خلال الندوة التطبيقية الخاصة بالعرض

جان قسيس: سليمان آرتي فتح قلبه ... وكتب بأداة الحب

u062cu0627u0646u0628 u0645u0646 u0627u0644u0646u062fu0648u0629 u0627u0644u062au0637u0628u064au0642u064au0629 (u062au0635u0648u064au0631 u062cu0627u0633u0645 u0627u0644u0628u0627u0631u0648u0646)
جانب من الندوة التطبيقية (تصوير جاسم البارون)
تصغير
تكبير
فور انتهاء العرض المسرحي، عقدت ندوة تطبيقية خاصة بمسرحية «عنق الزجاجة» عقّب فيها الدكتور اللبناني جان قسيس، وهو شاعر وأديب وناقد ومخرج ومؤلف مسرحي وتلفزيوني، نقيب الممثلين في المسرح والسينما والتلفزيون، والأستاذ في كلية الفنون بالجامعة اللبنانية (قسمي المسرح والتواصل الإعلامي).

استهل قسيس كلامه بالقول: «حينما قرأت نص (عنق الزجاجة) للمرة الأولى، لم أجد نفسي أمام نص مسرحي، بل حملني الانطباع إلى قصيدة جميلة الملامح، ولم أحاول إسقاط هذه القصيدة على بقعة محددة من الواقع، بل امتدت معها إلى المساحتين الجغرافية والإنسانية، ليلتقي فيهما الرمز بالعبث والإيحاء بالحقيقية في انسياب شاعري متناغم. لكن المنطق النقدي حدا بي إلى قراءات أخرى إذا أردنا إنصاف جهد الكاتب، والبحث عن «هنّات» ومواطن ضعف وملاحظات إيجابية وسلبية».


وأكمل «قصة المسرحية باختصار تتمحور في أن مدينة ما قد أحرقت وهرب منها أهلها، ولا يهم من أحرقها لأننا نكتشف في النهاية أن للجميع يداً في هذه اللعبة القذرة. إذ أثار الكاتب خمسة نماذج من سكان المدينة هي أطراف المعاناة والحدث، حمّلها فكرته وفكره».

وأضاف قسيس: «في سياق خلا من تصاعدية لافتة، تدخلنا نحن المشاهدين في شكل أقوى إلى عمق المعاناة والحدث، إذ أولاً أخرج الكاتب أبطال مسرحيته من المدينة، ولو أنه أبقاها داخل اللعبة لكان قد هيّأ لنا مناخاً مشهدياً أجمل. وثانياً، لم يتضح لنا السياق الانفعالي عند الشخصيات وعمق حالاتها النفسية الحادة التي لو تمّ ضبطها بإحكام لتولّد حتماً حوارا ناريا يتماشى مع حوار العمل، وثالثاً كان ثمّة تباين في المواقف تبيناه في سياق الحوار، وعلى سبيل المثال حينما يقول الرجل المثقف لرجل السلطة قبل أن يتعرف عليه لاحقاً (إنها شمس الحرية ستحرقك أنت ومن معك). وفي موضع آخر عندما تقول الحبيبة (أنا هذا الحب الذي غادر المدينة قبل أن تشتعل) وهي في الواقع بحسب ما ورد في البداية غادرت المدينة بعدما احترقت. لكن في النهاية وضع الكاتب شخصياته (المثقف، المحايد، الحبيب) باستثناء الفتاة في إطار سلبي مطلق طوال الزمن المسرحي ليبقيهم في النهاية معاً خارج الزجاجة وفق النص».

واستطرد «ثمة إشكالية واضحة في هذا الموقف، وكيف يتساوى هؤلاء في لعبة الخلاص. وهنا اعترف بأن الكاتب قد أصاب في رصد المثقف الذي كان همّه الوحيد التنظير رغم عجزه عن الفعل، وأيضاً في دلالة على النزعي الانتهازي المتمثل في شخصية الحبيب القاتل. لكن الكاتب في المقابل لم يقنعني بالتجني على الرجل المحايد. واللافت أن صوت الحب كان مدوياً في هذا النص أكثر من صوت التخاذل واللامبالاة، لأن الدكتور سليمان آرتي فتح قلبه وكتب بأداة الحب، فلا مكان للحقد في المسرح».

وتابع قسيس كلامه: «في ترجمة هذا النص لعرض مشهدي تابعناه، أرى أن العرض قد افتتح في مشهدية اعتمدت على الإضاءة، واعترف بأن ما قلته في بداية كلامي عن تمنياتي بأن يكون الحدث داخل المدينة مع هذا الديكور وهذه الفتحة العميقة في صدر المسرح الذي أدخلتني أنا كمشاهد إلى قلب المدينة، كان خاطئاً. لكنني بمجمل الحال وجدت أن هناك تفاوتاً في مستويات الأداء لدى الممثلين، وهو أمر كان على المخرج أن يعمل عليه أكثر».

وأكمل «أما لعبة الإضاءة التي استهل بها المخرج العرض حرّكت بي شيئاً، وامتلكني الفضول لأرى كيف سيحرك المخرج شخصياته وممثليه في هذا الفضاء الجميل لناحية لعبة الديكور وعمقه. وأيضاً لفتتني تلك الوجوه المحروقة والمشوّهة التي تعطي انطباعاً بتأثير الحرب على الإنسان، لكن السؤال الذي طرحته لماذا كانت موجودة فقط على ثلاثة وجوه ولم نشهدها في كل الممثلين المشاركين في العرض. ولفتني كذلك جمود الحركة وعدم وجود تشكيلات فيها تقنعنا بدينامية العرض أو تدخلنا إليها. مع هذا أود الإشادة بمشهد العاشقين المتناجين في عمق المسرح بالمستوى الأعلى، إذ كان مشهداً يشبه الحلم أدخلنا في هذه العلاقة الحميمة بينهما قبل أن تشتعل المدينة. لكن ما جعلني أتساءل هو الغاية من فصل المشاهد وإقصاء الممثلين من اللعبة المشهدية من دون تبرير فجأة وإعادتهم فجأة إلى اللعبة، إذ لم تقنعني هذه الحرفية الإخراجية شخصياً، وقد يكون المخرج له تبرير لهذه الحركة تحديداً».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي