قبل أن أفكر بتوجيه التهنئة لنفسي ظهر فورا بمخيلتي ليحتل المرتبة الأولى.
عام سعيد لقارئي. من أهم الأشخاص بحياتي. علاقتي بك ممتدة قبل أن أبدأ الكتابة. ان كنت تذكر فقد كتبت لك أني أخشاك أحياناً. وتكون سببا في انصرافي عن الكتابة أحيانا. رغم ذلك فحين أكتب تغيب عن بالي تماماً. تغيب حتى أنهي الأسطر وأضغط زر الإرسال. ربما لذلك أغضبك أو أفاجئك فرحا من دون ترتيب مني ومنك. لكنك تعود من جديد لتؤرقني بعد النشر. وللحق هو أرق ممتع، ليس أمتع من الوقت الذي أمضيه وأنا أراسلك عبر بريدي، وليس أمتع من مواعيدنا الأسبوعية. أو متابعتك وأنت تتناقل رابط المقال عبر الإعلام الاجتماعي وعبر البريد.
قبل أكثر من عامين قال لي الأستاذ المعروف صلاح دياب: لا يحق لك أن تتأخري في مقالاتك تصوري أنك على (رانديفو) مع القارئ، وهو ينتظر قدومك فتغيبي. وبصراحة لم أجد أجمل من هذا التعبير الخبير عن العلاقة بين الكاتب والقارئ. علاقة تصل للروحانية. تتعدى حدود الروابط مع صفحات أهم الجرائد ليكون الرابط الأهم شخصاً لم تره وتعرفه جيداً ويعرفك جيداً.
من يؤثر في الآخر؟ القارئ أم الكاتب؟
ليست مسألة. طالما أن القارئ قادر على ملامسة ذلك القابع في خيالي ويناضل للخروج. حينها تكون الكتابة له فعلاً يتخطى حواجز اللحظة ويعبر للخلود.
فعام سعيد لكل قارئ وقارئة.
لم يكن بودي توزيع التهاني على كثيرين. ما معنى أن أوزع التهاني على سكان الأرض وأنصرف عن تهنئة الأنا. منتهى الأنانية. حب الذات هو ما أحتاج إليه في الوقت الحالي.
لا تظنوا أن الأناني يمارس فعلا سهلا. مثير للاشمئزاز أن تكون أنانياً صرفاً لكن الدائرة التي تحيط بك تجبرك على الانفلات من الدوران في عالم العطاء المتكرر اللا جديد فيه والتوجه لخط يسير باستقامة لأجل طموح الذات فقط.
بعد فترة تستغرب من قدرتك على اهمال الآخر، ومنح النفس هبات وتزكيات. والكشف عن أني لست أنا من يقود كل شيء. فلأتحرر قليلا من تعذيب الضمير.
أستحق أن أهنئ نفسي فأنا من الأشخاص الذين يجدون المستحيل أكثر تشويقاً. تخيلوا كيف هي مدارات الحياة هنا. لذا قررت تهنئتي وحدي ببدايات العام الجديد.
وشعوب الثورات سأهنئها. عام سعيد لشعب ثائر. لحقت ثورته سعادة. لم تنحره أو تنقلب عليه حتى بدا وكأنه لا يعلم أسباب تمرده. الرؤساء مبارك وبن علي والأسد أحياء أما قتلى الثورات فأخبارهم اليومية أصبحت ضمن الاعتياد.
عام سعيد لكل نيزك عابر مر في حياتي. سواء لضرر أم لنفع. في النهاية أنا من أفسح لعبوره المجال.
عام سعيد لآنجي، توقعت أن قدومها سينهي عهد طفولتي ويدخلني عمر الجمود المثالي. إن أجمل طفولة وأجمل شغب قد بدأ للتو.
عام سعيد للكويت وأهلها. لصحافتها الحرة. ولـ «الراي»، التي أصبحت مثل قارئها جزءاً من أيامي.
كانت النية من كتابة المقال تهنئتي وحدي. يبدو أن فعل الأنانية مستحيل لكنه غير مشوق.
كاتبة وإعلامية سعودية
[email protected]