No Script

وثيقة وتاريخ

أسرة النفيسي... ودورها في صناعة تاريخ المنطقة

تصغير
تكبير
أسرة النفيسي من أشهر الأسر في الكويت والسعودية، وقد ذاع صيتها قبل قيام الدولة السعودية الأولى. ولمكانة هذه الأسرة، فقد ساهمت في تأسيس الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة، وبرز من أبنائها رجال كثر قديماً وحديثاً تبوّأوا مناصب رفيعة في الكويت والسعودية.

وهذه الوثيقة التي بين أيدينا تحكي جانباً من تلك المكانة، والقرب بين أعيانها والأسرة المالكة في السعودية قبل قدوم بعض أفراد الأسرة الكويت وبعد استقرارها فيها، فلنبدأ أولاً بعرض الوثيقة، ثم لنعرّج على الأسرة في الكويت وشيء من أخبارها.


نص الوثيقة

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل إلى من يراه السلام وبعد ما أجرى الوالد رحمه الله فيصل بن تركي لعبدالرحمن بن حمد النفيسي من البطيحا، فأنا مجريه، فلا يعارض فيها إلا زكاة حق الله، والسلام. جرا في 12/محرم 1319هـ.

وزكاتها تبع له، يكون معلوم 28 محرم 1363 هـ.

«البطيحا موضع يقع على شفير وادي الوتر « البطحاء» في الرياض.

في نسب أسرة النفيسي

ذكر النسابة أن أسرة النفيسة أو كما تسمى في بعض فروعها بالنفيسي ترجع في نسبها إلى فخذ (العفسة) المتفرعة من (واصل) من (بريه) الجذم الثالث من قبيلة مطير الغطفانية القيس عيلانية المضرية العدنانية، أقر بذلك وصدقه بعض أمراء مطير وكبارهم، وممن نص على ذلك الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي السعودية السابق، والشيخ صالح بن عثمان القاضي - كلاهما سماعا عنهما -، وقد نقل صور وثائق الإقرار والمرويات البحاثة المؤرخ أحمد بن عبدالله بن نفيسة في كتابه عن أسرة النفيسة، وممن نسبهم إلى العفسة من مطير الشيخ حمد الجاسر في «مجلة العرب»، والشيخ محمد بن ناصر العبودي في «معجم أسر القصيم»، والأستاذ عبدالعزيز السناح المطيري في كتابه «أصدق البراهين في معرفة حمران النواظر» والدكتور إبراهيم الجار الله الشريفي في «موسوعة الأسر والقبائل».

النفيسي والمواقف المشهودة

في بناء الدولة السعودية

كان لأسرة النفيسي دور كبير في قيام الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة، وشارك كثير من أبناء الأسرة في الحروب، وقد عرفوا بالبسالة والقوة، وبرزت أسماء لامعة لها ذكر في تاريخ الجزيرة العربية، منهم حمد النفيسي الذي قتل ابراهيم بن حمزة قاتل الإمام تركي، وعبدالله بن علي النفيسي المعروف بـ «عمعوم» الذي تقدم فرقة الفداء، وتسوّر سور الكوت في الاحساء ليلة دخول الملك عبدالعزيز الإحساء.

الإمام فيصل بن تركي

يمنح عبدالرحمن النفيسي

أرض البطيحا

منح الإمام فيصل بن تركي عبدالرحمن بن حمد النفيسي - رحمهما الله - مزرعة يقال لها «البطيحاء» سنة 1270هـ، ووثق ذلك في الوثيقة التي عرضناها اليوم.

وأمضى ذلك الإمام عبدالله بن فيصل، والملك عبدالعزيز - رحمهما الله -، وقد أورده ابن بشر في تاريخه في حوادث سنة 1163هـ، ومن النخيل التي كانت عامرة في البطحاء نخل النفيسي غرسها عبدالرحمن النفيسي، والبيطحا حي يقع جنوب حي دخنة في مدينة الرياض.

وقد كان عبدالرحمن النفيسي كريماً سخياً.. حيث عرف (المترجم) بكفالة اليتامى، حتى كان يكنى «أبا اليتامى»، حيث كان يقوم على رعايتهم المادية والاجتماعية.

قدوم أسرة النفيسي إلى الكويت

كان عبدالرحمن بن حمد بن إبراهيم النفيسي من كبار رجالات الإمام فيصل بن تركي آل سعود، وبعد وفاته انتقل ابنه حمد بن عبدالرحمن النفيسي من الرياض إلى الكويت؛ وذلك بعد أن استفحل الخلاف بين أبناء الإمام فيصل بن تركي، واشتغل هناك بتجارة الخيل؛ وتنقل من أجلها حتى وصل إلى بلاد الهند.

وقد ارتحل أخوه إبراهيم النفيسي إلى الكويت مع الإمام عبدالرحمن الفيصل وأهله العام 1309هـ، وانتشرت ذرية عبدالرحمن النفيسي في الكويت، وأصبحوا من الأسر المشهورة فيها، وقد عاد إبراهيم النفيسي إلى الرياض، وبها توفي - رحمه الله تعالى - وسافر ابنه صالح إلى بلد الكويت وأقام بها واستوطنها.

عبدالله بن حمد النفيسي

وجاهة سياسية في فترة حرجة

ومن أشهر شخصيات أسرة النفيسي الوجيه التاجر عبدالله بن حمد النفيسي المولود في الرياض سنة 1277هـ، وقد كان على علاقة وطيدة بالملك عبدالعزيز - رحمهما الله - وبعض رجاله طيلة إقامته بالكويت التي دامت حوالي العشر سنوات، كيف لا وهذا ابن البلد وأسرته معروفة لديهم ومشهورة بينهم، بل إن الحاج عبدالله النفيسي هو الذي اشترى من ابن عامر بيته الذي أقام فيه الملك عبدالعزيز، ولما علم عبدالله النفيسي بتصميم البطل عبدالعزيز على غزو نجد واستعادة ملكه قام بمبادرته الشهيرة وباع دكانه الذي يعتاش منه، بل رهن مصاغ زوجته، وسلّم قيمتهما للملك عبدالعزيز لمساعدته في تجهيز حملته المتجهة للرياض، وجهز مئتي بعير محملة بالأسلحة والذخيرة والأطعمة والخيام، وقام بإرسالها من الكويت إلى الملك عبدالعزيز لما توجه إلى حائل، وللثقة الكبيرة والدور العظيم للحاج عبدالله النفيسي فقد عينه الملك عبدالعزيز آل سعود (سلطان نجد) آنذاك حاكماً على إمارة الجبيل سنة 1339ه، ثم ولاه الملك عبدالعزيز مهمة تمثيله في الكويت سياسياً وتجارياً وذلك خلال الفــــترة (1921م-1941م) الموافقة (1341هـ 1361هـ) في بلده الذي عاش وقضى باقي عمره فيه.

ولولا ضيق المقام لذكرت دلائل وجاهته السياسية وما له من كبير ذكر في الوثائق البريطانية والمصادر العربية الأخرى، فقد كان ديوانه العامر من أشهر دواوين الكويت لطابعه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكان مقصدا ومستراحا لأهل نجد وغيرهم من أهل الكويت والخليج ممن كانوا يقصدونه لحاجة أو زيارة أو مبيت. وقد توفي - رحمه الله - في الكويت سنة 1941م.

وتخليداً لدوره الكبير، فقد أطلقت الكويت اسمه على أحد شوارع منطقة الشامية.

وقد تولى الوكالة السايسية والاقتصادية بعده ابنه عبدالعزيز - رحمه الله - ثم ابنه فهد - رحمه الله -، والذي كان آخر وكيل للملك عبدالعزيز في الكويت، ولما تم استقلال الكويت سنة 1961م عين بها جميل الجميلان - رحمه الله - كأول سفير للمملكة العربية السعودية بالكويت.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي