طارق آل شيخان / دوق بروخشتاين / دون كيشوت طهران

تصغير
تكبير

بيانات وخطاب مجلس التعاون لدول الخليج العربية السابقة تجاه إيران بخصوص الجزر العربية المحتلة، والملف النووي الإيراني، كانت تستخدم مصطلحات وجملاً وتصاريح لا تعبر بشكل كافٍ عن أن هناك حقاً مسلوباً وأراضي محتلة، مثل عبارة «التعبير عن الأسف لعدم إحراز أي تقدم في الاتصالات، المباشرة والإقليمية والدولية التي تُجرى مع إيران بخصوص احتلالها للجزر الثلاث»، وعبارة «التأكيد على استمرار المجلس الوزاري بالنظر في الوسائل السلمية كافة التي تؤدي إلى إعادة حق دولة الإمارات العربية المتحدة في جزرها الثلاث»، وعبارة «دعوة الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى الاستجابة لمساعي دولة الإمارات العربية المتحدة، والمجتمع الدولي، لحل القضية»، وعبارات تتعلق بالملف النووي مثل «يجدد دعوته إلى ضرورة التوصل إلى حل سلمي لهذه الأزمة»، وعبارة أخرى وهي «حث إيران على مواصلة الحوار الدولي والتعاون الكامل في هذا الشأن مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، وجملة لها المغزى نفسه مثل «حث إيران بالالتزام بالمعايير الدولية للأمن والسلامة، وأن تراعي الجوانب البيئية في هذا الشأن، وبالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، من دون أن تكون لغة الخطاب السياسي الخليجي تجاه طهران واضحة وذات مضمون تحذيري، توجه لهجة قوية لإيران من أن سعيها إلى امتلاك السلاح النووي أو التفكير في استخدام هذا السلاح مستقبلاً ضد دول الخليج أو حتى مجرد التلويح به، سيواجه برد قاس وعنيف من قبل دول المجلس.

وقد كان من نتيجة تساهل الخطاب السياسي الخليجي تجاه إيران أن محمود نجاد حضر إلى القمة الأخيرة لدول المجلس، وهو مزهو بالعظمة والقوة الإيرانية. وقد تجلى ذلك بعدم تطرقه إلى الجزر الإماراتية المحتلة، وللملف النووي الإيراني، وبتدخل الميليشيات والأحزاب والجهات الإيرانية في العراق، ولم يستنكر ويشجب أياً من التصريحات العدائية، التي يطلقها المحافظون الجدد في إيران وتهديداتهم لدول الخليج. بل إن البعض يرى أن أحمدي نجاد واصل استصغاره لدول الخليج عارضاً مجموعة من المقترحات.

إن مقترحات طهران التي عرضها نجاد على دول الخليج هي في الحقيقة عبارة عن مصالح إيرانية، ومحاولة اختراق إيراني لدول الخليج. فالدعوة إلى استملاك الأراضي والعقارات تعني إضفاء الشرعية على اختراق إيراني في منطقة الخليج من خلال مؤيدي الأجندة الإيرانية، حسب قول البعض، والدعوة إلى التعاون البيئي يعني الشرعية لبناء مفاعل نووي بموافقة الدول الخليجية، والتي ستتعرض إلى مخاطر تسرباته وإشعاعاته.

الخلاصة أن على مجلس التعاون تغيير خطاباته وجعلها أكثر تشدداً مع المحافظين الجدد في إيران الذين يبدو أنهم لا يعون ما جرى لنظام صدام جيداً. فالاستعراض الإيراني الذي يقوم به المحافظون الجدد في طهران ودغدغة مشاعر السذج عن طريق تهديداتهم المستمرة بإزالة إسرائيل، يشبه إلى حد كبير استعراضات الرئيس العراقي السابق صدام حسين وتهديداته بحرق إسرائيل، قبل أن ينحرف جنوباً تجاه الكويت ويقوم بغزوها واحتلالها، سيوقع منطقة الخليج في أزمة جديدة هي في غنى عنها. فهل من عقلاء في إيران يوقفون تلك الاستعراضات الإيرانية الدون كيشوتية للمحافظين الجدد، حفاظاً على سلامة شعوب إيران الشقيقة؟


طارق آل شيخان


رئيس مجلس العلاقات الخليجية الدولية (كوغر)

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي