأمة راكان النصف، دعا المشاركون إلى إتاحة الفرصة للقطاع الخاص للقيام بدوره في إيجاد حل للقضية الإسكانية، مشيرين إلى ضرورة تغيير مفهوم الرعاية السكنية ليلائم المعطيات الحالية.
وفي هذا السياق، قال توفيق الجراح «هناك تضخم في عدد العائلات الكويتية حيث تبلغ نسبة نموها إلى 7.5 في المئة، وهناك تفاقم العجز في توفير الإسكان في العقد الأخير، مع فجوة في عام 2000 حيث كان لدينا 153 ألف عائلة وفي عام 2013 أصبح لدينا 250 ألفا.
ولفت إلى وجود تباطؤ في توفير المنازل أدى إلى اتساع الفجوة فقاعدة الهرم السكاني في الكويت عريضة بحيث ان طلبات الإسكان ستتزايد بسرعة في المستقبل، معتبرا توجه الحكومة في زيادة مساحة الوحدات في المناطق البعيدة لجذب المواطنين عملية ونقطة سلبية فتقديرات التكلفة لكل منزل على الحكومة تصل إلى 252 ألفاً لمنزل مساحته 400 متر مربع.
وأوضح أن تكلفة توفير 342.960 منزلا خلال 20 سنة ستكون 1.2 مليار دينار، لافتا إلى أن المشكلة تكمن في قضية دعم الكهرباء حيث إن 48 في المئة من الدعم يذهب إلى القطاع الخاص في الكويت، وحسب الدراسات في وزارة الكهرباء فإن كل متر مربع يكلف الدولة دعما قدره 10 دنانير، واستراتيجية الواقع تكمن في صياغة استراتيجية الاسكان وهي واحدة من السياسات الأكثر تعقيدا في ظل الاعتماد على القطاع العام وحده بحيث لا يمكن حل القضية بهذا الطريقة.
بدوره، قال وزير الإسكان ياسر أبل «يجب أن نعي حجم المسؤولية والواجب علينا ان نضع الحلول السليمة، فكما رأينا الحقائق والأرقام تحتاج إلى وعي وإدراك لحجم المشكلة وبالتالي نحن في وزارة الإسكان نعمل على وضع حل جذري لهذه المشكلة بحيث لا يتكرر الوضع القائم الآن، وسبق أن صرحت أن هذه المشكلة ليست بالصعبة وليست بالسهلة، لأن الأصعب كان هو عدم توفر الأراضي ولله الحمد اليوم الاراضي المتوفرة تحت يد الإسكان تكفي لبناء 170 ألف وحدة سكنية، ولذلك يجب علينا استغلال هذه الأراضي بالشكل الصحيح، ولكنها ليست بالقضية السهلة لأن هذه الأعداد في الكويت منذ سنة 56 حتى اليوم بنت مؤسسة الرعاية السكنية 97 ألفاً من أصل 140، وهذا الأمر يضعنا في تحد كمؤسسة سكنية بحيث ينبغي عليها أن توزع ما لا يقل عن 12 ألف وحدة سكنية سنويا.
اما وزير الإسكان الأسبق الدكتور عادل الصبيح فقال «مر على وزارة الإسكان 14 وزيرا منهم 6 وزراء منتخبين يمثلون الشعب من مختلف التوجهات، وكلهم فشلوا في حل قضية الرعاية السكنية، كما مر على المؤسسة أكثر من 4 مدراء عامين، واليوم أكثر من استمر في موضوع الرعاية الإسكانية هو اللجنة الإسكانية لمدة 12 سنة وقدموا 10 تعديلات على القانون أكثرها أدى إلى كثير من التأزيم وزيادة التعقيد».
من جهته، قال وزير الكهرباء وزير الأشغال عبدالعزيز الإبراهيم «إن مخطط الوزارة في 2019 أن تصل الطاقة الانتاجية إلى 19 ألف ميغا وات، وحسب ما تسلمنا من الهيئة العامة للإسكان فان هناك حاجة إلى 14 ميغا وات، ونحن اليوم ندفع دعما للطاقة قيمته 3 مليارات دينار سنويا لكل من الكهرباء والماء، والأمر المتوقع أن نستهلك 10 في المئة من انتاجنا من النفط وفي عام 2030 يتوقع أن نصل إلى استهلاك 20 في المئة واستهلاك هذه الوحدات يصل إلى 9 مليارات دينار سنويا، لافتا إلى «وجود عنصر أساسي مهم وهو: هل تستطيع مؤسسة البترول توفير طاقة لهذه المحطات الجديدة؟».
وقال: «في المنظور الجديد يجب أن تنشأ المدن الإسكانية بكل مكوناتها بما فيها محطات القوى، حتى نتلافى المشاكل المتوقعة خاصة أن الأمر لا يختصر في اعداد وحدات سكنية توزعها الدولة، حيث انه من السهل أن تحصل على الأراضي ولكن عندما نوصل خطوط الكهرباء وربطها بالشبكة الرئيسية نواجه مشاكل كبيرة في ظل الدورة المستندية».
وقال المعقب على الجلسة الأولى مبارك الدويلة «إن جميع المتحدثين ركزوا على ضرورة تغيير فلسفة الإسكان ولكن نواجه صعوبة في تغيير جزء من الفلسفة خاصة أن الحكومة لا تواجه الناس لتغير فلسفة الإسكان، وأي وزير يطرح هذا الأمر يكون مصيره الكرت الأحمر»، داعيا إلى تطوير الجهاز الفني في مؤسسة الرعاية السكنية، لأن الوكلاء المساعدين في المؤسسة لا يجدد لهم ويتغيرون باستمرار وبشكل يومي نرى وكلاء مساعدين جدداً، ونتمنى من الوزير الجديد تطوير الجهاز الفني، وكذلك بالنسبة لقانون الشركات المساهمة قانون معاق وأنا شخصيا شاركت في مشروع المدن المنخفضة التكاليف ولم يتقدم أحد.
الجلسة الثانية: بدائل السكن
| كتب علي العلاس ومحمد صباح |
وفي الجلسة الحوارية الثانية التي حملت عنوان دور القطاع الخاص بتقديم مساهمة فاعلة في توفير بدائل السكن وتحقيق التوازن بالسوق العقاري وتوفير منتجات عقارية وترأسها عضو مجلس الأمة فيصل الكندري، قال محافظ البنك المركزي الدكتور محمد الهاشل إن موضوع الرعاية السكنية مهم وحساس ودور القطاع الخاص أساسي فيه، فلابد من التركيز في السياسات العامة الاقتصادية نحو معالجة القضية الإسكانية، نظرا لتأثيرها على الأداء الاقتصادي ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي في كل القطاعات.
وقال الهاشل «إن منطلقات البنك المركزي تتمحور في 3 أسباب تتصل بالأسباب النقدية في ترسيخ الاستقرار النقدي والحد من الضغوط التضخمية وتعزيز النمو الاقتصادي، وذلك من منطلق تعزيز متانة الاقتصاد والوطن وحماية المستثمرين».
وذكر أن «القيمة المضافة للأنشطة العقارية تساوي 12 في المئة بالنسبة للأنشطة غير العقارية، وخدمات المسكن لها تأثير مباشر وأهمية تصل إلى نسبة 29 في المئة من متوسط الإنفاق الأسري»، موضحا أن معدل التضخم في إنفاق المسكن بلغ 13 في المئة خلال هذا العام.
وقال إن عمليات البيع والشراء تستحوذ على 50 في المئة من الأنشطة والنمو السنوي المركبة لمبيعات القطاع السكني التي بلغت نسبتها 20 في المئة، مبينا تناميه هذه السنوات، مشيرا إلى أن «نسبة القروض الإسكانية من الناتج المحلي مؤثرة جدا في القطاع النقدي وهناك أهمية عالية لقطاع الإسكان وارتباط وثيق في اداء الاقتصاد الحالي، ونحن حريصون على توفير السياسة النقدية الملائمة عن طريق تحريك أسعار الفائدة، لتؤتي ثمارها على تكلفة التمويل والأنشطة المرتبطة بالنشاط العقاري».
وتابع: «إن الاقتراض الإسكاني أهم قرار مالي تتخذه الأسرة وما يترتب عليه من التزامات مالية كبيرة في ظل الأوضاع الحالية للمقترض حاليا ومستقبلا، وفي ظل المخاطر على المقترض والمقرض»، مؤكدا أن «الأهمية النسبية للقروض المقسطة نمت مؤخرا بشكل كبير أكثر من القروض التنموية».
وأوضح الهاشل أن «ذلك يبين لنا أهمية هذا القطاع لترسيخ أجواء الاستقرار المالي وسط ضوابط تحاول المحافظة على عملية الاستقرار»، مؤكدا أن «هناك تعليمات صدرت العام الماضي للمحافظة على الشفافية والعدالة، وهذه الضوابط ستعمل على عملية النمو والتنمية، فالأموال المتاحة لعملية التوظيف وفق المعايير الحالية هي 34 مليار دينار، ولدى البنوك حاليا منها 6 مليارات فقط، تستطيع توظيفها وأن السيولة الحالية وصلت إلى 60 مليارا».
من جهته، قال رئيس مجلس إدارة شركة الأرجان خالد المشعان «يجب أن نعرف في البداية كيف حدثت المشكلة عندما خرجنا من السور، وكان القرار أن تكون المناطق النموذجيه بمساحة 750 مترا مربعا للوحدة السكنية، وكان وقتها سعر القسيمة ما بين 750 إلى 1250 دينارا، واليوم يصل سعر المتر إلى 750 دينارا وما فوق».
وأضاف: «الدستور قال أن الدولة مسؤولة عن المواطنين ولم يضع معايير محددة وأعطى حرية بكيفية التطبيق، ونحن نتكلم في ذلك الوقت عن 600 ألف مواطن واليوم نتحدث عما يزيد على مليون إلى جانب الوافدين، وكانت الأراضي لا تزيد على 30 في المئة عن سعر البيت، وكان بنك التسليف يعطي 70 ألف دينار وبالتالي كانت الأسعار معقولة».
وقال «الـ 70 ألف دينار التي كانت نسبتها سابقا تصل إلى 70 في المئة من سعر البيت اليوم لا تزيد عن 18 في المئة من سعر البيوت»، مشيرا إلى أن «أغلى منطقة في الرياض لا تتجاوز 250 دينارا للمتر في حين أن الرقم يتضاعف في جميع مناطق ومدن الكويت».
ولفت إلى أن البناء العمودي يجب أن يكون قريبا من المناطق الحضرية لجذب المواطنين له، وكيفية إشراك القطاع الخاص في المشاريع الإسكانية والمؤسسة الإسكانية يجب أن تؤخذ من خبرات المؤسسات غير الربحية، إضافة إلى تأهيل الشركات وتوفير الأراضي ونحن في القطاع الخاص نستطيع أن نعين الدولة في حل هذه القضية، مؤكدا أن القضية ليست معقدة وتحتاج فقط إلى وجود رغبة وإرادة في الحل.
من جهته، قال رئيس الجهاز الفني لدراسة المشروعات التنموية والمبادرات عادل الرومي في كلمة ألقاها نيابة عن وزير المالية أنس الصالح «القضية الإسكانية هاجس الجميع، والعملية معقدة لأنها تحتاج إلى عمل قبل وبعد عملية بنيان البيت ويتطلب جهودا كبيرة جدا، وأعتقد أن المسار الذي اتخذته الدولة في تخفيف دورها في عمل المشغل لمشاريع الإسكان خطوة جيدة».
وقال عضو المجلس الأعلى للتخطيط خالد العيسى «اليوم البلد يستعين بخبراته وبالأمم المتحدة في حين أن القطاع الخاص مهمش، ويكفي أن المتحدث الوحيد عن القطاع الخاص هو خالد المشعان»، متسائلا: «لماذا لا ننشئ شركات مساهمة كويتية بتسهيلات محلية خاصة في ظل الفوائض المالية الموجودة قبل أن تكسد؟».