يُشيّع اليوم على وقع «مديح» الاعتدال ... و«14 آذار»: الردّ بالحكومة والمحكمة

اغتيال شطح... الأسئلة على حالها: لماذا ومَن؟

u0627u0644u0633u0646u064au0648u0631u0629 u0648u0645u064au0642u0627u062au064a u0648u0627u0644u0634u064au062e u0639u0644u064a u0627u0644u0623u0645u064au0646 u0648u0646u062cu0644 u0627u0644u0641u0642u064au062f u062eu0644u0627u0644 u0645u0631u0627u0633u0645 u0627u0644u0639u0632u0627u0621 (u0627 u0641 u0628)
السنيورة وميقاتي والشيخ علي الأمين ونجل الفقيد خلال مراسم العزاء (ا ف ب)
تصغير
تكبير
غداة اغتياله وعشية وداعه، ما زالت بيروت تردد وبصوت مكسور: لماذا اغتيل محمد شطح، السياسي النبيل، المحاور الرؤيوي، الاكاديمي الحالم؟ ومَن قتل محمد شطح، الخصم الودود، الحازم في اعتداله، المتطرف في مدنيته؟

لم يكن «بروفايل» محمد شطح يوحي بأنه سينضم يوماً الى قائمة «المقتولين»، لكن ربما «البروفايل» عينه هو الذي اغتاله، فالتجربة دلت على ان «القاتل المتسلسل» غالباً ما يختار ضحاياه بعناية تفاجئ الجميع.


هذا «الجميع» إنخرط في حفلة مديح للاعتدال على وقع ترتيبات حفل تشييع شطح لدفنه اليوم الى جانب رئيس «المعتدلين» رفيق الحريري وسط بيروت، ثم الانصراف الى انتظار «شيء ما» آخر و... هكذا.

وفي المسرح النّقال للجريمة التي كمنت هذه المرة قرب مبنى «ستاركو» في قلب بيروت، المشهد هو عينه... خيمة وتجميع بقايا وأشلاء بحثاً عن ادلة، وتحليل افلام كاميرات لمعرفة «الوجه الحقيقي» للقاتل.

وبين تحليل الادلة والتحليل السياسي، مني محمد شطح بالرقم 11 في لائحة مفتوحة على الجريمة السياسية منذ العام 2005، وثمة ما يوحي بأن «الآتي اعظم» في بلاد كـ «برميل البارود» في جوار سورية المشتعلة.

صحيح ان زوجته السيدة نينا لم تكن تتمنى ان يتوج شطح مسيرته كدكتور وسفير ووزير بلقب «شهيد»، لكن الأصح ان المسار التصاعدي في حياة هذا الرجل حمله الى عين الخطر، بعدما اصبح مرشحاً «افتراضياً» لرئاسة الحكومة.

ثمة من يعتقد في بيروت ان «القضية اللبنانية» انفجرت بمحمد شطح فأرْدته، وهناك من يقول ان «رجل الدولة» فيه جعله هدفاً للغدر به، ويذهب البعض الى حد الاعتقاد ان اغتياله كان «لاصطياد اكثر من عصفور بانفجار واحد».

الذين يعرفون محمد شطح يؤشرون الى ثلاثة معطيات في «الصندوق الاسود» لإغتياله، هي:

? لأنه مستشار العلاقات الدولية لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري، فأريد «اطفاء العين الديبلوماسية» للحريري، بعدما جرى اطفاء عينه الامنية باغتيال رئيس شعبة المعلومات اللواء وسام الحسن.

? لأنه مرشح «افتراضي» لرئاسة الحكومة في اي مرحلة مقبلة نتيجة علاقاته الداخلية «المتوازنة» والدولية الواسعة النطاق، جرى شطبه بعملية استباقية، على غرار شطب اللواء الحسن الذي كان مرشحاً لتولي المديرية العامة لقوى الامن الداخلي.

? لأنه، وحسب صديقه النائب نبيل دو فريج، كان يعدّ وثيقة مدروسة حول «حياد لبنان» بمباركة من البطريركية المارونية وباهتمام بارز من سفراء الدول الاجنبية في بيروت، وبلغ صداها الامم المتحدة كخيار لـ «خلاص لبنان».

لهذه الاعتبارات ربما جرى اختيار شطح كهدف لعملية تفجير يراد من خلالها إطلاق مجموعة من الرسائل الموجعة، للحريري الذي فقد «عقله» الديبلوماسي، لـ «14 اذار» التي خسرت شخصية جامعة، وللحياة المدنية التي منيت بغياب قامة حوارية رفيعة.

وثمة مَن يعتقد انه اريد لـ «شظايا» تفجير شطح ان تصيب الاستقرار الهش في البلاد في لحظة العد التنازلي لاستحقاقي تشكيل الحكومة والانتخابات الرئاسية، وسط تلويح من «8 اذار» بـ «المجهول» في حال تشكيل حكومة حيادية.

ولأنه لا يمكن عزل ما يجري في لبنان عما يدور في المنطقة، ولا سيما في سورية، فإن تسديد ضربة لخصوم النظام السوري وحلفائه في لبنان عبر «شطب» شطح، يؤشر الى ان البلاد تتجه نحو الاسوأ على وقع المواجهة الكبرى في المنطقة.

وبعدما اعتُبر اغتيال شطح في منطقة أمنية بامتياز تضمّ مقرات رسمية (بينها البرلمان ورئاسة الحكومة ومنزل ميقاتي) وعلى مرمى حجر من منزل الرئيس سعد الحريري الذي كان الوزير الشهيد في طريقه اليه بأنه بمثابة «طرْق باب الحريري»، فان الأنظار شخصت على «الجواب» الذي ستعطيه قوى الرابع عشر من آذار وعلى الهامش المتاح أمامها للاندفاع في خطوة سياسية تكسر حال المراوحة ضمن المأزق والتي يمكن ان تصبح «قاتلة» بحال تعذّر اجراء الانتخابات الرئاسية بحلول 25 مايو المقبل.

وفي حين ترفع «14 آذار» شعار «الردّ بالحكومة والمحكمة الدولية»، فان اوساطاً سياسية لا تبدي اقتناعاً بان تشكيل حكومة حيادية لوّح «حزب الله» صراحة بانها ستقود الى «الفوضى والمجهول» سيفضي الى تشكيل «شبكة أمان» تمنع استعادة مسلسل الاغتيالات السياسية، مذكّرة بان هذا المسلسل لم يتوقّف الا بعد سياسة «الأبواب المفتوحة» التي اعتمدتها باريس مع الرئيس السوري بشار الاسد والتي أعقبتها مبادرة «السين سين» (السعودية وسورية) والتي انكفأ معها «القتل السياسي».

وحسب هذه الاوساط، فان سير رئيس الجمهورية بحكومة حيادية في ظل الاستقطاب السياسي الحالي الحاد لن يؤمن حصول «فك اشتباك» داخلي وإن كان من شأنه تشكيل معطى ضاغط لإجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده وتالياً تعزيز حظوظ قطع الطريق على تمدُّد الفراغ الى سدة الرئاسة الاولى وتكريس «ازمة النظام» التي يمكن ان تنتهي بوضع الصيغة اللبنانية على الطاولة والاطاحة بمجمل التوازنات في البلاد.

الا ان دوائر اخرى ترى ان تشكيل حكومة بمعزل عن التفاهم مع فريق 8 آذار سيعني حكماً القضاء على امكان إنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده، وسط ترويج قريبين من هذا الفريق ان هناك معطيات خارجية تشير الى اصرار دولي على الحفاظ على الاستقرار في لبنان مع مساعٍ لتركيز الجهود على إنجاز الاستحقاق الرئاسي بمعزل عن الحكومة الجديدة باعتبار ان من شأن انتخاب رئيس جديد في المواعيد الدستورية ان يفضي تلقائياً الى حكومة جديدة (الدستور ينص على تشكيل حكومة جديدة مع انتخاب رئيس جديد).

ومن هنا شخصت الأنظار على حركة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي قدّم امس التعازي بالوزير شطح في مسجد محمد الامين واستقبل الرئيس المكلف تمام سلام، على ان يكون له اليوم كلام واضح يُنتظر ان يحمل الكثير من الاجوبة حيال المرحلة المقبلة التي ستكون محفوفة بمخاطر امنية استدعت تكرار الكويت والسعودية دعوة رعاياهما إلى عدم السفر إلى لبنان، وحض الموجودين فيه على مغادرته سريعاً.

وكان لافتاً ان قوى «14 آذار» سعت عشية تشييع شطح الى رفع «السقف التفاوضي» من خلال الايحاء بانها تتجه الى المطالبة بحكومة من «14 آذار» والحياديين، في اللحظة التي كان الزعيم الدرزي وليد جنبلاط (قدّم التعازي امس بالوزير شطح) يدعو الى الحكمة والتعقل، معتبراً ان «المطلوب اليوم اغراق لبنان في الوحل المذهبي الشيعي السني ويجب تجنب هذا الامر»، ومشيراً الى ان «الحرب السورية لا تزال بأولها ويمكننا ان نخرج منها وان نقوم بتنظيم الخلاف وإلا فنحن ذاهبون الى الخراب سوياً». ومضيفاً: «انصح السعودية بالحوار مع ايران لتخفيف الاضرار على لبنان والاحتقان السني - الشيعي وأنصح سعد الحريري بحكومة جامعة رغم فداحة خسارة محمد شطح».

ورأى أنه «اذا طالبت قوى «14 آذار» بحكومة من «14 آذار» فقط ستكون مغامرة بلا جدوى وفي السابق (العام 2008) أنقذتنا قطر (باتفاق الدوحة)، واليوم ليس هناك من يحمينا، فدولياً لا احد يفكر بنا وهناك انكفاء اميركي، وفرنسا واميركا لا تحمياننا، واسرائيل هي الاساس لأميركا ويجب ان يكون هناك تقارب سعودي - ايراني اذا استطعنا.»

وفي موازاة ذلك، وبينما كانت قوى «14 آذار» تطالب بإحالة جريمة اغتيال شطح على المحكمة الدولية التي تعتبر هذه القوى ان بدء محاكماتها في اغتيال الرئيس الحريري في 16 يناير سيكون مفصلياً في «الرد على القتلة»، ارتأى لبنان الرسمي إحالة تفجير ستاركو على المجلس العدلي ومعه تفجير السارة الايرانية والتفجيرات الاخرى في طرابلس والضاحية الجنوبية.

وجاء هذا القرار بعد اجتماع المجلس الاعلى للدفاع قبل ظهر امس في القصر الجمهورية برئاسة سليمان وحضور الرئيس نجيب ميقاتي والوزراء وقادة الاجهزة المعنيين.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي