لقد أصبح يقينا عند الكثيرين بأن مسيرتنا السياسية قد وصلت إلى طريق مسدود، وان التشكيل الوزاري القادم شكلي والهدف منه هو تصريف العاجل من الأمور قبل الانتخابات القادمة التي ستعقب حل المجلس في بداية السنة القادمة، ومن الواضح ان طرفي المعادلة: المجلس والحكومة ليس لديهما ما يستطيعان به انقاذ الحياة السياسية التي دخلت مرحلة الانعاش، فالحكومة عاجزة عن وضع خطة إنقاذ أو حتى خطة للنهوض بالبلاد، وبعض وزرائها غارقون في الفساد وفي كسر القوانين وتنفيع المقربين حتى وهم يشاهدون حبال الاستجوابات تلتف حول رقابهم وتكشفهم للناس، وآخر ما تفكر به الحكومة هو العمل كفريق واحد.
أما المجلس فهو ما زال يعيش في سكرة كثير من أعضائه الذين يظنون بأنهم يتحكمون في مقادير الامور وانهم يقولون لأمور البلد كن فتكون، وكلمة استجواب هي وصفتهم السحرية التي تهز عروش أعتى الوزراء حتى وان كان بعض النواب هو أول من يستحق الاستجواب بسبب كسره للقوانين وجهله المطبق بالواقع وعصبيته وتفاهة أفكاره. وقد شعرت التكتلات السياسية بأن حل المجلس قادم قريبا لا محالة، فأخذت تجهز نفسها وتعد عدتها وتتحرك بقوة لضمان مقعدها في المجلس القادم، بل ان بعض التكتلات كالتكتل الشعبي يدفع باتجاه حل المجلس الحالي لان حساباته تظهر له بأنه سيكون الأقوى والمسيطر في المجلس القادم، ولذلك فيجب ألا نؤمل كثيرا في امكانية الهدنة مع حكومة الشيخ ناصر المحمد القادمة حتى وان اشبعوا الناس بالحديث عن كونه اصلاحيا ويستحق التعاون معه، أما التكتل الاسلامي فهو عبارة عن اربعة تكتلات مستقلة، كل تكتل يعمل بأجندته الخاصة، وأقصى ما استطاع منسق التكتل فعله هو منع الاختلاف الظاهر بينهم، لذا فان بقاء التكتل على ما هو عليه لا يمثل طموحا لأي من أعضائه، وقد يكون الحل فرصة لاعادة ترتيب الأمور ودخول دماء جديدة ذات طرح اسلامي أفضل.
كتلة العمل الوطني مستفيدة من علاقتها الوطيدة برئيس الحكومة، وقد ساهمت في التشكيل الوزاري الحالي مساهمة فعالة، لكنها مع ذلك لم تستجب لنداءات الحكومة بالتمهل في استجواب وزير النفط، ويبدو بأنها تريد ان تحجز مقاعدها في المجلس القادم.
أما المستقلون فهم الخاسر الوحيد من حل المجلس وإعادة الانتخابات بنظام الخمس دوائر حيث ان أغلب أعضائها قد وصلوا بسبب الدفع الذاتي أو دفع الحكومة لهم، وفي ظل اختلال المعادلة قد لا يستطيع أكثرهم الوصول، ولذا يسارع البعض منهم اليوم الى الانضمام الى بعض التكتلات القائمة.
أما «الشراؤون» أي من يعتمد على شراء الاصوات من جميع التكتلات القائمة، فقد اصيبوا بخيبة أمل شديدة، حيث ان رؤوس الأغنام - معذرة، أقصد البشر الذين يشترون أصواتهم - قد ازدادت وغلي ثمنها، ولا تكفي الاموال لشرائها، كما ان سلسلة الفضائح التي اصبحت تلاحقهم في كل مكان قد اصبحت محرجة لهم وتكاد تكشفهم امام القضاء.
لكن يبقى السؤال الاهم، وهو: ماذا بعد حل المجلس الحالي وقدوم مجلس جديد - على فرضية الحل الدستوري - هل ستحل مشاكل البلد العالقة والتي بينا بأن الحكومة والنواب يعتبرون أساسا فيها، أم سنظل ندور في حلقة مفرغة؟!
أمنية الأمير
تمنى سمو أمير البلاد من المجلس الحالي والحكومة ان يسارعا في اقرار القوانين المالية الاساسية التي تعتبر جاهزة وتساعد في تحريك عجلة البلاد مثل قانون أملاك الدولة وقانون الخصخصة والمستثمر الأجنبي والضريبة وغيرها، فنرجو من عقلاء المجلس ان يسارعوا الى اقرارها قبل الدخول في معمعة الاستجوابات والصراع المرير.
د. وائل الحساوي
[email protected]