بيروت «بانتظار فبراير»... فإما فتْح «نافذة» حلّ أو نفاذ إلى «أزمة حكم»

فرنسا «تجس نبض» السعودية وبعدها إيران إزاء توافق إقليمي «حصري» حول لبنان

تصغير
تكبير
مع انحسار العاصفة الثلجية التي ضربت لبنان الاسبوع الماضي ودفعت الى الواجهة المأساة التي يعيشها عشرات آلاف اللاجئين والنازحين السوريين، لا ينذر المشهد السياسي الداخلي بانحسار عواصفه المتلاحقة بين مدّ وجزر مرشحيْن لملء الفراغ المؤسساتي الذي يسود واقع الدولة منذ استقالة الحكومة الحالية قبل اكثر من تسعة أشهر.

ولعل اللافت في هذا السياق ان مختلف القوى السياسية تلتقي على استبعاد حصول اي تطور بارز في اطار الأزمة السياسية الداخلية قبل شهر فبراير المقبل الذي تقول مصادر واسعة الاطلاع لـ «الراي» انه يشكل واقعياً آخر المهل المتاحة للنفاد بلبنان من أزمة دستورية وسياسية أكبر وأخطر من الأزمة الراهنة فيما لو لم يحصل اختراق يكفل تشكيل حكومة جديدة قبل بداية المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للبلاد في 25 مارس المقبل.


وتشير هذه المصادر الى ان ما يسمى حكومة امر واقع سيصبح في فبراير استحقاقاً حتمياً تحت موجبات الضرورات الدستورية التي تفرض إما حكومة انتقالية تحظى بدعم توافقي من الجميع واما حكومة محايدة من أصدقاء او حلفاء مقربين للقوى السياسية. ذلك ان المهلة الطبيعية لتشكيل هذه الحكومة هي قبل شهر على الاقل من بداية المهلة الدستورية في 25 مارس كي يتسنى للحكومة الجديدة المثول امام مجلس النواب لنيل الثقة لانه بعد هذا التاريخ سيتحول البرلمان تلقائياً هيئة انتخابية، وثمة جدل دستوري وسياسي في شأن صلاحية او عدم صلاحية الحكومة الجديدة في تولي الحكومة منصب رئاسة الجمهورية بالوكالة اذا حصل فراغ رئاسي في 25 مايو.

ويبدو ان مختلف الاحتمالات التي باتت تترتب على رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام في الشهرين المقبلين عُرضت مساء السبت في لقاء جمع سليمان والنائب وليد جنبلاط في قصر بعبدا كما ان اتصالات جارية وراء الاضواء بقوة للبحث في طرق الخروج من مأزق تشكيل الحكومة التي لا يرغب رئيس الجمهورية في ان تكون مسبباً لتفجير الوضع السياسي ولا سيما في ظل «الخطوط الحمر» التي يرسمها «حزب الله» امامه وبلوغ الامر حد تهديد الوزير السابق وئام وهاب اياه بعدم «اللعب بالنار»، ولكن سليمان يصارح الجميع بانه لا يمكنه ان يبقى مكتوفاً متى حل موعد الاستحقاق الرئاسي ولا يمكنه تسليم البلاد الى الفراغ او الى حكومة من لون واحد هي أساساً مستقيلة.

وتقول المصادر ان فرص الرهانات على توافقات اقليمية تسهل تشكيل الحكومة الجديدة تبدو في ادنى درجاتها الآن، علماً ان الفرنسيين الذين يستعدون للعب دور بارز في مساعدة اللبنانيين على تمرير المرحلة الانتقالية المقبلة وتأمين حصول الاستحقاق الرئاسي يسعون بدورهم الى جس نبض السعودية ومن بعدها ايران في امكان قيام توافق اقليمي صعب وجانبي حول لبنان حصراً بمعزل عن خلافهما العميق حول الأزمة السورية والواقع الاقليمي برمته.

وتشير المصادر الى ان باريس ورغم إدراكها مشقة التوصل الى تفاهم سعودي - ايراني حول لبنان ستحاول عبر الزيارة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للرياض في اواخر الشهر الجاري جس النبض السعودي حول الملف اللبناني كي تبني على الشيء مقتضاه لاحقاً، علماً ان سليمان انتقل امس الى باريس في زيارة «طبية» تستمر يومين ولم يُعلم اذا كانت سيتخللها لقاء مع هولاند.

ولا يبدو واقع القوى اللبنانية اقل صعوبة في تلمس السيناريوات الممكنة للمرحلة المقبلة اذ ان الحملات التي تشنها تباعا قوى 8 اذار على رئيس الجمهورية بذريعة اتهامه بالعمل على تمديد ولايته لا تعدو كونها في نظر هذه المصادر تثبيتاً لمواقف مبدئية تملأ فراغ اللحظة الراهنة وترسل رسائل الى قوى خارجية في شأن رفض التمديد.

وتلفت المصادر في هذا السياق الى ان ثمة ممانعة للتمديد من جانب قوى 14 اذار ربما أكثر من خصومها في وقت لا يترك سليمان فرصة الا ويؤكد من خلالها انه يرفض اي تشكيك في اعلاناته المتكررة منذ اكثر من سنة انه لا يريد التمديد ولا يرى موجباً لعدم انتخاب رئيس جديد. ومع ذلك فان إمعان فريق 8 اذار في الحملات على سليمان بات يدفع بأطراف في قوى 14 اذار الى اعتبار مسار سليمان ومواقفه النموذج الذي ستعتمده هذه القوى في اختيار مرشحها للرئاسة الامر الذي يثير مزيداً من الريبة لدى خصومها في ان ورقة التمديد لم تسقط فعلاً ولا تزال حية وقائمة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي