كانت إيران في عهد الشاه محمد رضا بهلوي الحليف الأول والأقوى للغرب في الخليج العربي، والصديق الوحيد لإسرائيل في المنطقة، وكان يحظى بدعمهم وحمايتهم، وخصوصاً بعد القضاء على ثورة محمد مصدق، وإعادته إلى عرشه، ولكن الشاه تمرد على الغرب وأصابه الغرور، وحاول رفع سعر البترول بل وضغط على دول الخليج لتحذو حذوه، حتى تم إسقاطه بثورة الإمام الراحل آية الله الخميني، الذي كان منفياً في العراق لسنوات ثم عاد لطهران على متن طائرة فرنسية، ولكن رياح الثورة الإيرانية لم تأت كما تشتهي السفن الغربية، وكانت حرب الخليج العربي الأولى بين إيران والعراق، التي انتهت بخسارة الدولتين للملايين من الضحايا البشرية، ومليارات الدولارات دون منتصر.
بدأت بعدها إيران فترة من بناء الذات لتصبح ذات قوة اقتصادية وعسكرية تكاد تصل إلى امتلاك السلاح النووي، وبعلاقات متميزة مع دول كبرى كروسيا والصين وكوريا الشمالية، ونفوذ على الأرض في العراق ولبنان وسورية، وبعد انتخاب الرئيس المعتدل نسبياً حسن روحاني سعى للتصالح مع الغرب لرفع الحصار الغربي عن إيران بسبب أنشطتها النووية، ومع أميركا بالأخص التي تعاني الآن أزمة اقتصادية خانقة، وغير مسبوقة ويحكمها باراك أوباما الذي وصف بأنه أضعف رئيس أميركي والذي استجاب للغزل الإيراني بسرعة مذهلة وأدار ظهره لحلفاء الأمس، واختفت مفردات الشيطان الأكبر ومحور الشر، وغابت المبادئ من أجل المصالح.
فهل تعود إيران للعب دور شرطي الخليج العربي مرة أخرى، وتكتفي بالنفوذ الخارجي على دول الجوار كما فعل الشاه المتوج، أم يطلب الشاه المعمم أكثر من ذلك؟
هذا سؤال يثير الهواجس في دول الخليج العربي، ويجعلها تغير تحالفاتها وتنوع مصادر تسليحها وتسعى لتوحد أقوى وإنشاء جيش واحد بسلاح نوعي وأكثر فتكاً للحفاظ على توازن القوى أو للحد من أطماع إيران التوسعية.