طرابلس تفادت انزلاقاً إلى مواجهة شاملة بعد تطويق اشتباك بين الجيش ومقاتلي التبانة

تصغير
تكبير
يتجه الوضع في لبنان نحو مزيد من «الكوابيس» الأمنية والسياسية الناجمة عن ربْط مصيره بمجريات الصراع في سورية وعليها، وسط تَطاحُن اقليمي بين مشروعين، واحد تقوده ايران التي تسعى من خلال تطبيع علاقاتها مع الغرب الى «شرْعنة» نفوذها في المنطقة، وآخر تتقدّمه السعودية التي اندفعت نحو «ممانعةٍ» تتيح لها حفظ مكانتها كـ «دولة قائدة» في الاقليم.

وبدت الدوائر المراقبة في بيروت «متجهّمة» من مغبة تعميم «سيناريو» طرابلس التي تعاند الانفجار بعد وضعها في «عهدة» الجيش اللبناني، في اتجاه المناطق الاخرى المتاخمة للحدود مع سورية نتيجة التدحرج المرتقب لكرة نار معركة القلمون في اتجاه المقلب اللبناني المرشّح لملاقاتها على وقع انقسام أهلي، سياسي ومذهبي تزداد مظاهره التناحرية يوماً بعد يوم.


والأكثر إثارة في هذه التوقعات «السوداوية» انها تكاد ان تتحول «قدَراً» مع الانهيار المتمادي للواقع المؤسساتي في لبنان، وخصوصاً ان المشهد العام في البلاد يوحي بان العجز عن تشكيل حكومة جديدة بعد 9 اشهر على استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي يؤشر الى عجز مماثل عن إمكان إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، في مايو 2014 وسط ملامح معركة سياسية - دستورية قد تفضي في نهاية المطاف إما الى فراغ كلي واما الى قيام حكومتين في لبنان، وسط ملامح «اندفاعة» لقطع الطريق على «الورقة الاحتياط» التي يمكن ان يلجأ اليها رئيس الجمهورية بعد بدء المهلة الدستورية (شهران) لانتخاب خلَف له والتي يتحوّل خلالها البرلمان هيئة ناخبة والتي تتمثل في ان يوقّع والرئيس المكلف تمام سلام مراسيم حكومة جديدة تملأ الفراغ في حال تعثر اجراء انتخابات الرئاسة الأولى (موعدها الاخير في 25 مايو)، وهو ما عبّر عنه اعلان رئيس البرلمان نبيه بري ان حكومة لم تنل ثقة البرلمان غير شرعية «ولا يمكنها تسلم صلاحيات رئيس الدولة عند الشغور».

وفي غمرة لعبة «حافة الهاوية» سياسياً التي تشي بوصول لبنان الى «أزمة نظام» يُخشى ان تفضي الى رسم خريطة جديدة للتوازنات الطائفية والمذهبية فيه على قاعدة التحولات في المنطقة و«موازين القوى» الجديدة، بدت عاصمة الشمال وكأنّها «خزان الاحتقان» الذي يختزل كل مكونات الصراع في لبنان وسورية بامتداداتهما الاقليمية.

فرغم الخطة الأمنية التي باشر الجيش اللبناني تطبيقها في طرابلس في ظل قيادة مطلقة له، بدت النار التي «تأكل» طرابلس أقوى من محاولات إطفاء «الحريق الدائم» بين جبل محسن (العلوية) وباب التبانة (السنية).

فقد أوشكت العملية الامنية للجيش ليل الخميس - الجمعة ان تشعل مواجهة مع التبانة استُحضر معها «مخزون الحساسيات» المتراكمة بين الجيش والطائفة السنية منذ أحداث 7 مايو 2008 (العملية العسكرية لـ «حزب الله» في بيروت) مروراً بالمواجهة مع الشيخ احمد الاسير في صيدا قبل نحو ستة اشهر، ما أنذر بمشهد دراماتيكي نجحت الاتصالات على اعلى المستويات في تفاديه في اللحظة الاخيرة، وسط مؤشرات برزت الى محاولات لـ «النفخ» في الإشكال الذي وقع بين شبان من التبانة والجيش لجرّ الامور الى صِدام بين الطائفة السنية والمؤسسة العسكرية، وذلك من خلال بيانات تحريضية اتضح لاحقاً ان مَن نُسبت اليهم عبر مواقع التواصل تنصلوا منها كلياً.

وكانت شرارة التوتر اندلعت عقب حادث تعرض مجموعة من الشبان من التبانة لفريق من مصوري محطة «الجديد» التلفزيونية سارعت دورية عسكرية الى حمايته. ومع محاولة الجيش دخول أحياء في التبانة للقبض على المرتكبين تصدى له عدد من السكان محاولين منعه من التقدم، فأطلق أفراد الدورية قنابل غاز مسيل للدموع وتعرضوا لاطلاق نار من مسلحين مما أدى الى اصابة سبعة جنود بجروح بينهم ضابطان. ورد الجيش على مصادر النيران وطوق مبنى للقبض على المسلحين. وعلى الاثر انطلقت تظاهرة من منطقة القبة نحو ثكنة الجيش رفضا للاجراءات، فقطع الجيش الطريق المؤدية اليها وحصل اطلاق نار فيما كان الجنود يعملون على تفريق المتظاهرين. وافادت معلومات ان المجند عبد الكريم فرحات سقط بعد اصابته برصاصة في رأسه.

وفي ظل هذا المشهد، تمّ قطع اوتوستراد البداوي بإطارات مشتعلة، وسارت تظاهرات في مناطق عدة من طرابلس دعماً للتبانة وسط بيانات زادت الأجواء احتقاناً وبينها ما نُسب إلى الشيخ خالد السيّد من انه حدد مهلة للجيش للانسحاب من باب التبّانة، لكنّ الأخير سرعان ما نفى أي علاقة له بالبيان»، وأكد على «التهدئة وعدم المواجهة مع الجيش».

وعند منتصف ليل الخميس - الجمعة، عقد مشايخ ووجهاء من طرابلس اجتماعاً في مكتب الشيخ سالم الرافعي، أعبقه صدور بيان باسم هيئة العلماء المسلمين رأى أنّ ما جرى في التبانة تصرف فردي، داعياً الأهالي إلى ضبط النفس، ومؤكداً ان»لا يوم غضب (الجمعة) في طرابلس»، ومندداً «بالغرف السوداء التي تحاول أن توقع بالشباب في مواجهة الجيش»، ومطالباً «بتفهم الوضع النفسي والاجتماعي لأهالي الشهداء والجرحى الذين سقطوا في مسجدي «السلام» و»التقوى».

اما مؤسس التيار السلفي في لبنان داعي الاسلام الشهال الذي علّق الاعتصام الذي كان مقرراً امس بعد صلاة الجمعة، فقال (في خطبة الجمعة) «اننا رفض ان يُحارَب الشباب المسلم على الحواجز»، مؤكدا انه «من دعاة الخير لهذا الوطن ولكن ليس على حساب شبابنا الذي يواجه فتنة كبيرة».

بسبب هجومه العنيف على جعجع

الراعي وقّع إحالة مطران على لجنة المحاكمة

| بيروت - «الراي» |

وقع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي امس على إحالة راعي أبرشية صيدا ودير القمر المطران الياس نصّار إلى لجنة محاكمة المطارنة. وكان مجلس المطارنة أحال خلال اجتماعه الاربعاء (برئاسة البطريرك الراعي) نصار على لجنة خاصة، في دعوى جهات سياسية عليه أنه «يتمادى في زرع الشقاق بين أبناء أبرشيته وتحريض فريق سياسي مسيحي على آخر».

ويُذكر ان التدبير بحق نصار جاء على خلفيّة شنّه حملة غير مسبوقة من رجل دين على رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع لم تخلُ من القدح والذم والتجريح الشخصي ونكء جراح الحرب.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي