في المقال السابق تناولت حيوية الاتحاد الخليجي من الجانب الاستراتيجي البحت والذي يعتمد على الاقتصاد أولا... اقتصاد يضمن حقوق المستهلك الخليجي ويعزز من وجود الدول الخليجية كقوة مؤثرة في صنع القرار وتحديد المصير تجاه قضايا الشرق الأوسط.
سألني أحد الزملاء عن سبب كتابتي بهذه الطريقة المنحازة للاتحاد الخليجي وأنا أعلم بأن نتائج القمم السابقة لم تحقق الطموح الذي ينشده المواطن الخليجي... لا حرية في تنقل الثروة الحيوانية باستثناء «المزاين»? ولا توحيد لأسعار السلع و... إلخ!
إنني أتحدث عن عالم جديد... فلم لا؟! فالاتحاد الأوروبي بات مؤثرا وله بصمة في معظم القرارات الدولية... لم لا؟ ونحن شعوب أنعم الله عليها بالثروة التي لا يمكن لها آن تشكل قوة اقتصادية إلا من خلال الاتحاد الخليجي شريطة مراعاة خصوصية كل دولة!
إننا نريدها أشبه بالمتبع في الولايات المتحدة الأميركية حيث كل ولاية مستقلة تماما عن الأخرى لكنها متعاضدة في ما يخصها من قضايا خارجية والقمة الخليجية هذه انعقدت بالكويت في وقت حرج سياسيا واقتصاديا والأوضاع الاقليمية تفرض على قادة دول مجلس التعاون مراجعة سبب القصور لمواجهة التحديات الخارجية!
المواطن الخليجي يحلم كغيره بعيش رخاء، تعليم مفيد، صناعة خليجية، سوق خليجية، خدمات صحية وبما أن القمة قد انتهت مع نشر هذا المقال فإنني أتوجه بالمقترحات الآتية:
في مجال الاقتصاد: يفترض أن يبدأ الاتحاد بعملة خليجية واحدة، وتحرص الدول الأعضاء على ضرورة توفير اكتفاء ذاتي وأن تكون هناك أسواق خليجية مشتركة يتم اختيار مواقعها بعناية بين الدول الأعضاء وأن تُخصص لها طرق أو سكة حديد خاصة... يأتي المواطن بمركبته الخاصة ويركنها في المواقف ويقلع مع القطار ويشتري ما يطيب له بأسعار تنافسية ويعود من حيث أتى... وعلى المستوى الصناعي تُنشأ مصانع مشتركة لكل المستلزمات وبإمكان الدول الأعضاء جلب التكنولوجيا لها والمواد الخام ناهيك عن أهمية تعزيز البحث العلمي وتشجيع الابتكار!
مجال التعليم: يتم وضع مناهج محترمة تضمن توافر تعليم على مستوى عالٍ وتقوم الدول الأعضاء بفتح جامعات متخصصة وتوفير طرق تنقل سهلة للطلبة جوية وبرية (قطار سريع).
مجال الصحة: فتح مراكز طبية متخصصة في الدول الأعضاء لضمان حسن التشخيص والعلاج لتستغني الدول الأعضاء عن تكلفة العلاج بالخارج وما يصاحبها من مشاكل.
مجال الإعلام: إنشاء كيان إعلامي متخصص في نشر الثقافة الإسلامية والعربية لشعوب العالم بمختلف اللغات ففي الصين وبعض الدول تجد قنوات فضائية تتحدث باللغة العربية... فالإعلام متى ما كان صلبا محترفا تدعمه قوة اقتصادية فمن الطبيعي إنه سيجد متنفسا بين شعوب العالم ينتج عنه تعاطفا مع قضايانا المصيرية!
... لا ينقصنا شيء فجميع المتطلبات الرئيسية للبدء باتحاد خليجي متين في المجالات المذكورة أعلاه متوافرة لكنها تبقى حبيسة القدرة على تسليم زمام المبادرة لأصحاب الرؤى من قياديين من طراز خاص... قياديين خليجيين يحققون لنا المفهوم الاستراتيجي الصحيح لا سيما وأن بعض الدول الأعضاء قد حققت نجاحات منقطعة النظير في مجالات متعددة وبالإمكان الاستفادة من خبرتها!
قد يتصور البعض أن ما أنشده حلم... وهو في حقيقته حلم يجب أن يطبق فمعظم الأفكار النيرة التي أحدثت تغييرا في التوازنات السياسية والاقتصادية كانت بدايتها حلماً والحلم في علم القيادة والفكر الاستراتيجي هو «الرؤية»... والله المستعان!
Twitter : @Terki_ALazmi
[email protected]