بقلم الدكتور وليد التنيب / قبل الجراحة

ألا هزلت

تصغير
تكبير
كان جاسم يعمل في إدارة حكومية.... إدارة لها علاقة مباشرة بالجمهور والمراجعين.

مستوى الخدمة التي تقدمها هذه الإدارة للجمهور في انحدار شديد، وأهل البلد لا تتوقف شكاواهم من سوء الخدمة المقدمة... وسوء الأخلاق التي يتصف بها غالبية من يعمل في هذه الإدارة.


الكتّاب في البلد... ليس لهم موضوع إلا انتقاد هذه الإدارة والفساد الإداري المستشري في هذه الإدارة.

لم يترك الكتّاب أي مسؤول في هذه الإدارة إلا وانتقدوه... انتقاداً قد يصل إلى التجريح... والجميع يعلم أن انتقادهم صحيح، وأن جاسم هو رأس من رؤوس الإهمال و التسيّب.

أهل البلد... رسائلهم اليومية تنتقد هذه الإدارة وسوء الخدمة ورداءة الإنتاج... أهل البلد يعلمون من يدير هذه الإدارة وهم على معرفة بأسمائهم.

البرامج الحوارية في القنوات الفضائية تفضح بشكل يومي أخطاء وإهمال جاسم وكل من يعمل معه... مقدمو البرامج يطالبون بمحاسبة جاسم وكل من يعمل معه.

أهل البلد يتحدثون في مجالسهم بأسلوب يصل إلى التجريح والسبّ بحق من يدير هذه الجهة الحكومية.... رداءة إنتاج هذه الجهة الحكومية بدأ يؤثر على معظم أهل البلد.

في يوم أعلن عن وفاة جاسم ونعته الجهة الحكومية التي يعمل فيها، وذكرت في إعلانها الخسارة الكبيرة التي تكبدتها الإدارة بسبب هذه الوفاة!

وبدأ الكتّاب بكتابة المقالات التي تمجّد أخلاق وأفعال جاسم... مقالات جعلت مما كان يقوم به جاسم إبداعاً.

وبدأ السياسيون في البلد بذكر محاسن جاسم وإخلاصه في العمل ومدى التطور الذي لوحظ على الإدارة التي يرأسها وتقدموا بطلب للحكومة لتخليد اسم جاسم!

القنوات الفضائية ومقدمو البرامج يذكرون محاسن جاسم وإخلاصه في العمل! وكيف أن الجهة التي يعمل فيها قد تطوّرت بسبب أفكاره!

وأهل البلد في مجالسهم...!

أعتقد إن أكملت قصة جاسم، سأقتنع أنا بأن جاسم رجل مخلص ومبدع..... ألا هزلت... ألا هزلت يا بلد!
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي