أماكن

من شلب... إلى أغمات (1)

u062cu0645u0627u0644 u0627u0644u063au064au0637u0627u0646u064a
جمال الغيطاني
تصغير
تكبير
لكم أثار مخيلتي هذا الشاعر، الملك، الذي عاش حياة درامية في مرحلة تحولات واضطرابات تاريخية كبرى مرت بالعالم العربي، الإسلامي عامة، والأندلس خاصة.. بدأت صلتي به عندما قرأت تاريخ الأندلس، سواء في مصادره العربية وأشهرها موسوعة المقري الشهيرة «فخ الطيب في غصن الأندلس الرطيب» أو «المقتبس» لابن حيان، ثم مشيت فوق الأرض التي عاش فيها أجمل أيامه عندما زرت قرطبة، وأمضيت أياما ثلاثة أخصص النهار كله للإقامة في المسجد الكبير، أحد دور العمارة الإسلامية العربية في الكون، وفي الليل أجوس في المنطقة القديمة المحيطة حيث الحي القديم، فوق موضع منه كان يقوم القصر الذي عاش فيه المعتمد، إنه أحد قصور شهيرة قامت يوما في الأندلس وذكرها المعتمد في شعره، قصور مبارك وثريا، وزاهي، وزهير، ووحيد، وقصر الشراجيب بمدينة شلب «سيلفس الآن» الذي قضى فيه المعتمد شبابه.

حياة هنية رغدة، لنا عودة إليها، انتهت في إحدى ضواحي مدينة مراكش، في قرية أغمات الصغيرة، تقوم على سفح جبل الأطلس، من هنا أبدأ حديثي عنه، في العام سبعة وتسعين وتسعمئة وألف، زرت مراكش.

نزلت ضيفا على جماعة صوفية، ودادية سيدي الجزولي، وهناك التقيت بالشيخ مصطفى سليطين «تصغير سلطان» ولي به علاقة وثيقة وصلة وطيدة، يقيم معتزلا في أغمات، وعندما يعلم بوصولي ينزل إلى المدينة للقائي.

وهذا حال نادر إذ يسعى شيخ للقاء مريده، ربما لأنني غريب، وإقامتي محدودة دائما، وربما لحالة من المحبة الزائدة بيننا، في تلك السنة طلبت من صاحبي زيارة قبر الملك الشاعر في أغمات، لأرى الموضع الذي انتهى إليه مغموما، مقيدا، محسورا.

في سنة 1091 ميلادية «484 هجرية»، سقطت إشبيلية أمام جيوش الذين جاؤوا من المغرب بقيادة يوسف بن تاشفين ونفي المعتمد إلى المغرب، وصل إلى طنجة ثم أقام بمكناس أربعة أشهر مع أسرته، ثم انتهى في أغمات تلك القرية الصغيرة المعزولة عند سفح الأطلس الكبير.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي